الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تيارات الفكر الاسلامى

ناهض الرفاتى

2020 / 6 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتناول الكتاب المدارس الفكرية الاسلامية التى تمثل بعضا من ملامح تيارات الفكر الاسلامى ومراحل وجودها في التاريخ والتراث حيث توزعت واختلفت هذه الافكار بين المتمسك بالنص والمأثور وبين تلك التى ربطت المصالح السياسية والدنيوية بالنص الدينى , فيما بعضها لم تقبل ان تظل في قالب يكرر نفسه معطية للعقل مكانة مقدسة , وقد لا نتفاجئكثيرا من حيوية هذه التيارات الفكرية التى جاءت من تفاعل حركة النص في الواقع والعكس لذلك وقعت في فخ الخصومات العميقة في لحظة تاريخية لكنها كانت تتجدد كونها تشئ بان الدين حى وخالد ويصلح فى دنيا الناس ان يكون الملهم طالما أن نصوصه الخالده والمقدسة هى من عند الله وقد حملها نبى كريم أدى الأمانة ونصح الأمة وأقامها على المحجة البيضاء وأتباعه من بعده لم يخلو من بعده من حمل راية الاسلام من الصالحين والمصلحين الذى عرفوا قدر هذا الدين أخلصوا له ودفع بعضهم دمه وحياته ثمنا الأنتماءوالإنتساب وحصل أخرون على الدنيا في أيديهم بعدما استقرت في قلوبهم .
وهذا الكتاب من بين الكتب الجميلة للدكتور عمارة يوضح فيه بعضا من مدرسته الفكرية فهو في هذا ليس قارئا ومحلالا لتاريخ هذه التيارات فقط وانما تجده يترك رائه وبصمته وتعليقاته على بعض منها وكاشفا فيه عن توجهه لتيار السلفية المستنيرة المعاصرة والى اهتمامه بالعقل في فهم النصوص وعدم الانجرار الى فتن المذهبيات التى تفرق الامة ولا توحد وكذلك توضح انتمائه لامة العرب وقوميته ودينه الاسلام , وتؤكد علاقته بفلسطين ومفكرها الشهيد فتحىالشقاقى في اقتباسه من كتاب الحل الاسلامى والبديل ولا ننسى كراهيته لإستغلال النصوص الدينية في الحصول على شرعية السلطة وكيف أن العديد من الخلافات الفقهية كانت من صنع السياسيين أو حسب رغبتهم
وهذا التلخيص للكتاب ياتى في حدود 20 ورقة من أصل الكتاب 405 ورقة أحببت أن أركز فيها على بعض المحطات المهمة من وجهه نظرى كما انه ربما يرى اخر امورا غيرذلك ولكن هو محاولة لتسليط الضوء على ابرز ما يلون هذه التيارات الفكرية والى بعضا من بصمات الدكتور عمارة رحمه الله الذى توفى قبل أيام , وقد حاولت كتابة نصوصه كما هى نوعا من الامانة العلمية ولكن مسألة التلخيص والتركيز على بعض الامور وربطها بافكار الموضوع جعلتنى أتدخل في بعض الصياغات , وهذا الملخص لا يغنى عن قراءة الكتاب وربما يكون دافعا للبعض لقراءة الكتاب التى تشعر أنه رغم معرفتك بالكثير مما فيه مسبقا لكن يشدك الدكتور عماره من المنظور الذى يرى به الاشياء , والقارئ ربما يشعر بعروبيته وانزعاجه ومأخذه على الخلافة العثمانية التى لم تهتم بالعرب وتطورهم الفكرىوالسياسىوالعلمى , وجعلتهم يعيشون الخرافات وكانت نقطة ضعف للاستعمار هكذا تشعر أو ربما احساسه في نقل الاحداث كانت مع هذا الراى وربما لا ,وفى حديثه عن الفتره المعاصرة التى قادها جمال الدين الافغانى وتياره تجد اعجابه من خلال هذا السرد الطويل عنه وعن تياره وعن تقاطعهم مع السلفية الوهابية وغيرها من المواضيع .
أسال الله العظيم أن يكون خالصا لوجهه الكريم وينفع به المؤمنون .






أولاالخوارج :-
بدأ الخلاف يدب في الحياه السياسية الاسلامية منذ السقيفة وما دار فيها بعد وفاه النبى عليه الصلاه والسلام الى ان نشأت أول مدرسة اسلامية عرفت بالخوارج الذين لم يقف الخلاف معهم عند حدود الخلافات السياسة ولكنها أخذت صبغة دينية محضة تجذر ذلك عندما زعموا أنها هم المؤمنون وان خصومهم هم من مرق من الدين مروق السهم من الرمية , ومن الجدير بالذكر أن أتباع هذه المدرسة ليسوا غوغاء وانما هم من المحسوبين على حفظة وقراء القرآن فيهم الزاهد والورع وغلب فيهم جيل التابعين كما أنهم من أنصار على بن ابى طالب قبل خروجهم عليه لأنه الخليفة الشرعىوأما معاوية وأنصاره كانوا بغاه .
والخوارج كانوا يرون أن الله حكم في البغاه على وجوب قتالهم فلا داعى للتحكيم حينما صاحوا في صفين (لا حكم الا لله ) في صفر سنة 37 ه في حين كان يرىفي ذلك خليفة المسلمين على أبى طالب برفع المصاحف الحق الذى يراد به باطل , و للعلم الخوارج قبلوا التحكيم أول الأمر ثم رفضوه ثم اعلنوا أنهم مع قتال البغاه لكن على بن ابى طالب لم يوافقهم فانشقوا عليه و على معاوية بن أبى سفيان وباينوا على بأن اعلنوا عدم الصلاه خلفهوهذا التطور الدراماتيكى كان شرارة و اشارة لتحول الخلاف من المستوى السياسى الى الدينىوبذلك تشكل في تلك الفترة مجموعة اطراف ثلاثة كل منها تعارض الاخرى معاوية وعلى بن ابى طالب والخوارج الذين اختاروا لهم عبد الله بن وهب الراسى المحسوب على الازد والذى عرف بنسكه الى الحد الذى كانت فيه ركبتاه كركبتى الجمل خشونة من أثر السجود , والخوارج سموا أنفسهم باسماءعدة لكنهم قبلوا بالاسم الذى سماهم به خصومهم ومن ثم دافعوا هم عنه بانهم خوارج خرجوا على أئمة الجور والفسق والضعف فيما أطلق عليهم اسماء أخرى مثل الحرورية واهل النهروان وسموا انفسهم الشراه .وخلال تلك الفتره وما تلتها ثبت لديهم مجموعة من الأصول عرفوا بها منها :-
- لا تشترط النسب القرشى أو العربى لمن يتولى منصب الامام , ومنهم من اجاز تولى الأمر لإمراة و هذا يتماشى مع روح الاسلام .
- وجوب الخروخ على أئمة الجور والفسق والضعف اذا بلغ عددهم 40 رجلا ولا يحل لهم الخروج على الحاكم اذا نقص العدد عن ثلاثة باىوسيلة كانت السيف أو بغيره .
- الامامة والاختيار والبيعة وقد اعتبروها ليست من أصول الدين بل مصدرها الراى وليس الكتاب أوالسنة وهى تعتبر عندهم من الفروع وليس من الأصول وأن الطريق لنصب الامام تعتبر من شئون البشر حتى في شأن ابى بكرولمن قال بالوصية في موقف معارض مقابل للنص عند الشيعة القائلين بأن من اختصاص السماء .
- مرتكبى الكبيرةوالتى انبثقت من تساؤل هل من يقترف الكبائر من الحكام الظالمين هم مؤمنون ام كافرون ام منافقون فقالوا بانهم منزلة بين منزلتين لا هم لهم صفات المؤمنيين في كتاب الله ولا صفات الكافرون ولا المنافقون ( بين منزلة الايمان ومنزلة الكفر ) ومنهم من قال هم كافرون كفر شرك ومنهم من قال كفر نعمة اى جحود.
- العدل ونفى الجور عن الله قرر الخوارج حرية الانسان واختياره وفعله من صنعه على وجه الحقيقة لا المجاز فالله لا يمكن ان يكون جائر
- في التوحيد وتنزيه الذات الالهية قالوا بنفىالصفات لله حتى لا يفتح لشبهة تعدد القدماء وبذلك قالوا بخلق القرآن منعا لما أدى عند المسيحية لشبهة تعدد القدماء و قالوا بالتثليث
- الوعد والوعيد (وعده للمطيع ووعيده للعاصى ) بحيث لا يتخلف لاى سبب من الاسباب .
- قضية السيف أداه أصيلة من ادوات النهى عن المنكر وسبيل للتغيير .
ويمكن قراءة فكر الخوارج من خطبةلأحدهم وهو ابو حمزة الشارى سنة 130 هوهو على المنبر حين جاء على ذكر بنى أمية قائلا ( تسلطوا تسلط الربوبية وبطش الجبابرة ويحكمون بالهوى ويقتلون على الغضب وياخذون بالظن ويعطلون الحدود بالشفاعات ويؤمنون الخونة و يحكمون بغير ما أنزل الله فالعنوهم لعنهم الله وحينما وصف الشيعةقال فيهم بانهم ليسوا اخوه الدين وانما هم فرقة تظاهرت بكتاب الله وأنهم لا يرجعون الى نظر نافذ في القرآن ولا عقل في الفقه ولا تفتيش عن حقيقة الثواب وجعلوا دينهم العصبية لحزب لزموه واطاعوه في جميع ما يقوله غيا او هوى ينتظرون الدولة في رجعة الموتى ويؤمنون بالبعث قبل الساعة ويدعون الغيب لمخلوقين لا يعلم احدهم ما في بيته جفاه في دينهم قليلة عقولهم مع زعمهم ان موالاتهم لآل البيت تغنيهم عن الاعمال الصالحة قاتلهم الله أنى يؤفكون )
وهم الذين قاتلوا على بن ابى طالب سنه 37 ه في النهروان وسنه 38 ه الدسكرة وفى الثالثة بارض فارس عند ماسبذان سنه 38 ه وعند جرجرايا على نهر دجلة واستمر قتالهم لعلى بن ابى طالب حتى قتل .ثم انتقلوا الى قتال بنى أمية في سنة 41 ه وفى 43 ه بالكوفة وفى 50 ه بالبصرة واستمر قتالهم ومواجتهمللامويين حتى عهد هشام بن عبد الملك سنة 125 ه وفى 127 ه حارب الخوارج بقيادة الضحاك الشيبانى الامويين وانتصر عليهم وفى اليمن سنه 129 ه وقد انهارت الدولة الاموية عام 132 ه بفعل ضربات الخوارج وحروب الاستنزاف ضد الأمويين لكنهم لم يحصدوا الخلافة والامامة في نهاية الامر.
وفى موقف لعلاقة الأمويين بمن يرسلوهم لقتال الخوارج المهلب بن أبى صفرهالذى اشترط على الامويين لقتال الخوارج الخراج والعطاءات وينسب اليه أنه ا ستخدم الدين والكذب بالاحاديث حتى ينتصر على الخوارج وفى هذا مثال واضح كيف كانت الاتفاقيات بين الأمويين وممن يقاتلوا الخوارج معهم .
وفى عهد امامهم نافع بن الازرق (الازارقة) شهدت الخوارج اول خلاف وانقسام داخلىفي صفوفهم بالرغم من بقائهم واتفاقهم على الاصول لكنهم اختلفوا في الفروع مثل قول بعضهم ان ديار الكفر من اقام فيها فهو كافر وان النار مثوى اطفالهم وانكروا رجم الزانى واقروا حد القذف للمحصنة دون قذف المحصن , وكذلك من قال مثل النجدية أن معرفة الله ورسوله وتحريم دماء المسلمين واموالهم وبالاقراربما جاء من عند الله تجب على الجملة وما عدا ذلك من الحلال والحرام والشرائع فالجاهل بها معذور لأنها ليست من الدين .وقال بعضهم بكفر من اصر على الذنبوب صغيرة كانت أم كبيرة ,ومنهم الاباضيةوهم أقل تطرفا واكثرهم اعتدالا حين قالوا بكفر مرتكب الكبيرة بأنه كفر نعمة اى جحود , هذا جزء يسير مما يمكن ان يقال عن هذا التيار الفكرى الذى تصاعد من الخلاف السياسى على الحكم الى المستوى الدينى الى تصنيف الناس بين مؤمن وكافر , وتجذر هذا الفكر لدى الكثير من الناس والمهوسين ممن اعجبتهم فكره الخروج على الحاكم بالسيف وحبب الى قلوبهم تكفير الخصوم لدرجة اعتبار اطفال الكفار مثواهم النار , هذا الفكر الذى ما زال هناك من يعجب به في كل زمان حسب الظروف المتعلقة به , ومع طول المواجهة المسلحة بينهم وبين الأمويين الا أنهم فشلوا في اقامة دولة لهم واستغلت الثورة العباسية حرب الاستنزاف هذه كل تلك الفترهالتى قاتلت فيها الخوارج بنى أمية فقطفوا ثمار ما زرعه الخوارج من تقويض حكم الأمويين وأقاموا دولتهم على انقاض دولة بنى أمية .
ثانيا المرجئة وفصل الايمان عن العمل :-
أصل التسمية ان الايمان كما هو معروف غير ظاهر ومحله القلب واعمال الجوارح منظورة مشاهدة وهو يعنى الرفض القاطع للحكم على العقائد والضمائر لأن العمل الظاهر قد يترجم عما في القلب وقد لا يترجم عما داخل القلب وما علينا الا أن <نرجئ > الحساب الى يوم الحساب وهذا من اختصاص الله تبارك وتعالى , وذلك حسب مقولة أحد زعماء المرجئة الجهم بن صفوان بأن الايمان هو المعرفة بالله ورسله وما جاء من عنده وعقد القلب على هذه المعرفة ولا يضر هذا الايمان ما يعلنه صاحبه حتى لو اعلن الكفر وعبد الاوثان , ومنهم الكرامية الذين يقولون أن الايمان قول باللسان حتى لو اعتقد القلب بخلافه
وتعود جذور وأصول هذا التيار الفكرىنتيجة تحول نظام الحكم في الاسلام من الشورى الى الملكية ,حين قام بنى أمية بظلم للعباد و أخذوا الناس بمظالم سياسية واجتماعية مما أسفر عنه وجود مقاومة ومعارضة قوبلت بالقمع والاستبداد وهذا بدوره شخص المشكل الى ناحية فكرية وواقعية أدت الى أطروحة التساؤل التالى هل من يقوم بكل هذه المظالم مؤمن ؟
وطبعا بنو أمية كانوا مع الفصل بين الايمان والعمل لأنهم مع الايمان الذى لا تضر معه معصيةهم في حالة لا تسمح لأحد بالخروج عليهم أو التطاول عليهم مهما قعلوامن أمور قبيحة ذلك أن ارجاء الحكم على العقائد من اختصاص البارئ يوم الحساب وهذا القول فيه إبعاد لشبح تكفيرهم وعدم الخوض في أفعالهم والتدخل بادارة الدولة والحكم لأن أمرهم موكول الى الله .
ومن زاوية أخرى دخل العديد من الشعوب الى الاسلام مع توسع انتشار الدين الاسلامى وهؤلاء المسلمين الجدد لم تكن اعمالهم تترقى لمستوى ايمانهم , فما كان من بنى أمية الا مع فكره معاكسة هذا التيار هذه المرهوبشكل مختلف لما زعموه لان ذلك كان سيؤثر على خزينة الدولة بعدم قبول الجزية ممن أسلم منهم ودخل حظيرة الاسلام , وبالتالى لم يقبل بنى أمية باعتبار هؤلاء مسلمين اسلاما كاملا لأجل تحصيل الجزية منهم تحت ذريعة وحجة انهم ايمانهم واعمالهم لا ترقى الى مستوى ترجمة الاعمال, فكانوا بذلك مع مصالحهم لتحصيل الجزية ممن دخل اللاسلام وطالبوهم بقراءة سور من القرآن والاختتان وحسن الاسلام لوقف الجزية .
فهم قبلوا بفكره الارجاء لعدم تكفيرهم ورفضوها من البلدان الذين دخلوا الاسلام واعتبروا ان شرط الايمان غير مكتمل بسبب ضعف ظواهر اعمالهم .
ويؤيد هذا حديث معاوية لأنصاره من أن ما يحدث منهم من تغييرات في الحكم أو قرارته هى بفعل الله وارداته وقدره وقضائه.وباختصار شديد هذا الفكر وان كان غير متشكل في جماعة ومذهب معين في الوقت المعاصر الا أنهم موجودون في هذا العصر بوصف بن حزم فى الاشاعرة بانهم يذهبون مذهب الجهمية اتباع الجهم بن صفوان , أما بالبعد السياسى فهو يشير الى حكم الاستبداد المشرع بأن ما يحدث من قدر الله وأنه لا دخل لأعمالهم طالما هم يعلنون الايمان في اشارة أيضا لعدم شرعنة الخروج ومقاومة الحاكم .
وهذا فيه دلالة على أن السلطة السياسية قد استخدمت وفسرت مفهوم الايمان لأبقاء الاستبداد والسلطة والحكم وتبريرا بعد تحول الخلافة من الشورى الى الملك العضوض وفى قمع أى معارضة سواء كانت معارضة فكرية أم معارضة بالسيف .
ثالثا المعتزلة :-
أصل هذا التيار الفكرى هو الحسن البصرى الذى تصدى لعقيدة الجبرية مدعيا ان الانسان له اختياره وقدرته واستطاعته ومن ثم هو مسئولا عن افعاله المخلوقه له , اضافة الى اظهار عقيدة التنزيه التجريدى بمعنى كل ما خطر ببالك فالله غير ذلك , ووقف هذا التيار عند موقف وسطى في مقابلة الخوارج الذين كفروا مرتكبى الكبيرة وقالوا فسقة منافقون وليسوا كفار, وكان يوصف الحسن بعالم الفتن مما أتاح له اشتراط التمكين لأشعال الثورة والا فلا ينبغى الثورة طالما لا يوجد تمكين وعرف تياره باسم العدل والتوحيدويعود ظهور الاعتزال وارتبطه بواصل بن عطاء الذى كان أحد الموالى في بيت ابى هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية سنة 101 ه ومع حضور واصل لمجالس الحسن البصرى في البصرة حينما خالف المرجئة في مرتكب الكبيرة بقولهم أنه مؤمن وخالف الحسن البصرى بقوله بانه فاسق وخالف الخوارج بقولهم بانه كافر وقال بأنه منزلة بين منزلتين اى بين منزلة الكفر والايمان فهو يعذب في النار لكن دون درجة الكفر , بمقياس بنى أمية هذا التيار يمثل خطراحقيقىا عليهم أعلى مما مثله تيار الحسن البصرى.اعتزل واصل ومعه عمرو بن عبيد وجماعة من مجلس الحسن البصرى .و قاد واصل تنظيم هذا التيار فكريا واداريا فيما بعد من خلال أصولهم الجديدة التى تقوم على ( التنزيه والعدل والمنزلة بين المنزلتين والقول بخطأ أحد الفريقين دون تحديده , ثم جاء من بعده القاضى عبد الجبار ليحدد وليبرز هذه الاصول التىهى محور الخلاف مع خصومهم حين قال أن المخالف لنا لا يعدو احد هذه الاصول وهى :-
- التنزيه والتوحيد ( الخلاف مع الملاحدة والمعطلة والمشبهة والدهرية ) وهم بهذا الاصل في قمة التنزيه من خلال رفض كل ما يوهم تعدد القدماء وقالوا بوحدة الذات والصفات ورفضوا رؤية الله بالابصار في الدنيا والآخرة حيث كان قولهم بخلق القرآن ثمره لرفضهم قدم كلمة الله عند السيحية ومنها الشبهة بتجسيدهوتشبيهم للمولى تعالى الى ان وصلت الى بهم التثليث المسيحى.
- العدل الحرية والاختيار (اثبات القدر والقدرة للانسانوخلق افعاله ) اختلفوا عن الجبرية فالانسان خالق افعاله على المعنى الحقيقى ونسبه افعاله حقيقية وبالتالى لا يوجد جور من الخالق كما يرى الجبرية وانما هو سابق من تقدير وتخطيط الانسان وواقع منه وان افعاله ليست مخلوقة لله وانما متعلقة بالانسان تعلق ايجاد واحداث وحسابه عليه عدل بمعنى حرية الانسان ونفى للجورعن الله .
- المنزلة بين المنزلتين أو الاسماء والاحكام : ( الخلاف مع الخوارج ) الخوارج قالوا بان مرتكب الكبيرة فاسق كافر وتيار الحسن البصرى قالوا فاسق منافق والمرجئة قالوا فاسق مؤمن والمعتزلة قالوا فاسق وهو بمنزلة بين الكفر والايمان فهو دون صفات المؤمنين والكافرين وانه معذب خالد في النار لكنها دون المشرك الكافر موضح أن مرتكب الكبيرة في القرآن زائلة عنه صفات الكافرين فهو ليس بكافر وحكم الله بالمؤمن الولاية والمحبة والوعد بالجنة لكن مرتكب الكبيرة فاسق ولعنه الله وبرئ منه واعد له عذابا عظيما فوجب بأنه ليس بمؤمن وهو ليس بمنافق لزوال احكام المنافين عنه في سنة النبى ووجب ان يكون فاجر فاسق بنص الاية (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ) وهذا الاصل لا مجال للعقل فيها عندهم بل مسالة شرعية
وبالمنظور السياسى كان هذا تقويم للملابسات السياسية في تلك المرحلة وليس لانسان عادى ارتكب مجرد كبيرة وانما اخذت ابعادا سياسية فكل الناس على مر الزمان تجد من يرتكب الكبائر .
- الوعد والوعيد خلاف مع المرجئة في فصل الايمان عن العمل بانه وعد من الله من يعمل صالح يدخله الجنة ومن يعمل سوء يدخله النار وهى وعيده للعاصىوبالتالى توعدهم من الله ليس رجما من الغيب ولا تعديا على اختصاص الله ولا مما يجب ارجاؤه لحكم الله المالك يوم الدين , ومما ترتب عليه انكار الشفاعة وهى ان حصلت فهى للمؤمنين وفى هذا السياق العمل وحده الذى يحسم قضية مستقبل الانسان ومصيره وأن تصور هذا المصير أمر ممكن .
و هذا الاصل كان في مواجهة المرجئة الذين يمدوا الحبل للحكام في النجاه بينما لأن هذا الفكر يحكم عليهم بالفسق والخلود بالنار كما كان عند الخوارج كفر نعمة كان عند بعضهم الاخر كفر شرك.
- الامر بالمعروف ( دون حمل أو اكراه والنهى عن المنكر بالوسائل الثلاث ) والخلاف مع الشيعة الامامية
- اتفق المؤمنون على هذا الاصل لكن اختلفوا في وسائل وطرق تطبيقه فمنهم من يحرم السيف في النهى عن المنكر وبالتالى يحرمون الخروج على أئمة الجور وظلم الحكام وان كان فاسقا وهذا قول اهل السنة , وقد تبنى القوم مقولة احمد بن حنبل ( من غلب بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنون فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الأخر أن يبيت ولا يراه اماما عليه وان كان فاجرا , فهو أمير المؤمنون ) ولماذا اختار هذا الاستثناء اذا لم يكن هذا من بعده هدف سياسىوعند الشيعة لا يكون الا مع امامهم اما قبل ذلك فلا تسل السيوف
- والمعتزلة لهم راى مخالف حيث أوجبوا النهى عن المنكر بالوسائل الثلاث التى حددها حديث الرسول عليه الصلاه والسلام ( من راى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم تسطع فبلسانك فان لم تسطع فبقلبك وذلك اضعف الايمان ) بالقوه واللسان و الرفض القلبى , واستدلوا على الخروج المسلح بقولهم ( فقاتلوا التى تبغى ) وسموه اصل السيف وعدوه أشرف من جميع أبواب البر والعبادة , فيما أهل السنة يحرمون استخدام العنف والقوه والخروج على الحاكم الفاسق .
- كان المعتزلة اهل قوه بالتنظيم المركزىحيث كان يقول أحدهم ما كنا نرى أن لنا على أنفسنا ملكا في حياه واصل كما قال الشاعر ( له خلف شعب الصين في كل ثغرة .... الى الأقصى وخلف البرابر .... رجال دعاه لا يفل عزيمهم تهكم جبار ولا كيد ماكر ) ومثال ذلك كان يطلب من الاتباع التزام مكانا ما بالمسجد يواظب على الحضور فيه باستمرار حتى تلتفت اليه الانظار وبسلوكه الطيب وسمعته الحسنة بين الناس يبدأ التحدث اليه ويشوقهم الى السماع منه تصل هذه الفتره الى عام ثم يبدأ الداعى فيدعو الناس الى افكاره لانهم يكونوا قد احبوه كنوع من انواع التنظيم ووسيلة من وسائل نقل الافكار .
- رفضوا تعصب بنى أمية والشعوبين والتزموا ما قاله عليه السلام (ليست العربية بأحدكم من أب وأم وانما اللسان فمن تكلم العربية فهو العربى )
- وهم كذلك احترموا العقل والحكمة فاصبح فيهم البناء الفكرى تدين فيها الفلسفة وتفلسف فيه الدين
- وهم اقاموا علم الكلام على اسس ثابتة , فقد درسوا الفلسفة اليونانية واتصلوا بالفرس والهنود فقد احسنوا كلام الدين وكلام الفلسفة (التوحيد والماده )
- تقديم البراهين العقلية على ظواهر النصوص لما للعقل مكانة كبيرة عندهم اذا ما قيس بالنصوص والماثوراتفالعقل عندهم وكيل الله عند الانسان جعل اليه أزمة أموره وقيادته نشاطاته ( العقل الغريزى والعقل المكتسب ) فمصادر التشريع الكتاب والسنة والاجماع والعقل ويرون فيه الاصل دلالة بان العقل يميز بين الحسن والقبيح فهو قد عرف ان الكتاب حجة , والله يخاطب العقل فهو عندهم أول الادلة واصلها ( المعقول – المنقول ) أيهما أسبق . وهل الحسن والقبيح ذاتيان بمعنى يدركان دون الحاجة الى النص والماثور بل وعرض النصوص والماثورات على العقل وليس الرواه ورجال السند بمعنى الدراية مقدمة على الرواية , والشرع لم يات بما يناقض العقل فاما ان يكون واجبا للعقل او جائزا ( ان في ذلك لاياتلاولى النهى ) لذا حجة العقل مقدمة على حجة السمع في الدين والدنيا يفصل بصحة النصوص رواية ودلالة فالعقل والكتاب محال ان يتناقضاه لانهما مخلوقان لهداية البشر كما يقول الجاحظ فهموا أن النظر في دراسات الحيوان اختاروهعلى التسبيح والتهليل وقراءة القرآن وطول الانتصاب بالصلاه.
- وكان نشاطهم السياسى ضد ما احدثه بنى امية في طبيعة السلطة العليا للدولة بدل الشورى والاختيار وراثة الملك العضوض مثال ذلك ما اسهموا بثورة الحارث بن سريج سنة 116 ه وثورة زيد بن على سنة 122 ه والثورة بقيادة النفس الزكية 145 ه حيث كانوا يلبسوا البياض فيما خصومهم العباسين لبسوا السواد وكانت لهم راي هو (أحد أحد ) ثم جاء اخوه ابراهيم والتى كانت اخر الثورات الكبرى ضد العباسين وكانوا يفضلون عليا وهم معتزلة بغداد اما معتزلة البصرة فهم وضعوا عليا في نفس التقويم وهؤلاء توثقت علاقاتهم بالعباسين في عهد المامون والمعتصم والواثق ووصلوا الى اعلى مراتب الدولة امثال بن دؤاد
- في عهد المتوكل حدث انقلاب ضد المعتزلة وزج بهم بالسجون واصبح مال الامر فيمن يقدم النقل على العقل والاسناد عن الدراية واشتد بهم الاضطاد بالسجن حتى الموت وتجريم هذا الفكر وتحريم تدريس علم الكلام ولعن المعتزلة على المنابر وتحريم قول خلق القران وتحريم قولهم بالعدل والقدرة .
- رابعا الزيدية:-
- تبنت الزيدية الاصول الخمسة عند المعتزلة باستثناء احدى المسائل الفرعية أن الإمامة لعلى والحسن والحسين فقط ثم هى بالشورى والبيعة والاختيار من بعدهم لكن في اولاد على من فاطمة فقط حسب ما نقل عن الشهرستنانى " الزيدية مع الاصول الخمسة ويعظمون ائمة المعتزلة اكثر من ائمة اهل البيت من الشيعة الامامية " ولقد كانت الزيدية ثورة أخرى ضد بنى أمية في عهد هشام بن عبد الملكوالتى فيما بعد استمرت ضد العباسين أيضا , قتل فيها زيد وابنه يحيى بن زيد في ثورته ضد الوليد بن زياد حينما خرج منكرا لظلمه وما عم الناس من جور لكن بنى امية قتلوه واحتزوا راسه و بعثوا بها الى دمشق ثم صلبوه سبع سنوات حتى انزله ثوار بنى العباس , وقد قتل يحيى كما قتل ابوه زيدا أيضا لذى ظل جسده مصلوبا اربع سنوات ثم بعد ذلك تم حرقه وذرى رماده بنهر الفرات.
وكعادة اهل واشراف الكوفة هم من بدأو بالإلحاح على زيد للخروج على ظلم بنى أمية حينما قاولو له ( ان معك الف سيف يضربون بنى امية دونك وليس قبلنا من اهل الشام الا عده يسيرة واعطوه العهود والمواثيق لكنهم استجابوا لتحذير هشام بن عبد الملك .و نكصوا في ساعة الجد وهم الذين ( أهل الكوفة ) قد قبلوا من زيد ان تفضيل على بن ابى طالب لا يستلزم ادانة ابو بكر وعمر لكنهم تراجعوا وعادوا فطلبوا منه ان يدين الشيخين فلما امتنع رفضوه فسماهم الرافضة منذ ذلك التاريخ ., وزيد لم يستمع الى مقالة داود بن على أحد أبناء عمومته حين حذره من اهل الكوفة قائلا له لا يغرنك هؤلاء من نفسك ففى اهل بيتك لك العبرة لكن زيد اجاب يا داود بنى امية قد عتوا وقست قلوبهم .ويذكر ان ابو حنيفة النعمان ايد الثورة وبايع زيدا واسهم فى تجهيز الكثيرين وقال للناس لقد ضاهى خروج زيد خروج رسول الله يوم بدر .و استمر اضطهاد بنى امية لال البيت حتى دعا الامام الصادق الى هجران الثورة على الامويين انتظار لفرج ياتيهم من السماء حين قال ( ان بنى امية يتطاولون على الناس حتى لو تطاولوا الجبال لطالوا عليها .وزيد بن على مثله مثل غيره من ال البيت الذين قادوا الثورات ضد الظلم والجور فعرف عنه في النسك لا يعلوا عليه أحد وفى الخطابة والبلاغة يهز اعواد المنابر ويمتلك مجاميع القلوب حتى ان جفعر الصادق كان يمسك له بالركاب احتراما لقدره . وللعلماء مواقف كانت ضد ظلم بنى أمية منهم الحسن البصرى حين قال ( ان الذى افسد أمر هذه الأمة اثنان عمرو بن العاص يوم اشار على عثمان برفع المصاحف والمغيرة بن شعبة حين اشار على معاوية بالبيعة الى يزيد ولولا ذلك لكانت شورى وبيعة الى يوم القيامة وكذلك كلمة للشعبى وهو أمير المؤمنين في الحديث يقول ( فوالله ما أعلم قوما على بسيط الأرض أعمل ولا أجور منهم في الحكم ) وسعيد بن المسيب الملقب بسيد التابعين يقول ( ما صليت صلاه الا دعوت الله عليهم اللهم أعز دينك وأظهر أولياؤك وأخر أعداءك .



خامساالسلفية:-
السلفية من المصطلحات التى حدث حولها جدل واحاط بها الغموض وعدم التحديد فهناك من يرى فيه التقليد والجمود وهناك من يرى فيه تحييد العقل والاكتفاء بالماثور والنصوص وهناك من يرى فيه التجديد والاصلاح, وتعذر الاتفاق على معنى موحد للسلف والسلفية وعن الفترة الزمنية التى يمكن أن تحدد حدودها مما حدا ذلك لبعضا من المسلمين مخالفة وكراهية الاحتكام الى النصوص من أناس لا يؤمنون بحجية هذه النصوص وقدسيتها أمثال من يأخذوا بالفلسفات الأخرى مناللاهوتينوهذا الموقف دفع لوجود دفاع عن هذا التيار لمن يتحدث بمنطق الفلسفة وقد كانوا المعتزلة استجابة للواقع الجديد , لكن هذا الأمر لم يقنع عامة المسلمين البسطاء فنادوا بعضا من المسلمين بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا في لفت لأنظار المسلمين بالعودة لسلف الأمة من خلال ما جهر به الأمام الأول احمد بن حنبل الذى وصفه بن القيم عن الدنيا ما أصبره وبالماضين ما أشبهه اتته البدع فنفاها والدنيا فأباهافكانت رؤيته مختلفة للمعتزلة في أصولهم حينما قال الايمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله ليس مخلوق وليس شريكا لله في قدمه كما يلزم المعتزلة نفاه القول بصفات الله وقالوا نثبت ما وصف الله به نفسه لذاته بلا راى او تاويل فهو عالم الغيب نفوض أمرنا اليه , وقال أن رؤية الله عقيدة لاهل الجنة , وعلم الكلام منكر الاشتغال فيه ومنع أخذ العقائد من مجالسهم , والقضاء والقدر من الله , وخلافات الصحابة لا نخوض فيها والوقوف عند فضائلهم ومحاسنهم , وترتيب الخلفاء وفق الترتيب الذى جرى , وطاعة ولى الامر واجبة ولو كان فاسقا فاجرا , والايمان بعذاب القبر وبغيرها من الأمور وعلى هذا المعتقد صاغ احمد بن حنبل عقيدة المسلم في تلك الفترة .
وأصل المسالة ونشوء هذا التيار للسلفية كان مع تولى الخلافة المتوكل 232ه– 247 ه والذى استبدل السلفية بالمعتزلة وحلت النصوصية محل العقلانية والراىوالتاويل الذى كان سائد عند سلفه المأمون المناصروالمدافع عن أراء المعتزلة , وعندما اراد المتوكل ملء الفراغالفكرى استعان باحمد بن حنبل فكتب له قائمة بالقضاه والمستشارين وفق معايير سني ذو دين دون الاعتبار لعلمه . بدأ انتشار اصحاب الحديث من خلال اعلامهم السلفية أمثال بن المبارك , البخارى , السجستانى , الروزى , بن خزيمة والاصبهانى , الطبرانى , بن حيان , البيهقى , بن القيم , بن حنبل والقائمة تطول على مر تاريخ من علمائهم واعلامهم .
ثم جاءت فتره خلافة المماليك ومن بعدها الخلافة العثمانية التى كان يغلب عليها جمود وبدع وخرافات الامر الذى فتح العديد من الثغرات للاستعمار. وأنتعشت الأفكار السلفية من جديد هذه المرة في قمع ومواجهة البدع والخرافات بتيار جديد من بن تيمة التىكانت سلفيتة الوسطية تتلخص في اصلان ان لا نعبد الا الله ولا نعبده الا بما شرع ولا نعبده بالبدع ,بنفس المنهج النصوصى الذى صاغه ابن حنبل سابقا بأخذ الاصول والفروع من النصوص والماثورات في مواجهة المعتزلة والتى لا ترجح بالراى او العقل او القياس حتى أنه لو تعارض ماثورين مختلفين يحكم بهما .
تتلخص المنهجية للسلفين من خلال أمامهم أحمد بن حنبل بالأصول التالية :
- النصوص لا يقدم عليها شئ ولا يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا راى .
- اتباع ما افتى به الصحابة ما لم يكن لها خلاف ذلك .
- اذا اختلف الصحابة في مسالة تخير اقرب الاقوال للكتاب والسنة وان لم يجد حكى الخلاف ولم يجزم
- الاخذ بالمرسل والحديث الضعيف ورجحه على القياس
- القياس للضرورة في حالة عدم وجود نص .
 يكره الأمام أحمد بن حنبل الافتاء بمسالة ليس فيها (نص ) وكان يقول الحديث الضعيف احب الى من الراىفي اشارة لتقديسهللنصوص والماثوراتالتى وصلت الى العصر الذى يقول فيها أحد شعرائهم الراى ليل والحديث نهار ... العلم قال الله قال الرسول قال الصحابة...ليس خلف فيه حاشا النصوص ....من الذى رميت فيه من فرقه التعطيل والتمويه .وأصبحت السلفية فريق من المسلمين تقبل العمل بهذه النصوص بغض النظر كونها قطعية الثبوت قطعية الدلالة و يمنع اعمال الراى والعقل معها , واذا ما اضطر لمسالة ليس فيها نص او ماثور فيقتربون من الراى بشروط اخرى لها علاقة بالنص مثل الراى المفسر للنصوص ثم ما تواطات عليه الامة وتلقته الخلف عن السلف وبالنهاية يكون ظنى وغير ملزم ثم بعد ذلك هو في نظرهم مذموم ,
موقفهم من القياس الذى هو ما يقاس الشئ اذا كان مثله فاما اذا خالفه في بعض الامور فالقياس خطأ وبالتالى لا حاجة به لان النصوص قد احاطت باحكام جميع الحوادث حسب تعبيرهم وقد بين ذلك بن حنبل في اعلام الموقعين في فصول ثلاث سماها بيان شمول النصوص للاحكام وسقوط الراى والاجتهاد والقياس وبيان احكام الشرع كلها على وفق القياس الصحيح .وبالتالى صرف السلفيون النظر عن التاويلالذى تقول به المعتزلة و قبول الرأى اذا لم يكن النص متواترا وقطعى الثبوت قطعى الدلالة في محاولة لإعطاء هامش للاجتهاد الذى اعتبروه امر وارد ومقررويعطى اعتبار العقل الذى قالوا عنه جوهرا مستقلا بذاته بعكس قول السلفية في العقل بأنه لا يمكن ان يدرك كنه الاشياء وانما هو غريزة جعلها الله في الانسان ليعقل به .
انتقدوا الصوفية أيضا التى تقول أن الشريعة لغيرهم والحقيقة والرياضة والسلوك غير مقيد بامر الشرع .وموقفهم من السببية موقف وسط بين من انكر وقال الله هو السبب الاوحد لجميع المسببات وبين من قال انها لازمة لزوم المعلول بالعلة دائما وابدا دون تخلف وموقفهم في ذلك أن الاسباب موجودة وتفعل في المسببات لكن ليس على وجه مستقل .
و فيما تعلق بموقف الحلال والحرام فقد ضيقت هذه المساحة فيما ورد فيه نص وماثور وخلاف ذلك من احكام البشر تدخل في باب النافع والضار وما ينبغى وما لا ينبغى واعتبروا فيمن ادخل في ذلك ما ليس فيه نص فقد ادعى لنفسه سلطان الله ويقولون قولتهم نرى هذا حسنا او نكره هذا فانك لا تدرى اتصيب حكم الله ام لا ولكن الحرام ما دل عليه الكتاب والسنة على تحريمه وكذلك ما شرع فيه لعبادته وهذا مما يرفع عن الناس الحرج اذا كان للمجتهد راى فيما لا نص فيه لكن هذا الامر كان فيه تناقض وخاصة في المسائل التى يجتهد فيها القضاه عندهم فقد اعتبروا امكانية تغير الفتوى بتغير الأزمنة والامكنة والاحوال والنيات والعوائد , وتغير الواقع يعنى تغير المصالح ويبنون على تغير حد السرقة في عام الرمادة وغيرها من الفتاوى الذى يعتبر خروج عن اصولهم في اعطاء مساحة للراى بل للتاويل كما أنه يجب أن يفصل في ذلك بين السياسات الجزئية التابعة للمصالح والشرائع الكلية المقصود فيه الثوابت .
وفى موقفهم من الحاكم يقول بن تيمية ان السلطان ظل الله في الارض ويحبذ الطاعة للامام الجائر لان الضرر سيكون اقل من اضرار العصيان والخروج على الائمة وقتالهم بالسيف فستون سنة من امام جائر اصلح من ليلة واحدة بلا سلطان وقول احمد بن حنبل ( ومن غلب بالسيف حتى صار خليفة وسمى امير المؤمنون فلا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الاخر ان يبيت ولا يراه اماما عليه ., وبن القيم يقول ان الخروج على الحاكم اساس كل شر وفتنة الى اخر الدهر , والانكار باضعف مراتب الانكار (القلب ) .
وفى سبيل ذلك ارتكبوا تخريجات للنصوص الامرة بالنهى عن المنكر باليد والفعل والاقتصار على الإنكار القلبى وهى ادنى المراتب واضعفها , وبالرغم من ظلم الدولة دعو لطاعتها علما أن سلفية العصر يقولوا بان جماع السياسة امران اداء الامانة الى اهلها والحكم بالعدل وأن ولاه الاموال ليسوا ملاكا لما في ايديهم من اموال الامة بل هو نواب ووكلاء فليس لهم التصرف في ذلك تصرف المالك في ملكه وكذلك اشترطوا عدم الطاعة على المعصية .
وفى النهاية امام ضرورة وجود امام للمسلمين والغلبة للباطل لان الناس بزمانهم اشبه بابائهم ليس مطلوب الا الاصطبار والقيام باضعف مراتب الانكار وهو اضعف الايمان
ويمكن القول ان الواقع الظالم الذى عاشه هؤلاء من ظلم الحكام ترك بصماته على فكرهم والا اليس الاعداد والاستعداد كى يكون هناك مقاومة لولاه الجور مجدية ونجاحها قريب المنال على نحو ما قررت المعتزلة ؟ واليس هناك نصوص نبوية مثل حديث الصحابى حذيفة لرسول الله يا رسول الله ايكون بعد هذا الخير الذى اعطينا شر كما كان قبله قال نعم قلت فيمن نعتصم قال بالسيف .وخلاصة القول ان الحركة السلفية ظهرت بالعصر العباسىكتيارفكرى محافظ تحصن اعلامه بظواهر النصوص والماثورات عندما علا سلطان العقل واصبح فكر المعتزلة اهم ما تميز بها الحياه الفكرية .



سادسا الأشاعرة
تلونت الحياه الفكرية في بداية القرن الرابع الهجرىبين من اتخذ النصوص والمأثورات قرآنا وسنة محور فهمهم كأتباع أحمد بن حنبل وقد أطلق عليهم ( أهل السنة والجماعة ,أو أصحاب الحديث ) مع رفضهم التأويل والرأى والقياس , وتيار الفلاسفة المسلمين من الفلاسفة أمثال الكندى 260 ه اول فيلسوف ا تبنى مقولات الفلسفة اليونانية والفارابى 324 ه وهذا التيار انطلق من براهين العقل وحدهواللون الثالث كان المعتزلة الذين لم يقفوا عند النصوص وظواهرها مثل السلفين من أهل الحديث ولا من براهين العقل وحدها بل من التوفيق بين النقل والعقل جاعلين من العقل حكما على النصوص عندما تتعارض ظواهرها مع براهين العقل مستخدمين التأويل .
في هذا الوسط نشأ ابو موسى الأشعرى 260ه -324 ه الذى كان على المذهب المعتزلىحتى بلغ الاربعين عاما تحول فكريا بفعل رؤيا رأهاللنبى صلى الله عليه وسلم يطلب منه تغيير عقيدة أهل الكلام .
كان تيار الاشعرى تيار وسط بين السلفية والمعتزلة لا يكتفى بالنصوص ولا ينحاز الى العقل لدرجة اعتبار النصوص مجرد براهين العقل ومقولاته , وجاء هذا التحول الفكرى في لحظة تاريخية اشتد فيها الانحياز الى العقل لدرجة قال ابو على الجبائى أحد أقطاب المعتزلة بالشريعة العقلية بمعنى اجازة وجود نبى لا يحمل شريعة نبوية موحى بها وان تكون الاحكام والطاعات عقلية محض , فيما السلفية النصوصية وصل فيها البعض الى حد التشبيه والتجسيم مثل الحشوية ( قريبا من التشبيه ) وبعيدا عن التنزيه الذى بلغ حد التجريد عند المعتزلة , فكان الاشعرىفي هذا الوسط وسطيا لا يقف عند النصوص وتعطل العقل ولا يقف عند العقل ويهمل النصوصوالماثورات واعتمد على النقل والعقل مع تحكيم النقل بمعنى جمع بين الفقه والكلام مع اعلاء سلطان النقل في كثير من الاحيان والذين وكان من ابرز فرسان هذا التيار الأشعرىالباقلانى المتوفى 453 ه الذى احتكم الى المنطق والجدل النظرى والبراهين العقلية و نجده اعلى من شأن العقل أكثر من ادلة السمع , والجوينى المتوفى 478 ه والغزالى المتوفى 505 ه الذى ينحاز الى النقل عند التعارض , مبررا ذلك بنفىالتعارض بين النقل و العقل وبذلك سلك تاويل النقل ان هو تعارض مع برهان العقل وهو منهج متطور للاشاعرة عند الغزالى فلا يفزع للعقل الذى وصفه بأنه يعتريه الغى والحصر وأن خطره قاصر ومجاله منحصر , واعتبر العقل بمثابة البصر السليم عن الافاتوالاذاءوالعقل مع الشرع نور على نور , فاذا ما لاح تعارض بين ظواهر النصوص وجب على العقل الحاكم التأويل , لان النصوص يجب ان تكون قاطعة ولا تحتمل الظنون , وهنا الغزالى يوضح مسالة التصديق بالسمعيات في حالة ان يحكم العقل بجواز مدلولاتها اما اذا قضى باستحالة فالواجب تأويل هذه السمعيات , واذا توقف العقل ولم يقطع بالجواز او الاستحالة ازاء نص صدقنا به حتى يتمكن العقل من القطع فيه , وكل النصوص الموحية بما يخالف البراهين العقلية اما انها غير صحيحة واما انها قابلة للتاويل.
وكانت منطلقات الاشعرى الذى ناظر فيه استاذه الجبائى تمثلت في :-
- فقه الامام الشافعى(منهج اصول الفقه )
- الفكر الكلامى لابن كلاب الذى اثبت صفات الذات الالهية وخلق الافعال .
- تراث السلفية حين قال ( نحن اولى منكم بالامام( احمد بن حنبل ) الذى اليه تنتسبون )
سابعا الشيعة الاثنا عشرية
اتفق جمهور الشيعة على النص والوصية واختلفوا في أعيان الأئمة المنصوص عليهم من أبناء على بن ابى طالب ومدى التطرف والاعتدال في موالاتهم لأل البيت والتشيع لهم ,و التيارات الرئيسية عندهم الاثنا عشرية والزيدية والاسماعلية , ويعتبر التشيع ظاهرة في التاريخ قبل ظهورها كفرقة وبدأت مع السقيفة والتى كانت النواه الاولى للشيعة كما يقول البعض و قال أخرون هذا الظهور فيه مغالطة وان النواه الاولى كانت كفرقة ولدت بعصر الامام جعفر الصادق 80 ه -148 ه ومع ظهور المفكر الشيعى هشام بن الحكم المتوفى 190ه وهو أول من وضع قواعد البناء الفكرى في مسالة الوصية أما من كان قبله فكان يدور كلامهم على التفضيل فقط وتطابق هذا التفضيل مع غيرهم من المدارس مثال ذلك من فضل على وامارته من اتباع المدرسة البغدادية من المعتزلة على كل الصحابة ومع ذلك لم يكونوا شيعة لآن أهم ما يميز الشيعة كفرقة هو عقيدة النص والوصية لعلى وبنيه من بعدهو يعتقد البعض أن الحركات السياسية التى قامت لم تكن على اساس عقيدة الوصية وانما كان على اساس من أولى بامارةالمسلمين أو طلب الثأر من قتلة الحسين , يؤكد ذلك حين قال معاوية أن وعده للحسن كان ضرورة الحرب لجمع كلمة المسلمين كما زعم وقال هذا الوعد بان يكون الحسن ولى للعهد تحت قدمه , ويعتقد من العقلانيين من المعاصرين أن خلافات الموتى التى بليت منهم العظام مستعصية على ان تتجاوز عزائم الاحياء بسبب اضطهاد الامويين لال البيت مما جعل لهم آمال بوجود امام عادل معصوم يخلصهم من الاضطهاد ومنزه عن نواقص البشر الذى اعتبروا فيها الامامة واجبة على الله لا على البشر ومتسق مع رعاية الخالق للمخلوقين ولهذا وجوب الامامة عقليا لا شرعيا عند الشيعة الاثنا عشرية وهى اصل من اصول الدين والايمان لا يتم الا به ويستندون بذلك الى حديث الغدير وحديث المنزلة وحديث الدار وغيرها من احاديث الاحاد التى تؤسس لاصلدينى بالسلطة السياسية عكس ما يقوله خصومهم من كون النصرة والمناصرة ومنزلة هارون الذى توفى قبل موسى لا توجب الامامة و قضية الحكم لم تكن واردة اصلا ذلك أن على بن ابى طالب الذى كان صبىا .
واختلفت الشيعة في الائمة من بعد على ( فالكيسانية انتقلت الى ابنه محمد الحنفية 21 ه – 81 ه والاسماعلية قالت انها بعد جعفر الصادق لابنه اسماعيل وليس لموسى الكاظم والزيدية قالت انها بعد الحسن والحسين لمن تتوفر فيه الشروط من ابناء على شريطة ان يكون ثائرا شاهرا سيفه ضد ائمة الاجور )والاثنا عشرية سموا أئمتهم حتى وصلوا الى ابو القاسم محمد بن الحسن المهدى 256 ه الغائب .ومنذ تلك الغيبة لامامهم الانثى عشر فرض على الفكر الشيعى ضرورة التلائم مع واقع عدم وجود امام خلال تلك القرون تبنى فكرا جديدا و مبدأ نيابة المجتهد الذى هو نائب للامام في حال غيبته وهو الحاكم والرئيس المطلق له الفصل في القضايا والحكومة بين الناس واعتبروا عدم الرد على الامام بمثابة عدم الرد على الله وهذه الاستجابة للضرورة شملت النيابة في امور الفقه والدين والثورة والسياسة فكانت ولاية الفقيه المجتهد ولاية عامة في الحكم والفصل والقضاءا ستناد الى حديث ( اللهم ارحم خلفائى ) قيل يا رسول الله ومن خلفائك قال الذين ياتون من بعدى ويروون حديثىوسنتى فيعلمونها الناس من بعدى ) ولذلك كانت فكرة الشورىفيما بعد تواجه بعداء شديد لان المبدا اصبح الولاية للامام وليس للامةوتمادى الأمر الى أن يكون الامام معصوما بتبرير الامة يجوز عليها السهو والنسيان وارتكاب الفساد وبالتالى لا بد للشريعة من حافظ معصوم تقاس قى ذلك على النبوه , فالنبى مبلغ والامام حافظ وحجة للشريعة ياتيه العلم النورانى لمهمته من خلال الالهام والتى تقوم مقام الوحى وهذا الالهام قوه مقدسة اودعها الله في الامام وتنجلى له المعلومات كما تنجلى المرئيات في المرآه الصافية , وللامام سلطات لا تعرف الحدود ولا القيود مثال ذلك ما له عند الناس من ملكة الرقبة فيما الناس لهم حق المنفعة لما بايديهماستنادا لرواية زين العابدين (ان الارض كلها لنا فمن احيا ارضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها الى الامام من اهل بيتى وله ما اكل منها ) وبهذا تم الاختلاف بين الوصية ومن يقول ان منصب الخليفة أو الامامة من المصالح العامة المفوضة الى نظر الخلق فيما الشيعة اعتبروها دينا وعبادة وغيبا . ويمكن ابراز أهم مقولات الشيعة الاثنا عشرية في النقاط التالية :
 فكرهم الاسلامى يقوم على التنزيه ووحدة الذات اى ان الصفات عين الذات وهم بذلك مع المعتزلة بمسالة التنزيه وخلق القرآن حتى لا يقولوا بتعدد القدماء .
 يعدون التقرب الى الله من خلال زيارة القبور للائمة من الوسائط القائمة بين الانسان وربه
 العدل ونفى الظلم عن الله فهو لا يكلف عباده ما لا يطيقون , يثيب الطائع ويجازى العاصى
 اتخذوا من افعال الانسان موقف جعفر الصادق لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين فالله لم يجبرنا على افعالنا ولم يفوض الينا خلق افعالنا لانها مقدورة لله
 الحسن والقبيح موقفهم منه كالمعتزلة فالحسن حسن بذاته والقبيح قبيح بذاته في اعطاء مساحةلقانون السببية وهامشا كبيرا عكس غيرهم يعتبرون الحسن والقبيح ليس ذاتيا.
 اهم فرسان مع العقلانية والمعتزلة فيما مسالة الامامة ويعتبرون مصادر التشريع قرآن وسنة وعقل .
 العدل الاجتماعى وهذا جلى في نهج البلاغة
 التقية اظهار غير ما يبطن عند بعض الدواعى اتقاء لضرر محقق كما ورد عن الامام جعفر التقية دينى ودين ابائىوهو درع اجبر عليه الشيعة اتقاء الاضطهاد وهربا من الهلاك والفناء وكلما اقترب الناس من التقية اقترب المجتمع من الاضطهاد والعكس
 الايمان بالرجعةالتى تعنى عودة قوما قد توفاهم في صورهم التى كانوا عليها قبل موتهم ممن ظلموا وممن ظلموا وتوقيت ذلك عند قيام المهدى , وهى أقرب ما تكون امنية ان يرى يوما فيه الظالم قبل يوم الدين ويستند الشيعة في ذلك بقوله تعالى ( ربنا أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل ) ومنهم من يتأول رجعة الدولة بظهور الامام المنتظر .
ويبقى ان مبحث الامامة في التراث يحتاج الى قراءة نقدية يغلب فيها مصلحة الامة ويرضى الفرقاء وما سوى ذلك من الخلافات فهى اجتهادات يتفق ويختلف حولها الفكر الاسلامى .
الخمينى ونظرية الامامة في التطبيق
قاد الامام الخمينى ثورة في ايران بقيادة فقهاء الفرقة الاثنى عشرية والتى اطاحت بالعرش الامبراطورى في ايران التى تعتبر أول ثورة للشيعة الاثنا عشرية منذ ثورة الامام الحسين سنة 61 ه ومنذ عصر امامهم جعفر الصادق فقد تحولت فرقتهم الى فرقة دينية اجتماعية وارجأوا الثورة وتجريد السيف لتغيير نظام الحكم مما تسبب في انشقاق الزيدية والاسماعليةوهم بذلك اوقفوا ثوراتهم واصبح موقفهم عاما وانتظوا غيبة امامهم وعودته ليملاء الارض عدلا بعدما ملئت جورا وبالتالى خلال تلك الفترة كانت ولاية فقهاءهم فيما يتعلق بامور الدين الخاصة أما الولاية العامة التى تشمل السياسة والحكم فكانت مؤجلة ومن اختصاص الامام الغائب حتى يظهر وخلال تلك المسيرة خضعوا لحكم الدول رغم انهم لا يؤمنون بصلاحهاواباح فقههم من مشروعية التقية اتقاء للضرر , لكن هذه الغيبة طالت وتفاقمت المظالم في مجتمعاتهم بمجئ الاستعمار الاجنبى الحديث مما جعل البعض يتحرك باتجاه اخر نحو الثورة من جديد وكان من بين المجتهدين للدعوه لان تكون ولاية الفقية عامة والى ان يستانف مسيرة الثورة التى توقفت وكان من طلائع هذا التيار التراقى الكاشانى 1185 ه – 1245 ه و المجتهد الشيرازى الذى استجيب لدعوه جمال الدين الافغانىوالمجتهد الحائرى 1338 ه الذى افتى بحمل السلاح واستخدام القوه اذا امتنع الانجليز عن قبول مطالبهم ومنهم النجفى 1355 فكان هذا التيار مع جواز الثورة واستلم منهم طرف الخيط الامام الخمينى الذى واصل الطريق فكريا وممارسة وتطبيقاوالتى كان من مظاهرها البنود التالية :-
- يرى الامام الخمينى في تقديره لمقام الائمة المذهب التقليدى لدى الشيعة في قياس الائمة على النبوه مع الزيادة في ان النبوه ولاية خاصة انقضى زمانها والامامة ولاية عامة مستمرة حين قال ( للامام مقام محمود ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون ) فهو محافظ تقليدى لا تجديد ولا جديد في هذا المنحى.
- موقفه من الاستعمار والوحدة الاسلامية كان ايجابيا واستوعب اطماع الاستعمار وادواته في تجزئة العالم الاسلامى وفى ابعاد المسلمين عن دينهم واقتلاع عقيدتهم من قلوبهم وفى قلب المشروع الاستعمارى كان يرى الامام الخمينى اسرائيل عدوا حينما كان وطن الامام الخمينى ايران مستباح امام الصهيونية ويفتح لها سماء الوطن للطيران الاسرائيلى في ظل حكم الشاه الذى قاومه بثورته حتى ازاله .
ثامنا : الوهابية 1703 -1792 :
وهى دعوه محمد بن عبد الوهاب سليل اسرة من الشيوخ والفقهاء من نجد التى لم تختلط بغير العرب وتمثل الاسلام العربى البسيط قبيل نشاه علم الكلام وترجمة الفلسفة اليونانية , ولقد راى بن عبد الوهاب بعد ذهاب الدولة الفاطمية ومؤسساتها الطرق الصوفية التى طرحت التصوف العقلى الذى قاده محى الدين بن العربى من انكار التوسل واعتبر بن عبد الوهاب ان الشرك في زمانه اعظم كفرا من الذين قاتلهم رسول الله وهؤلاء وان اشتركوا في توحيد الالوهية فقد اشركوا بالعبادة , وان هذا الشرك تسرب من اهمال السلطنة العثمانية للعالم السنى اهمالا شديدا ملاء بهذا الفراغ الاثم , وبن عبد الوهاب رفض الاستدلال بالقياس حتى لو كان صحيحا ورفض التاويل واستقر الراى عنده على ان لا وزن للراى بجانب النص , وقد انحاز الى امتداد الحركة السلفية التى تمثلت باحمد بن حنبل وبن تيمة وبن القيم الجوزية على وجه الخصوص, ولم يقف بن عبد الوهاب عند كونه فقيها وعالما ولا عند مواعظه التى يلقيها في الحلقات بين الاتباع والمريدين وانما ارد لنفسه ان تكون له دعوه ودولة تطبق ( ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ) ومن هنا عرض دعوته على عثمان بن معمر الذى اقتنع بها لنشر دعوه التوحيد وتجديد عقائد المسلمين وصار بجيش الى اماكن التى يتخذ فيها الناس القبور للتوسل والتعظيم فهدموها وقطوها وقدأمسك بالفاس وقاد الجيش في هدم قبة زيد بن الخطاب في بلدة الجبيلة الذى كانت تمثل مزارا يعظمه الناس فواجه الناس ذلك وتخلى عثمان بن عمر عن نصره التجديد والتوحيد وطلب من بن عبد الوهاب مغادرة العيينة خوفا من انتقام الغاضبون من هدم القبة 1745 م ولجا بعد ذلك الى محمد بن سعود الذى استجاب لدعوته وكان بمثابة تاسيس ملك جديد ودولة جديدة على فكر نقى , وانطلق الشيخ بعملية نضالية وبتاسيس امارة وهابية سعودية اتخذت من الدرعية عاصمة لها تحمل فكر يحكم ويكفر كل المسلمين المعاصرين بمن فيهم ظل الله في الارض خليفة ال عثمان , وبعد وفاه بن عبد الوهاب بعشر سنوات هاجم بن سعود 1801 كربلاء بالعراق وقتل منها قرابة 2000 وهدم قبة الامام الحسين واستولوا على مقصورتها المرصعة بالزمرد والياقوت والجواهر ثم 1804 ذهب الى المدينة المنورة وهدم قبورها ومزارتها وبعدها خضعت مكه له وطرد رجال دولة الاتراك منها فتمت له السيطرة على الحجاز ونجد والحرمين و تهامة , وظهرت دولة ال سعود التى تحمل دعوه الوهابية التى ترى الخلافة في قريش وحدها في تحدى للدولة العثمانية وتمرد عربى على السلطة والسلطان حتى هزمها محمد على 1818 م لكن هذه الهزيمة لم تنهى وجودها بل تلتها مرحلة اخرىقامت دولة جديدة ودعوه هذه الدعوه كانت رد عرب بسطاء من البادية على من قطعوا جانب من التحضر اكثر من اهل نجد وهى دعوه لعروبة الخلافة بعد ان استاثر الاتراك ثلاثة قرون بدوية عنيفة ومحافظة اختصت بهم واختصوا بها وانفردوا وحدهم بهذا الشرف من دون المسلمين
تاسعا السنوسية 1787 1859 م :
في مقاطعة وهران بالجزائر كانت ولاده محمد بن على السنوسى برز السنوسى قديسا فارسا عربيا مجددا معاديا للاستعمار فهو جمع بين الفروسية والعلم ورفض خلال فتره تحصيله للعلم اغلاق باب الاجتهاد وقدم في اطار مذهبه المالكىبعض الاجتهادات حتى هم احد شيوخ الازهر الشيخ عليش ان يقتله بحربته , انتسب للعديد من الطرق الصوفية حتى ابتكر طريقة جاءت مزيجا بين الفقه والتصوف ولقاء بين الشريعة والحقيقة ومزاوجة بين النص والذوق وتعتمد على براهين الكتاب والسنة وتنكر الوسائط تصوف يركز على مجاهدة النفس وميل للبرهان وتعطى أهمية لعلوم الفلك والهيئة .
رحل من بلده الجزائر بعد مقتل احد اساتذته الوالىالتركى الى المغرب ثم قصد الحج فاحتل الفرنسيين الجزائر 1803 م وغادر القاهرة والحجاز وهناك تبلور في عقله تاسيس الطريقة بجانب استشعاره لفكره المرابطة والاستعداد للجهاد في ظل استعمار أجنبىوحكم عثمانى جامد يحافظ على الخرافة ويمارس الظلم , ومن فكرة المرابطة جاء بنموذج الزاوية , ففى جبل ابى قيس بمكة اقام السنوسى اول زاوية لطريقته 1837 م ثم عاد للجزائر ثم طرابلس المغرب يساهم في مقاومة الاحتلال الفرنسى , وعلى الساحل اللييبى كانت الزاوية الثانية ثم عاد للحجاز وبقى ثمان سنوات واسس العديد من الزوايا ثم ذهب للجبل الاخضر بليبيا 1854 ويحصى المؤرخون عدد الزوايا التى انشاها 188 زاوية شملت منزلا لقائدها وللوكيل والشيخ وفيها بيوت للضيوف وعابرى الطريق وسوق وفرن وارض زراعية تنفق على احتياجات فقرائها وكان السنوسى يهتم بالحرفية والصناعة وكان يعلم تلاميذه ان العاكفين على الاوراد والاوراق والمسابح لن يتقدموا اهل الزراعة والحرف عند الله ابدا وكان يوم الجمعة التدريب على الفروسية وفنون القتال .
ومن هذه الزوايا نشر الاسلام بين القبائل وبشر به حينما صنعوا حزام اسلامىلافريقياجنونى الصحراء من سواحل الصومال شرقا الى سواحل الينغامبية في المغرب وكان لهذه المهمة اهمية في ذلك الوقت لان الاستعمار كان يحاول ابتلاع القارة الافريقية فكانوا كتيبة الصدام الاولى في شمال افريقيا فقد حاربوا في السودان الاستعمار خمس عشر عاما وكذلك فى ليبيا وتصدوا الى جمعيات التبشير المسيحية بالرغم من ضغط الحكم العثمانى لكن السنوسى نقل مركز دعوته لعمق الصحراء بعيدا عن عيون السلطان ويذكر أنه اصاب بعض الطرق الصوفية في تلك الفتره من غير السنوسية وهن في الاستسلام للفرنسيين الذين عللوا وجود الاحتلال الفرنسى بانه مظهر لقدرة الله فلنحمد الله ولنخضع لارادته ويصف هانونو احد المؤرخين المسيحيين الطريقة الصوفية للسنوسى واتباعه ( فهناك في قرانا وبلداننا نرى درويشا فقيرا بأرديته البيضاء المعلمة بخطوط سوداء يلهج لسانه بذكر الله والصلاه على نبيه لا يلويه عن ذلك شئ هذا الدرويش الذى ينتقل من خيمة الى خيمة ومن قرية الى قري زاويا حوادث الاقطاب الاولياء من مشايخ الاسلام انما يبذر في القلوب حيثما حل واينما توجه بذور الحقد والضغينة علينا انهم يخترقون بلا انقطاع ولا توان مستعمراتنا الافريقية فيستقبلهم اهلوها بالترحاب ويحسنون وفادتهم ويكرمون مثواهم حتى ان الفقير منهم لا يرى في اكرامه له أقل من ان ينحر له شاه هذا عدا ما يجمعه من صدقات ذوى البر والاحسان او من المرتبات السنوسية ....ومن هنا كانت السنوسية واحدة من حركات اليقظة العربية كما كانت مجابهة وتصديا لفكرية العصور الوسطى ولزحف الاستعمار, وكانوا ينشرون العربية ورفض سلطة الدولة العثمانية وتسلطها على العربويعلنوا ان الخلافة لا بد ان تكون عربية قرشية لانهم راوا في حكم الترك مقدمة للاستعمار الاوربى .ويحكى الرحالة هاملتون ان السنوسية كانت اقل تعصبا من عامة العرب فقد عزل قيادة احدى الزوايا لانهم طردوا سائحا وامه من منطقتهم .
عاشرا : المهدية 1820 – 1823 م
الاوضاع في السودان ايام محمد على وما بعد مقتل ولده اسماعيل وتنكيل الخيدوية بالسودانيين وفرض الضرائب عليهم الباهضة وارتباط الحكم بمصر الاتراك ومحاولات بعض الانتفاضات السودانية في ذلك الوقت مع وجود حالة من التمزق والشكوى كانت الاحوال تتهئى لمن يقول لاسطورة وفكره المهدى المنتظر الذى يجعل من وجوده مرحلة تالية لمرحلة النبوه واسقاط من الحساب كل الفترة السابقة حينما يعلن انهسيملاء الارض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا حتى ليحرس الذئب الغنم مخلص يأتى من تراث بن العربىالصوفى ومن تربية اطفال السودان كما يقول المؤرخ يوسف ميخائيل ان الاطفال كانوا يقفون صفين صف لانصار المهدى وصف لاعدائه ثم يديرون صراعا في ظل هذا الجو ولد محمد احمد 1844 -1885 الذى سيصبح المهدى المنتظر في اسرة فقيرة تحترف النجارة في السفن ومع ذلك حصل علوم الدين واصبح فقيها 1868 م ثم اتجه للتصوف وظهرت علامات التقوى والزهد والصلاح عليه وتولى خليفة الطريقة السمانية بعد وفاه شيخه , فحاول ان يقيم الدين والسنن ولكنه لم يوفق فاخترع المهدية حينما راى الرسول يعهد اليه بالمهدية ويكلفه بالجهاد ودعا الناس الى الايمان به والهجرة اليه لتحرير العباد والبلاد , حيث قدم فريضة الجهاد على الحج لان الحج على حد تعبيره تحت حكم الكفار الاتراك ولقد حقق اول انتصار على الحكومة في 16 رمضان 1881 وعمل على تاسيس جهاز دولة ومنصب قاضى للاسلام ولقد استعانت الحكومة بالقادة الاوربيون منهم غوردون حتى انتهت بانتصار المهدية واخذ الخرطوم وحصل له تمام السيطرة على اجزاء من السودان في نفس الوقت التى كانت الثورة العرابية في مصر .
واخذ الناس يتحدثون عن معجزانه مثل اسم المهدى مكتوب على اوراق الاشجار وعلى بيض الدجاج وان معه عزرائيل يقبض روح اعدائه , وصنع المهدى باسطورته ما لم تصنعه الفلسفة وبراهينها حتى تخلى الرجال عن الناس والعكس في الاستجابة لهذه الدعوه , ووصل الحال به لان يكتب الى القادة والملوك يدعوهم الى تصديقه والتعاون معه , فهو يؤمن بالنور المحمدى الذى وجد اولا ومنه كان خلق كل شئ بل ويؤمن بانه مخلوق من نور عنان قلب محمد عليه الصلاه والسلام , وكان يطلب من اتباعه عدم التشبه بالاتراكالكفره , ويقول من شك في مهديتى فقد كفر ويقول ان الترك لا تطهرهم المواعظ بل لا يطهرهم الا السيف الا من تداركه الله بلطفه .
فهو في هذا يدخل ضمن الحركات التى رفضت السلطنة العثمانية وهى ثورة الفقراء والظلم الاجتماعى بالرغم من خطئها فالذين هاجروا معه اول الامر الى جبل قدير فكان انصارها من الفقراء اما اصحاب الثروات فكانوا اعداءها واتهم بتعطيل الدين ويدافع عن اتباعه ( الا الذين هم اراذلنا ) وانتهت المهدية كدولة بعد 15 عاما من موت المهدى عندما هزم الاستعمار جيش خليفته في موقعة كررى 1898 لكن بقيت كفكرة وطريقة صوفية وحركة سياسية
الحادى عشر الحركة الفكرية المعاصرة ( السلفية –العقلانية – المستنيرة )
وهو تيار فيلسوف الاسلام جمال الدين الافغانى 1838 -1897 م وجهود محمد عبده 1849 -1905 م وجناحه عبد الرحمن الكواكبى 1854 – 1902 م وعبد الرحمن بن باديس 1889 – 1940 م وحسب العنوان فلا بد من ايضاح الفرق بين سلفية الوهابية وسلفية هذا التيار
- السلفية الوهابية وقفت عند ظواهر النصوص اعطاء مكاننة للصراع الفكرى الذى خاضته الامة مع الملل الاخرى وهى بهذا المعنى اسقطت تراثها العقلى والتصوف الفلسفى وتعتبر كل ذلك بدعا اما سلفية هذا التيار اخذت العقائد والاصول نقية بعيدا عن الخرافات وشبهات الشرك والتوسل متوافقة مع الوهابية لكن لم تسقط تراث الاسلام ولم تعتبره بدعا سيئة لانها تعتبر الاسلام في تطور دائم بمعنى سلفية المنهج للذات الالهية اضافة لتصوف فلسفى وليس طرق صوفية ومكانة علية للعقل يجعله معيارا للنصوص والماثورات وهذا النص للشيخ محمد عبده يوضح هذه المسالة ( تحرير الفكر من قيد التقليد وفهم الدين على طريقة سلف الامة قبل ظهور الخلاف والرجوع في كسب معارفه الى ينابيعه الاولى باعتباره اى الدين من ضمن موزاين العقل البشرى الذى هو طريق معرفة الانسان لله وسبيله الى الايمان بارساله الرسل فالعقل هو ينبوع اليقين في الايمان بالله وعلمه وقدرته والتصديق بالرسالة اما النقل فهو الينبوع فيما بعد ذلك من علم الغيب كاحوال الاخرة والعبادات ).
- السلفية الوهابية جعلت من الماثورات نقطة البدء والانتهاء في عقائد الدين وامور الدنيا اما التيار العقلانى المستنير يعتيرما فرطنا في الكتاب من شئ في امور العقائد وليس في امور الدنيا المتجدد حسب قول الكواكبى وعند محمد عبده ان امور الدنيا تحتاج الى الاستعانة بكل التجارب والافكار والنظريات التى ابدعها الانسان سواء كان مسلما او كافرا .
- اعلاء لشان العقل عند الافغانى وتياره وغض الطرف عن قيمته عند الوهابية ولقد اعتبر محمد عبده نقص ايمان المقلد ويخل بايمانه
- السلفية الوهابية والقريب منها سلفية رشيد رضا لاعتمادها على النقل اكثر من العقل حتى في شئون الدنيا وسلفية الافغانىالتى تدعو لاستلهام ما هو نقى وجوهرى في تراثنا ليكون نقطة انطلاق لبناء مجتمع يتطور للامام
- ومن ابرز هذا التيار جمال الدين الافغانىالتى توثقت علاقاته بعلماء الشيعة رغم سنيته وصولا الى ان اصبح فوق المذهبية وبعقلانية ترفض البقاء في خلافات الماضى وكان معاديا للاستعمار ووصل بالسياسة الى منصب وزير في بلاده ولما ضاق به الحال انتقل الى الهند ومصر التى وصلها 1869 م ثم الاستانة 1879 م وفيها تبلور تياره حين درس الفلسفة الاسلامية وكان يكتب بالصحف المصرية باسم مزهر بن وضاح وانشا بمصر الحزب الوطنى الحر الذى نشأ منه فيما بعد الحزب الوطنى الذى قاده مصطفى كامل 1874 – 1908 م نفى من مصر الى الهند ثم ذهب الى باريس واصدر صحيفة العروة الوثقى مع الشيخ محمد عبده وانتقل الى ايران والجزيرة العربية ولندن والعراق وفى كل مكتن كان همه اليقظة والتجديد الى ان استقرفيه الحال بالقفص الذهبى في الاستانة الى ان توفى 1897 م.
- الرجل الثانى في هذا التيار الشيخ محمد عبده الذى كان له هيبة الملوك التقى بالافغانى 1871 م تحول من التصوف النسكى الى التصوف الفلسفىالتىاصبح فيها روح الدعوه لهذا التيار وركز على اصلاح القضاء والاوقاف والازهر ومات كمدا من اخفاقه من اتمام ما اراد من شيوخ الازهر وكان يقول عن الازهر اما ان يعمر واما ان يتم خرابه وكان يدعو ليكون التعليم مدنيا خالصا وتخصيص مدارس خاصة للتعليم الدينى
- ومنهم عبد الرحمن الكواكبىوابرز فكره في كتابيه ام القرى وطبائع الاستبداد واستشهد بعدما دس له السم من جواسيس السلطان عبد الحميد وكان يقول ( ما احوج الشرقيين اجمعين من بوذيين ومسلمين ومسيحيين واسرائيلين وغيرهم الى حكماء لا يبالون بغوغاء المرائين الاغبياء والرؤساء القساهالحهلاء فيجددون النظر في الدين ويهذبونه من الزوائد الباطلة مما طرا عادة على كل دين يتقادم عهده فيحتاج مجددين يرجعون به الى اصله المبين البرئ ).
- عبد الحميد بن باديس درس بالزيتونية بعمر 19 وعندما ذهب الى بلاد الحرمين عرض عليه البقاء لكنه رفض وقال نحن لا نهاجر نحن حراس الاسلام وبهذه العبارة كان موقفه من الاحتلال للجزائر بانشاء جيل يعود بالجزائر الى الاسلام والعروبة والقومية وقال انا لا اؤلف الكتب وانما اريد صنع الرجال حتى التف حوله 1000 رجل فقام بانشاء جمعية العلماء المسلمين بالجزائر 1931 م وحارب الطرق الصوفية التى كانت سند للاستعمار و تعرض بسبب ذلك للاغتيال 1927 واصدر العديد من الصحف والمجلات وكان شعاره الحق فوق كل احد والوطن قبل كل شئ حتى لقى الله 1940 وكان بذلك قد اسس لجيل يواجه الاستعمار بعقل مستنير وتجديد دينى واصلاح .
- كان مناخ الدولة العثمانية لا يهتم بعلوم المقاصد والغايات بل بالخرافة والتصوف السئ وتجاوز العقل ويدلل على ذلك موسوعة حاجى خليفة التركى حينما ذكر كتاب تهافت الفلاسفة في 132 سطر اما كتاب بن رشد الذى رد على الغزالى فقد عرض له بالحواشىوكانت مصطلحات الفلسفة والمنطق والمعتزلة لا يطيق الازهر سماعها لكن الافغانى كان فيلسوفا من طراز اخر يقول ( ايها الدرويش الفانىمم تخشى ...اذهب وشانك ولا تخف من السلطان ولا الشيطان كن فيلسوفا ترى العالم العوبة ولا تكن صبيا هلوعا ..انه سيان عندى طال العمر او قصر ...فان هدفى ان ابلغ الغاية وحينئذ اقول فزت ورب الكعبة ) فهو فيلسوف مناضل يتامل النجوم وعقلانى يجمع بين الفلسفة والتصوف العقلى صورة جديدة من الفيلسوف والصوفى وقال في هذا المقام ( ان لبس الخشن واطال المسبحة ولزم المسجد فهو صوفى وان جلس في قهوه متانيا وشرب الشيشة فهو فيلسوف ) قال ذلك وهو يشرب الشيشة , وهذا التيار احل بن رشد مكانا عليا الذى قال بتاويل النقل اذا تعارض ظاهره مع براهين العقل , فهم يعتبرون العقل جوهر انسانية الانسان وهو افضل القوى الانسانية على الحقيقة وهى اشرف الصناعات ونقيضه الجمود والصراع بينها ازلىعلى هذا النحو كانت الثفة في العقل وقدراته ويقول الافغانى ( ان العقل لا يوافق الجماهير وتعاليمه لا يفقهها الا نخبة من المتنورين والعلم على ما به من جمال لا يرضى الانسنية كل الارضاء وهى تتعطش الى مثل اعلى وتحب التحليق في الافاق المظلمة السحيقة التى لا قبل للفلاسفة 9 والعقلاء برؤيتها او ارتيادها ( ومسرح العقل ليس امور الدنيا فقط بل وعلوم الدين ايضا ) فالله يخاطب العقل والفكر والعلم بدون قيد ولا حد والتقليد ليس بمحمود فمن ربى على التسليم بغير عقل والعمل ولو صالحا بغير فقه فهو غير مؤمن والعاقل لا يقلد عاقلا والاجدر به الا يقلد جاهلا هو دونه وبذلك ربط هذا التيار بين الاسباب والمسببات ومعارضة فكره التواكل وقاد هذا الفهم الافغانى الى الايمان بنظرية النشوء والارتقاء بعدما انتقدها في شبابه برسالة الرد على الدهريين واعتبر الاسباب من سنن الكون بعكس الغزالى حين قال الثلج ليس هو السبب في برود الماء ويشرح محمد عبده انه الدين الذى يقول لاصحابه وقل اعملوا واعدوا , وهذا التيار يتحدث عن عبد الكريم الجيلى والحلاج وخاصة بن عربىباجلال كبير فيلقبانه بالشيخ الاكبروكشف هذا التيار عن شئ مهم في سبب اتهام التصوف الفلسفى بالكفر وذلك بسبب دور السياسة والسلطة السياسية الذى الجأهم الى الرمز والالغاز من ادوات السلطة من الفقهاء وقد كتب محمد عبده دفاعا عن التصوف الفلسفىوهو يرد على الوهابية السلفية ( لقد اشتبه على بعض الباحثين السبب في سقوط المسلمين في الجهل وبحثوا في تاريخ الاسلام فظنوا التصوف من اعظم اسباب الجهل الذى ابعدهم عن التوحيد وليس الامر عندنا كما ظنوا فقد ظهر التصوف في القرون الاولى للاسلام فكان له شان عظيم والغرض منه تهذيب الاخلاق وترويض النفس باعمال الدين ولقد ابتلى الصوفية بالفقهاء الذين جمدوا على ظواهر الاحكام المتعلقة بالجوارح والتعامل فكان هؤلاء ينكرون عليهم معرفة اسرار الدين ويرمونهم بالكفر وكانت الدولة والسلطة للفقهاء لحاجة الامراء والسلاطين اليهم فاضطر الصوفية الى اخفاء امرهم ووضع الرموز والاصطلاحات الخاصة بهم وكان قصدهم صحيحا وما كانوا يريدون الا الخير المحض لان صحة القصد حسن النية اساس طريقهم .
- ينتقد هذا التيار طرق الصوفيةالتى لم يبقى منها الا الاصوات والحركات التى يسمونها ذكر وكانت ايام الاستعمار ينسب لها مواقف حين قال بعضهم اذا كنا اصبحنا فرنسسين في هذه البلاد فقد اراد الله ذلك وقد امدهم الله بالقوهالتىهى مظهر قدرته الالهية فلنحمد الله ولنخضع لادراته .
- الشيعة جعلوا السلطة في الدولة الدينية وربطت الحاكم بامر السماء وحررته من رقابة الامة وسلطان الناس واليهود جعلوا الملك نبوه والاوربيون المسيحية جعلت قياصرها واباطرتها يحكمون بالحق الالهى والعصر المملوكى اشاد بعمارة المساجد وربطوا رجال الدين بالدولة ودولة ال عثمان اصبح ذا سلطة دينية تجعل عصيانه كفرا وخروجا على الدين ويقول هذا التيار ليس في الاسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوه الى الخير والتنفير من الشر وهى سلطة خولها الله لادنى المسلمين يقرع بها انف اعلاهم كما خولها لاعلاهم يتناول بها ادناهم ويقول الاستاذ الامام الايمان بالله يرفع النفوس عن الخضوع والاستعباد للرؤساء الذين استذلوا البشر بالسلطة الدينية او السلطة الدنيوية , وذكر رشيد رضا ان الكواكبى كان داعية للفصل بين السلطتين الدينية والسياسية في كتابه طبائع الاستبداد
- عمل هذا التيار تحت راية ( الجامعة الاسلامية) دعوه الافغانى لاستنهاض الشرق من اقصى المغرب الى حدود الصين ... الا أنهم كانوا من ابرز طلائع الفكر القومى والفكرة العربية في ذلك التاريخ في مواجهة قبضة العثمانين وسلطانهم التى راءها هذا التيار بان الدولة العثمانية ثغرة اتاحت للاستعمار التسلل للاقطار العربية دون التقليل من البعد الاسلامى ذلك ان الدولة العثمانية قد فشلت في تطوير الاقطار العربية .
- ركز الافغانى على اللسان العربى والرباط الذى يحفظ وحدة الامة حين قال ( انه لا سبيل الى تميز أمة عن أخرى الا بلغتها والامة العربية هى عرب قبل كل دين ومذهب وهذا الامر من الوضوح والظهور للعيان لا يحتاج معه دليل أو برهان ) فاللغة وعاء الحضارة ومظهر الوحدة النفسية وقبلة الفخر والولاء ثم هو الرباط الذى يشد الوحدة القومية ويدعمها وييسر عودة الوحدة في حال التمزق والتجزئة وانها من اكبر الجوامع التى تجمع الشتات وان فقدان اللسان العربى فقدان لتاريخ العرب ومجدهم وبقاء لهم في الاستعباد لذلك جعل الافغانى القاعدة الاولى التى يقوم عليها البناء للقومية العربية اللغة وبها تحصل ملكة الاخلاق وعلى حفظها تتكون العصبية واعتبر كل من اصبحت لغتهم العربية هم عربا بصرف النظر عن عرقهم واسلافهم في رده على ارنست رنان ان كل الذين ابدعوا من يكونوا من عروق عربية
- فالعروبة ليست عرقا ولا نسبا وانما هى لغة واداب وتكوين نفسى وحضارة وولاء وذلك كله مكتسب وليس وقفا على التوارث المحكوم بنقاء الدم الجارى من الاصول للفروع .
- يروى بن باديس الحديث الذى رواه ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق عن مالك عن الزهرى عن ابى سلمة بن عبد الرحمن قال ( جاء قيس بن مطاطية الى حلقة فيها سلمان الفارسى وصهيب الرومى وبلال الحبشى فقال هذا الاوس والخزرج قد قاموا بنصره هذا الرجل يعنى النبى فما بال سلمان وصهيب وبلابلا ؟ ما يدعوهم الى نصره وهم ليسوا عربا مثل قومه ؟
فقام معاذ بن جبل فاخذ بتلابيبه ثم اتى النبى فاخبره بمقالته فقام النبى مغضبا يجر رداءه لما اعجله من الغضب حتى اتى المسجد ثم نادى الصلاه جامعة ليجتمع الناس وقال "ايها الناس الرب واحد والاب واحد ان الدين واحد وليست العربية بأحدكم من اب ولا ام وانما هى اللسان فمن تكلم بالعربية فهو عربى " هنا يبرز دور العربية في وحدة العرب القومية لغة القرآن .
عرض الافغانى على السلطان عبد الحميد تعرب الدولة العثمانية لكنه رفض وقال الافغانى( لقد اهمل الاتراك شئ عظيم وهو اتخاذ اللغة العربية لسانا للدولة لكنها فعلت العكس وما اسفهها من سياسة وما اسقمه من راى ) واللغة التركية الان من اضعف اللغات ولو تخلت عن الكلمات العربية والفارسية لن يبقى منها شئ وبذلك تحول الافغانىلانقاذ الممكن وهو الاقطار العربية الرازح تحت السيطرة العثمانية لان الاتراك تحولو الى التفرنسوالتالمن مقابل بغضهم للعربية حسب ادعاء الكواكبى ووصل هذا العداء لاعتبار بعض الكلمات التركية من الامثال والحكم الى اهانة العروبة مثل ديلنجى عرب يعنى العرب الشحادين وكلمة عرب عقلى يعنى عقل العربى صغير وطبعا بادل العرب الاتراك نفس الشئ العداء بكلمات اخرى بتسمية الاتراك بالاروام ويقولون ثلاث خلقن للجور والفساد القمل والترك والجراد .
هذا التيار المستنير اعتبر مصر اكثر البئيات العربية تحضرا حين قال الافغانى عنها ( ان عاصمتها لا بد أن تصير في وقت قريب او بعيد كرسى مدنية لأعظم الممالك الشرقية بل ان هذا الامر مقرر في نفوس جيرانها من سكان البلاد المتاخمة لها وهو أملهم الفرد كلما الم بهم خطب أو عرض خطر ) كانت لديه امال للنهضة حتى بعد تمكن الانجليز من مصر لكنه اقتنع انه في نجد والحجاز أقرب للتحقيق لبعدها عن نفوذ الاستعمار وايده محمد عبده فيما بعد حين قال ان العرب في نجد اهل لهذا الاستقلال ولكن الترك لا يمكنونهم منه واذا ما تقاتل الترك والعرب وهنت قوتهما ووثب الاستعمار عليهما
كان له هدف الافغانىالخلافة العربية التى تتخذ من مصر مكانا لها , اما الكواكبى فكان مع اقامة خلافة عربية في الحجاز حيث البئية العربية التى لم تفسد لتكون بديل عن خلافة العثمانيين, فهو تيار يمجد العرب والعروبة ويعتبرهم يمتلكون عبقرية وفى اكتسابهم العلوم وان عليهم مسلمين وغير مسلمين الى اختيار طريق الاتحاد الوطنى حين نادى رشيد رضا قومه ( تعالوا ندير شأننا نتفاهم بالفصحاء ونتراحم بالاخاءونتواسى في الضراء ونتساوى في السراء ندير حياتنا ونجعل الاديان تحكم في الاخرى فقط فلتحيا الامة فليحيا الوطن فلنحيا طلقاء اعزاء , كان اهتمام هذا التيار كبيرا حتى في مواجهته لحالة الاحتلال الفرنسى بالجزائر ومحاولة شطب عروبتها فقكان بن باديس من خلال جمعية العلماء ينشئ 170 مدرسة يتعلم فيها الجزائريون العربية , فاللغة العربية على حد رائه اننا نختلف في كل شئ ونتفق فيها فقد قاوم هذا التيار تتريك العرب وفرنسة الجزائر فكان تيارا قوميا وطنيا يرسم طريق النجاه .
- نظر هذا التيار بعقله المستنير الى تراثه الاسلامى والى تجارب الاوربيون فوجد ان احلال سلطة الشعب محل سلطة الفرد من خلال المجالس النيابية المنتخبة من خلال الشورى الذى يرفض ان يكون شكلا ولكنها تمثيل نيابى للشعب حقيقى .
- افاض احد رموز هذا التيار وهو الكواكبى عن حالة الاستبداد وانفلات السلطة من حدود القانون وقيود الدستور حين قال (التهاون في الدين ناشئ من الاستبداد ) وهو علة انحطاط الشرق فهو ليس شهوه شخصية ولا غفلة جماهيرية فحسب وانما هناك ركائز يعين كشفها المجاهدين في سبيل الحرية عليهم اقتلاعها , فالارهاب ركيزة الاستبداد والقوه المسلحة اذا ما كانت مقطوعة الصلة قوميا بالامة والقوه المالية واصحابها ورجال الدين الذين ربطوا انفسهم بالمستبد ثم يشيد الكواكبى ان الامة العربية اعرق الامم في اصول الشورى في الشئوون العمومية وبذلك حدث الفتور والانحطاط نتيجة السلطة شبه المطلقة للمستبد وكان يرى هذا التيار ايضا ان الحرية السياسية تعدها التزما بمصالح الامة وليس انفلاتا منها لان الانسان الحر مالك لنفسه تماما ومملوك لقومه تماما , وان ثمن الحرية ارخص من الاستكانة للاستبداد وما يصحبه من توهم اننا قد آثرنا السلامة واقتصدنا في التضحيات ( الهرب من الموت موت وطلب الحياه حياه وان الخوف من التعب تعب والافدام على التعب راحة وان الحرية شجرة الخلد وسقياها قطرات من الدم المسفوح والعبودية هى شجرة الزقزم وسقياها انهر من دم المخاليق المخانيق وبذلك هذا التيار استلهم تراث الامة في الحرية والشورى والاسترشاد بتجربة اورباالديمقراطقية لتحدى الاستبداد والانعتاق من قفص الاستعباد العثمانىوالاوربى على السواء .
- كان واجب على هذا التيار في مواجهة الاستعمار بث الامل وتاكيد حتمية النصر وشحذ العزائم حتى تصل الى مرحلة الاعصار وطنى تقتلع ركائز هذا الاستعمار حيث قال الافغانى ( ان بعد هذا الضيق من فرج ) ويصرح ان الانجليزى ضعيف يسطو على حقوق الاقوياء وان على المسلمين وعموم الوطنيين معاكسة الانجليز واقامة الموانع في طريقهم بقدر الطاقة والامكان قياما بواجب الدين والوطن الذى لا يحتاجون فيه لامر السلطان (العثمانى ) ويتساؤلالافغانى " أترضى ونحن المؤمنيين وقد كانت لنا الكلمة العليا ان تضرب علينا الذلة والمسكنة وان يستبد في ديارنا واموالنا من لا يذهب مذهبنا ولا يرد مشربنا ولا يحترم شريعتنا ولا يرقب فينا الا ولا ذمة بل همه ان يسوق علينا الجيوش الفناء حتى يخلى اوطاننا ويستخلف فيها , ولذا لا بد من جيل يخلط التراب بداء ابنائه الامناء كما وجه الافغانى رسالة شهيرة للمجتهد الشيرازى 1814 -1895 راس علماء الشيعة سنة 1891 م يحرضه ضد الشاه ونراه يتصدى للهجمة الاستعمارية بابعادها الاقتصادية والسياسية ويقول ( خائن الوطن من يكون سببا في خطوه يخطوها العدو في ارض الوطن بل من يدع قدما لعدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها
- هذا التيار لم يسجل على نفسه وهو يواجه الاستعمار اى تعصب دينى ضد مسيحية العربالتى يتدين بها المستعمرون ومحمد عبده تفيض كتاباته بوجوب التعاون بين المسلمين وبين مخالفيهم في الدين فيما لا يضر السلمين , وابن باديس يقول هذه النهضة سلام على الجميع نصارى او يهودا ام مجوسا ولا يخشاها النصرانى لنصرانيته ولا اليهود ليهوديته ولا المجوسى لمجوسيته ولكن يجب والله ان يخشاها الظالم لظلمه والدجال لدجله والخائن لخيانته .
- لا يخفى ان الغرب يريد احتواء العرب حضاريا وحتى لا يحقق هذا الهدف كان هذا التيار يعمل على تجديد الحضارة العربية الاسلامية وليس التخلى عنها من خلال العديد من المنطلقات على سبيل المثال ان هذه الامة أمة عريقة ولحضارتها مزاج وطابع خاص,ولها تراث وتاريخ انسانى ومزاج حضارى مستقل وهذا لا يعنى تقديس الماضى ولا العودة في ان نعيش في قوالبه ولا ان ناخذ بكل اصوله وانما الاخذ ببعض الاصول الثابتة التى تمثل قسمات الشخصية الاسلامية بما لها من قداسة في يد وما اكتشفه الاخرون في اليد الاخرى ذاك لأخرتهم وهذا لدنياهم نافيا ان يكون بتقليد المنبهر الذى يفقد الامة الثقة بالذات والتراث والتاريخ .
والى لقاء في كتاب أخر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص