الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يُميزُ النقد البناء عن التنمر؟

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 7 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن التعبير هو أحد أوجه البوح بالآراء، والتي يستخدمها البشر للتواصل فيما بينهم، وقد يتخذ التعبير البشري عدة أشكال، فقد يكون بشكلٍ كتابي أو رسم أو عرضٍ فني أو حتى كتابٍ يحتوي على عُصارة نتائجٍ وأبحاث، فكلها تؤدي الغرض نفسه، "التعبير".
والتعبير عن الرآي كونهُ فعل لابد من ردةُ فعلٍ تواجههُ، بغض النظر عن سلبيتها أو إيجابيتها، حيث إن الأمر سيعتمد على مدى تقبل الشخص (المُتلقي) لهذا الرآي أو ذاك، فالبيئة والثقافة والتنشئة الإجتماعية، سيكون لها دورٌ فعال في تقبل أو عدم تقبل الآراء المطروحة، وفي كلتا الحالتين سيكون هناك رد فعلٍ يتناسبُ طردياً مع الموقف النفسي للشخص، سلباً أو إيجاباً على حدٍ سواء.
فبفضل التطور التكنلوجي، أصبح بإمكان الإنسان أن يعطي رأيهُ بكل ما يدور من حوله من أحداث ومواضيع حياتية مختلفة، من خلال الإنترنت وبمساعدة مواقع التواصل الإجتماعي، الأمر الذي بات يؤثر في الرأي العام من خلال الآراء أو المواضيع المنشورة، فبعضها يكون إيجابي، يهدف الى خلق نوعٍ من التغيير ويدعو الى الإنسانية البحتة، مثلاً (فيديو لشخصٍ يعتني بقطة تعرضت لحادث دهسٍ بالسيارة)، حيث ستكون غالبية الآراء والإنتقادات "بناءة"، تدعو الى أهمية الحياة وإحترام الحيواة الأخرى، كونها جزء لا يتجزأ من هرم الحياة.
أو قد تكون الآراء سلبية، أي إنتقادٍ غير بناء، والغرض منه الإنتقاص من الشخص أو القضية المطروحة وللفكاهة فقط!، مثلاً مانشاهدهُ عادةً من مقتطفات الدراما أو السينما العربية، الكاركترات (الشخصيات) الثانوية التي غالباً ما تتميز بعيب خُلقي كــ(شكل الوجه أو المظهر أو الصوت أو لون البشرة)، والتي يُسوق لها كأداة للفكاهة -وجودهم للضحك فقط وليس كأنهم كسائر البشر-، فما هو إلا "تنمر Bullying" وبأبهى صورهِ، فقد إنعكس هذا الآمر سلباً وبشكلٍ ملحوظ في المجتمع، بسبب التأكيد عليهِ ولسنواتٍ طويلة، وكأنهُ جزءٍ من العادات والتقاليد الموروثة.
والتنمر Bullying، ماهو إلا شكلاً من إشكال إبداء الرأي، ولكن بشكلٍ متطرف وقطعي، غير قابلٍ للنقاش تجاه الناس أو إتجاه القضايا الحياتية الآخرى، والقصد منه بالدرجةِ الأساس "الإنتقاص"، ولايهدف الى خلق أي نوعٍ من التغيير أو الإجابية، وإنما له أثارٍ سلبية وتبعاتٍ نفسية حادة تجاه الأشخاص الذين يتعرضون له، ليزرع بداخلهم شعور الألم الداخلي النفسي، والذي قد يأخذ سنواتٍ للتخلص منه ومن أثاره، أو قد يتطور الأمر ليصل بهم الى مرحلة الإنتحار والتي تمثل الحل الأخير لوقف الألم، والجدير بالذكر فأن أغلب حالات الإنتحار هي ليست لإنهاء الحياة بقدر ما هي وسيلة لإيقاف الألم النفسي الداخلي.
ولو تمعنا قليلاً بالمتنمرين، لوجدنا بأن هناك قواسمٌ مشتركة فيما بينهم، فمثلاً المتنمر على الناس بسبب عضلاته يعرف جيداً بأنه يفتقر الى رجاحة العقل، والمتنمر على شكل الناس يعرف جيداً بأنه يفتقر لثقتهِ بنفسه، لذلك فأن التنمر لا يأتي من العدم، وإنما هو حالة لتعويض نقصٍ معين لدى الإنسان، لايود الإعتراف به ومعالجته، وبالتالي إيجاد نقاط التعويض لدى المقابل، من خلال الإنتقاص منه لخلق حالة من الرضى الداخلي المؤقت لدى المتنمر، كونه يعلم جيداً بأن النقص الموجود بداخله لم ولن يتم وأده بشكلٍ دائم إلا اذا إستمر بالتنمر على الناس.
وبناءً عليه فأن النقد البناء ينطوي على التغيير المتعمق الإيجابي للحياة، أما التنمر Bullying فهو يتحدد بالإنتقاص والتشهير بالعيوب الخلقية والشكلية، والأهم هو السطحية في التعامل مع الأمور من منطلق الفكاهة لاغير.
ولاتكاد منطقة حول العالم تخلوا من التنمر، إلا إن القوانين والأنظمة المختلفة تحاول قدر الإمكان الحد منه ومحاسبة مفتعليه، إلا أنه ينشط وينمو في المجتمع الشرق أوسطي بشكلٍ مخيف بسبب غياب الرادع والقوانين المناسبة للتصدي له.
وللتنمر عدة أشكال، أهمها:
1- تنمر العمل/ والذي يواجههُ الإنسان بسبب إفكاره الأبداعية التي لايستطيع البعض تقبل فكرة غيري أفضل مني إنتاجيةً بالعمل.
2- تنمر الدراسة أو الشهادة/ والذي يواجههُ الإنسان بسبب تفوقه منقطع النظير بالدراسة أو لحصوله على شهادة أعلى.
3- تنمر الطفولة/ والذي يعتبر من أصعب المراحل التي يواجهها الانسان كونها ستبقى محفورة بذاكرته.
4- التنمر الأُسري/ ويتمثل بفرض الآراء بالقوة على أفراد العائلة الواحدة، وخير مثال على ذلك مصادرة الأُسرة لراتب الإبنة أو الإبن، أو راتب الزوجة.
4- تنمر الأقارب/ ويتمثل بين العوائل التي تنحدر من أُسرٍ كبيرة، تجاه بعضهم البعض بسبب العوامل المادية والتي هي تأخذ الأولوية، وكذلك المكانة الإجتماعية والنفوذ.
5- تنمر الولادة/ والذي يعتبر من أشد أنواع التنمر قهراً، حيث يتمثل ضد النساء اللواتي لا ينجبن الأطفال، أو ينجبن البنات فقط لا الأولاد، ويتجلى هذا النوع من التنمر بأبهى صوره في المجتمع الشرقي.
6- تنمر الجنس أو لون البشرة أو العلامة الفارقة!/ والذي يتمثل بالإنتقاص من البشر طبقاً لجنسهم (ذكر أو أُنثى)، أو لون بشرتهم (أبيض- أسود)، أو بسبب عاهة أو إعاقة جسدية مرئية أو غير مرئية، بغض النظر عن ما إذا كانت بالولادة أو بسبب حادث، فجميعها تندرج تحت بند التنمر"Bullying".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ