الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات بالصميم ج 2

سلام ناصر الخدادي

2020 / 6 / 17
المجتمع المدني


تساءل الكثير منا ، بعدما أضحى ابناء العائلة الواحدة كل في بلدٍ ما :
هل سيتعرف الأبناء على بعضهم ؟ وهل يستطيع ابن العم او بنت الخال التفاهم مع ابن الخالة او بنت العم في الدول الأخرى ؟؟
كيف استطيع وصل الحلقات (المفككة الآن) مع بعضها ؟؟ ماهي السبل لإدامة الترابط العائلي ؟ ماهي مقومات الآصرة العائلية الان ؟؟
لقد ساهمت المنظمات الدولية (بشكل أو بآخر) بتمزيق وحدة العائلة الواحدة وتفكيك ترابطها وانتمائها الأسري ، (هذا الموضوع سأتناوله لاحقاً) .. وتم توطينهم على دولٍ شتى ، ولم تشفع لأية عائلة ان كان لديها أبناء أو بنات في هذه الدولة أو تلك ، البكاء والتوسلات بجمعهم مع بعض ولمّ شملهم !
وكان التوزيع العشوائي للعوائل او الابناء كيفما اتفق .. وصار التشظي من اقصى الشرق الى اقصى الغرب !!
بعد إطراقة صغيرة ، وبحسابٍ بسيط .. ستندهش لحجم المأساة المحيطة بنا ..
فأبناءك الصغار .. او أحفادك لاحقاً .. بعد عقدٍ أو عقدين من السنين في استيطانهم الجديد .. قد نشأوا وأتقنوا لغة بلدهم ومجتمعهم .. وتطبعوا بثقافته وطباعه .. وصار هاجسهم هو مستقبل حياتهم وما يصبون اليه.
بالمقابل ، نرى شحة التواصل واللقاء والتعارف إن لم نقل انعدامه بين هذه العوائل المنتشرة المتناثرة هنا وهناك ..
والأسباب عديدة جدا .. منها : بعد المسافات بين دولة واخرى ، قلة الاجازات لمن يعمل او يدرس ، تكاليف السفر الباهضة ، وغيرها الكثير .. جعلت اللقاءات والتجمعات العائلية الحميمة حتى في الأفراح أو الأحزان ، من النوادر التي قد تحصل كل بضعة سنين او من ذكريات (الزمن الجميل) !!
_ الــواقــع الــجــديــد
بعد أن تم توزيعنا على الدول شرقا وغربا .. تأقلم الكثير منا مع واقعه الجديد وصار جل اهتمامه التكيف معه .. وكيفية ولوج مداخله وفك اسراره وغموضه ..
ومع تقادم السنين ، صار الحث المستمر لدفع الأبناء لإتقان لغة البلد والدراسة والتعلم ونيل الشهادات ثم العمل والتوظيف .. وهذا واقع الحال .. حتى بدأت لغتنا الأم تندثر تدريجيا .. وهي الرابط الوحيد الذي يربطنا مع بعضنا .. بل هي الحبل السري للجسد العائلي .
لقد كبر الأبناء وهم لا يتحدثون لغة الأهل .. لا يعرفون مفرداتها ، معنى كلماتها ، ولا حتى نطقها !! بل اقتصرت على بعض الجمل القصيرة للتفاهم بين الجيلين : الأهل والأبناء !!
ومع السنين ، ونتيجة التناقضات واتساع الهوة بينهم ، كانت التبريرات العديدة وكلها تصب في خانة : هذه البلدان تختلف كليا عما كنا عليه !
حتى وضعوا جداراً فولاذيا صلداً ، أحاط بالأبناء واصبحوا في وادي والأهل في وادٍ آخر ..
أما اذا كان الأب والأم شباباً ويتقنون اللغة (لغة أي بلد) .. فيكون الحديث والتوجيه وكل شيء بهذه اللغة فقط .. ليكبر الأبناء وهم حاملين لغة واحدة نطقا وقراءة وكتابة ..
ولكم أن تتصوروا لقاء الابناء مع بعض وكيف سيكون التفاهم والحوار فيما بينهم !
_ لا تـقـطـع الـحـبـل الـســري
بما إننا ارتضينا بواقعنا الحالي وتعاملنا معه بكل جدية واخلاص ، وصارت حياتنا بهذا التباعد الزمني والمكاني ، وهذا التباين الصارخ المخيف بين ابناء العائلة الواحدة ...
علينا أن لا نغالي بعدم التحدث باللغة الأم .. ولا نتناسى لهجتنا المحكية ومفرداتها الشيقة الطيبة ..
علينا أن لا نتباهى زهواً ونضحك مسرورين بأبنائنا الذين لا يعرفون لغة الأهل !! ويتحدثون بلغة واحدة فقط !
علينا جميعاً واجب مهم ومقدس .. أن لا نقطع الحبل السري الذي يربطنا (الآن) جميعا .. وربما ، سيّوحد ابنائنا مستقبلاً ..
اهتموا بتعليم ابنائكم لغتكم .. وتلقينهم بمفرداتها .. وتعليمهم كتابتها .. الى جانب لغة بلدانكم .. فما الضير إن يكبر ابنك وهو يعرف ويتقن لغتين او أكثر ؟ بل سيكون محط تباهي وفخر واعتزاز لك وله مستقبلاً .. وسيوسع مداركه وثقافته ونبوغه ..
ابدأوا من بيوتكم .. تحدثوا معهم ، واكثروا بالحديث ليفهمونكم .. وشاركهم معك ..
لا تفرح حينما ترى ابنك او بنتك لا تعرف ولا تفهم لغتك .. لأن ردة الفعل ستكون قاسية .. النفور والابتعاد من أية مناسبة او زيارة او لقاء مع العوائل أو حضور نشاط ترفيهي او امسية ثقافية .. لأنهم لا يفهمون ما يدور من حديث ، ولا يستطيعون مشاركة الحضور بالحوار !
وسيكون البديل الجاهز والأقرب والأوفر حظاً : هم الأصدقاء (الشلّة)!
فيتسامروا ، ويضحكوا ، ويخططوا بعيدا عنكم !
وأنت الحنون العطوف الرؤوف ، الواضح الصالح كالأطرش بالزفة !

سيدني
25 /5/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار