الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحدة الوجود

خالد علوكة

2020 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في التعبير الصوفي هناك وحدة الوجود (التوحيد الوجودي) ووحدة الشهود( التوحيد الشهودي) وهما نظرية او عقيدة فلسفية لادينية رغم طابعها الجوهري التصوفي وممكن اعتبارها اختبار روحي وجودي كوني. فيما الوجود بشكل عام هو وجود مطلق ومعين وهذا ليس وقته في مقالنا . ووحدة الشهود تقول (لاأرى شيئا غير الله) فيما وحدة الوجود تقول (لاأرى شيئا إلا وارى الله فيه )اي وحدة الشهود في حال الفناء ووحدة الوجود في حال البقاء وهما متلازمان ، والمثال الذي كثيراً ما يسوقه الصوفية تبياناً لحالي (الفناء والبقاء) جواب قيس ليلى عندما سئل "أين ليلى"، وقوله: "أنا ليلى!" فقيس، لما قال ما قال، كان فانياً عن نفسه باقياً بليلى..
ومقالنا هنا عن {وحدة الوجود} التي اعلنها الحلاج وابن الرومي وابا يزيد البسطامي وسبينوزا وغيرهم ، وعلى الرغم ابن عربي لم يقول بالحلول لكنه قال بالوحدة والاتحاد اي ظهور الحق بصورة الخلق وقد سبق ابن عربي بالف سنه في قول وحدة الوجود مذهب (الأدفيتا فيدنتا الهندي) . وهنا تسيد هذه الفلسفة (محي الدين ابن عربي )عندما قال ( وحدة الوجود في مجمله يعني الانسان هو جزء من القوانين التي هي جزء من الخالق وبالتالي على الانسان ان يتقيد بتلك القوانين لكي يعبد خالقه بصورة صحيحة بخلاف الخصوم الذين وصفوا وحدة الوجود بالجبر والقول بالنقص في حق الله ....) الله والانسان متحد {بالتجلي} (اي ظهور الحق في الاشياء دون ان ينقسم ) كما ذكر ابن عربي ، ونقرأ في كتاب التجربة الصوفية ل. د نظلة الجبوري (في الواحد والكثرة لاوحدة بلا كثرة ولاكثرة بلا وحدة وتجلي الواحد مفهوم هندسي للواحد ) . والعالم في الحقيقة ماهو الا تجلي الله ولا سماء وارض تخلو منه. و يكون الله حل او اتحد في الاشياء دخل فيها دون ان تحل فيه اي الله واحد لاينقسم او يتعدد . والحلول او الاتحاد بالله غير متفق بكون وحدة الوجود لاتضم الذات الالهية كلها، ربما الظاهر منها وقد يحدث اتصال للانسان بالله وهذا الاتصال لا يتم إلا بمجاهدة الروح والنفس.
والفرق بين (الاتحاد والحلول ) حسب (عبدالرحمن بدوي في كتابه شطحات الصوفية ص 11 ويقول الاتحاد شهود وجود واحد مطلق من حيث جميع الاشياء ، بينما الحلول المطلق هو ان الله حال في كل شئ) ونتذكر الحديث القدسي الصوفي في قول الخالق (كنت كنزا مخفيا فاردت ان اعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني ) كحقيقة تعبيرية بين الالوهية والعالم. وان الخالق عُرف بنا عندما خَلقنا له وتعرفنا عليه بواحديته في خَلقِه لنا ، فيما يخالف هذا المفهوم رأي متوارد في (كتاب موسوعة فلاسفة وفلاسفة ومتصوفة اليهود لمؤلفه د.عبدالمنعم الحفني ص 107 - تقول لم يكن في القديم الا الله لكنه انسحب على نفسه بمعنى حجب بعض انواره فترك فراغا حلت فيه مخلوقاته وكما لم يكن ثمة وجود مع الله قبل خلق العالم فكذلك ليس ثمة وجود مع الله بعد خلق العالم ).
و وحدة الوجود عند الله في اعمال الصوفية تقر محبة الناس جميعاً منذ الأزل مهما عملوا واعتقدوا من أديان ، وتأكيد عبد الكريم الجيلي ( هذه الطوائف عابدون لله تعالى كما ينبغي أن يُعبد) يقصد كافة الاديان في زمانه .
ووحدة الوجود ألغت تعدد الاله في الكون مما أضاف للتوحيد معنى الواحدية وان الله فوق كل التمييزات ، والمخلوق لايَصبح ابدا هو الله ،والله لايَصبح ابدأ هوالمخلوق .
في (كتاب الفلسفة والتصوف للمؤلف ولتر ترنستيس ص 310) نقرأ كان (خشية اللاهوتيون والكنيسة من وحدة الوجود ويركز التأليه على فكرة اله شخصي بينما وحدة الوجود فيما عبرت للمفكريين الغربيين تتجه نحو مطلق غير شخصي يصلي اليهودي والمسيحي ، واليهودى الى صلاته لله لكن يمكن له ان يصلي للعالم ... او يسأل الغفران والنعمة من المُطلق.) .
في كتاب الفيزياء الحديثة والتاوية لمؤلفه فريتجوف كابرا نقرأ ( في النظرة الشرقية اذن كما في الفيزياء الحديثة كل مافي الكون مترابط بكل شئ آخر ولايوجد جزء منه يقال عنه اساسي فخصائص اي جزء يقررها ليس القانون الاساسي بل خصائص الاجزاء الاخرى .لقد تأ كد لكل من الفيزيائيين والصوفيين إستحالة تفسير اي ظاهرة تفسيراً كاملا ، رغم اهتمام الصوفية بالمعرفة المطلقة ، بينما اهتم الفيزيائيين بالتقريب او المعرفة النسبية ) .
وسبينوزا نفى وحدة الله والطبيعة بحضور الله في الطبيعة لاينفصل عنها ولاتنفصل عنه ولاانفصال عن اللانهاية وهي الله.
ووحدة الوجود ألغت تعدد الاله في الكون مما أضاف للخالق معنى الواحدية وان الله فوق كل التمييزات ، والمخلوق لايَصبح ابدا هو الله.. والله لايَصبح ابدأ هوالمخلوق وعند الله وحدة الوجود حسب الصوفية تعني محبة ازلية بين كافة الناس مهما عملوا واعتنقوا من اديان.
وقد شمل الاعتراف او الاقرار بوحدة الوجود الطبيعي والصوفي جميع الاديان تقريبا مثل الديانة اليهودية والمسيحية والاسلام والايزيدية وغيرها من المعتقدات الاخرى كون لهذا الكون لابد من خالق وصانع وحيد له ، فلا تخلوا ارض ولاسماء من الله فهو (نور السماوات والارض).
27 – 7- 2020م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24