الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية..بين الموروث ومتطلبات العصر..

عبدو اللهبي

2020 / 6 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إحداث أي ثورة إجتماعية يتطلب العودة الى الماضي والتاريخ والموروث الثقافي ومعالجة المشكلة من جذورها، هذه من المتطلبات التي لايستطيع العرب القيام بها..لذلك نراهم في كل ثورة يخرجون بنتائج فاشلة دوماً..
في الغرب قد يختلف الأمر بعض الشيء، لأن المواجهة مع الموروث الثقافي والقداسة ليست في معزل من مطالب التغيير..وكما رأينا في بعض دول أوروبا وأمريكا، كيف أستطاع المتظاهرين المناهضين للعنصرية الرجوع الى الماضي، وإتلاف كل النصب التذكارية للزعماء المعروفين بالعنصرية في آزمانهم..
ربما يقول قائل بان كرستوف كولومبس جاء في زمن عنصري، وكان يمارس حقه الطبيعي حسب زمانه الذي يدعوا الى النهب والسلب والإقتتال لأسباب الرزق.. صحيح..لكننا حين نريد معالجة مشكلة ما، يجب أن نعود الى أسباب تلك المشكلة وأصولها التاريخية ونقوم بمعالجتها وتغييرها..
نحن في عصر يختلف تماماً.. عصرنا هو عصر الإنفتاح على الآخر ودعم كل سبل التعايش الإنساني المشترك، بعيداً عن العصبيات والقوميات والأحزاب والأديان..
كل الدعوات التي تدعوك الى الدخول في إطار جماعة معينة أو دين معين أو حزب،هي دعوات باطلة هدفها النهائي هو إبعاد الفطرة والعقل الإنساني عن قيم التعايش والتصالح والتسامح، ومحبة الآخر المختلف..
ديناميكياً يجد الإنسان نفسه في وسط هذه العقائد، لأسباب إجتماعية وبيئية ودينية، لكن هذا لايمنع الإنسان من الإطلاع على ثقافات الآخرين وقراءة التاريخ بعمق نقدي وفهم الأصول والجذور لكل هذه التفاهات العنصرية التي يؤمن بها البشر اليوم..
ويعرف من أين جاءت وأسبابها وطرق معالجتها..
لأن الإنسان حين يولد،لايعرف العنصرية في طفولته، هو يتعلمها من أسرته ومن المجتمع والبيئة التي نشاء فيها..
لهذا السبب يجب على الإنسان إعادة النظر في موروثاته الإجتماعية، والتمحيص والتدقيق في كل ماوصل الينا من عقائد وتراث..
لأن كل هذه الموروثات والمقدسات التي نتوارثها هي من صناعة الإنسان القديم، والإنسان القديم ليس معصوماً من الخطاء ولم يكن عبقري زمانه في قضاياه الإجتماعية.. بل كان يعيش في زمن القبائل المتناحرة وحروب الأديان والعصبية القبلية وما إلى ذلك من عادات إجتماعية سلبية.. لذلك إعادة النظر في التاريخ مهمة كل إنسان عاقل في هذا العصر..
و إقصاء وإهمال انحيازات الماضي المستهجنة والعنصرية في التاريخ والأرث الديني والفلسفي والإجتماعي عند البشر..
كانت العنصرية مواقف فكرية في بداياتها قبل أن تصبح سلوكاً إنساني..على سبيل المثال ففلاسفة التنوير الأوربي ومابعده، تميزت أطروحاتهم بالعنصرية إبتداءاً من فكرة تفوق البيض الى ذكاء ومناطقية العقل التي دعا اليها هيجل وكانط وهايدغر وغيرهم..
وبرغم أن هؤلاء الفلاسفة تركوا تراث فلسفي أثرى الجانب الإنساني وعمق المعارف البشرية، إلا أن لهم تلك الأخطاء التي لا تغتفر في تحيزهم لمجتمعاتهم وأديولوجياتهم الموروثة..
كل هذه الأفكار أسمهمت من قريب أوبعيد في خلق الفاشيات والحركات الأديولوجية والعنصرية المتطرفة في كثير من بقاع العالم..
لهذا السبب نرى أن أي حركة ثورية معاصرة ضد العنصرية لابد لها من النظر الى الماضي بعمق ودحر كل السلالات والأفكار الماضوية العنصرية والتي كان لها أساس أو إسهامات في خلق مجتمعات متطرفة وكارهة..
وتجنب كل الثقافات والمشاريع الإجتماعية والتي تتبنى أو تدعم أي جانب من هذه الجوانب المظلمة والغير إنسانية..
في ثقافاتنا الإنسانية المعاصرة..أصبح لزاماً على البشر التعايش وقبول الثقافات والإختلافات، بسبب التواصل الذي فرضته التكنولوجيا والحداثة العلمية بين سكان هذا الكوكب..
لم تعد تراهن على العنصرية إلا تلك المجموعات المنغلقة على نفسها، والتي تقدس ماضيها وأنحطاطها وتخلف أفرادها وزعمائها ..ماعدى ذلك فقد أصبحت أغلب شعوب الأرض تميل الى التعايش وقبول الآخر المختلف وترفض العنصرية فيما بينها..
إذاً..وبما أن الحداثة والمعاصرة قد أسهمتا في التقدم الحضاري للشعوب، فقد أغلقتا الباب أمام الأفكار المعتلة إجتماعياً من عولمتها وتصديرها، وفتحت المجال أمام عولمة الثقافات الإنسانية ومصادر التنمية البشرية والتنوع الثقافي بين الشعوب والأمم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة