الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس للاسلام السياسي اي مشروع

فوزي النوري
مناضل يساري تونسي

(Ennouri Fawzi)

2020 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليس للاسلام السياسي مشروعا

يبدو لي أنّ المقاربة التي تعتبر أنّ للاسلام السياسي مشروعا هيّ التي قادت الحركات التقدّمية الى نوع من الاختزالية ماأدّى الى رسم تكتيكات خاطئة جعلت اليسار يفقد هويته السياسية و يغرق في مستنقع معارك الهويّة و يستنزف طاقته في الاحداث المباشرة و اليومية لتصبّ في مصلحة تيارات أخرى و كان من المفروض أن لا يختزل اليسار معركته في مسألة المعتقد و أن ينقل المعركة للساحة الحقيقية ( العمق الاقتصادي الاجتماعي ) و أن يفكّك السياقات الكبرى التي جعلت هذه الظاهرة تطفو على السطح و تصل الى سدّة الحكم في أكثر من مكان.
و في الحقيقة فإنّ الاسلام السياسي هوّ نتاج العولمة و التي كانت بمثابة الانفجار داخل كلّ ما هو مغلق وهي التي أدّت الى تمزيق النسيج الاجتماعي الممزّق و المتردّد و فرضت انفتاحا مستفزّا محرجا للمعتقد و لثقافة الاعتقاد و لمجتمع الاعتقاد و هذا الانتقال من ثقافة الوحدة و التوحيد سواء كان ذلك في علاقة بالكائن المتعالي أو بالكائن السياسي " الزعيم" الى ثقافة المتعدّد و المفتوح هو الذي أفرز هذه الظواهر .
في اعتقادي يجب ترصّد آثار العولمة لا فقط في السطح السياسي بل ما أتحدّث عنه هوّ الأسفل أي ما صاحب العولمة من تحوّل في كلّ البنيات و من فضاءات افتراضية مفتوحة و امكانات اتصالية و تواصلية رهيبة دفعت المجموعات أو المجتمعات الى الاحتماء بكلّ الدوائر المغلقة و أبرزها المعتقد و و هذا الالتقاء الذي اتخذ طابعا صداميا في البداية ( الاسلام السلفي ) ثمّ أنتج أشكالا أخرى أبرزها الاسلام السياسي.
التصادم بين الاعتقاد بأنّ المسلمين يختزلون القيم الحقيقية و أنّهم أمّة علم ... و بين اكتشاف الحقيقة بأنّ خارطة التخلّف في العالم تقريبا هي خارطة الاسلام و المقارنات التي لا يمكن للوعي الجماعي الافلات منها أو تحاشيها و ذلك بعد أن أصبحت المعلومة على قارعة الطريق بفضل المعلوماتية بما يفرضه ذلك من مقارنات و تساؤلات .
أمام هول هذه العولمة كان خيار الارتداد للسلف الصالح هوّ الحلّ الامثل لدرء خطر الانفتاح على الآخر هذا الآخر المختلف الذي يمتلك المصائر و الرقاب و الذي يمكن اختزال دعامته الحضارية في اللادين و العلمانية الى درجة تحويل العلم الى معتقد جديد و الذي ينتصب قبالة الدين عدوّا مباشرا افتكّ منه كلّ المساحات في الفضاء العام و لم يترك سوى بعض الهوامش يتحرّك داخلها و في المحصّلة هذه العناصر مجتمعة مثّلت حاضنة موضوعيّة لولادة التطرّف كألية دفاع ذاتي و كرفض لهذا السياق الحضاري الذي فرضته العولمة.
في اطار اكراهات العولمة هنالك تيّار من داخل حضارة المعتقد اختار تقديم فروض الولاء و الطاعة لروّاد العولمة و أعدّ تسويات سياسية مباشرة و قام بتعديلها على أوتار القوى الليبرالية و عدّل عقارب ساعته على أهداف هذه القوى و ممثّليها داخل الأقاليم ( البيتودولار).
في تقديري لهذه التيارات الدينية دور آخر وهو انهاك و استنزاف القوى اليسارية و التي مثّلت و تمثّل أولى الحصون و آخرها أمام كلّ العولمات أو العولمة بكلّ أبعادها مع العلم أنّ هذه الأبعاد تختلف في استراتيجياتها و أدوات عملها . ذلك أنّ الماركسية باعتبارها مشروعا يغطّي أغلب المساحات و باعتبار مرونتها وقابليّتها للتجدّد حتّى مستوى الأسس النظريّة باعتبار التصاقها بالواقع الموضوعي و باعتبارها فكرا ينحاز الى الانسان وهو ما لا تضمنه العولمة باعتبارها تحوّله الى أداة اذا استوجب الأمر ذلك ( الجماعات الارهابية) .
لكي لا أطيل أكثر و لكي أكون مباشرا لا أتّفق مع من يعتبر أنّ للاسلام السياسي مشروعا و أعتبر أنّ له دورا أو بعض أدوار من أهمّها قتل مشاريع التقدّمية في مهدها و المقصود هنا هوّ اليسار و ذلك خشية أن يصعد اليسار بسلّم العولمة ذاته و ما يتيحه هذا السلّم من امكانات رهيبة للتوحّد ( اليسار العالمي)و لاحداث زخم معرفي قد يؤدي الى تحيين الماركسية و مراجعتها بما يمثلّه ذلك من خطر على السائد برمّته بما في ذلك العولمة .
و يمكن الذهاب الى أبعد من ذلك يمكن لليسار الذي يتحرّر من الماركسية الارتودكسية و يستفيد ممّا قدّمته مدرسة فرنكفورت من أطروحات و ما فجّره فوكو في علاقة بمفهوم السلطة أن يفرض " عولمة أخرى " بأهداف أخرى وهي ليست غريبة لا عن أهدافه و لا عن مقارابته" الأممية" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها