الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أَعِدْ شِفاهَكَ إلى مكانها

سعاد درير
كاتبة وشاعرة وناقدة

2020 / 6 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يُقال إن رَجُلاً أَقْدَمَ على بَيعِ جاريته، لكنه سرعان ما باتَ ملتاعا لفقدانها، وقد ظَلَّ يَنبض في قَفَصِه الصدري جَمرُ الوَجْدِ الذي سَرَقَ منه الإحساسَ بوُجوده وطَرَدَه من جَنَّةِ الشعور بالرِّضا.
شيء كهذا لم يَغِبْ عن شيخِهم ابن حزم الأندلسي أن يُمَدِّدَه حَكْيا في كِتابه «طَوق الحمامة في الألفة والآلاف»، إنه الكِتاب الذي يَسرد المعاناة الوجدانية لأهل العِشق والهوى.
إنه الهوى الذي جَلَبَ على الشاعر ابن زيدون الْمَتاعِبَ التي لم تَكُنْ يوما بمنأى عنه نتيجةَ وفاء قلبه لحُبّ مولاته وَلاَّدة بنت المستكفي تلك التي جَعَلَتْه يتقلب على حطب النوى المشتعِل وهي تُرَدِّدُ:
«أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتِيه تيها
أُمَكِّنُ عاشقي من صَحن خَدِّي
وأُعطي قُبلتي مَن يَشتهيها».
الهوى نفسُه الذي دَلَّ قيسَ ليلاه على قِدِّيسَتِه أَذَلَّه هو المحكوم عليه بموت المعذَّبين برَحيل من هَوَوا، إذ كان مِن عادات العرب ألا يَسمحوا لبناتهم بالزواج من الذكور الذين انْتَشرت أخبار وُقوعِهم في عِشق فَتَيَاتهم.
الأحكام القَبَلِية كهْذِه جَرَّت على قيسِ ليلاه ذَيْلَ اللعنة الذي طَفَقَ يسوطه دون أن يَعلم هو لرحلة العشق نهاية، إلى أن وُجِدَ ميتا طريحا على حجارة الوادي بعد أن أَلقى به قَدَرُه من أعلى جسر الحياة الذي لا يَعِد بموعد على شُطآن السكينة.
إنه الهوى، إنها الحَبَّة التي تَنْغَرِس في أعماق القلب لِتَمْلَأَه سنابل تَجُود عليه بدفء يُحْيِي الأرضَ الميتة.
لِنَقُلْ يا صديقَ أيَّامي الحلوة والمرة إنه الحُبُّ الذي لا بديلَ له لامتلاء المساحة الروحية، وما أَقَلَّ أن تَجِدَ حبيبا كُلّ هَمِّه وشُغله الشاغل أن يَتَفَانى في حُبِّكَ بلا قُيود وإلى ما لا نهاية.
وإذا كانت لغةُ الحُبّ لسانَ الكينونة التي تَجمعك بنِصفكَ الآخر، فَلْنجزم أنها كُلّ القاموس الذي نَحتاج إلى العمل به رغبةً في اختزال المسافة إلى بَرّ الأمان الذي لا تَطيب لنا حياة بدونه.
في ظِلّ الحُبّ نَكبر ونَتَرَعْرَع، في ظِلِّه نَكتشف لذَّةَ الحياة الثانية (اللذة الخفية)، في ظِلِّه نَتقاسم تفاحةَ الإحساس بأنفاس ليسَتْ كالأنفاس، في ظِلِّه نتعلم كيف نَتَوَدَّد وكَيْفَ نَرحم، وفي ظِلِّه نَصِل إلى مستوى رَدم الفجوة التي يُخَلِّفُها الفراغ العاطفي في داخِل كُلٍّ منا.
نافِذَةُ الرُّوح:
- «هَيهاتَ للسانِ القسوة أن يَجلدنا في مدينة الحُبّ!».
- «إدارة النفس تحتاج إلى إرادة».
- «رَتَّبْتُ قلبي على اللاعصيان».
- «أَعِدْ شِفاهك إلى مكانها، فقد تَعِبَتْ من الكلام».
- «نَمْ يا طائرَ الروح قبل أن تُبْحِرَ سفينةُ السلام».
- «شيءٌ مِن الرحيل يَقتل الإحساس».
- «أَتَوَجَّس خيفة ألا أَعْرِفَ طريق العودة إليكَ يا زمنَ الأحلام الوردية».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا