الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعيادكم ، و المآتم واحدةٌ .

يوسف حمك

2020 / 7 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليست الفرحة بقدوم العيد ، ولا بمجرد التصفيق لتنصيب إمامٍ على عرش الخلافة المزعومة ، يتظاهر بالإيمان ، و باطنه غارقٌ بالظلم و الطائفية ، يسرف في القتل و الجور ، يحكم بقسوةٍ ، تستبد به الشهوةٌ الطاغيةٌ للموت ، و النهم الجارف لتجرع كؤوس الدماء ، و بسط المزيد من النفوذ و السطوة و احتلال البلدان .
و ليست الفرحة بأن تمد يديك للحزن الثقيل ، ولا أن تبسطها للخزي و العار ، ولا أن تسكن في قفص الموروث العتيق ، أو تتشبث بالماضي التليد ، ولا أن تساهم بتنصيب خيمة العسف و البغي .

الولائم و تبادل التهاني لا تجلب المسرة ، مالم يتوقف التجبر و التشدد . و الأولى مالم يصلح المتبوع الذي في فساده و طغيانه فساد التابع . ولا يمكن إصلاح الأخير إلا بتأديب الأول و تقويم إعوجاجه و تهذيب أخلاقه .
و كيف تكتمل فرحة العيد و نحن نتنعم باستشراء الشر ، و نعانق الحزن و المرارة ، و نصفق للموت ، و نمجد الفناء ؟!

و المدهش أن تتهلل الوجوه لسطوة المتجبر ، و تزغرد الألسنة لوحشية هذا الطاغي ، بينما نطلب الهلاك لمستبدٍ أقل إجراماً !!
التجبر هو التجبر ، و الطغيان واحدٌ ، و ليس من المنطق في شيءٍ أن تضفي الشرعية على جرائم طاغٍ ، و تسحبها من مستبد آخر .

و لأن الطغاة وُلاة الأعياد و القائمون بأمرها ، فلا خير في عيدٍ وليه السلطان الفاجر و الخليفة السفاح أو الطائفيُّ الفاسق .
في عيدٍ كهذا العيد تنقلب الأمور على رأسها ، فيولد الحزن ، و تموت البهجة - بعيداً عن العدل - و لن تنال منه سوى الوجع و البؤس ، و من الحكام غير العسف و الفتك .
عيدٌ لسان حاله النفاق و الدجل ، و موهبته المرارة و الألم ، أما جوابه على سبب امتلاكه زمام مبادرة الشقاء و البؤس فهو الصمت .
فيا أيها اللاهث وراء سراب تبادل التهاني و التبريكات الكاذبة ، كن على يقينٍ إنك لن تجني من ورائها سوى الخيبة و الخذلان .
فالفرح لم يعد يحضر في أعيادك - و إن زارك - فسيرحل على جناح السرعة كسحابٍ عجولٍ أو ضيفٍ خفيفٍ دون أن يلمس قلبك .
ويا أيها الحائر في تدبير أمرك ، كن على صوابٍ أن عيدك قد تغير ، و فعله لم يعد مطابقاً لقوله ، و خالطه التبلد ، و بات جاحداً يخلف وعده ، و للآمال أصبح مخيباً ، و لم يعد بوسعك تذوق طعم الأمان في ربوع مواكبه ، ولا التوجس بلمس نعمة الجمال ، مهما همستَ في أذن القدر ، فلن ينقلك إلى ما كنت مكتنزاً به في الماضي .
هناك شيءٌ انكسر بينك و بين عيدك ، و لن يتجبر كما كان .

كلمات الخير و تعابير التهنئة و التبريكات ما هي إلا سوء فهمٍ ، كما هي جنونٌ ، و إن شئتَ فهي نكتةٌ مسليةٌ تبعث على الضحك ، و هي الرؤية بعينٍ واحدةٍ في ظل مصائب الحروب و عنجهية الطغاة الناصبين أنفسهم سلاطيناً و خلفاء على رقاب العباد و البلاد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا


.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني




.. مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح