الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصل العقيدة (سياقها التاريخي بين العلم واللغة)

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 7 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أصل العقيدة
(سياقها التاريخي بين العلم واللغة)

لي مقولة دائما ما أُردِدها في مناسبات ذات علاقة على النحو التالي:

أنا "أعتقد"؛ إذن أنا لستُ على اليقين.

والفعل "اعْتَقدَ" بمعنى: ظَنَّ أو تصوَّر أو حَسِبَ أو توهَّم خلافاً لواقع حقيقة ما. ومثل هذه المُثل والأفكار الظنِيَّة هي الوسائل والأدوات الصورية التي استخدمها المشعوذون والكهنة في تكهناتهم في إرساء كل المعتقدات التي تدين بها الأمم وآمنت بها كل المجتمعات؛ فشكلت بنيتها ووظيفتها، ومع الوقت ترسخت هذه المعتقدات الظنية وصارت – بالتدليس ولوي ذراع المنطق- يقيناً راسخا بقداسة لا تتزعزع، وقد تكون مجرد وهْمٍ خالص، أو مجرد أيديولوجيا كأي أيديولوجيا أخرى.
فقد اعتقد أسلافنا، ممن عاشوا في مراحل ما قبل التاريخ، بأن البرق والرعد، مثلا؛ هي من أسلحة الآلهة، واعتبرت بعض المجتمعات البدائية أن الأماكن التي تضربها الصاعقة هي أماكن ملعونة وبأن الأشخاص المصعوقين ملعونين، وبأن الرعد هو صوت الآلهة التي تزمجر غضباً؛ عندما تكون مستاءة من البشر على الأرض. والبرق، في حقيقته، من الناحية العلمية هو مجرد شرارة كهربائية، تحدث غالبا بين الغيوم وبعضها وبين الغيوم والأرض، ولا تُحدث ضرراً إلا إذا حدثت في نطاق الغلاف الجوي، ومن أسبابها: المعروف فيزيائيا أن الذرات متعادلة كهربائيا، وعندما تخسر بعض الذرات بعض إلكتروناتها؛ يحدث تجاذبا بين الشحنات السالبة والموجبة؛ فتولد شرارة محدثة هذا البرق، وسرعة البرق كسرعة الضوء (300.000 كم/ ث)، ويحدث أن يسخن الهواء المحيط بشرارة البرق بدرجة هائلة تُقدر معها حرارته بنحو 33000 درجة مئوية؛ نتيجة لطاقة تقدر بنحو 100 مليون فولت من الكهرباء؛ فيتمدد الهواء المحيط بشرارة البرق بسرعة مفاجئة؛ مسببا لتطاير جزيئات الهواء التي تتمدد في كل الاتجاهات بحثاً لها عن مخرج من هذه الدوامة الملتهبة بعيداً عن مجال الشرارة؛ فتصطدم بسرعة هائلة مع نُطق الهواء البارد المحيط بمجال الشحن؛ فتخلق موجة هوائية ذات ضغطٍ هائل يتسبب في حدوث هذا الصوت المدوي والمرعب المعروف بالرعد. وبالمناسبة، فالبشر يدينون- بطعامهم- للبرق؛ وذلك من خلال تأكسد كميات هائلة من النيتروجين بعد تفاعله مع الأكسجين, بسبب العصف الكهربي للبرق وبعد اتحادها مع الماء؛ تعطي حامض النيتريك، تتساقط معه مركبات النتروجين على الأرض بمساعدة المطر؛ ليدعم التربة بالنترات فيعطي تربة صالحة؛ وذلك عن طريق عملية تُدعى تثبيت النتروجين، إذ تعد أنواع التساقط على اختلافها أحد المصادر الطبيعية التي تجلب معها كميات من الأمونيوم والنترات؛ المشتقة من تفاعلات النيتروجين، إلى سطح الأرض، وذلك أثناء تشكلها في طبقات الجو عند حدوث البرق.
وقد كان الأقدمون يعتقدون، أيضاً؛ بأن " خسوف القمر، يرجع إلى وجود تنين يحاول التهامه، في حين أن حقيقة الأمر، يوضحها العلم الحديث، بأنها مجرد ظاهرة فلكية يحدث فيها أن يختفي القمر كله أو جزء منه؛ عندما يحجب ظل الأرض ضوء الشمس المنعكس من القمر في الأوضاع العادية، وتحدث هذه الظاهرة عندما تكون الشمس والأرض والقمر في حالة اقتران كوكبي كامل (على استقامة واحدة)؛ فينتج عنها الخسوف الكلي؛ بسبب وقوع القمر بأكمله داخل مخروط ظل الأرض، أو تقريبي؛ فينتج عنها الخسوف الجزئي؛ بسبب وقوع القمر أو جزء منه في منطقة شبه الظل، وهذا هو الفارق بين العقيدة والحقيقة، وعليه؛ فكل المعتقدات ظنيَّة غير مؤكدة، والغريب في الأمر، رغم ذلك، يتسم المعتقد بالقوة الغاشمة المُتشنجة في نفوس معتقديه، ويترعرع الاعتقاد في كل البيئات والمناخات التي تغيب فيها الحقيقة اليقينية والمعرفة العلمية المؤكدة.
وبعد أن عرفنا أصل المعتقد؛ فهل تستحق أي عقيدة كل هذا التعصب وكل هذه التشنجات التي قد يُنفِق في سبيلها مؤمن بمعتقد ما؛ حياته بمنتهى السهولة والرضا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah