الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انطباعات عن زيارة مقر مؤتمر حرية العراق في بغداد..

نادية محمود

2006 / 6 / 25
المجتمع المدني


تقول نوال السعداوي في احدى كتبها، حول زيارتها للهند، بان اصدق الانطباعات هي الانطباعات الاولى!

حين زرت مقر مؤتمر حرية العراق في بغداد، وجدت نفسي في خلية نحل! البناية في طور التكوين، رافقني احد اعضاء المنظمة ليريني، انحاء البناية "هنا سيكون استوديو قناة المؤتمر، و تلك صالة الزوار، هنا احتفلنا بنجاح المؤتمر العالمي للتضامن مع مؤتمر حرية العراق في اليابان"، ارى اللافتات البيضاء و الوردية المكتوبة باللغة اليابانية والانكليزية، تقول احداها( اذاعة مؤتمر حرية العراقhold on tight ) و يمكن تذوق حلاوة هذه العبارة، اذا تذكرنا بان هذه العبارة تكتب للراكبين في الباصات و وسائط النقل للتمسك بقوة بمساند الباص او القطار، كي يتجنبوا الوقوع اثناء التحرك.

تعرفت على المكتب التنفيذي، الذي كان قد انفض اجتماعه الاسبوعي للتو، و كان سكرتير رئيس الاتحاد ابو احمد يتلو باختصار محضر الجلسة لسمير عادل رئيس الاتحاد، و حيث ان لا اسرار ولا مسائل مخفية في المؤتمر، تعرفت على ما ناقشه الاعضاء، انضم الينا، رئيس اتحاد نقابات عمال العراق. في الزعفرانية الاولى "نظم الناس انفسهم، و اعلنوا انفسهم حماة لأمن المنطقة تحت راية قوة الامان" جادل احدهم (شخصيا كنت اود لو اطلق على قوة الامان، قوات امان، او جيش امان).

ثم سؤل، ابو احمد من الحسينية، عن تقديم تفاصيل اكثر مما ورد في محضر الجلسة، عن تشكيل اول بيت للجماهير في منطقة الحسينية في بغداد، قال، انه اراد تقديمة كمفاجآة للمكتب بافتتاحه. حقا، هذا ما اسميه مفاجآت، ليس فقط افتتاح بيت للجماهير في الحسينية، بل وجود اشخاص يقدمون مفاجآت من هذا القبيل!

جاء زائر من الانبار، تحدث الرجل لثلاث ساعات دون انقطاع، سالت هل بالامكان ان ناخذ استراحة، قال سمير عادل: الرجل يتكلم هنا، لانه لا يستطيع التكلم هناك، قلت ليس من السهل ان تسمع قصصا لثلاث ساعات متتالية احداها، فقط تتحدث عن معلم يقطع رأسه امام تلاميذه، دون ان تحتاج برهة لالتقاط انفاسك!

قابلت مسرحيين، وسينمائيين يتحدثون عن افلاما وعروض مسرحية، قالوا انها فرقة لمؤتمر حرية العراق. رأينا فيلما وثائقيا عن كيفية تأسيس مؤتمر حرية العراق، الفيلم مّعد ومرسل من اليابان. ثم جاءت صحافية، لتوجه لي بعض الاسئلة، سألتني "لماذا رفضت ادارة مهرجان مربد قبول النساء الشاعرات في المهرجان؟"، فوجئت هل حقا فعلوا هذا، على المؤتمر ان يوجه نداءه اذن لكل الشعراء لمقاطعة المهرجان، تضامنا مع زميلاتهم الشاعرات، ووجهت نداء من ميكرفون اذاعتها لجمهور الشعراء بان يقاطعوا المهرجان.

جاء شاب في الثانية والعشرين من الزعفرانية، تحدث كقائد، تحدث عن احتياجاتنا لمؤتمر حرية العراق في الزعفرانية، قال بثقة و بدون تردد:" اذا اردنا الوصول الى الجماهير، علينا الاجابة على حاجات الناس. علينا تامين النفط والغاز، علينا تامين المناطق من اعمال الارهاب، علينا حماية المنطقة، علينا تامين الدفاتر والاقلام في المدارس، يجب ان يرانا الناس، باننا قادرين على اصلاح الحال، ان لم نوصل لهم هذه الرسالة، ان لم يشعروا بهذا،ان لم يضعوا ثقتهم بنا، لن نتمكن من ان نرفع حجر عن حجر". انظر اليه، شاب قصير القامة، واثق من نفسه، يتحدث الى صف من الجالسين، اقلهم عمرا، يتجاوز الثلاثين، وافكر.. كم من السنوات مرت علينا قبل ان نتعلم ما يقوله هذا الشاب – القائد ببساطة، اذا اردت ان تحرّك "حجرا من حجر"، عليك ان تجيب على حاجات الناس. ان تشخص، ان تنظم ان تجيب.

قرأت بيان تاسيس فرع المؤتمر في الاسكندرية، اجتماع حضره مائة شخص، انتخب خمس عشرا عضوا، بينهم اربعة نساء. يا للعظمة، انهم يعاملون البشر على قدم المساواة، لا تمييز على اساس الجنس، او الطائفة، او الدين، انهم المعدن الحقيقي لتلك الجماهير التي لم تشتري تلك الهويات، ولم تصنف نفسها ضمنها.

قسموا كل البلاد على اساس شيعي و سني، و مسلم و مسيحي، الا في مقر مؤتمر حرية العراق، احد لم يسأل احدا، من اية طائفة انحدرت، و ما هو دينك، لا تعرف عن انحدارات الداخل والخارج للمقر، ولا احد يشكل لديه هذا السؤال موضوعا، الجميع يشترك في الرفض والغضب على ان يقتل الناس على اساس الهوية، يقتلون بسبب اسمائهم!

دخلت الى الحمام، لم اجد بابا هنالك لاغلقه خلفي، و ليس هنالك حتى ستارة! فكرت، ماذا يحتاج المؤتمر على جناح السرعة لتدبير اعماله، المؤتمر الذي وضع نصب عينيه ثلاثة اهداف: أنهاء الاحتلال، انهاء التسلط الديني، و اعادة المدنية للمجتمع. احضرت ورقة و قلم و بدأت اسّجل: يحتاج المؤتمر الى باب للحمام، و باب لغرفة الانتظار، قوة سالمة ومسلحة من رجال ونساء مستعدة لحماية مناطقهم ولادارة امورهم بانفسهم، بحاجة لكادر بشري، تؤمّن الحد الادنى و- لا نقل الاعلى- من معيشته ليستطيع التفكير والعمل. بحاجة لاكياس رمل، ووسائل حماية، بحاجة الى كومبيوترات وتلفونات، بحاجة لسيارات ضد الرصاص. بحاجة الى. نصف مليون دولار سنويا لقناته الفضائية، بحاجة لصحف ونشرات واستنساخ بمئات الالاف، و بحاجة وبحاجة وبحاجة. اذن لاضع عنوانا على ما كتبت "حملة لحشد الامكانيات المالية لمؤتمر حرية العراق، بدءا من شراء الباب. الى استلام السلطة السياسية"!

ارى الجميع يتحرك، قادم من البصرة، صحفي وفنان، و رئيس نقابة عمالية، وانا جالسة ارقب حركة الجميع، الكل يتحرك و كانهم في خلية نحل! لملمت الاوراق وقرار واحد علي ان ابلغ جماعتي به " ايها الرفاق، ساعمل على مؤتمر حرية العراق،و ساعمل على ايجاد مصادرنا، لقد اوجدوا مصادرهم، علينا ايجاد مصادرنا، لقد تمكنوا من ان يجدوا نقاط قوتهم ليحققوا نصرهم، علينا ان نجد نقاط قوتنا، لنحقق نصرنا" كلمة واحدة لا غير..
If they can do it, we can do it

قلت لرفاقي: الذ تجربة لي في عملي السياسي على الاطلاق، اني اعتدت لسنوات ان اعمل سياسيا فقط مع اعضاء حزبي، هذه المرة الاولى التي اعمل فيها يدا بيد و يربطنا مصير و همّ مشترك مع اناس لا تربطهم و حزبي صلة، الا انه تربطنا الف وشيجة و شيجة، تربطنا النقمة على ما يجري،والتصميم على رفع "حجر من حجر"!

تحية لكل الاعزاء الذين تشرفت بالتعرف عليهم جميعا في تلك الايام الستة التي قضيتها في مقر مؤتمر حرية العراق في بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من قلب مقر الأمم المتحدة.. هكذا تبصر الأيام العالمية النور (


.. اليمن.. جولة جديدة من المفاوضات لبحث الإفراج عن الأسرى والمع




.. الأونروا :الظروف المعيشية للسكان في غزة لا تطاق


.. مظاهرات غاضبة في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل الأسرى




.. خليل العناني: إسرائيل تريد استعادة الأسرى ثم استئناف حربها ع