الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب لك تنحني الجبال من مراثي الأحبة الجزء السابع

بلقيس الربيعي

2020 / 6 / 29
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


ابو ظفر … الطيبة والإقدام

لم يجمعني مع الشهيد الدكتور ابو ظفر مخيم سكن واحد و لاوحدة انصارية واحدة ، ولكن جمعتنا احاديث وجدانية صريحة كنا نحتاجها و نتشوّق اليها معاً . .
في منطقة سوران الواقعة في شرق كردستان العراق، وقبيل نزولي مع الفوج الخامس كعضو مكتبه من نقطة بشت ئاشان الى منطقة خليفان ـ كورك في ربيع 1982 ، سمعت من رفاقنا عن قرب مجئ طبيب نصير الى منطقتنا قادما من بهدينان، وكانت سمعته بين الأنصار القادمين من هناك طيبة جداً، وذكروا عن اقدامه و طيبته و بساطته، ومحبة اهل القرى له.
في ذلك الوقت التي لم تكن بشت ئاشان قاعدة انصارية كبيرة، وانما كانت تتكون من عدد من خرائب القرى التي اصلحناها لتكون بضعة قاعات لمقر الفوج الخامس/ اربيل الذي كان آمره الشهيد علي كلاشنكوف ، وكانت تشكّل نقطة هامة لنشاط الأنصار لأنها كانت النقطة التي تتوسط الطريق الطويل المتعب جدا و الخطِر، بين المقرات الحدودية حيث القيادة في " نوزنك " . . و بين مناطق نشاط مفارز البيشمركة في اربيل ، كاستراحة لابد منها للأستراحة و المبيت .. في منطقة ثلجية باردة خالية من القرى، بعد ان دمرًت الدكتاتورية كل قرى المنطقة و سدّت و فجّرت عيون مائها .
التقينا في صيف ذلك العام في بشت ئاشان، و كنت قادماً لحضور الموسع الطبي الذي دعى اليه المكتب العسكري المركزي، لبحث مسألة تطوير الطبابة في الأنصار . . وفي حيثنا عن دراسته الطب عرفت اننا تخرّجنا من نفس كلية الطب / جامعة بغداد، وانه كان يسبقني باربع سنوات دراسية ، حيث كان من دورة البصري "امتحان معن" و " هاشم " من الناصرية و " احمد الماشطة " من الفرات . .
كان انساناً جادا يعرف ماذا يريد ولم يكن خياليا او عائش على احلام، وانما كان يسعى بكل جد بذهنية و روحية علمية لتوفير مستلزمات النجاح، كما كان كلّ منا، كمثقفين ثوريين و اهل علم وضعنا ثقتنا و مصيرنا بيد الحزب . . كاداة اساسية للتغير كما اقتنعنا، وكانت افكار الشهيد ابو ظفر عن التغيير و التطوير تعكس روحية النضال وفق تجربة و ظروف مناضلينا في السماوة و آمالهم و اصرارهم بشكل اساسي كما كنت اعكس تجربتنا في بغداد . .
و جدته مستعداً للصراع من اجل الأفضل في صفوفنا، و كان على شبه قناعة بان نضال منظماتنا و رفاقنا لابد وان يفرز اعادة بناء الحزب و القيادة خاصة، بعد تجربة 78 / 79 المريرة، وكان يتحدث ملوحاً بان هناك قياديون آنذاك يسعون بذلك الإتجاه، وعلى ذلك فانه كان واثقاً بان ذلك سيحصل و يمكن باسرع مما نظن، وفق تقديره و كما اتذكر . . و على ذلك كان يعمل بهمة عالية مجسداً ذلك الأمل، وبعد تجاربه في البلاد و الشام و اليمن ، اللتين لم امرّ بهما، لأني التحقت بالأنصار عن طريق الشهيدة ام علي من بغداد مباشرة ، في ذلك الزمن القاسي
و بعد عام من لقائنا الأول المتعدد المواضيع آنف الذكر . . حدثت مأساة بشت ئاشان و كان الشهيد فيها، و لم اكن فيها و انما كنت في اربيل . . و التقينا في مقر روستي و كنت في الطريق مع وحدات الفوج الخامس / اربيل الى بشتآشان الثانية . . حيث تحدث لي و بنقاشات متعددة بمرارة و الم ماحصل و مامرّ به هو و رفاقه هناك ، مكررا بهدوء كثير الحزن " انها نفس مآسي و اسباب ضربة الحزب في 78/ 79 " . . كان كثير الصمت هذه المرة ، معولاً كثيراً على ذهابه باجازة الى اليمن ـ بحدود معرفتي ـ لزيارة زوجته التي كان يحبها و كان شوقه لها طاغياً في احاديثه عن البيت و العائلة و عن اليمن ، و طبيعي انها من ناحية اخرى كانت فرصة كبيرة للأطلاع و التعرف و المواكبة .
و استطيع القول بثقة ان الشهيد اضافة لكونه طبيب متمرس مقتدر . . كان مقاتلا شجاعا و كان يشعر بمسؤوليته بكل نكران ذات . . كان طيب المعشر ، عالي الأخلاق، احب اهله و عائلته الصغيرة التي كان ذكرها لايفارقه. لم يكن ابو ظفر الأبن البار للعراق فحسب بل الأبن البار لمدينته السماوة و اهله . . احبّ الناس في القرى الكردستانية وسعى بكل مايستطيع و بشكل جاد لخدمتهم و مساعدتهم رغم صعوبة اللغة و التفاهم، فاحبوه . . وباستشهاده خسرت الحركة واحداً من ابرز والمع وجوهها ومناضليها .
آمل اني عكست ما استطعته من حقيقة عن الشهيد الغالي ابو ظفر المتعدد المناقب . . و املي اني بكلماتي القليلة التي جهدت ان تكون واقعية و حقيقية ، بعد تتالي المحن و الأحداث، املي اني اساهم بذكر انسان عراقي مناضل مكافح عرف الحياة . . وسيبقى ذكره و سيرته منارا لكل الطيبين من اهل العراق رجالاً و نساءً ، و يبقى في ترانيم الأمهات لصغارهن . . . مذكّرات بآلام و آمال و صبر اهل العراق الغالي .

النصير : مهند البراك




ابا ظفر .. الموت مات وانت حي

ثمة حوادث في حياتنا لا يمكننا نسيانها ، كما وثمةشخصيات لا تغادر الذاكرة بل تفرض علينا التوقف عندها ثم الانحناء اجلالاً لها لمجرد مرورها العابرالعاطر في خاطرنا
يومها كنت لينا- ، وكنت في خضم تجربة غضة في حياتي وحياة الحركة الوطنية الثورية....ورغم ملاحظاتي اليوم على تلك التجربة، الا ان حركة الكفاح المسلح في شمال العراق صارت جزء من تراث حياتي وشبابي
كنت يومها حاملا بطفلي الأول وفي ظروف شاقة للغاية تمً إستدعاء الدكتور ابو ظفر
وساعة ولادتي كان هو يتلقف الجنين بقلبه ويديه وروحه الوثابة للعطاء والندى المتعرش على أغصان شموخه الشاهق، الطبيب المرهف والمدهش بطيبته . أبو ظفر
كان واحد منا رغم اختلافه عنا بعلمه وغزارة روحه وايثاره المتجرد من السمة البشرية، يومها باغتتنا رياح الشر والغدر وفررنا هاربين نحو الحياة المجهولة . تمً تكليفه من قبل الفقيد ابو عامل بقيادة مفرزة مكونة من اكثر من مئة رفيق والإنسحاب بها عبر جبل قنديل وكنتُ ضمن هذه المفرزة ولم يمضي على ولادة طفلي اكثر من عشرين يوما . لم اكن اقوى على حمل نفسي وصعود الجبل ، فكيف لي ان احمل الطفل ! لم يفكر ذلك الأنسان الرائع بنفسه ، ربط يشماغ حول رقبته و حمل طفلي ليدعني اجري بخفة نحو الحدود رغم اجهادي ومرضي، و حين يفترق عنا لمتابعة سير المفرزة لم تفوته الفرصة ليوصي الآخرين بالإهتمام بي وبطفلي ا
ذلك هو الانسان ، الطبيب ،الأب المثقل بفراق طفليه وزوجته، الشيوعي النادر، المؤمن بالحب والخير والمباديء ايمانا ممزوجا ومصهورا بسلوك متناغم ومنسجم، هو القدوة و المثل، النادر ، لاسيما في هذا الزمن الذي ازدحم فيه كل شيء وكثر ،ماعدا النبل والصدق والوفاء
ذلك ابو ظفر ..انسان يتحدى النسيان ويسخر من التجاوز السريع عليه وعبوره الى ما وراء الذاكرة الحية .
كم ساعدت ناسك وغيرهم ايها الهمام و كم خاطرت بنفسك من اجل ناسك وغيرهم وكم أحبك ناسك !!
أخبرني...، أي تربة كريمة ضمًت جسدك ا؟ دعني أحيً التراب الطاهر الذي آواك متحديا الموت الذي مات وأنت حي...الموت مات وأنت حي .

النصيرة : لينا




ابو ظفر مثار فخر وإعتزاز

…... لقد كنتِ ايتها الغالية الشجاعة ام ظفرحديثنا ومثاراً للفخر والإعتزاز بموقفكِ الواثق الشجاع الواعي وهذا الشيء طبيعي جداً ممن هم مثلكِ . وسيبقى ابو ظفر كما هو ابداً نبعاً صافياً ووجهاً متألقاً لاينطفيء خالداً في قلوبنا وذاكرتنا على مر السنين . لقد كنتِ انتِ القوية وراءه يستمد من قناعته الراسخة الوعي ولإقدام ومنكِ ومن حبكِ الكبير الإصرار والحلم والأمل بشيء اكبر .

قبل اسبوع أو عشرة ايام تمً الدفء لثلاثة ايام أو اربعة بعد برد شديد ، فتفتحت البراعم الغضة اليانعة القوية فرحة بالدفء قبل غيرها ، لكن الريح الغادرة والبرد الشديد عاد هذا الأسبوع ليقتلع أجملها ةأكثرها زهواً وطراوة وقوة قبل أن تتحول الى ثمار ، وتذكرتُ يا عزيزتي ابوظفر وكل اصدقائنا الرائعين ممن ذهبوا سريعاً ليعبدوا الطريق . كان ذهابهم مرتبط بكونهم افضل الناس واكثرهم حباً للحياة ، لكن الشجرة التي هي انتِ باقية وستزهر وتكمل العطاء وتضحي بالمزيد . لقد كنتِ يا عزيزتي كبيرة في عيوننا واليوم انتِ اكبر .

كانت محبتكم انتِ وابو ظفر مثل اتحدثُ عنه يعطي البهجة والأمل بحب اكبر في الحياة ، في زمن قلًت وندرت فيه العلاقات النبيلة الوفية المخلصة المتألقة ابداً كما كانت علاقتكما . املي أن التقيكِ كما انتِ دائماً قوية شغوفة بحب الناس والحياة وبقلبكِ الكبير الصابر الذي قدًم اغلى و اجمل واكبر تضحية ….. ”

ام بسيم

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟