الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص بين التأويلية الإنسانية العالمية والتاريخانية النحوية

احمد البهائي

2020 / 7 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


النص بين التأويلية الإنسانية العالمية والتاريخانية النحوية
لنعلم ان النص لم يأتي به لزمن او مكان بعينه ،بل جاء من اجل الإنسانية ، اي الإنسان ، منه آيات التشريع وآيات التأويل ،حيث آيات التشريع واضحة قاطعة الدلالة ، وهذا هو جوهر النص ، اي جاءت من اجل الانسان ومع ذلك لا تصبح مجبرة إلا على من اتبعها وأرادها وأخذ بها ، هنا تكون شرعا تشريعيا واجبة الفعل والعمل (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ،(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )، لنأتي ونقول ، ان آيات التأويل منه جاءت لتكون للإنسان جميعا المؤمن بالنص وغير المؤمن به ،فقد جاءت ومركزها الإنسان ، ويدور محورها عليه ، اي من اجله واليه ، بصفته سيد الكون اي الكون اعطى له، بمعنى عند تناول النص وقراءته يجب ان يكون الانسان غايتة ومركزا لها، فقراءة أيات التأويل وفهمها بصورتها القديمة فصلت الانسان عن النص ، كل جموع الانسان وليس فصيل بعينه ، ليزداد الامر سوء وذلك من كثرة الدخول عليها وربطها بالموروثات ، لتأتي بالخرافات والإقتباسات ،لتدخلنا في مركزية التأويلات السلطوية ، ومنها الى التأويل الإيديولوجي ، لتصبح " الفكرة " هي المرادف الفعلي والعملي للتأويل في عصرنا هذا ، تلك الفكرة التي تجمد لغة النص ومعانيه لتجعلها ثابتة عند ظواهر بعينها ، وتزداد إنغلاقية عندها ،بتطويعها لصالح تلك الفكرة او مجموع أفكار .

وقت نزول النص والذي انزل على فترات من الوقت ، جاء بإنتقاء وفرز الموروثات التي سبقت نزوله ، وذلك من اجل تجديد الأنسنة ، بداية من البدوية القبائلية ، وهي منطقة نزوله ، التي كانت أدنى فكرا وعادات وتقاليد ، لتنطلق الى العالم من خلال نص شامل يمكن ان يطلق عليه " رؤية العالم " ، ليس ذلك فقط بل جاء بتجديد ما انزل قبله من تشريعات سماوية ، ومهيمنا عليها بالتأويل الذي أخصه الله بالنص تكريما له ،وتكريما على من انزل عليه ،ان القرآن انزل على قلب النبي محمد عليه السلام، ولم يكن اسقاط فكري ، والدليل ان الرسول لم يفسر النص مع انه كان أحق بذلك ، ولكن لم يفعل ذلك ليبعدنا عن الايديولوجية الجدلية ، وهذا ما فعلته التفسيرات التي جاءت حولته الى اسقاط فكري وطرحه كنموذج ايديولوجي لتأتي الجدلية عليه لتقتحم الثوابت والخوض في صميم قيم النص تحت عنوان عريض هو منهج الفكر القرآني العام القائم على الاسقاط ، الذي اوصلنا الى ما نحن فيه التحجر الفكري كما عند الكثيرين ، اجمل ما جاء به النص هو البناء الشمولي خالص التوضيح الغير مرهق فما الداعي الى البحث عن المسموعات المنقولة لتدعم النص كما يظنون ، فالنص جاء بمنهج وليس فكر ليقضي على فكر الجزيئات القائم على التفسيرات الذهنية الذي اخذنا الى الخرافة التي نعاني منها الان ، مع العلم ان منهج التطبيق العلمي الشامل جاء بثوابت النص تحقيقا ، عماده تحقيق التأويل كما في النص وربطه بالعلم والاسباب، ان الاعتماد على التفسير القائم على الاراء الذهنية المرتبطة بمرحلة من المراحل ليقحم الفكر في الثوابت هو اساس التحجر المنهجي .

هناك من يعتمد في فهمه للتأويلات ، على لغة النص اي لغة التي اوحي بها ، ويربطها بالموروث الثقافي والتاريخي لمنطقة نزوله ، متحايلا عليها بتوضيحها من خلال المعنى فقط ، ليسقطها على تاريخ المنطقة في تأويلها إسقاطا ، مستندا على الخطاب السائد وقتها في فهم تأويل النص ، لينتهي وبدون ان يدري الى جمع النص كله تحت عنوان الإسلام التاريخي ، لا الاسلام الالهي او الإسلام العالمي ، لينتهي المطاف بأن فهم التأويل قائم على معنى لغة النص بإعتبارها لغة ألهية ، وأنها لغة لا يدركها إلا أناس بعينهم ، أو المتبحرفي الفيض النوري ، ومن هنا تحق له وحده تناول وفهم التأويل ، لينتهي بإسقاط ذلك على آيات الراسخون في العلم ، حيث هم من يجيدون لغة النص وحدهم دون غيرهم متجاهل بقية العلوم ، التأويل أخرج النص من المحلية ،تلك المحلية التي كانت مرتبطة بباقي الكتب السماوية واحد صفاته،التي كانت بلغتها لا تتعدى منطقة نزولها ، والتي اختصاص النص بها اي التأويلات جعلته نص عالميا ، حيث التأويل لا يرتبط بزمان او اي مكان ، وهذا ما تحقق ويتحقق ثبوتيا .

لنقول : ألم يكن هناك ما يكفي من الوقت للإنتهاء من فهم تأويل النص منذ نزول الوحي حتي الان ،طالما فهم النص يعتمد على اللغة ومعناها فقط ، مع العلم إذا كانت اللغة فقط هي الاساس الثبوتي في النص لكنا إنتهينا من فهم التأويلات منذ زمن وقت ان كانت لغة النص هي لغة التداول والخطابة والمعايشة وقتها ! ، فالتأويل ليس مرتبط باللغة وحدها او الراسخون في علم اللغة او منطقة نزوله ، حيث في زمننا هذا لا يعتبر التأويل قائم على القراءة الحرفية للنص او المعرفة باللغة فقط بل على المبررات العقلية والعلمية والوقت والحداثة ، لتتحقق رؤيته العالمية ، ليقضي على فكرة الموروث الثقافي ، او مايسمى التاريخانية النحوية ،ليصبح بدلا منها الرؤية العالمية ،فالتأويل لم يعد يخضع الى الطبقات او الفقهاء والمحدثين والمتكلمين او الصوفية فقط بل الى ايضا الى علم العلوم والطبيعة الالهية ، والدليل ان اغلب ما تحقق من فهم للنص و للتأويلات كانت خارج منطقة نزوله، وعلى يد من اختارهم الله سواء كانوا مؤمنين بالنص او لا يؤمنون به ، لتتحقق ، ليعود اهل اللغة ، بربط ما تحقق من تأويل باللغة مرة اخرى وخضوعها لقواعد اللغة العربية التي نزل بها النص ، ليثبت معناها ومغزاها الحقيقي ، لتتحقق آية الله في قوله ( إِنَّا نَحْنُ نـزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، فالحفاظ على النص مرتبط أساسا بالتأويل ، الذي هو في حقيقته إحياء للنص واستمراريته من الزوال ، من خلال احياء وتجديد معني مفهوم النص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال