الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تتمرد الذاكرة

حسن خالد

2020 / 7 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما تتمرد الذاكرة...

تستحضرني هنا ( الذاكرة التعبة ) عندما اشترت أمي - رحمها الله وموتاكم -أربعاً - 4 - من الپرادي - الستائر "perdê serxetê"عينا أي "مقايضة الپرادي بالبيض - بيض الدجاج غالبا ، والبط في حالات من "عطّار" كان يأتي من قرية ليست بعيدة عنّا تجانب قريتنا إسبوعيا (يوم الأربعاء - عادة) وربما يتغير الموعد لظرف يفاجئه "مرض - سفر " أو ظرف فوق طاقته "مرض الحصان - سوء عوامل جوية..."
كان العطّار اسمه سليمان "silwê xanê" من قرية شيخ ابراهيم ...
يكون سعر السلع والبضاعة بالليرة السورية (بالقروش والأرباع أيضاً) ويتحول إلى عدد البيض بعملية حسابية "شعبية"
وهو-أيّ "العطّار" كل يوم نصيب قرية من القرى التي تحيط بقريته ، اللافت في الأمر أن يتجنب أحد العطارين اللذَين يرتادان القرية ، العطار الآخر كي لا يأتوا سوياً فيتم احترام هذه المعاهدة "الضمنية" ويصدف نادرا أن يأتيا في نفس اليوم ، يحمل العطار في عربته ما لذّ وطاب من الأشياء التي تفتح شهية الصغار ، وما أن تلوح العربة من بعيد في دروب القرية الترابية المتعرجة؟!
حتى يهرع الأطفال" ذكورا واناثا " إليه مرددين بصوت أقرب إلى الصراخ يعلو فيعلو : جاء العطار جاء العطار " etar hat , etar hat " كوسيلة تبليغ لنسوة القرية بقدوم من ينتظرنه بشغف ، ونادرا ما تجد رجلا يأتيه كون/ أهل البيت هم أدرى بشعابها / فيتأهب النسوة لاستقباله بما ادّخرنه من بيض أو إحدى أنواع الحبوب خاصة فترة الموسم ، والعملة أيضا تصلح لمن يتوفر لديه ، وخاصة العائلات الميسورة منها ، وعادة يكون للعطّار مواقف محدد للوقوف بحسب توزيع "الحارات" في القرية ،
tara xwarê , tara banî - tara nû - tara mala axê ...
ويكون تقديم الغداء حصة البيت الذي وقف عنده عادة ولا يمانع إن أكرم إحداهن عليه حتى لو لم يكن صاحب البيت الذي يقف العطار عنده ، ربما تطول أو تقصر فترة مكوثه في القرية ، والتي كانت طويلة في الغالب ، وللحصان وجبته من التبن والشعير والماء .
يُدّون العطّار احتياجات النسوة لجلبها في السفرة التالية ، كل ما تحتاجه الأسرة ، مأكل وأدوات الزينة والستائر والحلي واحتياجات المطبخ والغسيل والتنظيف هو مجمع تجاري متنقل ، أتذكر أن الحصان هو الذي يجرّ العربة ونادرا ما تجد فرسا أو بغلا ...
والعربة مصنوعة من خليط من الخشب والصفيح من جوانبها ودولابين متوسطي الحجم ، وهي بمثابة عربة حديثة مقارنة بما كان قبل ذلك ، حيث كان الدارج صندوقان يوضعان على ظهر حمار مدلل لدى صاحبه - أجلكم الله - ويضع العطار بضاعته في الصندوقين المتقابلين على كل جنب ..
كانت شقاوتنا نحن - الأطفال - تلح علينا لنعلق اجسادنا تحت العربة خفية أثناء تنقلها بين محطاته المحددة "الحارات"
ربما نبكي مدة طويلة لنظفر في النهاية ببيضة شراكة مع أحد الإخوة أو الأخوات لنشتري حصتنا لأن نتاج الدجاج "البيض "رأس مال المرأة في تكوين مملكتها ومدّها بما تحتاج لتكتمل ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا