الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول بيان المجلس الوطني الكردي بخصوص “الحزام العربي”

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 6 / 24
القضية الكردية


نشر موقع المجلس الوطني الكردي، باسم الأمانة العامة لها، بياناً بخصوص “الذكرى السادسة والاربعين لتنفيذ مشروع الحزام العربي العنصري في المناطق الكوردية” جاء فيه؛ “فمع استيلاء حزب البعث على السلطة في سوريا عام ١٩٦٣ من القرن الماضي تعرض الشعب الكوردي لسياسات شوفينية ومشاريع عنصرية ممنهجة، استهدفت وجوده على أرضه استكمالا للإحصاء الجائر لعام 1962 الذي جرد بموجبه عشرات الآلاف من المواطنين الكورد من جنسيتهم السورية مروراً بتغيير المعالم القومية والديمغرافية للمناطق الكوردية وملاحقة ومنع النشاط السياسي والثقافي والمجتمعي لكل ما يمت للكورد بصلة وصولا الى مشروع الحزام العربي الذي يعد من أخطر تلك المشاريع العنصرية التي قدمها الشوفيني محمد طلب هلال رئيس شعبة الأمن السياسي في الجزيرة آنذاك وعضو القيادة القطرية لحزب البعث لاحقاً والتي إعتمدها المؤتمر القطري للبعث في أيلول 1966 هذا المؤتمر الذي اوعز باتخاذ الاجراءات والتدابير الإستثنائية تمهيداً لتنفيذ هذا المشروع السيء الصيت”.

ويضيف البيان أيضاً؛ “ففي 24 حزيران 1974 أصدرت القيادة القطرية لحزب البعث الامر بتطبيق المشروع على الأرض فقامت ببناء 40 مستوطنة في الشريط المحاذي للحدود مع تركيا من عين ديوار في أقصى الشرق الى غرب مدينة سري كانييه من محافظة الحسكة واستملكت الأراضي باجراءات زجرية و التي تعود ملكيتها للكرد ضمن هذا الشريط بطول ما يقارب 275 كم وبعرض 10-15 كم واستقدمت آلاف العوائل من العشائر العربية من منطقتي الرقة وريف حلب ووطنتها في هذه المستوطنات وحرمت بذلك عشرات الالاف من ابناء الشعب الكوردي في هذه المنطقة من الإنتفاع بأرض آبائهم وأجدادهم ، وعملت بشتى السبل فيما بعد على تطويق الكورد وافقارهم واجبارهم على النزوح والهجرة من مناطقهم ، وما كان احزمة الفقر في ضواحي العاصمة دمشق وغيرها من المدن الكبرى بغالبية كوردية إلا شواهد على نتائج السياسات العنصرية التي مورست بحق الكورد ومنها الحزام العنصري المشؤوم”.

وأخيراً يخاطب شركائه في المعارضة السورية قائلاً؛ “إن ما تعرض له ابناء الشعب الكوردي من اضطهاد واقصاء واستهداف في وجوده وحريته طيلة عقود على ايدي الحكومات والانظمة المتعاقبة ، يضع المعارضة السورية بكل أطيافها وكل الوطنيين الغيوريين على مستقبل البلاد أمام إستحقاقات وطنية بالعمل على انصاف الشعب الكوردي الذي ساهم بفعالية الى جانب بقية المكونات في تحقيق الاستقلال وبناء سوريا ، في الاقرار بحقوقه القومية دستوريا وإلغاء كل تلك المراسيم والقوانين الإستثنائية الجائرة التي أصدرها النظام الاستبدادي بحق السوريين عموماً وأبناء الشعب الكوردي خصوصاً، وفي المقدمة منها الحزام العربي المشؤوم ، وإعتماد ذلك في وثائقها وكل الوثائق التي تتعلق بمستقبل البلاد وهذا يكون مدخلا واقعياً لبناء سوريا المستقبل الذي ينشده السوريون جميعا ، والذين قدموا تضحيات جسام لانهاء الاستبداد وتحقيق الحرية والكرامة لكل ابنائها”.

بداية ً وقبل إبداء أي ملاحظة بخصوص الموقف والبيان فإننا نشكر الأخوة بالأمانة العامة على هذا السرد السريع للقضية من خلال وثيقة سياسية -البيان- بحيث يكون في متناول الجميع؛ كرد وعرب، معارضة وموالاة.. الاطلاع على تلك المرحلة التي شهدت فيها هيمنة التيار القومي العربي من خلال وصول حزب البعث لمقاليد السلطة؛ بدايةً عن طريق الانتخابات ومن ثم الانقلابات العسكرية المتتالية والتي كانت آخرها انقلاب الأسد على رفاق دربه في اللجنة العسكرية وقبلهم على البعثيين الذين أوصلوه لقيادة القوات الجوية ومن ثم لوزارة الدفاع بحيث استطاع مع بداية السبعينيات تصفية كل الخصوم والاستفراد بقيادة البلاد إلى أن أورثه للأسد الابن عام 2000م وذلك بعد أن دام حكمه على البلاد ثلاثين عاماً مستفرداً بها كأي طاغية عرفه التاريخ والتي عرفت سوريا خلالها كل أصناف القمع والاستبداد وإالغاء للحياة السياسية وحرية الصحافة التي شهدتها سوريا إبان الاستقلال في الخمسينيات وقد كان نصيب شعبنا الكردي مضاعفاً حيث عانى مع عموم الشعب السوري من سياسة الاستبداد ومنع الحريات التي عرفتها سوريا -وما زالت- مع الأسدية مضافاً إليها الاضطهاد القومي العنصري بحكم منهجية البعث القائمة على الفكر العروبي الشوفيني، فكان نصيبنا نحن الكرد المزيد من الاجراءات القمعية الاستثنائية ومنها قضية “الحزام العربي” والذي يتناوله بيان المجلس الكردي الذي نود تسجيل عدد من الملاحظات عليه وعلى موقف الأخوة أصحاب البيان.

أولاً- إن أولى ملاحظاتنا على البيان والموقف السياسي للمجلس هو الاصرار في تناول الموضوع والقضية -ونعني قضية الحزام- وكأنه قد مس أهلنا في الجزيرة فقط، بالرغم أن التطبيق هناك وكما جاء توضيحاً في البيان نفسه قد تم من خلال بناء مستوطنات -ونشكرهم على ذكر المفردة وربما للمرة الأولى في بياناتهم بهذا الصدد- حيث أن ما تم بنائه من مستوطنات للمستقدمين العرب لا تختلف عن مستوطنات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، لكن الأخوة لم يتطرقوا يوماً لتطبيق ذاك الحزام بطريقة أخرى في عفرين حيث ومن خلال مسح ديموغرافي للمنطقة سنجد؛ بأن هناك عدد من القرى العربية المستوطنة على طول الشريط المائي لنهر عفرين ابتداء من مركز البلدة وصولاً للحدود السورية التركية حيث هذه القرى هم أخوة وأشقاء تلك المستوطنات الأربعين في الجزيرة وهي وكما في الأخيرة أخذت أراضي الفلاحين والمزارعين الكرد ووزعتها على هؤلاء المستوطنين، فإن الأمر جرى في عفرين بنفس العقلية وتم سلب أملاك عدد من الاقطاعيين الكرد ليتم توزيعهم على هؤلاء المستقدمين في حين كان هناك أبناء المنطقة الذين هم أولى بتلك الأراضي وقد حرموا منها.. وهكذا فإن الحزام طبق في عفرين أيضاً وهو ليس مقتصراً على الجزيرة ونأمل أن تأخذ الحركة الكردية هذه النقطة بعين الاعتبار في وثائقها السياسية القادمة.

ثانياً- النقطة الثانية والأخطر بالقضية هو تناسي البيان وأصحابها لما يجري مؤخراً في المناطق التي تحتلها تركيا مع شركائهم في المعارضة السورية وبالتالي اغفالهم لكل هذه الانتهاكات والجرائم بحق أبناء شعبنا والتي فاقت وللأسف جرائم البعث والنظام الأسدي خلال نصف قرن من الاستبداد والقمع والحرمان من الحريات وبالأخص أن النداء يتوجه للمعارضة والقوى الوطنية وبالتالي كان الأولى التذكير والوقوف على ما تقوم بها تلك القوى التابعة لهم، فلا يعقل أن تطلب الانصاف ممن يرتكب الأفظع بحق أبناء شعبك حيث عمليات التهجير والنهب والسلب والاستيلاء على أملاك وعقارات الكرد، ناهيكم عن التغيير الديموغرافي الذي أحدث زلزلاً في التركيبة السكانية ولأول مرة بعفرين بحيث بات شعبنا يشكل الأقلية بعد أن كانت عفرين تشكل أكبر وجود نسبي سكاني للكرد حيث كان يبلغ نسبة الكرد فيها ما بين (95 – 98)%، بينما اليوم ربما الكرد لا يتجاوزون الثلث فيها وللأسف.

ثالثاُ وأخيراً- النقطة الثالثة والأخيرة والتي نود أن نسجلها على موقف الأصدقاء في المجلس الوطني الكردي بخصوص العمل مع القوى الوطنية السورية الأخرى -وبالأخص ما تعرف بالمعارضة- هو عدم الجرأة والشفافية، كما لاحظناه في الملاحظة السابقة من عدم التطرق للانتهاكات الحالية والتي تتم بفعل قوى وميليشيات تابعة لأولئك الحلفاء وهكذا كان الأمر في الماضي أيضاً حيث وللأسف اتسمت مواقف القوى السياسية الكردية وعلى طول الخط بالضعف والهزال، بل التبعية والتذلل دائماً أمام الشركاء وهنا أود التذكير بموقف أحزابنا التي كانت تعمل تحت جسم سياسي معارض مع باقي أطراف القوى الوطنية السورية قبل اندلاع الأحداث بالبلد ونقصد ما عرف ب”قوى إعلان دمشق” حينها ومجلسها الوطني الذي انبثق عنها خلال المؤتمر التأسيسي الذي عقد بتاريخ 10/12/2007 -إن لم تخني الذاكرة- وببيت رياض سيف بدمشق حيث حينها رفض “الشركاء” من القوى الوطنية السورية العربية إدراج قضية “الحزام العربي” كأحد البنود والقرارات الاستثنائية في وثائق المجلس الوطني وذلك بالرغم من وجود كتلتين كرديتين حينها داخل ذاك الحراك السياسي -ونقصد كل من التحالف والجبهة الكرديتين- وأتذكر بأن لم يخرج حزب من الأحزاب الكردية الثمانية معترضاً على ذاك القرار حيث حينها فرضوا علينا أن نقبل بكل من قانون (49) بحق الاخوان المسلمين والاحصاء -ومن بعد أخذ وتعاطي كبير عليه- كقانونين استثناءيين في سوريا، بالإضافة إلى أن “سوريا جزء من الوطن العربي والشعب السوري جزء من الأمة العربية”.

وهكذا فإننا نحن الكرد وللأسف -وأقصد القوى والنخب السياسية والثقافية الكردية- نقع دائماً ضحية ضعفنا وضعف مواقفنا السياسية فعندما نقبل مع قوى معارضة تفترض إنها قوى وطنية وليست شوفينية عنصرية ونقبل منها تمرير عدد من القضايا والمشاريع التي لا تقل عنصريةً عن مشاريع النظام العروبي الأمني البعثي الأسدي، كما رأينا في حال أحزابنا مع قوى المعارضة السورية في “إعلان دمشق” والقبول بكل تلك النقاط التي سبق وذكرتها من أن “سوريا جزء من الوطن العربي والشعب السوري جزء من الأمة العربية” وكذلك رفض إدراج “الحزام العربي” كأحد الاجراءات الاستثنائية في سوريا حينها واليوم تغافل كل هذه الجرائم من هؤلاء “الشركاء” بحق شعبنا، فبالتأكيد إننا سنخسر الكثير حينما نجلس على طاولة المفاوضات، كوننا قدمنا لهم وثائق تؤكد بأن لا جغرافية لنا في سوريا وإنما هي عربية وشعبها عربي وأن كل حديثنا للشارع الكردي؛ بأننا “نعيش على أرضنا التاريخية” ليس إلا لـ”ذر الرماد في العيون”.

وأخيراً وليس آخراً؛ فإن موقف الطرف الآخر -وأقصد حركة المجتمع الديمقراطي- بخصوص قضية “الحزام العربي” وللأسف لم يكن بأفضل من موقف الطيف السياسي لتلك الأحزاب الأخرى المنضوية تحت اسم المجلس الكردي أو حتى الآخرين خارج الكتلتين، فها هي الإدارة ومنذ ما يقارب العقد تدير المنطقة ولم تنصف أصحاب تلك الأراضي المتضررين من الحزام، بل وصل الأمر بأحد أتباعهم بأن كاد أن يعاركني بالأيدي وذلك فقط لكوني طالبت بإنصاف أهلنا الذين تضرروا من “الحزام العربي” المقيت، مثلما فعلها رفاقي القدماء في البارتي وذلك حينما عاقبوني على مواقفي الرافضة عما صدر عن قوى “إعلان دمشق” في مجلسها التاسيسي بدمشق أواخر عام 2007م وبعض المواقف الأخرى .. فهل نجد مستقبلاً مواقف أكثر جرأةً وشفافية من هذه القوى والأحزاب التي تقود الحراك الوطني الكردي، أم سنبقى ندفع نتيجة مواقف التخاذل والهذال من حساب شعبنا وحقوقه الوطنية، إنه سؤال برسم كل الطيف السياسي الكردي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع


.. السيسي: لم تتردد مصر في إغاثة الأشقاء الفلسطينيين وصمدت أمام




.. أخبار الصباح | -العمال البريطاني- يفقد تأييد الأقليات العرقي


.. اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون نقص الخدمات الأساسية




.. مراسل العربية أسامة الكحلوت: الجيش الإسرائيلي يحاصر عددا كبي