الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعرف على طبيعة فِكرك

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 7 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


السعي الدؤوب والمتفاني بافتنان وراء الحقيقة هو ما يميز الإنسان المفكر العاقل، والمحقق الجيد، والمخبر الجيد، والمؤرخ الجيد، والمعلم الجيد، والمجتمع السوي، وكل من يهمه الأمر وتشده مثل هذه الجاذبية الخلابة. ولا يمكن لأحد أن يقوم بذلك المسعى نيابة عنك. هذا هو منطق الحقيقة، وحقيقة المنطق.
فالمنطق هو دراسة الاستدلال الصحيح الذي يحافظ على الحقيقة، ويدرس مدى اتساق الانطباعات والمعتقدات، التي هي جزء من عقلية الشخص واستعداده النفسي. وهو العِلم الذي صيغت به قوانين الفكر، وبه توزن الحجج والبراهين؛ ويُستخدم في تصويب الأقيسة الفاسدة بالمنطق الصوري لأرسطو، مثلاً؛ والذي يمكنه إقناعك بالشيء ونقيضه في نفس الوقت، فالتناقض يفسد أي قضية. لكن المنطق الاستدلالي القويم يعمل كآلة فرزٍ؛ تفرز المعقول من اللامعقول أو الصحيح من الخطأ. وبه وضعت المبادئ العامة للتفكير الصحيح، كما عُرف، في اليونان القديمة، بأنه علم قواعد الفكر، والتي يمكن حصرها في ثلاث قوانين كلاسيكية هي:
1. قانون الهوية: ويعني أن لكل شيء ذاتية خاصة به، يحتفظ بها من دون تغيير، فمبدأ الهوية يؤكد على أن الشيء مطابق لنفسه، أو أن الشيء دائماً هو هو ذاته، كأن نقول: "س هو س" فالهوية والذاتية تفترض هنا ثبات الشيء على الرغم من التغيرات التي تطرأ عليه، فأنت هو الشخص ذاته الذي كنته منذ خمس سنوات؛ على الرغم مما طرأ عليك من تغيير.
2. قانون عدم التناقض: ينكر هذا القانون إمكان الجمع بين الشيء ونقيضه، فلا يصح أن يصدق النقيضان في الوقت نفسه وفي ظل الظروف نفسها، إذ لا يصح أن نصف كائنا ما بأنه "الظاهر والباطن" في نفس الوقت، ولا يصح القول بأن هذا الشيء "أحمر" وليس "بأحمر" في نفس اللحظة، ولا يمكن أن تتصف "س"بأنها"ص".
3. قانون الوسط المستبعد (أو المرفوع): وهو امتداد لمبدأ عدم التناقض، ويعني أن أحد المتناقضين لابد أن يكون صادقاً؛ إذ ليس هناك احتمال ثالث بجانب المتناقضين يمكن أن يكذبهما معاً، ولا يوجد وسط بينها، مثل:"إما س أو لا س"، فإما أن نثبت محمولاً معيناً لموضوع ما (كأن يكون محمول المقدمة الأولى موضوعاً للمقدمة الثانية،مثل: س هي ص، وص هي ع، إذا س هي ع، وهكذا) وإما أن ننفيه عنه.
وحتى يتحقق التناقض بين القضيتين؛ يجب ان يشمل الاختلاف ثلاثة أمور.
ـ الكم: إذا كانت إحدى القضيتين جزئية يجب ان تكون الأخرى سالبة.
ـ الكيف: إذا كانت احدى القضيتين موجبة يجب ان تكون الاخرى سالبة.
ـ الجهة: أي ضرورة اختلاف القضيتين في الجهة.
فالموجبة الكلية يجب ان تتناقض مع الموجبة السالبة، والموجبة الجزئية تتناقض مع السالبة الجزئية، وهكذا. فلو قلنا: أن كل إناء ينضح بما فيه. (كلية موجبة)، ونقيضها: كل إناء لا ينضح بما فيه (كلية سالبة). فنقيض الكلية الموجبة هو الكلية السالبة. من الخير لك أن تصمت. (جزئية موجبة) ونقيضها من الخير لك ألا تصمت. (جزئية سالبة). نقيض الجزئية الموجبة هي الجزئية السالبة.
والخلاصة؛ أن المناطقة قد أجمعوا على أن نقيض القضية ينفيها وينسفها، فالتناقض هو: اختلاف بين قضيتين ينتج عنه صدق إحداهما وكذب الأخرى. ومحاولة الحكم بصدق قضية أو كذبها عن طريق الاستعانة بقضية تتناقض معها؛ يقتضي أن كلا القضيتين لا تجتمعان ولا ترتفعان، فإما أن الله موجود أو أنه غير موجود، وإن كان موجودا فإما أن الوجود من صنعه أو هو ليس كذلك. ما يجعل إحداهما صادقة والأخرى كاذبة. واستشهد أرسطو بالقانونين الأخيرين كأمثلة على البديهيات. وعلى وجه العموم؛ أي فكر لا يلتزم بهذه القواعد العقلانية؛ يُحكم عليه بالفكر الخيالي غير الواقعي أو الفكر الفاسد أو اللاعقلاني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني