الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنوير أهل العراق .... هل يعرف العراقيون بعضهم ؟ الجزء السابع

علي وتوت

2006 / 6 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المرجعية الفاعلة الثانية في شخصية الفرد العراقي وفي مجتمع العراق هي:
2) الدين:
يعّـد الدين ظاهرة اجتماعية تمتـد في الزمان والمكان. وقد عـدّه دوركهايم نسق من المعتقدات تعود إلى التقديس الديني الذي يربط الناس معـاً على شكل جماعات اجتماعية. أما فيبر فقد حدد الدين بأنه مجموعة الإجابات عن معضلات الوجود البشري، كالموت والولادة والمرض، والتي تجعل العالم ذا معنى. بهذا التحديد يكون الدين اسـتجابة بشـرية للأشياء والقضايا الكبرى في الحياة والتي يهتم بها جميع البشر. إن تطبيق هذا التحديد يعني أن كافة البشر متدينون طالما أنهم جميعاً يواجهون نفس المشكلات.
وإذا كان الدين بحسب دوركهايم عامل رئيس في وحدة الجماعات الاجتماعية. فمن الواضح أن الدين لم يلعب مثل هذا الدور في وحدة الجماعات الدينية وتماسكها في العراق. إذ أن هناك تعدداً دينيـاً في العراق على الرغم من أغلبية مُسلمة وأقليات غير مسلمة (من مسيحية ويهودية وصابئية ويزيدية). فالمواطن العراقي، دينياً، ينتمي إلى دين أو مذهب، يفرض عليه بحكم التنشئة الاجتماعية ونادراً ما يستطيع تغييره أو التخلص منه حتى ولو كان يظن أنه مُجانِب للصواب، ويرى أحد الباحثين في السوسيولوجيا أن هذه الظاهرة هي واقعة اجتماعية، لا عيب فيها بحدِّ ذاتها، موضوعياً وتاريخياً، لكن العيب الأساس يأتي من التفاعلات السلبية لهذه المرجعيات مع الهوية السياسية لهذا المواطن.الأمر الذي يجعله يتصرف سياسياً تصرفاً ازدواجياً، فهو أما مسلم أو مسيحي، وإذا كان مسلماً فهو إما مسلم شيعي سياسي أو مسلم سني سياسي، مما يجعل هوية (العراقية) أو (المواطنة العراقية) تتراجع في سلّم الانتماءات والولاءات داخل المجتمع في العراق نفسه.
( آ ) المسلمون : إن الجماعة الإسلامية في العراق تكاد تكون هي الطاغية في عراق اليوم، بالمقارنة مع بقية الجماعات الدينية في مجتمع العراق. إن وضعها هذا لم يختلف منذ دخول المسلمين إلى أرض السواد في القرن الميلادي الرابع. فالمسلمون يشكلون ما نسبته (92%) من سكان العراق. والعراق وفقاً لهذه النسبة بلد إسلامي، يعلن عن هذه الحقيقة دوماً في دساتيره الدائمة منها والمؤقتة، ويترتب على هذا ما يجب أن تحترمه الأقليات غير المسلمة من عادات وتقاليد المسلمين.
وهناك في مناطق العراق أو ولاياته الثلاث كلها كان يوجد جماعات غير مسلمة لا تشكّل كلها معاً أكثر من (5%) من مجموع سكان العراق. أما في العام 1947 وقبل هجرة اليهود، أو تهجيرهم، فقد كانت تشكل استناداً إلى الإحصاء الرسمي لنفس العام حوالي (6,7%) من مجموع السكان. وكما سوف يتضح في الجدول رقم (1).
(ب) المسيحيون كان المسيحيون (أو السريان) يتركزون في المدن الكبرى (الموصل وبغداد والبصرة)، ولكنهم كانوا يشكلون بعض المجتمعات الريفية لاسيما في مقاطعة الموصل. وكان لهم مدارسهم الخاصة أيضاً. وفي الفترة العثمانية، كان المسيحيون يعاملون (كمواطنين من الدرجة الثانية)، وقد حرموا من حقوق كثيرة. وفي عام 1856 فقط صدر مرسوم عثماني يعلن المساواة في معاملة الأقليات في أرجاء الدولة العثمانية كافة. ولكن إذا أخذنا بنظر الاعتبار الإدارة التركية والظروف السائدة يومذاك، يبدو من الجائز التشكك في مدى مفعول هذا المرسوم.
وينقسم المسيحيون في العراق إلى قسمين: سكان العراق القدماء والمهاجرون. فيما ينقسم المسيحيون من سكان العراق القدامى إلى الكلدان والآثوريين (أو الآشوريين ويدعون السريان في بعض الأحيان)، وهم مزيج من الآراميين القدماء والأنباط والعرب الذين تنصروا بعد شيوع الديانة النصرانية في بلاد العراق. وقد احتفظوا بديانتهم رغم الحوادث التي حدثت في بلادهم. وهم ينتمون جميعاً إلى الأقوام السامية، ويتحدث بعضهم باللغة الكلدانية فهي لغتهم الدينية والقومية، فيما يتحدث آخرون منهم العربية. وينقسم المسيحيون (أو السريان) من سكان البلاد الأصليين إلى:
(1) الكلدان: يسكنون في المدن العراقية الثلاث الكبرى: بغداد والموصل والبصرة. وبعض الأقضية التابعة لمدينة الموصل. وتقع الأقضية والنواحي والقرى الكلدانية القريبة من الموصل على ضفة دجلة اليسرى [(وهي أقضية زاخو والعمادية وتلكيف والقوش وتلسقف وبطبناية. ويوجد في تركيا بعض الجالية الكلدانية في ديار بكر وسمرد وجزيرة ابن عمر (راجع طه الهاشمي: جغرافية العراق، بغداد، مطبعة المعارف، 1936، ط2، ص 91)]، ويؤلف الكلدان أكثرية مسيحي العراق، ومذهبهم الكاثوليكية وقاعدة بطريركيتهم الموصل.
(2) اليعاقبة: يسكنون مدينة بغداد ومدينة الموصل وبعض أقضيتها ونواحيها وقراها المجاورة. ويؤلفون طائفة السريان القدماء ويتبعون المذهب اليعقوبي الأرثوذوكسي. أما المسيحيون المهاجرون إلى العراق فهم النساطرة (أو سريان الشرق) من أتباع الكنيسة النسطورية الكبرى المؤسسة في آسيا القرون الوسيطة. وهم على قسمين: النساطرة المهاجرون من تركيا والنساطرة المهاجرون من إيران.
وقد كان المسيحيون يقدرون بـ (111) ألف مواطن في عام الاستقلال (1932)، أي نحو (4 %) من السكان. ولكن أكثريتهم الساحقة (70 %) كانت في الشمال في الموصل والقرى المحيطة بها. وكان معظم هؤلاء من النازحين من تركيا، حيث اضطهدوا بضراوة خلال الحرب العالمية الأولى. ولكن سماح البريطانيين استقبالهم في العراق لم يؤد إلى إدماجهم في المجتمع، بل إن بريطانيا اختارت من بينهم ميليشيا مستقلة، بينما هم يحلمون بنوع من الكيان الذاتي. هذا التعامل مع السلطة البريطانية، وهذه الروح الانفصالية، أديا إلى قيام الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي في حينه بسحقهم عسكرياً. وعلى رغم فظاعة ما حلَّ بهم، فقد أدى انعزالهم وأصولهم غير العراقية إلى جعل حالتهم خاصة، لم تأثر بها وضع المسيحيين العراقيين الآخرين. هؤلاء نزحوا إلى المدن إجمالاً، وتعاملوا مع النخب الاستقلالية في صورة مسالمة، من دون الدخول في متاهات الخلافات العميقة بين الفئات العراقية الأساسية، كالتنافر (العربي/الكردي) أو التمايز (السني/الشيعي). وكان دورهم السياسي متواضعاً بحكم حجمهم المتواضع نحو (3 %) من السكان عام 1960.
وذهب بطاطو في دراسته إلى أن المسيحيون كانوا يشكلون ما نسبته (3.1) من سكان العراق، ويأتون بالمرتبة الثانية بعد المسلمين من سكان العراق بحسب إحصاء عام 1947. وكما سوف يتضح في الجدول رقم (1).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24