الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان باسكال (المقامرة علي الإله)

منال شوقي

2020 / 8 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالنسبة لي – وأزعم أنه كذلك بالنسبة لجميع اللادينيين على وجه الأرض وعلى مر العصور – فإن اكتشاف بشرية الأديان لا يأتي فجأة، بل نتيجة سنوات طوال من الشك وقمع العقل والمهادنة والثورة والإقدام والإدبار والتجاهل والتعامي والغضب والشعور بالذنب، الغضب من عقل يعمل في عكس اتجاه دوران القطيع والغضب من بقايا الجينات القطعانية الموروثة والتي تجلد الضمير وتقمع العقل كلما تجاسر وتمرد.
الطريق إلى اكتشاف بشرية الأديان طويلة جداً وشاقة، إلا أن الاكتشاف في حد ذاته يكون لحظي، فكأنما يقطع الواحد منا آلاف الكيلو مترات وعلى مدار سنوات كي يصل إلى باب ما، وما أن يصل لذاك الباب فليس عليه سوي أن يدير المقبض ليري في لحظة واحدة ما يوجد خلفه.
في البداية نصحني بعض الواعظين من الأصدقاء والمعارف بأن أبقي في حظيرة الإيمان من باب الاحتراز، فلو ثبت أن الله موجود فسوف أخرج من اللعبة رابحة وإن ثبت العكس فلن أخسر شيئاً، بل إن بعضهم صرح لي بأنه يتبع هذا المنهج ويراه أنسب الحلول وأسلمها وأقلها تكلفة مقارنة بعمليات البحث والتفكير الشاقة والمجهدة للعقل، علاوة على أنها غير مضمونة العواقب في حال إن توصلت عقولنا القاصرة إلى نتائج وقناعات خاطئة.
الدهشة كانت هي ردة فعلي من هكذا طرح ومنذ اللحظة الأولي علي سماعه، فأنا أرفض تماماً الاعتراف بإله مغفل، أعلم في داخلي أنني أستغفله وأعترف به إلهاً من باب الاحتياط!!!
فإما أنني افترض في الإله أنه ساذج وأنني أكثر منه ذكاءً ودهاءً وأنه سوف يصدق أنني كنت أؤمن به وهنا أنا أرفض أن أعبد إلهاً مغفلاً حتى وإن كنت أكيدة من وجودة، وإما أن الخدعة لن تنطلي عليه وسيكتشف أنني كنت أدعي كذباً الإيمان به وأظن فيه السذاجة وفي تلك الحالة لن يتردد عن الزج بي في جهنم إن كان إلهاً محترماً.
أليس من المحتمل أن يكون الإله علي علم بإيماني المزيف الاحترازي ويتغاضى عن ذلك من باب الرحمة والتساهل مع عقلي القاصر؟
لو كانت تلك هي الطريقة التي يعمل بها منطق الإله لكان إلهاً عظيماً، وهي عظمة تليق بإله لن يتصاغر ويتضاءل إلى الحد الذي يجعله يكافئني على قيامي بحركات الصلاة البهلوانية التي كنت اؤديها رغماً عني من باب الاحتياط في حال إن كان موجوداً ! والأجدر بإله عظيم أن يوجه اهتمامه على ما قمت به من اعمال خيًرة واعمال شريرة حال حياتي، علي سعادة شاركت في صنعها، أو ألم تسببت فيه.

رهان باسكال.
تقوم فكرة رهان بليز باسكال، فيزيائي وعالم رياضيات وفيلسوف فرنسي عاش في القرن السابع عشر، علي دمج علم الاحتمال في الرياضيات بالفلسفة، ليس لإثبات وجود إله أو عدم وجوده، وإنما للمساعدة في اتخاذ موقف من الإيمان بالإله في حال وجوده وعدم وجوده، وقد خلص باسكال إلي أن الخيار الأكثر أماناً هو الإيمان بالإله سواء كان موجوداً أو غير موجود.

الإيمان بالله / الله غير موجود = خسارة محدودة (في الدنيا)
الإيمان بالله / الله موجود = ربح غير محدود ( في الجنة )
عدم الإيمان بالله/ الله غير موجود = ربح محدود ( في الدنيا)
عدم الإيمان بالله / الله موجود = خسارة غير محدودة (النار)

وبما أننا بصدد تحديد موقفنا الإيماني بالإله سواء كان موجود / غير موجود، معتمدين في ذلك علي علم الاحتمال في الرياضيات فالمصداقية في البحث العلمي تفرض علينا أن نأخذ خطوات أبعد بكثير من رهان باسكال السطحي والمقتضب. فتحديد عدد الاحتمالات الخاضعة للدراسة باثنين فقط ( الله موجود / الله غير موجود ) يخالف مبادئ علم الاحتمال نفسه والذي يفتح القوس دائماً لأي عدد من الاحتمالات الممكنة، فباسكال الذي أمسك بالنرد ذو الستة أوجه كي يختار الإيمان أو عدم الإيمان، كان كأنما قد قرر مسبقاً أن يلعب على رقمين فقط ويلغي احتمالية ظهور رقم ثالث أو رابع أو خامس أو سادس غير هذين اللذين يلعب عليهما.
إن النرد ذو الستة أوجه يعطينا 6 احتمالات، والاحتمالات الستة تتمتع بفرص متساوية تماماً مقدار كل منها 1/6، فإذا افترضنا مجازاً أن للنرد 100 وجه، لكان احتمال ظهور كل وجه هي 1%.
والان فلنفتح القوس الذي أنصح بتركه مفتوحاً إن نحن أردنا مصداقية علمية.
(الإله موجود/ الإله غير موجود/ الإله كان موجود/ الإله سيكون موجود/ الإله لم يكن موجود/ الإله لن يكون موجود/ الإله موجود وتواصل مع البشر/ الإله موجود ولم يتواصل مع البشر/ الإله يكافئ من يؤمن به / الإله يعاقب من لا يؤمن به / الإله يعاقب من يؤمن به / الإله يكافئ من لا يؤمن به / الإله هو يهوه / الإله هو المسيح / الإله هو الله / الإله هو كارما / الإله خلق الكون ثم نسيه / الإله لا يهتم بوجودنا / الإله خيًر/ الإله شرير/ الإله اندثر/ يوجد إلهين وليس واحد/ يوجد ثلاثة ألهه / إلخ.....
فطالما قبلنا بالمبدأ ألا وهو الاحتكام لعلم الاحتمال لتحديد موقفنا من الإله، فإن علم الاحتمال نفسه الذي ارتضينا الاحتكام له يفرض علينا أن نمنح ذات الفرصة لكل الاحتمالات الممكنة، فالرقم 36 في لعبة الروليت له نفس الفرصة التي للرقم 1، وكلما زاد عدد العناصر المحتملة، كلما قلت – رياضياً – فرصة كل عنصر، و يجب ألا يغيب عن أذهاننا أننا قبلنا منذ البداية أن نحتكم لأحد أفرع علم الرياضيات والذي لا يعرف و لا يعترف بيهوه الذي شق البحر لمومسي و لا بالمسيح الذي كان يحيي الموتى و لا بالله الذي أسري بمحمد من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى، إذ إن احتمال تقبُل العقل للمعجزات والخرافات الواردة في الكتب المقدسة بدون عنصر الإيمان الأعمى للشخص الذي وقع علي بياض لإلهه مسبقاً، لا يختلف أبداً عن احتمال تقبٌله للفرضية القائلة بأن الإله لا يهتم لوجودنا أو لتلك التي تقول بأن الإله لم يتواصل مع البشر قط عن طريق وسطاء وأنه ترك البشر لضمائرهم وأنه سيعاقب الحمقى الذين اتبعوا الناطقين كذباً بإسمه عقاباً لهم علي حماقتهم وعدم استخدامهم لعقولهم وإنه يكره السُذج البدائيين الذين يبكون لحائط و الذين يرشمون صليب والذين يدورون حول مكعب أسود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جل وعلا
على سالم ( 2020 / 8 / 3 - 15:54 )
مقال جيد بدون شك اذا كان الانسان يملك عقل ويحلل الامور بشكل طبيعى تلقائى , لازلت فى مشكله كبيره مع الدكتور احمد صبحى منصور , الى هذه اللحظه احاول ان افهم ماهو سر ادمان الدكتور بعباره ( جل وعلا ) تحديدا فى كل مقالاته ؟ ؟ الرجل بيصدر الطرشه بل ويعاند ويتجاهل بل وربما يحس بالسعاده ازاء حيرتنا وسؤالنا , لماذا ايها الرجل انت فى عشق لهذه الجمله البدويه الغبيه


2 - جل وعلا
خرط القتاد ( 2020 / 8 / 3 - 20:38 )

من جهة تصدير الطرشة هو موهوب فى ذلك ولا ريب .. لا لأنه يكتب جملة جل وعلا ولكن لأنه يرى العناوين المثيرة المعادية للاسلام والمليئة بصواريخ من الشبهات القاتلة ثم هو بعد كل ذلك لا يعبأ بها ولا يطرف له جفن بسببها .. لا يغار حتى على دينه ولا يخاف عليه من الضياع والاندثار بسبب أفواج المرتدين الضخمة التى تملأ أصقاع العالم الاسلامى .. لا يهتم .. المهم عنده هو المنهج القرآنى الذى أنزل عليه من السماء بعد 14 قرن من ضلال أمة محمد
ملحوظة
لا أظن ان تعبير جل وعلا خاطىء من الناحية اللغوية ولا شاذ ولا أظنه تعبير بدوى غبى كما تقول .. فهى جملة عادية جدا نسمعها كثيرا على ألسنة رجال الدين لكن نادرا ما نقرأها بأعيننا - ومن هنا غرابتها ربما


3 - حول رهان باسكال
محمود عبد القادر ( 2020 / 8 / 3 - 23:05 )

أولا - تحية للكاتبة الذكية على اختيارها لهذا الموضوع الدقيق وعلى عمق مناقشتها له

ثانيا- بالطبع الأمر يتوقف على ذهنية من يطبق رهان باسكال .. فالعامة ومحدودى الثقافة هم من سيحاولون التحايل على الإله بتمثيل دور المؤمن دون أن يتحسبون لذكاء ذلك الإله وعدم قابليته للخداع - مادام إله !

أما المثقف المفكر - كالأخت الكاتبة - فهو يدرك تماما ان الإله يعلم الأسرار جيدا وما تخفى الصدور والمشاعر - لهذا فهو يتعرى أمامه دون تحايل أو تخابث .. فرهان باسكال فى هذه الحالة يعنى ان ذلك الانسان سيقدم نفسه للإله على أنه شخص حائر ضائع .. وكل ما يطمع فيه هو الوصول لبر الأمان : أيها الإله .. أنا قد بذلت جهدى فى البحث عنك محاولا الوصول اليك .. فإن كنت هناك حقا فاقبلنى على ذلك وأحسن استقبالى عندك ولا تضيعنى .

وما دام هذا الانسان قد صدق مع نفسه ومع إلهه ذاك فهو لن ينزلق لتقديم عبادات أو طقوس يشك فى مصدرها ولا يتيقن بالدليل من صدقه .. الا اذا ارتاحت نفسه - بصدق - مع ديانة من الديانات وشعر فى رحابها بالسكينة المفقودة دون أدنى شعور بالنفاق أو الاحتيال

هذا ما أراه كحقيقة لرهان باسكال
وشكرا للكاتبة العزيزة


4 - رهان باسكال رهان ذكي واختيار صحيح
مروان سعيد ( 2020 / 8 / 4 - 20:36 )
تحية للاستاذة منال شوقي وتحيتي للجميع
طبعا الذي يكتب هكذا مواضيع سيكون ذكي ويبحث بشكل جدي عن الوجود وصانع الوجود ولم تقنعه صدفة توصلت لاانسان عاقل متكون من ملايارات الخلايا المتنوعة وكل خلية ذهبت بنفسها لمكانها بدون مخطط مسبق وبدون برنامج موضوع وخلايا تشكل الاظافر وبالطرف الصحيح لاانه لايمكن لو كانت الاظافر اتت بالعكس اي بالكف لن يقدر تلانسان صناعة شيئ او امساك شيء والاسنان اتت بالفم وليس بالعدة او في الرجل
وايضا الكون والمجموعة الشمسية والابعاد والسرعات في الكون ودوراننا بسرعة 100000كم بالساعة حول الشمس وسرعتنا في المجرة 720000 كم بالاساعة
وبعد هذه المعلوماتا ارجو النظر في الدقيقة 4 من هذا الف الفيديو للدقيقة السابعة حرصا على وقتك الثمين
https://www.youtube.com/watch?v=stCxLxBMjYA
واخيرا الذي اكتشفته من نظرية باسكال هو يضعك فب الخطوة الاولى للبحث وهو لايدلك على دين معين هو يدلك على علاقة جميلة مع الاب السماوي والذي لايطلب اديان او ذبائح او صلوات او رشم الصليب يطلب قلوب نقلة وصادقة ومحبة يطلب اصدقاء وابناء خيرين
ومودتي للجميع


5 - الروح اصبحت حقيقة معترف بها من اكثر العلماء
مروان سعيد ( 2020 / 8 / 4 - 21:28 )
تحية مجددا للجميع
هذا فيديو لدراسة الذين اقتربوا من الموت وكيف انفصلوا عن اجسادهم وشاهدوا جسدهم ممدد والاطباء يحاولون انقاذهم وشاهدوا العالم الاخر ورجعوا بعد الانعاش
https://www.youtube.com/watch?v=HpsJ4o5C4Hg
ومودتي للجميع


6 - وهذا مسلم كان يسخر من المسيحيين
مروان سعيد ( 2020 / 8 / 4 - 22:03 )
ويقول بصوت عالي المسيحيين يقولون ابانا الذي في السموات فاتاه صوت الاب واكد له هذا وقد شفا ابنه عندما غرق ومات وبعد فحص اطباء الاسعاف قد طلب من المسيح ان يقيمه فقام ورجع له
https://www.youtube.com/watch?v=eESoEvFqDA0
انظروا الساعة 113 شفاء الولد عمره سنة
ومودتي للجميع


7 - انتهازية باسكال وحساباته كتاجر قرشي
محمد البدري ( 2020 / 8 / 4 - 22:34 )
لا اعرف حقيقة لماذا لم يدخل باسكال الدين المحمدي القائم علي حسبة التاجر. حسابيا قدم باسكال فاتورة هي نفسها الفاتورة المحمدية ولهذا فمن الطبيعي ان ينحاز كلاهما الي الايمان طمعا في الغير محدود من الفوائد.

تحياتي للعزيزة منال شوقي


8 - رهان باسكال مجرب وكثر اعترفوا بنجاعته
مروان سعيد ( 2020 / 8 / 5 - 08:09 )
تحية مجددا للجميع والرحمة للذين انتقلوا للحياة الاخرى في لبنان والشفاء لجميع الجرحى
سيدتي الحياة قصيرة وخطيرة واعتقد ان الانسان هو الوعي والباقي خرافة ووهم الجسد سيتحول لتراب وستبقى ما نسميها الروح او الوعي
وبالنسبة للانسان ومهما تبحر بالعلوم سيجد نفسه عاجزا صغيرا لاانه يكشف سر يخرج عليه اسرار كثيرة يجب كشفها يعني بالعربي البسيط يمشي خطوة للامام فيشاهد نفسه راجع مئالت الخطوات
مثال بعد كل هذه الاكتشافات وجد العلم بانه اكتشف 3 بالمئة فقط من المادة الباقي هو ماة مظلمة وطاقة وكل محاولاتهم بائت بالفشل لاكتشافها
يعني هذا 97 من الاسرار لم تكتشف
لذا الانسان الذكي يدخل بهذا الرهان ويجربه وان لم يعجبه يرجع عنه لايوجد في الحياة اجبار او سلاسل انه فكر روحي بحت يجعلك تشاهدين ما بعد الجسد المادي الذي هو ميت بدون روح
وهذا شخص كان يبصق على الصليب ويستهذئ بالايمان المسيحي فاصبح اول مسلم يترك الاسلام في مصر هو العم صادق انظروا تجربته مع الاخ رشيد
https://www.youtube.com/watch?v=smmKs4GHYFA&t=1601s
كان مسلم مؤمن ومبشر بلاسلام
مودتي للجميع

اخر الافلام

.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran


.. 95-Ali-Imran




.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة