الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع بين الدين والعلم من جديد

أحمد هيكل

2020 / 7 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حاولت الفلسفة العربية والإسلامية منذ وقت مبكر أن توجد صيغة توفيقية بين العلم ومقتضيات الإيمان الدينى ، بدا ذلك في محاولات المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة منذ وقت متقدم فى تاريخ الإسلام ، فالمعتزلة يرون أن العالم تحكمه قوانين ثابتة وعلل مادية لا تتغير ، ففى اعتقادهم أن الله هو العلة الاولى للأشياء جميعا ، وأما القوانين الطبيعية التى تحكم الكون وتسير مجرى الأحداث فهى علل ثانية تندرج تحت الإطار العام للخلق الإلهى ، وهى برأيهم قوانين ثابتة لا تتبدل ، وهذا لا ينفى بحسب اجتهادهم الإرادة أو القوة الإلهية .
أما الأشاعرة ( أو مذهب أهل السنة والجماعة) فهم لا يفرقون بين مبدأ السببية الذى يمثل العلة الثانية للوجود و الإرادة الإلهية التى هى العلة الاولى للأشياء جميعا ، بل يرون ضرورة وإمكانية التدخل الإلهى في الجزئيات والتفاصيل ، وبذلك ينتفى عندهم مبدأ الحتمية المادية الذى يفسر سير الكون ، ويصبح الكون حينئذ غير محكوم بقوانين علمية .
ولكن ما علاقة ذلك بنهوض العرب وتخلفهم ؟ إن علاقته بذلك جدّ كبيرة ، وذلك لأن أزمتنا اليوم هى في جزء كبير منها عائدة إلى تسلط هذا الاتجاه الفكرى الأحادى ( الأشعرى) على الأمة والذى فرض نفسه بقوة السلطان على مدار قرون ، كما أن سبب تأخر العرب والمسلمين في مجال العلم والتكنولوجيا هو غلبة هذا التيار الفكرى الذى عطل فكر السببية وأغلق باب الاجتهاد ، فالأشياء لا تحدث ولا تقع لأنها تفعل بذاتها ولأن لها قوانين طبيعية علمية حتمية وثابتة ، بل لأن الفاعل الحقيقىّ لها هو الله! وأفعال الإنسان ما هى إلا أفعال مجازية! . كان هذا هو فكر الأمة الإسلامية حتى استفاقت على وقع الغزوة الاستعمارية الكبرى التى اجتاحت العالم الإسلامى من أقصاه إلى أدناه والتى حملت معها غزوا علميا وثقافيا وفكريا ولم تكن مجرد هجمة حربية ، حيث أفاق العرب والمسلمون على غرب جاء إليهم بعقلية تجاوزت المنهج الاستقرائى الاستنباطى الأرسطى القديم إلى رحابة المنهج العلمى التجريبى وتحررت من سلطة الكنيسة وسطوة الدوغمائية الدينية إلى عقلانية التنوير والحداثة .

واليوم نتساءل : ألم يكن من الممكن إن كنا اتبعنا منهج المعتزلة في القرن الثانى الهجرى فيما يخص مسألة الإيمان والعلم .. ألم يكن من الممكن أن نصل إلى ما وصل إليه الغرب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال يحمل تساؤلا محرجا
محمد البدري ( 2020 / 7 / 31 - 20:18 )
لا يا عزيزي
ليس من الممكن ان نصل الي ما وصل اليه الغرب باتباع منهج المعتزلة باعتباره الاكثر تقدما واستنارة عن باقي مدارس التفكير في ذلك الوقت.
لان السببية التي تجبر الله علي التدخل من وقت لاخر تجعل الله صاحب كل الصفات اللامتناهية لا يختلف عن ذلك الانسان الضعيف الذي يتدخل لتصحيح مسارات في حياته اليومية. فالجميع يقع فكريا وثقافيا وسياسيا تحت سقف العرب الذي لا يعرف شيئا ولم يقدم شيئا الا الاسلام وقرآنه. فهل كان من الممكن اختراق السقف وقت ذاك؟؟؟ انه سؤال تكمن اجابته في قتل وتشريد كل من قال شيئا كالحلاج وابن الروندي وابن المقفع والسهروردي. فالفلسفة العربية والإسلامية عاجزة ومبتسرة بطبيعتها بسبب فكره الله الكامل الاوصاف

اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر