الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإله و البشر (2)

أسعد عبد الكائن

2020 / 6 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعد أن تم طرح التساؤلين سيكون من المثير استخراج أجوبة بدئية .
أولا يجب علينا أن نتخد منطلقا واضحا لاستقبال أدق الأطروحات و أكثرها تمكنا من الإجابة, دون الاعتماد على أسلوب المناورة , من أجل ذلك سأبرز الدافع وراء تقديم التساؤلين الأول و الثاني. و كذلك سأحاول ما أمكنني تضييق رقعة الأجوبة المراد استخلاصها.
إذن:
1- باعتبار كون الصفات الإلهية المسلم بها تحمل دلالات واضحة يمكن أن يستنبطها العقل بمجرد وعيه بحالتها المنطقية , فإن تساؤلي الأول يبحث عن تبرير للعلاقة المزعومة بين صفات الإله المقدمة و نموذجية الكون و الاعتبارات الأخلاقية و السلوكية لدى الإنسان . و لا يمكن الاتكاء هنا على النصوص مقدسة و القول باستحالة استنباط تلك العلاقة عن طريق العقل , ذلك أن النصوص المقدسة لا تملك تبريرات واضحة تجعل منها مرتكزا منطقيا , حيث أنها قد نوهت ببساطة للمعادلة السابق ذكرها دون أن تبرز تفسيرا واضحا. كما أن ما يتجاوز العقل يعتبر وهما . و منه يبقى الدفاع بالمنطق المجرد على ما في النصوص المقدسة الملاذ الأخير للمؤمنين بمنطقية الصفات الإلهية المقدسة .
2- بعد الكلمة (فيما يفيد تأكيد الصفة) و دلالتها الصريحة, باعتبارها مكونا لغويا مترسخا من منطلق التحديد و الحصر , يبقى السياق أبرز عامل جزئي مؤثر في دلالة الكلمة و معناها . لذلك يجوز أن ترتبط بمعاني أشمل و أكثر تعقيدا , لكن يلزم أن لا تضم ما هو ضدها في دلالتها الصريحة و الغير مجازية . و إلا فإن وحدتها ستناقض معايير اللغة , و بالتالي فإن وظيفية اللغة المحددة لها ستلغى و لن نتمكن من تحديد هدف معلن يؤكد الرسالة المراد إبلاغها.
3- يبقى مفهوم السياق أمرا من المهم تبين ركائزه و من اللازم تعريفه . حيث أن معظم اللبس الذي يعتري مفاهيم النصوص المقدسة يكون مصدره ,في الغالب, مرتبطا بالسياق . و من هذا المنطلق فإنه وجب التنويه بأن السياق هو الحالة الشاملة لاستخدام العبارة أو المفهوم , بحيث يخدمان المعنى المطلق للنص. لكن ما نجده في أغلب النصوص المقدسة يخالف ما يمكن أن يعتبر سياقا. ذلك أنها لا تحتوي على محددات واضحة للسياق , و منه تفرض حالة من التأويل الغير منهجي أو على الأقل ( الواسع ) الذي يستلزم احتواء مزيفا لمعاني لا تحتويها النصوص بالأساس. كما أن الإدعاء بتنوع السياقات في النصوص يضعف فعالية اللغة بالأصل في كونها وسيلة إلهية ذكية لتبليغ رسالة واضحة تشمل كل البشر.
بعد هذا الحصر الضروري , يمكن إذن الاطلاع على بعض من الآراء حول التساؤل الأول.
أول هذه الأراء هو رأي منفتح و لا يعتمد على مرجعية لاهوتية لكنه يظل مؤيدا لبعض من الصفات الإلهية السابق ذكرها دون القول بشموليتها حسب ما هو متصور عند الجانب المتدين و مضمونه :
- أن وعي الإنسان بصفات كالرحمة و العدل و الجزاء و العقاب هو وعي كامل و واضح , و يمكن أن يتحقق بأشكال عدة . ذلك أن ممارسة الإنسان قد خلفت تلك الصفات التي يعتمدها في التعريف بطبيعة العلاقات و طبيعة الكون , فيمكن إذن أن نسقط أغلب الصفات بأشكال متعددة على سلوك الطبيعة و الوجود حولنا دون لبس أو تضاد , فرعاية الطبيعة بسلوك أخلاقي منبعه ضمير و ذاكرة ينتج عنه غالبا علاقة حسنة و مردود يمكن أن نشبهه بعطف و رحمة و عدل منطقي . لذلك فإن الإرتباط الأخلاقي بالطبيعة هو الأساس المنتج للعلاقات المتطورة و السلوك الإجتماعي و الفردي لدى الإنسان . أو بعبارة أخرى فإن علاقة الإنسان مع ما غيره من الكائنات هي علاقة موحدة. ومنه فإن صفات الخالق متوافقة و طبيعة الإنسان الأخلاقية كونه (الإله) مركز النظام الكوني الظاهر. لذلك فإن الطبيعة هي المرجع الأساسي للأخلاق , و هي الركيزة الأساسية لتطوير علاقات أشمل و أعقد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال