الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن مهزومين ذاتياً كردياً قبل أن تكون الهزيمة على يد الأعداء!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 6 / 30
القضية الكردية


إنني ومن خلال متابعتي للكثير من المواقف والحالات وبالأخص عند أي تهديد تركي -أو حتى أي تهديد آخر مثل انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة مثلاً- لاحظت درجة الهلع والخوف والإنكسار لدى شعبنا، طبعاً ذاك شيء طبيعي كسلوك إنساني عند الشعور بالخطر ولدى مختلف الفئات الشعبية، لكن أن يتحول إلى خطاب سياسي وثقافي لدى النخبة الكردية بحيث يتم ضخ المزيد من الخوف والإنكسار وروح الهزيمة في الشارع الكردي وبطريقة شعبوية تعمل على خلق مناخات وأجواء تساعد الأعداء في تنفيذ مشاريعهم العدائية فهنا الكارثة وللعلم فإن تلك الشائعات هي بالأساس من صنع دوائر خاصة تابعة لمراكز استخبارات تلك الدول حيث لو تابعنا عدد من الصفحات القريبة لتلك المراكز والدوائر أو تلك الدائرة في فلك الخطاب العنصري لهذه الحكومات الغاصبة، لوجدنا بأنها تعمل في ذات السياقات وهي تروّج لنهاية الإدارة الذاتية وأن “الوجود الكردي قد شارف على النهاية في الشريط الحدودي” وأن “ساعة الصفر بدأت” و”قد حان آخر أيامكم يا..” وإلى ما هنالك من هذه الدعايات والشعارات العنصرية وذلك بهدف خلق جو من الرعب والخوف في الشارع الكردي الذي هو أساساً يعيش هالة هلع لأسباب تاريخية وسياسية يحملها مع ذاكرة مليئة بتلك الصور التي رسخت لديه تلك الشخصية الإنهزامية.

هناك مثل كردي يقول وبما معناه مترجماً للعربية: “يلي إحترق فمه بالحليب، راح ينفخ على الشنينة؛ أي العيران” وذاك هو حال كردنا وللأسف حيث التاريخ الطويل من الاحتلالات والانكسارات والمجازر الرهيبة مضافاً إليه بث حالة اليأس من نخب ثقافية -إن كانت لتلك الشعوب أو حتى من بعض نخبنا المهزومة ثقافياً وطنياً- وبأن لا فائدة من المقاومة و”العين لا تقدر أن تقاوم المخرز” حيث كلنا سمعنا هذه المقولات من آبائنا وأمهاتنا ومن المجتمع عموماً وهم يوبخوننا في مرحلة الشباب، فقط لكون أحدنا أنضم حينها لحراك سياسي حزبي كردي بحيث ترسخت في ذهنية الإنسان الكردي وشخصيته حالة الهزيمة الداخلية وبأن لا قدرة ولا فائدة من المقاومة وأن علينا عدم القيام بأي فعل كي لا تصبح حجة علينا لنُقّمع، بالرغم من أن لا قمع أكثر من تبقى ميتاً دون هوية وملامح وشخصية. وهكذا يمكننا القول؛ بأن مشكلتنا مع الفشل والإنكسار والهزيمة -وقبل أن تكون مع الأعداء والخصوم والمحتلين وهروبنا أمامهم، كما وصفنا ترامب وذلك عندما قال؛ “لا أحب الكورد، إنهم يفرون من مواجهة العراقيين، إنهم يفرون من مواجهة الأتراك”- فهي بالأساس مشكلة كردية ذاتية متعلقة بالشخصية الإنهزامية التي تم ترسيخها فينا نتيجة أحقاب طويلة من حالة الاستعباد والإحتلال وما مورس خلاله من سياسات العنف والقهر ضدنا بحيث فقدنا ثقتنا بأنفسنا وبقدرة العين على مقاومة المخرز إن أمتلك التصميم والإرادة الوطنية.

ما جعلني أكتب مما سبق هو حجم الضخ الإعلامي والذي تعمل عليه الماكنة الإعلامية لدول الاغتصاب والاستعباد لكردستان -وكذلك بعض من يعتبر نفسه من النخب الكردية وللأسف- في بث روح الهزيمة والانكسار والخوف في الشارع الكردي حيث يصلني الكثير من الرسائل على الخاص وكذلك من خلال التعليقات وبعض الكتابات التي نتعثر بها على صفحات البعض وهي تتساءل وبخوف عن المصير وهل صحيح بأن تركيا بصدد عملية جديدة ضد مناطقنا -مع تقديرنا لبعض تلك التساؤلات وأصحابها وهم يبحثون عمن يطمئن النفوس- لكن هناك وللأسف من يعمل بطريقة ممنهجة ينجر معها آخرين دون دراية لبث الفتن، بل وصل الأمر بالبعض لأن يقول؛ بأن أمر الهجوم التركي بات محتوماً وبأن تركيا سوف تقوم بضم كل من روجآفا وإقليم كردستان لجغرافيتها وذلك وفق مشروعها العثماني القديم-الجديد من خلال إحياء “الميثاق الملي” في ضم لواءي حلب والموصل، متناسياً بأن لا يمكن تغيير خرائط سايكس بيكو بهذه السهولة وكذلك حتى لو تم ذاك إفتراضاً فإننا نحن الكرد -وأقصد بها جغرافية كردستان- ستعود إلى ما قبل اتفاقيات سايكس وبيكو وبذلك تصبح كردستان مجدداً منقسمة بين الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية وهكذا سيوحد أردوغان ثلاث أجزاء من كردستان وعندها يجب أن يستحق شكرنا!

إنني بحق لا أريد الاستخفاف بعقول أحد ولا بوارد بيع الأماني والأحلام لأبناء شعبنا وكذلك أقدر حجم المخاوف التي ترافق الحروب وما تجلبها من مآسي وكوارث وتغيير ديموغرافي وتهجير وترحيل وحتى قتل على الهوية وغيرها من موبقات الحروب حيث الدمار يشمل الحجر والبشر وبالتالي من حق الناس أن تخاف على حياتها وممتلكاتها، لكن لو نظرنا لعدد من الأسباب والعوامل السياسية الذاتية والموضوعية، أي الداخلية حيث واقع المناطق الكردية ووجود عدد من الأطراف الإقليمية والدولية وقواتها على الأرض وكذلك المناخ الإقليمي والدولي، فإن أحدنا يقدر أن يستنتج بأن لا احتلالات عسكرية جديدة، طبعاً لا نقول بأن لا يمكن أن تنشأ بين الحين والآخر بعض المشاكل والمناوشات هنا وهناك، لكن لا أعتقد بأن تُسمح لأي دولة إقليمية ومنها تركيا باحتلال المزيد من الجغرافيا السورية، إن لم نقل بأنها قد تخسر البعض منها مثل إدلب ومن يجعل ذلك أرضية بأن قد يبادلها مع الروس والنظام بمناطق في شرق الفرات، فإننا نقول له؛ ليس الروس من يقررون مصير شرق الفرات لكي يبادلوا بأجزاء منها مع إدلب .. وللعلم لو كان الأمر بيد الروس والنظام، لربما أقدموا على هكذا خطوة وذلك لإحراج الإدارة الذاتية وإجبارها على تسليم مناطقها لهم، لكن مع الوجود الأمريكي فلا يمكن لتركيا أن تقدم أدلب وهي غير ضامنة شيء.

بالأخير أريد أن أضع التالي بين يدي الأخوة المتابعين؛ إن التحرك الفرنسي الأمريكي لتوحيد الصف الكردي في روجآفا كردستان من جهة وفضيحة ترامب والتي كشفها مستشار الأمن القومي “جون بولتون” في كتابه الأخير؛ “الغرفة التي شهدت الأحداث” وقرار البرلمان العربي لمواجهة تركيا والانتخابات الأمريكية القادمة والأهم من ذاك كله؛ بقاء قوات التحالف الدولي وكذلك القوات الروسية في المنطقة، كلها عوامل تأكيد وإطمئنان؛ بأن لا هجوم تركي آخر على مناطق روجآفا وشرق الفرات حيث ترامب يدرك جيداً، بأن أي تنازل آخر لأردوغان بعد تلك الفضيحة المدوية له والسماح لهذا الأخير بالمزيد من الاحتلالات على حساب الكرد، يعني خسارته المؤكدة في الانتخابات القادمة أمام بولتون، كوننا نعلم جميعاً؛ بأن الشارع الأمريكي وأصدقاء شعبنا في الكونغرس والبنتاغون وكذلك حلفاء وأصدقاء أوربيين لنا مثل فرنسا، قد أجبروا ترامب على ايقاف قرار سحب القوات الأمريكية من المنطقة .. ولذلك وبحسب قراءتي؛ ما تقوم بها تركيا وأدواتها الإعلامية ومعها النظام السوري وأبواقها في بث تلك الشائعات إلا بهدف التأثير على المعنويات الكردية والاستهداف الأكبر هو لافشال التفاهمات الكردية بحيث الايحاء للبعض وبالأخص للمجلس الوطني الكردي؛ بأن “لا داعي للتفاوض مع الإدارة الذاتية حيث أيامها باتت معدودة”.

الخلاصة؛ رغم كل ما سبق وإن تعرضت المنطقة لأي عدوان جديد، فإن القضية -الكردية والسورية عموماً- لن تكون قد حلت، بل أزدادت تعقيداً ولا أعتقد بأن أحد بحاجة للمزيد من التعقيدات وإنما الجميع يبحث عن حلول سياسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع


.. السيسي: لم تتردد مصر في إغاثة الأشقاء الفلسطينيين وصمدت أمام




.. أخبار الصباح | -العمال البريطاني- يفقد تأييد الأقليات العرقي


.. اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون نقص الخدمات الأساسية




.. مراسل العربية أسامة الكحلوت: الجيش الإسرائيلي يحاصر عددا كبي