الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحليل النفسي وأثره في دراسة الأدب

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2020 / 7 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كان لدراسات فرويد (ت1939م) في اللاوعي الفردي والغريزة , ودراسات تلميذيه يونغ (ت1961م) في اللاوعي الجمعي وأدلر (ت 1961م) في عقدة الشعور بالنقص التي توجت بما سمي بمدرسة التحليل النفسي وكذلك دراسات جيمس فريرز (ت 1941م) في تفحصه الانثربولوجي لمراحل تطور العقلي البشري الثلاث: السحر البدائي والدين والعلم , وأريك فروم (ت 1980م) في تحليل أثر الدّين في السلوك الأثر البالغ في اهتمام النقاد بالأحلام , والصور , والرموز , والأساطير , وتأثير ذلك كله في السلوك البشري عامة وفي الأدب (1).
أعجب النقاد بما توصل إليه فرويد من أن الجهاز النفسي عند الإنسان يقسم على ثلاثة مستويات : المستوى الشعوري , ومستوى ما قبل الشعور , ومستوى اللاشعور ، وتأثروا كثيرا باطروحته القائلة بأن الآداب والفنون تنهل من اللاشعور ، وتأثروا أيضا بمقولته التي تؤكد على أن السلوك البشري عامة والابداعي منه خاصة يمثل ردود أفعال محورة ومكثفة تعكس سلوكيات مكبوتة في اللاشعور أو اللاوعي تشبه بمجموعها قمة صغيرة لجبل جليد غاطس تحت الماء وقد كبتت هناك بعيدا مثل ذلك الجبل لأسباب كثيرة منها الخوف أو الخجل .
ومحتوى اللاشعور المكبوت يتمثل في : الغرائز والحاجات الأساسية التي تتطلب أشباعا وتدفع بالانسان نحو التهور ويسميه فرويد بالهو أو الجانب البيولوجي ، والأنا الأعلى ويتمثل بالجانب الاجتماعي والأخلاقي ممثلا بما يسمى الضمير , والأنا الذي يتمثل بالجانب السيكولوجي الذي يوازن بين تهور الهو وجموحه وبين موانع الأنا الأعلى بصورة واقعية .
وتدفع البشر عامة والمبدعين منهم خاصة نحو سلوكياتهم غريزة : الحب (الأيروس ) وغريزة الموت (التناتوس ) ، والغريزتان بحسب فرويد مسؤولتان عن انتاج الأديان والآداب والفنون والفلسفات والأخلاق والسلوكيات جميعها .
وبعد أن اتهم فرويد بالتطرف لا سيما في أرجاعه السلوك البشري بما فيه تعلق الطفل بأمه وتضحية المقاتل لوطنه إلى غريزة الجنس حاول أدلر التخفيف من ذلك التطرف برفضه أن تكون الغريزة الجنسية بمفردها مسؤولة عن السلوكيات الإنسانية لذا أكد على أهمية غرائز أخرى مثل : غريزة الشعور بالنقص , وغريزة حب الظهور وغريزة البقاء والخلود .
وتطرف فرويد دفع بيونغ أيضا إلى مخالفة أستاذه فقد أكد يونغ على أهمية اللاشعور الجمعي الذي يعد برأيه منبعا أساسيا للأساطير والأديان والفنون والآداب عامة .
ويمكن رصد ملامح المنهج النفسي قديما عند ابن قتيبة في كتابه الشعراء والشعراء وعند القاضي الجرجاني في كتابه الوساطة وعند عبد القاهر الجرجاني في كتابيه اسرار البلاغة ودلالئل الاعجاز ومن ثم يمكن رصده عند عبد الرحمن شكري والمازني والعقاد .
وفي الغرب يمكن اعتبار سانت بيف ت 1886 م أول ناقد صب اهتمامه على الجانب النفسي فقد كانت دراساته تركز على تفاصيل حياة الأديب الداخلية والخارجية كلها من خلال اللقاءات والشهادات والسجلات والوثائق لكن تلك كلها كانت بعيدة عن التحليل النفسي بوصفه منهجا دقيقا في تحليل النصوص فقد ملامح أولية لم ترتق إلى مصاف المنهجية , أما انعكاس مدرسة التحليل النفسي بوصفها طريقة علمية لقراءة النصوص ودراسة نفسيات الأدباء فلم تتبلور إلا مع جهود : شارل بودان وباريت وشارل مورون ولاكان مؤكدين على أنّ الجوانب للاشعوريّة في النص تفوق في أهميتها ما هو معلن , لذلك راحوا يبحثون عن كل ما خفي من أمر تكوين النصِّ , وقد أفاد هذا التوجه من مدرسة التحليل النفسي كثيرا(2).
ونجد التأثر بالمنهج النفسي في الغرب واضحا عند الناقد الفرنسي شارل مورون ت ١٩٦٦ فقد تبنى هذا الناقد المنهج النفسي بصورة دلت بمعرفة جيدة في خصوصيات التحليل النفسي ، ومن كتبه التي طبق فيها هذا المنهج : ملارميه الغامض واللاوعي في أعمال وحياة راسين ، والاستعارات الملحة والأسطورة الشخصية ، والنقد النفسي للفن الكوميدي وفيدر .
أما عند العرب فقد تمثله أمين الخولي منذ عام 1945 في بحثه : علم النفس الأدبي ومن ثم في كتابه : البلاغة وعلم النفس ، ونجد تطبيق المنهج النفسي عند طه حسين في كتابه : مع أبي العلاء في سجنه وعند العقاد في كتابه عن أبي نؤاس .
وقد تبنى محمد خلف منذ عام 1947 في كتابه : من الوجهة النفسية في دراسة الأدب ونقده المنهج النفسي بصورة واعية وممتازة لكن التطبيق الأكثر علمية للمنهج النفسي تحقق على يد مصطفى سويف في كتابه : الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة الذي كان مدعاة لتأثر النقاد العرب بهذا المنهج لذلك نجده ممثلا عند سامية الملّة في كتابها : الأسس النفسية للإبداع الفني في المسرح وعند شاكر عبد الحميد في كتابه : الأسس النفسية للإبداع الفني في القصة القصيرة ومحمد النويهي في كتابه: نفسية أبي نواس؛ وجورج طرابيشي في : عقدة أوديب في الرواية العربية ، ودراسة خريستو نجم : النرجسية في أدب نزار قباني .
ودراسة المنهج النفسي في قراءة الأدب تتفرع على :
دراسة شخصية الأديب
دراسة عملية الإبداع
دراسة العمل الأدبي
ونجد التركيز على دراسة شخصية الأديب عند ابراهيم عبد القادرالمازني في حديثه عن ابن الرومي وفي حديثه عن نفسه في كتابيه : إبراهيم الكاتب وابراهيم الثاني وعند العقاد في كتابه (ابن الرومي حياته من شعره) وفي حديثه عن نفسه في كتبه :أنا وعالم السدود القيود وسارة وعند طه حسين في كتابه الأيام وعند أحمد أمين في كتابه : قصة حياتي , كذلك نجد الحديث عن شخصية الأديب عند محمد النويهي في كتابه : نفسية أبي نؤاس وعند محمد كامل حسين في حديثه عن المتنبي في كتابه : متنوعات , وعند حامد عبد القادر في كتابه : فلسفة أبي العلاء مستقاة من شعره .
أما دراسة عملية الإبداع فنجده واضحا عند مصطفى سويف في كتابه السالف الذكر , أما دراسة العمل الأدبي فنجد أمثلته عند محمد خلف الله في كتابه السالف وعند أمين الخولي وحامد عبد القادر .
الهوامش والمصادر
( 1) تطور النقد الأدبي في العصر الحديث ، كارلوني وفيللو ، ترجمة جورج سعد يونس ، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، لبنان ،د.ت : 30 .
والتحليل النفسي والأدب ، جان بيلمان نويل ، ترجمة حسن المودن ، المجلس الأعلى للثقافة ، المشروع القومي للترجمة ، مصر ، 1997 : 17 .
وفي النقد والنقد الالسني ، د.إبراهيم خليل ، أمانة عمان الكبرى ، عمان ، الأردن ، 2002 : 39.
(2) نظريات النقد الأدبي في مرحلة ما بعد الحداثة , د.جميل حميداوي , الناطور , المغرب العربي , ط1 , 2011 : 285.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟