الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انجبت الكراهية مستقبل افضل ؟!

اثير حداد

2020 / 6 / 15
المجتمع المدني


ترافقت مشاعر الكره مع تاريخ البشرية لطوال مليارات السنوات، الا ان الانسان "المقصود هنا المثقف"، ناضل وبقوة ضد الكره وابرز مثال في ذلك الفيلسوف الفرنسي فولتير . وهنا حددت، حسب اعتقادي ان الكراهية عبارة عن مشاعر، بمعنى اخر انها قابلة للتغير. وبقناعتي فان هذه المشاعر "الكره" تبرز في حيز الثقافة التي يتلقاها الفرد ضمن العائلة والوسط الاجتماعي والتعليم . فرب العائلة يسعى وبقوة الى غرس مفاهيمه في عقول ابناءه، والوسط الاجتماعي يتبادل معلومات يعتبرها مقدسه رغم عدم وجود اي دليل عليها عن الاخر المختلف ويرفض كل مختلف معه وقد يصل الامر مع المختلف الى تصفيته الجسديه كما في حركات الاصولية الجهاديه في مصر وتونس. اما التعليم فخزينه عندنا هائل عبر كتب التاريخ وغيرها.
مــــــــا الباعث لتغول الكراهية ؟!
كورونا كمثال ... في الازمات تنتشر المشاعر السلبية كالخوف والغضب والحزن والقلق والخشونة وضعف العاطفة وعدم التسامح . هذا نتاج احساس الانسان بالعجز في مواجهة المجهول. ولان الانسان العادي يبحث عن الحلول السهلة والسريعة فنجده، من دون وعي، ينساق الى كره الاخر وتحميله كل الماسي التي يواجهها. وهنا ينقاد الى وعيه الباطني كما يسميه فرويد، حيث ان الوعي الباطني هذا هو عباره عن خزين للتربيه والثقافة التي نشأ عليها الفرد .
شيطنة الاخر، او التعبير الاكثر تداولا " الله يفنيهم" تحمل من معاني الكره الكثير، وهو ينطق بهذه المقولة متناسيا ان من اصابتهم كورونا بمقتل فيهم المؤمن والصادق والنزيه والعالم والجاهل، فيهم من جميع الديانات و اعراق البشر والقوميات. هذه الرغبة الكبوته في اعماق الوعي الباطني في كره الاخر تعبر عن ظلامية العقل الباطني و انانيته المفرطه، هي لا تقل كارثية عن وباء كورونا، كشفت عن نفسها في حالة ضعف انساني ولكن بابشع صورة، لانها اخذت رصيدها من ثقافة عميقة الجذر تاريخيا وواسعة اجتماعيا.
يعطينا التاريخ امثلة في استغلال المشاعر السلبية لدى عوام الناس. فمثلا فرهود اليهود في العراق ومذبحة العائلة المالكة العراقية . وكذلك الايزيديين والاقليات الدينة وحروب الابادة ضد الكورد. كذلك في المانيا واستغلال مشاعر الكره ضد اليهود وتحول ذلك الى معسكرات العزل وافران الابادة وصهرهم وتحويلهم الى زيوت . وما قدمه لنا التريخ الحديث انه في تسعينيات القرن الماضي ادت حروب الكره بين الهوتو والتوتسي في رواندا الى ابادة مليون فرد . ومن تاريخنا ايضا، و كاحد الامثلة الموثقة، ان صلاح الدين الايوبي، مفخرة الفكر القومي العربي، قام بتحطيم الدولة الفاطمية في مصر نتيجة لكرهه للتشيع. ولم يكتف بذلك بل عزل نساء تلك الخلافة عن رجالها من اجل انهاء النسل.
دعونا نسترشد بالحاضر...لما بعد مقتل جورج فلويد. ما الذي دفع بالجموع الهائلة ان تندفع نحو فرهدة محال تجاريه ، وان تمعنا في الفيديوهات المتوفرة نجد ان الغالبية المشاركة هي من اصول امريكا الجنوبيه.
والسؤال الاهم، بتصوري، ما الذي جعل هذه الجموع تندفع بعنف نحو تحطيم تماثيل لشخصيات تاريخيه، رغم ان تلك التماثيل تمجد وتخلد الفنان الذي قام بنحت ذلك العمل الفني اكثر مما تخلد الشخصيه نفسها. انها ثقافة الكره المتاصلة في الوعي فخرجت بمخزونها تبحث عن ما تدمره فدمرت حتى نفسها عبر تدمير تراث انساني، ورغم ان تحطيم تلك التماثيل لن تعيد التاريخ وتصححه، فهو شيئ قد مضى.
ان مواجهة ثقافة الكراهية تقع على عاتق الاجهزة الاعلامية والمثقفين، عبر مناقشات رصينة . فقد فشلت الدولة عندنا في منطقتنا، وبالاخص في الدول متعددة القوميات والاديان والمذاهب مثل سوريا والعراق ولبنان في بناء دولة التعدديه القومية والدينية فشلا ذريعا ان كانت مقادة من قبل احزاب القومية العربيه ام الاسلام السياسي، رغم انها جاءت بعد مرحلة التحرر الوطني ، فهي فشلت فشلا ذريعا في بناء او نسج علاقات صحيه بين المواطنين، لا بل لم يسعى الى ذلك اصلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا