الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصدار جديد عن العربية الفلسطينية

حسيب شحادة

2020 / 7 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كتاب جديد عن العربية الفلسطينية
جامعة هلسنكي

دراسات مجمعيّة: العربيّة الفلسطينيّة وتراثها اللغويّ الشعبيّ، تحرير أهارون جيبع كلاينبرجر. الناصرة: مجمع اللغة العربية، ٢٠٢٠، ٣٩٤ ص.، + xx صفحة ملخّصات بالإنجليزية: ISBN 978-965-92678-2-8.

بين دفّتي هذا الكتاب الفريد من نوعه ثلاثةَ عشرَ مقالًا، كتبها أربعة عشر باحثًا عربيًا وأجنبيًا، كُتب معظمُها أصلًا بالعربية، ونُقِل القسم الباقي من الإنجليزية إلى العربية. يلاحظ أنّ أكثر من نصف المقالات، تُعنى بجوانب لا تتعلّق مباشرة ببحث لهجة فلسطينية معيّنة من حيث عِلما الصوتيات والأصوات الوظيفي (الفونوتيكا والفونولوجيا)، علم الصرف، علم النحو، بل تعالج مواضيع أخرى مثل الاقتراض من لغات أخرى، تاريخ عربية فلسطين، حقول دلالية معيّنة: الإنجليزية في المخزون اللغوي الفلسطيني في إسرائيل بقلم محمّد أمارة وهو منقول عن الإنجليزية، ص. ٤٣٦٣؛ تقرير ثانٍ عن إعداد أطلس لغويّ عربيّ لشمال إسرائيل بقلم پيتر بينشتدت تُرجم من الإنجليزية، ص. ٦٥٨٤؛ مراسلات لغوية بين اللاهوتي والمستشرق الألماني غوستاف هيرمان دالمن ورواة محليين في بدايات القرن العشرين وبخاصّة د. توفيق بشارة كنعان البتجالي (١٨٨٢١٩٦٤) بقلم المحرّر كلاينبرجر، ص. ١٢١١٤٣؛ الألفاظ الإيطالية في اللهجة الفلسطينية بقلم معين هلّون، ص. ٢٨٩٣٢١؛ ملاحظات حول تاريخ اللغة العربية في فلسطين بقلم سيمون هوبكنز، كُتب في الأصل بالإنجليزية ونشر عام ٢٠١٢ ونُقل هنا إلى العربية ، ص. ٣٢٣٣٦٥؛ المكان في لغة وثقافة لهجة الصانع العربية في النقب: حالة الخروف والماعز بقلم ليتيتسا تشركليني والمقال مترجم عن الإنجليزية، ص. ٨٥١٢٠؛ البكائيات في قريتَي كفرياسيف وأبو سنان: أصالة، شجن وإيمان بقلم ابنة كفرياسيف لورين اسعيد، ص. ١٦٧١٩٥؛ المعجم الخاصّ بألفاظ زراعة القمح في الجليل شفاعمرو نموذجًا بقلم رنا سعيد صبح الشفاعمرية، ص. ٢٢٧٢٦٣؛ الدلائلية في السرد العربي التقليدي في النقب: الإستراتيجيات الصرفية والمعجمية والتركيبية-الخطابية بقلم روني هنكين والمقال منقول عن الإنجليزية، ص. ٣٦٧٣٩٣. المقالات الثلاثة الباقية تتناول نواحي معيّنة في لهجة/لهجات فلسطينية وهي: لهجة الجواريش في الرملة بقلم فيرنر أرنولد وموسى شواربة، ص. ٢١٤١؛ فروق بين لهجات عربية في إسرائيل في مجال الصوتية -الفونيتيكية بقلم يهوديت روزنهويز، ص. ١٤٥١٦٦؛ المستوى الصوتيّ للهجة كفرياسيف بقلم ابن كفرياسيف حسيب شحادة، ص. ١٩٧٢٢٥؛ تركيب الإضافة في العربية الفلسطينية الشمالية بقلم ورد عقل من المغار الجليلية، ص. ٢٦٥٢٨٧.
في الواقع، لم أجد خطّة معيّنة واضحة في ترتيب إيراد هذه المقالات في الكتاب؛ ربّما كان من المناسب أو الأفضل الابتداء بفذلكة تاريخية عن عربية فلسطين فدالمن ورواته فما دخل هذه العربية من الإيطالية والإنجليزية والنواحي الدلالية ثم المقالات التي تُعنى بأصوات اللهجة أو صرفها ونحوها وأخيرًا الأطلس.

أحسنَ محرّر هذا الكتاب، الباحث والمحاضر في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة حيفا، أهارون جيبع كلاينبرجر، صُنعًا في كتابة مقدّمة ضافية (ص. ٩٢٠)، تناول فيها عدّة نواحٍ متعلّقة بموضوع الكتاب قيد العرض والمراجعة. من تلك النواحي والمعلومات، نكتفي بذكر ما يلي. تعود بداية ظهور دراسات حول اللهجات الفلسطينية إلى أواخر القرن التاسع عشر، وجلُّها كان باللغة الألمانية، ويبدو أنّ رائد تلك الدراسات كان ليونهارد باور (Leonhard Bauer, 1865-1964) عن لهجة القدس، وتلاه آخرون أمثال إيبرهارد فون مولينن (Eberhard von Mülinen 1861-1927) عن لهجة حيفا ولهجات سبع قرى أخرى، وغوتهيلف برغشتراسر (Gotthelf Bergsträßer, 1886-1933) وأطلسه اللغوي الهامّ والمعروف من العام ١٩١٥، واللاهوتي غوستاف دالمن (Gustaf Dalman, 1855-1941) في عمله الضخم كمًا وكيفًا، ثمانية مجلّدات حول كلّ جوانب حياة الفلاح الفلسطيني. ثم يعرّج كلاينبرجر لمامًا على محطّات تالية أساسية في مضمار الأبحاث اللهجية الفلسطينية ذاكرًا عيّنة من أسماء الباحثين، إلى أن يصل إلى أواخر القرن العشرين ومشروع بحث لهجات الجليل (أطلس لغوي، ليدن ٢٠١٩) عبر تسجيل مئات النصوص، قام بها طلّاب عرب في جامعة حيفا. ويلاحظ غياب أيّ عربي (حتّى فلسطيني) ضمن مجموعة الباحثين الإسرائيليين والأجانب لا سيّما الألمان. ومن المعروف أنّ لهجات عربية عديدة كانت قدِ اندثرت كلهجات الأندلس وجزيرتي صقليا وبنت الريح. ويذهب المحرّر إلى أنّ اللهجات الفلسطينية هي بمثابة حلقة وصل بين مجموعتي ماكرو متباينتين: الماكرو الشامية والماكرو المصرية- السودانية. وممّا جذب انتباهي قول المحرّر ”من ذلك نشير إلى أنّ النساء هنّ من يبدأن عادة بحدوث تغييرات فونولوجيّة وليس الرجال المتحفّظين أكثر من الوجهة اللهجيّة“ (ص. ١٦).

قلتُ إنّ هذا الكتاب فريد من نوعه لأنّه، كما ورد في مقدّمته، يُعتبر الأوّل في موضوعه، ويصدر من قِبل مجمع اللغة العربية في الناصرة، ثم أنّ المساهمين فيه هم سبعة من العرب الفلسطينيين (منهم ثلاث فلسطينيات درسن لدى المحرّر كلاينبرجر في جامعة حيفا) وستّة من اليهود والأجانب. ويذكر المحرّر ذلك الاعتقاد الشعبي السائد القائل بعدم وجود نحو (قصد في تقديري قواعد) في اللهجات عامّة وهذا بالطبع غير صحيح (ص. ١٨). ومن المعروف منذ القِدم وحتّى يومنا هذا قلّة، إن لم نقل نُدرة اهتمام الباحثين العرب بلهجاتهم، لغات أمّهاتهم. ويعود السبب الرئيس في هذا الإهمال أوِ الابتعاد عن هذا الموضوع للرأي السائد بأنّ العربية المحكية دونية، محرّفة ومزيّفة من الفصحى الأصلية ولا قواعد لها، والاهتمام ينبغي أن يُكرَّس للغة المكتوبة، الفصيحة. وتجدُر الإشارة إلى فضل آخرَ يُضاف إلى إنجازات الباحث كلاينبرجر، وهو مساهمته في إعداد كادر جديد شاب من الباحثين والباحثات من العرب في مضمار القيام بأبحاث معمّقة في لغات أمّهم، اللهجات الفلسطينية؛ إذ أنّ توثيق لغة الكلام الحيّة الطبيعية بتجليّاتها المختلفة قبل تغيّرها وتفشّي الألفاظ العبرية وانحسارها مهمّة مقدّسة لما فيه من ثراء لغوي وحضاري لناطقيها. لا يُعقل أن يظلّ بحث اللهجات العربية حِكرًا على المستشرقين وباحثي اللهجات الأجانب وأبناء تلك اللهجات لا يتخصّصون في بحث هذا المجال الواسع والهامّ.

في بداية القسم السفلي من المقالات، يجد القارىء قبل الملاحظات الهامشية، نبذةً عن الكاتب، وفي ذيل المقال، كما هي العادة في الدراسات العلمية، هنالك قائمة بالمراجع، ويتراوح عددها من سبعة إلى أكثر من مائة (أنظر ص. ٤١؛ ص. ٣٥٨٣٦٥) ونصيب الأسد من تلك المراجع مكتوب بالإنجليزية ورأيت مرجعًا واحدًا باليابانية (= س. يودا، مدخل إلى العربية الفلسطينية، أوساكا ٢٠١١، أنظر ص. ٣٣٦ ). وفي هذا السياق، لا مندوحة من التلميح بملاحظتين وهما: ليست كلّ المراجع المثبتة في نهاية المقالات مذكورة في المتون أو في الحواشي؛ إحالة القارىء إلى مرجع ما بذكر اسم عائلة المؤلّف وعام صدور البحث فقط، يجب تجنّبها ورفضُها في الأبحاث الجادّة، لا يُعقل أن يُحيل الكاتبُ القارىءَ إلى كتاب فيه مئات الصفحات بدون ذِكر أرقام الصفحات أو الفصول ذات الصلة أقلّه (أنظر مثلًا ص. ٤٣٤٦، ٤٨٥٠، ٥٢، ٥٥، ٥٨؛ ص. ٨٦٨٩، ٩١٩٢، ٩٤ ٩٥، ٩٨، ١١٣، ١٢٦، ١٢٩، ١٤٧, ١٧٠، ٣٧٢، ٣٧٨؛ قارن هذا بما في الملاحظات الهامشية في الصفحات ٧٠٧٣، ٧٥٨١ ).

أُشير بإيجاز في ما يلي إلى مواضيع هذا الكتاب مضيفًا بعض الملاحظات. من استعمالات لهجة الجواريش ذوي الأصول الليبية والقاطنين في مدينة الرملة: شْنُووَ تِبّي أي ماذا تبغي؛ نِبُّ نِمْشُ أي أبغي أن أذهب؛ وَچْتاش أي متى؟ شِنْ حالَك أي كيف حالك؛ تَوَّ أي الآن؛ كْراعِ أي رِجْلاي؛ سيدِ أي أبي للتعظيم، دَبَش أي ملابس؛ عْويلَ أي أولاد صغار، جمع عَيِّل؛ فَمّ بتفخيم الميم أي فم؛ أمِّ بتفخيم الميم أي أُمّي؛ نَخْذوهَ أي نشرب القهوة؛ خيرَك (ē) أي ماذا حدث لك؟ والضمائر المنفصلة هي: أنا، إنْتَ، إنْتِ، هُوَّ، هِيَّ، إحْنَ، إنْتُ، إنْتِنْ، هُمَّ، هِنَّ. وحسنًا صنع كاتِبا المقال عن لهجة جواريش الرملة بإرفاقهما للتوطئة ولمحة عامّة عن هذه اللهجة نصًّا منقحرًا مشفوعًا بملاحظات في الهامش، تلَته ترجمة للعربية الفصيحة. حبّذا لو وُضع النصّ الأصلي المنقحر مقابل الترجمة الفصيحة.

من نافلة القول إنّ انتقاء عنوان موفّق لبحث ما، يجب أن يُقدِّم، على أقلّ تقدير، بعض الإطار العامّ لما يرِد في المتن، ولكنّ الأمثلة لعدم التوفيق في ذلك الاختيار ليست نادرة. أظنّ أنّ من يقرأ هذا العنوان ”الإنجليزيّة في المخزون اللغويّ الفلسطينيّ في إسرائيل“ يفهم ويتوقّع أن يُعالج الكاتب نصيب هذه اللغة الأجنبية في العربية الفلسطينية، ولكن عند القراءة يتفاجأ القارىء بأنّ هذا المقال يدور حول دراسة العربي داخل الخطّ الأخضر للغات ثلاث - العربية المعيارية، العبرية والإنجليزية، عبرنة عربية هذا العربي، تعليم الإنجليزية في المدارس العربية في البلاد ومقارنتها بالمدارس اليهودية، منهاج الإنجليزية الجديد، كُتب التعليم (يتعلّم العربي عن الثقافتين اليهودية والغربية ولا يتعلّم عن ثقافته هو، ص. ٤٩) وإنجازات العرب المتدنية مقارنة بمستوى أقرانهم اليهود؛ وقريبًا من نهاية المقال يصل القارىء إلى عنوان فرعي: الاستعارة من الإنجليزية في أربع خمس فقرات لا تُغني ولا تُسمن من جوع؛ وقُبيل نهاية المقال يتطرّق الكاتب لاستخدام العرب في البلاد للأبجديتين العبرية واللاتينية في مراسلاتهم. ومن الألفاظ المقترَضة من الإنجليزية أو ربّما عن طريق العبرية أُشير إلى مجموعة ضئيلة من الألفاظ مثل: التلفزيون، اللمبة، الراديو، الإنترنت وإنفلونزا والستالايت وديزني كيدز وديسكاونت بنك (ص. ٥٣٥٦). كما أنّ الدقّة في استخدام المصطلحات أمر مفروغ منه في مثل هذه الأبحاث فالقول ”العربية اللغة الأم للطلاب“ غير دقيق (ص. ٤٤، ٤٦). ولمزيد من الإيضاح بوُسع القارىء مقارنة هذا المقال بمقال مُعين هلّون حول الألفاظ الإيطالية في اللهجة الفلسطينية.

في المقال حول إعداد أطلس لغوي للعربية المحكية في شمال البلاد (ص. ٦٥٨٢)، يقدِّم بيتر بينشتدت تقريرًا مفصّلا (ص. ٧٤ ملاحظة ١٨) عن الجانب اللفظي لكلمات مختارة مثل الضمائر المنفصلة، بناءً على تسجيلات نقحرها طلاب عرب في جامعة حيفا، كما نوّهنا أعلاه، وعلى ضوء استبيانات أعدّها المؤلف الألماني. لا أُضيف جديدًا إذا قلت بأنّه لا بدّ من التحقّق أو التأكّد من بعض الظواهر اللغوية وذلك عن طريق القيام بجولات ميدانية متتالية وبشكل طبيعي بدون آلات تسجيل وسماع محادثات طبيعية بين أفراد أهل اللهجة. بخصوص لهجتي، كفرياسيف في الجليل الغربي بالقرب من مدينة عكّا (الموقع ١٨ في الأطلس)، ورد على لسان حاييم بلانك، أبو دهود، العام ١٩٥٣، رحمه الله، تسجيل الصوت u لضمير الغائب المتّصل وهنا يذكر بينشتدت توثيق الحركة o أيضًا في استبيانه ذاكرًا المثل ammō˓








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر