الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة (الوجود والعدم)

سامي عبدالقادر ريكاني

2020 / 7 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ بدايات شبابي كان البحث عن حقيقة الوجود والعدم يشغل بالي كما شغل بال الكثيرين منكم ايضا، ولكن بالنسبة لي كانت ولاتزال هذه التجربة مددا استسقي من نبعها طاقات روحية كلما شعرت بخواء النفس منها او شعرت بضغط الحياة، او احتجت الى تلبية نداء النفس بحثا عن السكينة. مع انني طوال بحثي عن هذه الحقيقة لم اصل الى أي حقيقة يقينية مطلقة ولكن مع هذا بقي وسيبقى معرفتي الظنية حولها هو منبع كل طاقاتي الروحية.
فلم احس يوما باني استمدت هذه الطاقة من أي تجربة اخرى دينية كانت او غيرها، ومع انني كلما توصلت الى الاحساس بقربي من النتيجة حول مفهوم الوجود من خلال تنقلاتي البحثية حولها ومن خلال اطلاعاتي عبر الوسائل المعرفية البشرية المتنوعة من علوم دينية وفلسفية وعلمية ومن ثم سبر غور العلوم المتعلقة بالانسان والنفس البشرية، الا وشعرت بانني لازلت في بداية الطريق ولم اتجاوز نقطة الصفر بعد، ولكن متعة البحث واكتشاف الجديد كل مرة كانت لها تاثيرها الروحي الذي لا ارى بانها ستكون اقل متعة وتاثيرا مما لو وصلت الى حقيقتها.
ربما الموضوع بالنسبة للكثيرين بل لاغلبكم ليس ذات اهمية، ولكنني ارى بانه الطريق الوحيد الذي سيفك لغز الوجود ويقلب كل فلسفاتنا ونمط حياتنا راسا على عقب وستزيل كل او اغلب العقبات التي تعيق سعينا حول معرفة انفسنا والعالم والغاية من وجودنا.


والمسالة من وجهة نظري:
كان وسيبقى السجال مستمرا في عالم المعرفة البشرية حول فهم كنه وحقيقة الوجود والعدم حيث شغل المفهومين عقول الفلاسفة والعلماء والمفكرين ورجالات الدين وصولا الى الانسان العادي طوال عمر البشرية، ولكن ولحد الان لم يستطع أي جهة حسم الامر بصورة يقينية قطعية حولها .

فاذا كان درجة الحسم بالنسبة للعالم الغير مادي(ميتافيزيقي) بات شبه مستحيلا مما دفع بالعقل البشري ليعتمد او يسلم بظنية النتائج المعرفية حول ذلك العالم من حيث الحقيقة المجردة واسبقية احدهما على الاخر، فذهب ليزيل اعباء البحث عن الجواب باللجوء الى الدين ومايمنحه له من تفسيرات يقنع به نفسه كاسهل واقصر طريق للخروج من الحيرة .
الا انه مع الاسف حتى مع العالم المادي(فيزيقي او فيزيكي) الذي كان يظن بانه سيكون بامكانه حسم الامر معه، الا انه لحد الان لم يستطع الوصول الى اليقينيات بصورة قطعية حولها ايضا، مع كونه قد قطع شوطا بعيدا في هذا المجال الا ان الطريق مازال بعيدا بل ابعد مما نتصوره واكثر حقائقها نسبية وظنية في درجتها المعرفية.

وكل ما استطاع الانسان الوصول اليه حول كنه المصطلحين وتطبيقاتها لا تتعدى عن كونها حقائق نسبية في عالم المادة، وظنية قياسية في تطبيقاتها ونتائجها في عالم اللامادة، بل مع الاخير تنزل المعرفة حولها لتصل الى حد العبثية والوهم والجهل المطبق في اكثر الحالات بل الجهل المركب اكثر حالة يمكن ان يتسم بها محصلة المعرفة البشرية حولها لحد الان .

اصل الاشكال يعود الى:

1-قصور وقلة مايمتلكه الانسان من وسائل المعرفة ومن ثم ضعف قدراتها وامكاناتها ونسبية نتائجها وظنيتها.

2-هشاشة المصادر المعرفية التي نمتلكها او نعتمد عليها فهي كلها ظنية ولاترتقى الى درجة اليقين

3-والاشكال الاخر يتعلق بالعالم المقصود مكان البحث والتطبيق (المادة، اللامادة، وغيرها) فمعرفة الانسان حولها بدائية لحد الان.

4- ومن ثم هناك اشكالية اخرى حول كنه المعرفة نفسها، ماهيتها وطبيعتها .

5- والاشكال الاخر يعود الى كنه وطبيعة الانسان نفسه الذي يعود اليه محصلة النتائج فمنه يبدا واليه ينتهي المعرفة، فمازال السجال والبحث مستمرا حول هذا الكائن بل هي ايضا بدائية الى حد كبير.

6-كما هناك اشكالية اخرى من جهة القصور والاختلاف، ومن جهة التطور والتغير وعدم الاستقرار، حول درجة وحدود فهم وتصور المصطلحين في الذهن البشري منذ نشاته والى الان.

7-ان كل ماتوصل البشرية حول هذين المفهومين هو الاعتراف بان الاختلاف والمعرفة الظنية والنسبية هي الحقيقة المطلقة الوحيدة التي نمتلكها حولها.

اما بالنسبة لما توصلت اليه من فهم حول المصطلحين فهي نتيجة معاكسة لما هو مالوف او لما يعتبر بانه من البداهة المعرفية وما تعارف الناس عليه بان (العدم سابق على الوجود او هو الوجه المقابل او المعاكس للوجود).

فمن وجهة نظري وباخصار شديد ارى بان هذه الرؤية قاصرة كليا بل ان الوجود المجرد كان موجودا حيث لا عدم قبلها وهي الحقيقة الوحيدة الازلية والسرمدية والابدية.

وان ما يقال عنه بالعدم ليس سوى تجلي من تجليات الوجود النسبي في عالم المادة وهي حالة من الحالات البينية في الصيرورة المادية وتحولاتها الخلقية التي اعتدنا عليه في تجاربنا في عالم الوجود المادي وتكونت مفهومنا القاصر حولها ، ولا وجود لها في عالم الوجود المجرد المطلق او قبله.

أي ان القبلية والبعدية ومنها (العدمية التي تسبق الوجودية) ماهي الا مسميات لمفاهيم وتصورات متعلقة بالبعد الزمني الذي بدات وجودها مع المادة ولايمكن تصورها خارج عالم المادة.

واذا قيل لماذا لاتسقط المعادلة بنفس المفهوم على الوجود؟ فنقول لان الوجود كان ومازال هو الموجود الذي نتعامل معه ونشعر بوجوده ولم يكن للعدم أي وجود سوى كونه لغزا لايعرف له وجود خارج الموجود.

فكل مانحس به في عالم الموجودات من تغيرات وتطورات وتحولات فتوحي بانها صور من صور التقلبات بين الوجود والعدم، ماهي الا صور من صور التحولات النسبية التي تطرا على المادة وليس عدما محضا بل هو عدم نسبي .

وبمفهوم اخر ان الوجود المجرد والمطلق كان موجودا وسيبقى، وان العدم ليس هو المقابل له، بل الوجود والعدم يتقابلان في عالم الوجود والعدم النسبي في العالم المادي فقط.
ومن المحال ان يخلق الوجود المجرد من العدم المطلق او المجرد فلا وجود لعدم مطلق او مجرد، بل ان الوجود بما يحويه من عوامل القوة ومنها العاقلة هي التي تفرز احساسنا بوجود العدم المجرد عند قياسنا بها على الوجود المجرد، وهو قياس خاطيء، فمن المحال ان يخلق الكامل من الناقص.

كما ان تصور العدم كسابق وقبلي للوجود وتصورها متعلق بعالم الزمن فنحن نتصورها بانها ماقبل اللحظة الاولى او قبل الواحد الحسابي والذي هو في حقيقته عبارة زمنية متعلقة بوجود المادة، ولايوجد لها حقيقة خارج المادة.

اما الوجود المطلق فمعناه اللازمن او الان المطلق فكل مانرى ونحس به من تغيرات في هذا العالم الوجودي النسبي هو مجرد تجليات لذلك الوجود المطلق المجرد، يحس به الانسان كمراقب وككونه مادة في نفس الوقت يتفاعل الزمن في خلقته كبقية المادة الاخرى وهي لاتخرج عن حدود تصوره النسبي ووعيه المعرفي القاصر من خلال مايملكه من ادوات المعرفة النسبية، وعلى مايشعر به من وعي بالزمن.

لذلك يتحتم علينا الاتي:
الابتعاد عن عقلية امتلاك الحقيقة المطلقة ومحاولة فرضها على من حولنا خاصة في مجال المعتقدات والعلوم النظرية .
كما علينا احترام من يخالفنا والاستفادة من أي مصدر معرفي يساهم في زيادة معرفتنا حول هذا العالم وفي جميع مجالاته.
والتسليم بان الحياة وتطور المجتمعات في جميع مجالاتها المعرفية تكمن في ما يملكه الاختلاف والتنوع من ديناميكية تساعد على ديمومة الحركة في عجلة التطور واستمرارية وزيادة معرفتنا حولها.
وكما علينا اللجوء الى الحوار والمناقشات والاساليب المنهجية العلمية والمنطقية، بنية الاستفادة والتكامل المعرفي لا بنية فرض الرؤية واحتكار الحقيقة وابعاد الاخروتهميش دوره وسلب حقه وحريته في التفكير وابداء مايمتلكه من معرفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ