الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون ..وعقدة الاحباط العلمي

هرمز كوهاري

2020 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المسلمون .. وعقدة الاحباط العلمي !


هرمز كوهاري

في السنة الدراسية /1951 / 1952 كنت احد طلاب الصف الخامس العلمي في الإعدادية المركزية في الموصل ، كنّا في درس الفيزياء. والموضوع الكهرباء وبالذات المولد الكهربائي والمدرس القدير الاستاذ ابراهيم غزالة ، المدرس مندمج في شرح الموضوع ، وكان المولد الكهربائي وكيف توصل العامل الماهر الذكي ( ميخائيل فراداي ) الى ا الاكتشاف العجيب بانبعاث طاقة عندما يتحرك السلك او لفة من الأسلاك ضمن حلقة من المغناطيس ، هذا الذي نقل البشرية من مرحلة الظلام الى مرحلة النور ، ولا زال وسيبقى ما بقيت البشرية على ما يبدو . ونحن الطلاب منصتون بكل اهتمام وهدوء لمعرفة سر هذا الاكتشاف العجيب .

في هذه الاثناء دخل علينا بقامته الطويلة وجبته الرصاصية اللون الأنيقة التي اعطته هيبة ووَقَارا خاصا واقصد به العلامة الشيخ ( محمد بهجت الأثري ) العلامة في اللغة العربية ومفتش هذه. اللغة لكل مدارس العراق انذاك فماذا ادخله في درس الفيزياء حتى تصورنا انه دخل سهوا !.

ام تقصد الدخول في درس علمي لانه اراد ان يصحح بعض التعابير اللغوية للمدرس في شرح الموضوع لان مدرسي المواد العلمية عادة لا يهتمون كثيرا بالكلمات او العبارات العربية البليغة المنمقة ! بل يهمهم إيصال الفكرة او المعلومة العلمية بأبسط لغة مفهومة الى الطلبة وان كانت على حساب. اللغة البليغة ، مما يزعج بعض علماء اللغة !!.

ولكن تبين لاحقا ان شيخنا لم يكن مهتما باللغة بقدر اهتمامه بالموضوع العلمي !!
وان توقعنا لم يكن في محله ، عرفنا ذلك بعد ان استأذن من المدرس لا لتصحيح عبارة لغوية ولكن لتصحيح معلومة علمية !! وهنا بيت القصيد، كما يقال ، بدأ الشيخ يشرح لنا كيف ان الاسلام سبق الغرب في كثير من العلوم والاكتشافات ومنها هذا الموضوع بالذات اي المولد الكهربائي !!! ، وكيف ان القرءان تنبأ به قبل الغرب باربعة عشرة قرنا! بالآية الكريمة التي تقول:
[ " وهو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجهم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما - 43 احزاب "]
وقال : هنا أشار القرءان الكريم الى آلة او جهاز المولد الكهربائي وهي مادة مظلمة فاخرج منها نورا ! ونقل الناس من الظلمات الى النور !! وتجنب الشيخ رأي غيره من المفسرين بان المقصود بالآية هو : اخراجهم الله من الضلال الى الرشد ومن الكفر الى الايمان ! لابد هذا التفسير يعرفه الشيخ ويبدو انه يحتفظ به لمناسبة اخرى ليس بهذه المناسبة ! مناسبة تتفق والموضوع المطروح مع هذا التفسير فلكل مقام مقال ، ولكل موضوع تفسيره ومآل !!.

اما انا توقعت ان الشيخ كان قد مر امام كل الصفوف ،وكلها كانت علمية لان الإعدادية المذكورة لم تكن. تحوي غير الفرع العلمي فقط دون الأدبي ، وربما
لم يسمع شيخنا الا اسماء. العلماء والمخترعين بلاسماء الغربية اي المسيحية او اليهودية او اللادينية دون ان يسمع اسم عربي اسلامي واحد. من بين هولاء العلماء والمخترعين بل ربما سمع اسماء مثل :
اسحق نيوتن ، مدام كوري ، فيثاغورس توماس إديسون ، ألبرت أنشتاين ، رذرفود غريغوري مندل ، واضع قوانين. الوراثة وغيرهم ، واخيرا سمع اسم ربما ميخائيل فراداي !! مخترع المولد الكهربائي ،عجبا ولا اسم عربي او اسلامي !! ولا حتى الإشارة الى دور القرءان في التنبؤ بكثير من المخترعات او الإنجازات او النظريات. العلمية ! واعتقد ان هذا بحد ذاته يقلل ثقة الشباب المسلم بدينهم وبكتابهم .! ،فأراد ان يعيد الثقة بالاسلام ، وبكتابهم. القرءان الكريم ،لان الاسلام وكذلك.القرءان الكريم ليس فقط دين بل دين وعلم ايضا كما انه دين ودولة ، فهو كامل شامل يغطي كل نواحي الحياة. الدنيا والاخرة .!!


اما نحن الطلبة و الاستاذ بقينا منتبهين منصتين بكل هدوء لتفسيره ! دون سوْال او استفسار احتراما لمقامه وليس لكلامه او لعلمه ! وربما بعض الطلبة من المسلمين الملتزمين اقتنعوا به ، وبعضهم خجلوا من هذا التفسير ! ولكن لم يكن من اللياقة او من الآداب العامة مناقشة الشيخ كبير السن وإحراجه ! ،بل من الخطأ مناقشة رجل الدين. فلم ولن يتنازل عن كلامه واذا تنازل يكون قد شكك في عقيدته او دينه وهذا كفر والحاد !.

ولم يكتف الشيخ بهذا ،بل تطرق الى القنبلة الذرية وكيف ان القرءان تنبأ بها ايضا عندما قال في الاية :
[ ..والمصباح في زجاجة والزجاجة كأنها كوكب ذري] .
وقوله كوكب ذري انه يضيء او يعطي حرارة من الطاقة الذرية وكان يعني بها القنبلة الذرية. التي توصل اليها الغرب بعد 14 قرنا !!. ومن خلال حديثه يلتفت علينا فيجدني منتبهين منصتين مع الشرح والتفسير بهدوء معتقدا اننا مقتنعون بكل ما يقوله وما يفسره !!
واعتقد سكوتنا واصغاءنا باهتمام نحن الطلبة والمدرس معا ربما خلق عنده انطباعا بأننا اقتنعنا بكلامه وبعلمه وعلم القرءان هذا ! ، فارتاح لانه أوصل الفكرة وخدم الدين والامة الاسلامية وأعاد إليهما الثقة ! .
الا ان شيخنا الجليل هذا فاته ان كلامه هذا هو قدحا بالامة الاسلامية قبل ان يكون مدحا ! لان هناك من يقول : بالرغم من ان المسلمين سبقوا غيرهم بامتلاكهم هذا الخزين والمنهل من العلوم والنظريات العلمية الا انهم لم يستفيدوا منها ليسبقوا غيرهم في كل هذه الإنجازات العلمية التي ظهرت في الغرب الكافر !.
كما قال د. احمد الربعي الكويتي بكل صراحة وشجاعة وامان :
[" كل ما من حولنا منهم ،من زفت شوارعنا حتى ادوات مكاتبنا ، كلها منهم "]!!

وهناك نقطة اخرى ربما غفل عنها شيخنا الجليل : وهي ان الكتب العلمية غير محاطة بالقداسة كما الحال في القرءان الكريم ،بل مطروحة للمناقشة والتدقيق والتمحيص فمنها تخطيء ومنها تصيب .
ولهذا لا يمكن الجمع بين العلم. والقداسة ، فهذه النظرية النسبية للانشتين مطروحة للمناقشة منذ ظهورها ولا زالت كذلك لانها غير مشمولة بالقداسة .
،فهل يقبل شيخنا ان تضع ايات القرءان العلمية على مائدة. التشريع والتدقيق فاما ان تخطئ او تصيب !! بل يعتبر هذا كفر والحاد ؟.

ان شيخنا بهذا فاته السر وراء تفوق غير المسلمين كالمسيحيين واليهود واللادينيين
قطعا لم يكن بسبب الدين لان ليس في اي دين تعليم العلوم والفنون بل الامر معكوس عندما قيدوا الدين واعادوه الى مكانه الطبيعي الى المعابد اي الكنائس والاديرة ومنعه من التدخل في الشؤون العامة والفكر مقابل إطلاق حرية الفكر ، ومبدأ اخر اعتبار الدين شأن شخصي يخص الفرد وحده لانه يتعلق بمصيره فقط وهو يتحمل مسؤولية مصيره ،وان كتبهم الدينية بعيدة عن العلم والمعارف العلمية بالمطلق

بل السر يكمن في الحرية الفكرية التي حصلوا عليها في الغرب بعد تحييد الدين فيما سمي بثورة الاصلاح الديني والاصح ان تسمى بالتحييد الديني لانهم لم يجروا تغييرا او تصحيحا في حرف واحد من الدين بل قيدوه او حييدوه واعادوه الى مكانه الطبيعي الى دور العبادة كالكنائس والاديرة والى مهمته الطبيعية الوعظ والارشادات ليس الا .

وهذا ينطبق ايضا على المسلمين الذين يعيشون في الغرب ويتحررون من القيود الدينية ويتمتعون بالحرية ، هم ايضا يكتشفون ويخترعون كبقية الاقوام .
وأنتم يا شيخنا وأمثالكم هم السبب في تاخرالمسلمين بالإصرار على
خرافة الإعجاز العلمي في القرأن او الاسلام . والمسلمين ايضا برعوا في الفلسفة والعلوم ولكن كان مصيرهم التكفير والقتل وكتبهم احرقت بتوصية من امثالكم .
=======================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الماضي عادي
ابو ازهر الشامي ( 2022 / 1 / 28 - 03:02 )
-
خرافة الإعجاز العلمي في القرأن او الاسلام . والمسلمين ايضا برعوا في الفلسفة والعلوم ولكن كان مصيرهم التكفير والقتل وكتبهم احرقت بتوصية من امثالكم .
-
الحقيقة ان حرق الكتب ومحاربة المفكرين في الماضي كان امرا عاديا وهو ما حدث لمسلمين كثر في الماضي
لا يمكن احصاءهم ولو بعضهم لم يحدث له شيء
طبعا لا نقصد بعادي اي انه مقبول علميا او عقليا ولكن عادي اي انه سلوك عادة ما كان يحدث فقط
عباس بن فرناس مثلا حاربه الناس بحجة انه ساحر يفعل امور عجيبة
هل كان عباس بن فرناس ساحرا يستحق كراهية الناس وهجومهم عليه طوال الوقت
ام كان مبدع وعالم ومفكر لم يفهموا اختراعاته فظنوها سحرا !

حقيقة
الحضارة الاسلامية وهي حقيقة حدثت عندما كان الدين شيء نسبيا ثانوي
ولم تكن له تلك الاهمية
لذلك تجد معها نقد ديني او عدم ربط بين الدين والعلم
اي انه كان هنالك جانب في الحياة بعيدا عن احكام الدين
ونلاحظ ايضا ان من ابدعوا كانوا من طوائف غير السنة سواء معتزلة او اسماعيلية او صوفية او لم ينقل التاريخ لنا ايمانهم او طائفتهم
ايضا جزء من المبدعين لم يكن مسلما اصلا
وكله في جو من التنوع الثقافي والديني والاجتماعي


2 - تابع
ابو ازهر الشامي ( 2022 / 1 / 28 - 03:04 )
فلم يكن امر غريب في ذلك الوقت ان ترى زرداشي ( فارسي )
او ترى مسيحي خليقدوني ( عرفوا لاحقا بالكنيسة الكاثوليكية )
او ارثذوكسي
او ان ترى مسلما سنيا او شيعيا اماميا او زيديا او اسماعيليا اومعتزلي او يمكن جهمي او اشعري او ماتريدي وغيرهم الكثير الكثير بل ايضا ملحدين امثال ابن الراوندي
كلهم كان موجود
اذن ماذا يريد الشيوخ من خرافة الاعجاز العلمي وضرورة العودة الى ثوابت الدين بالزبط
اذا كانت الثوابت عندهم هي التمسك بعقيدة السلف الصالح ضمن شعار
كلمة التوحيد وليس توحيد الكلمة اي اجبار الناس جميعهم على عقيدة واحدة
!

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24