الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإله و البشر (1)

أسعد عبد الكائن

2020 / 6 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مزيج من السخرية و الجدية الصارمة أتساءل, و أود الوصول لفهم واضح لمعنى الحياة,لكن خيالي لا ينفك عن مجاراتي بافتراضات خرافية مفتوحة و متفرعة .
أتساءل حول معنى استنتاجاتنا, هل نحن ضعفاء إذن أمام خيالنا أم أنه مجرد تشكيل خاص لحقيقتنا ؟ لا إجابة تحوم في الأفق حقا.
ان استنتاجاتنا هي بالفعل أهم ما يعرفنا كذوات مفكرة ,رغم ما يقبع فوقها من معضلات ضخمة و يقين خافث.
أقول بأن واقعنا الحتمي أنشأ خيالنا الخصب, لكن ذلك مجرد قول.فيمكننا القول أيضا بأن خيالنا هو الجزء الأهم من الواقع. لكن تبقى هذه الافتراضات ضعيفة. و يظل الجهل بمنشئ الوجود القائم أمرا محيرا لمداركنا. يمكننا تخطي المسألة بإعلان أنها لازالت بحاجة لتفكيك مزمن – متطور- من خلال أدوات العلم و الاستنتاج. هذا التأجيل الصامت يعد أمر مميزا ,و ليس ببعيد حلوله مستقبلا محل تقرير اللاهوت الارتجالي و المفعم بالفردية.
حسنا ,إذا ما أمكن لأحدهم ضحد حجة كون النظام المحكم حقيقة وجودية لا تعبأ بالاعتبارات النسبية و أن الحياة و الموت هما أعظم إقرار منطقي بوجود ذلك النظام ,فإن ذلك سوف يمكننا من أن نعالج العالم بحرية تتجاوز منطق الوعي الوجودي. يجب علينا أولا التفكير بحرص قبل التصريح بأن هذه الاشكالية تجذب في كل مرة نقاشات لا تنتمي لرقعة موحدة و أنه لا يمكن الوصول لحجج متكاملة ( فلسفية-علمية-اجتماعية), ذلك أن الوعي ينطلق من ملاحظة التصريحات القبلية و الحقائق الإديولوجية و الربط بينها وبين الحقائق الكونية المعروفة , و منه فإن خروج الوعي عن المقاصد السابقة يعد حركة بنائية ضخمة يمنعها القصور الفردي و الفقر المعرفي . ليس أمامنا إذن حل سوى الالتزام بالمنطق التفاعلي , و التسليم بأن الحقيقة هي التأثير الذي يقع تحت مداركنا المعرفية و الحسية, و أن كل عام مطلق هو حقيقة مطلقة,دون تجاوز مستوى الإدراك الوجودي. لكن وجب التنويه بأن تشويه ذلك الإدراك هو أمر ممكن.
- معضلة الخلق:
من منطلق بسيط يمكننا استخلاص أن طبيعة الكون المؤهلة لوجود الإنسان حقيقة أرغمته منذ القدم على التسليم بوجود آلهة, باعتبارها الحلقة الأهم في نشأة الوجود.دون إغفال تجاربه المفعمة بالتطور التي رسخت عنده تصورا أحاديا في فهم طبيعة ونشأة الكون . و من أجل تفسير الظواهر المعقدة كان لا بد له من اعتبار خلفية مشابهة لنمط وجوده ,بل إن وعيه بالنظام الكوني المحكم كان السبب الأهم في إبقائه ضمن تلك الدائرة . و ننوه بأن هذا الإعتبار تكون بالأساس نتيجة للتفاعل و الابتكار,و هما أمران أديا به لخلق تفسيرات شاملة في محاولة ترسيخ تصوراته . إن إي محاولة لفهم طبيعة الإنسان التفسيرية تتضمن محاولة فهم إسقاطاته و تطلعاته الفوضوية نحو المستقبل . لقد لعبت التقلبات و المنعطفات التاريخية دورا مهما في تشكيل و تطور المعتقدات عبر الزمن, و لا بد إذن من تتبع تطور الإنتاج الأخلاقي و المعرفي لدى الحضارات بالموازاة مع تصوراتها المتعددة و الغنية حول الكون.
يمكن الإعتداد بالدراسات الأنطروبولوجية و الفيلولوجية في محاولة خلق صورة تركيبية لنماذج التصور البشري حول طبيعة الكون و مساهمات ذلك التصور في التطور المعرفي و الأخلاقي لدى الحضارات.
و وفقا لذلك فإن ما هو مستخلص حول طبيعة المنشأ المنطقي للمعتقد البشري ينحصر في معادلة لطالما خلقت في سبيل التطويع المنطقي لفكرة وجود الآلهة.
المعادلة المتصورة بسيطة و قديمة و هي كالآتي :
- الإنسان موجود
- حياة الانسان متوقفة على عناصر خارجة عن ارادته و كيانه .
- إذن هناك إله.
لا شك في أن هذه المعادلة, و رغم أنه لم يصرح بها من قبل بهذه الطريقة المقتضبة , تقود إلى فهم واقعي لمعنى أن يتخد الإنسان ميلا للإيمان بفكرة وجود إله أو آلهة. لكن المهمة لا تتوقف عند هذا الحد في سبيل معرفة مدى صحة و توافق التعريف الذي شكل حول الكيان الإلهي . و الذي لطالما اتسم باسقاطات و تفسيرات ذات منشئ مغاير لطبيعة المعادلة, بل إن هذه المعادلة لا تتعدى كونها مقدمة لتفسير وجود إله ما, دون أن تقود مباشرة إلى التأكيد على صفات الإله المتصور أو التعريف الشامل للكيان الإلهي .
حسب معظم الإيديولوجيات الدينية فإن :
- الإله قوة مطلقة لا تضعف و لا تتأثر بأي عامل من العوامل.
- الإله معني بالبشر و مرتبط بهم و يمكنه إيفاء حكمته للبشر بطرق متنوعة.
- الإله هو مصدر الأخلاق و يتصف بإرادة.
- الإله عادل و رحيم .
- الإله يكافئ و يعاقب.
- الإله هو خالق الحياة و مهيء الظروف المساهمة في استمراريتها.
يمكن الإكتفاء بهذه الصفات لمحاولة فهم مدى واقعية صورة الإله المقدمة من طرف المؤمنين بها و لحصر الحجج التي يمكن أن تقف وراء هذه الصفات و تدعمها في ظل الوقائع التي نعايشها و الغموض الذي يعترينا.
و لكي تكون الحجج المؤيدة لهذه الصفات منطقية و متماسكة, لا بد لها من أن تكون مرتكزة على الواقع و أن تفسر الأمور بمعاني مشتركة . لذلك يمكن أن نعتبر بالذين يمارسون حجاجهم مع مراعاة العقل المتشكك و الواقعي , الملزوم أيضا باستقاء المعاني و عدم الانسياق للتجريد الفوضوي و الغير متماسك.
و منه أود طرح تساؤلين قصد فتح حوار فعال و متميز حول الجدل المثار حول طبيعة هذا الإله و صفاته. و سألتزم بتقديم ما وجدته قيما من حجج المؤمنين بصفات الإله المذكورة , و كذلك سأحاول اتباث وجهة نظري.
التساؤلان هما كالآتي :
1- كيف يمكن أن تقود حقيقة كون الوجود خاضعا لنظام محكم إلى أن هنالك كيانا يتصف بارتباط أخلاقي مباشر مع الانسان ؟
2- إذا كانت النعوت و الصفات تعبر عن محددات نعيها ,فلماذا لا تتوافق صفات الإله المقدمة و عديد من الحقائق المنطقية التي نعيها ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah


.. 107-Al-Baqarah




.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان