الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا قال ميشيل فوكو أن مشروعه لن يطول؟

عماد الحسناوي

2020 / 6 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بداية أود الاشارة الى أن معظم أعمال فوكو تمحورت حول الاسئلة التالية: ماذا يمكن للإنسان أن يقوله حول ذاته حين يفكر فيها من منظور مخالف ومغاير (اللاشعور) ؟ (كتاب تاريخ الجنون).
كيف ينظر الى ذاته حينما يذكرها انطلاقا من ظاهرة المرض؟ (كتاب ميلاد العيادة). وكيف يبني ذاته كونه كائنا حيا وناطقا؟ (كتاب الكلمات والاشياء). وكيف تبدو للانسان محاكمته لذاته من حيث خضوعه للمراقبة والعقاب؟ (كتاب المراقبة والعقاب). وأخيرا كيف ينظر الى رغباته ويهتم بذاته؟ (كتاب ثلاثية تاريخ الحياة، الجنسانية).

هل كان فوكو على حق عندما قال أن فلسفته لن تطول ولن نجدها في كل العصور؟
لعل الدافع الاساسي الذي جعل من ميشيل فوكو يقول بهذا، هو أن فلسفته تركز على الحاضر وعلى المفاهيم المهملة و المتخلي عنها،إن المفاهيم التي تدور خارج دائرة الوعي.
فمثلا يؤكد على فكرة أساسية مفادها أن كل ممارسة ليست تطبيقا لمبدأ، لأن الممارسة هي مبدأ. لهذا نفصل بين الممارسة والفكر، فما نقوم به في الحقيقة هو رفع مكانة الوعي على حساب اللاوعي الذي هو الجسد. والنظر الى كل ما يقع على أنه نتيجة لعلة، في حين أن العلة والمعلول شيء واحد. وهنا يقول فوكو في كتابه جينالوجيا المعرفة ص59 « كل ما يقع يقع على السطح بالتالي ليس هناك عمق." وباستخدامه للمنهج الجينالوجي يتوصل فوكو الى أن الحقيقة هي ما يقع في الحاضر. فالحقيقة ليست وحدة متجانسة كما ذهب ديكارت وكانط وهيجل... فالحاضر حسب فوكو هو استعادة للماضي بشكل مختلف. لهذا فالحاضر هو تجلي للماضي بشكل مختلف. بلغة نيتشه العودة الى الماضي بشكل جديد.
وفي علاقته بالسلطة يتحدث فوكو عن مفهوم اساسي أخده من نيتشه وهو إرادة الحقيقة، بمعنى الدعوة الى الفصل بين الحقيقة والخطأ أو الوهم، لأننا يستحيل فهم التاريخ بالنظر الى الحقيقة كصدق وكحق. لان ما نسميه حقيقة يمكن أن ينقلب وينتقل الى ما يناقضه. فمع فوكو لم تعد الحقيقة ثابثة ولا أزلية.. ولعل هذا العامل هو السبب الرئيسي في تأكيد فوكو على أن فلسفته لن تستمر في كل العصور. عكس الفلسفت النسقية التي جعلت الانسان في سكينة وأمل، وخلقت له عالما أخرا وأطفت عليه أبهى صورة كرمز للخير والصدق والمثال.. في حين أن فلسفة فوكو و استاذه نيتشه تميزت بكونها فلسفة تغرد خارج النسق المغلق، وهذا يتجلى أساسا في إعادة الاعتبار لبعض المفاهيم المهملة منذ ميلاد الفلسفة وهي اللاوعي و الجسد والرغبة والجنون...كما أنه لم يكتفي بإعادة الاهتمام لهذه المفاهيم وإنما كشف وعر مجموعة من المفاهيم الميتافيزيقيا مثل العقل والنزعة الانسانية. وفي هذا الصدد يقول فوكو "إن النزعة الانسانية هي أثقل ميراث انحدر إلينا من القرن التاسع عشر، وقد حان الأوان للتخلص منه، ومهمتنا الراهنة هي العمل على التحرر نهائيا من هذه النزعة."
اذن الغاية الاسمى حسب فوكو لا يتعلق بتخليص الحقيقة من منظومة السلطة، إذ أن ذلك عين الوهم ما دامت الحقيقة ذاتها سلطة، وإنما بإبعاد سلطة الحقيقة من أشكال الهيمنة. بالتالي فإن المسألة السياسية ليست هي الخطأ والوهم والوعي المستلب أو الايديولوجيا، وإنما هي الحقيقة ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس