الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحلام بين العلم والخرافة

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 8 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا شك في أن الأحلام هي واحدة من أغرب الظواهر والأشياء التي تحدث لنا، ولطالما سجل التاريخ لنا حكاياها، وكنا ولازلنا نحار من سبب نشاط عقولنا أثناء نومنا حتى يومنا هذا. وسؤال "لماذا نحلم؟" قد أبهر الفلاسفة لآلاف السنين، وشغل العلماء لمئات السنين. لكنه لم يشغل بال "علمائنا الأجلاء" على الإطلاق وفي طليعتهم عالمنا (الجليل) بن سرين.
قسَّمَ بن سيرين الأحلام للمبتدئين يعلمهم: اعلم بأن جميع ما يرى في المنام على قسمين فقسم من االله تعالى وقسم من الشيطان لقول الرسول: "الرؤيا من االله والحلم من الشيطان" والمضاف إلى االله تعالى من ذلك هو الصالح وإن كان جميعه أي الصادقة وغيرها خلقا الله تعالى وأن الصالح من ذلك هو الصادق الذي جاء بالبشارة والنذارة وهو الذي قدره النبي جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة، وأن الكافرين وفساق المؤمنين قد يرون الرؤيا الصادقة. وأن المكروه من المنامات هو الذي يضاف إلى الشيطان الذي أمر النبي بكتمانه والتفل عن يساره ووعد فاعل ذلك أنها لا تضره وأن ذلك المكروه ما كان ترويعا أو تحزينا باطلا أو حلما يؤدي إلى الفتنة والخديعة والغيرة دون التحذير من الذنوب والتنبيه على الغفلات والزجر عن الأعمال المهلكات إذ لا يليق ذلك بالشيطان الآمر بالفحشاء وإنما إضافة أباطيل الأحلام إلى الشيطان على أنه هو الداعي إليها وأن االله سبحانه هو الخالق لجميع ما يرى في المنام من خير أو شر وإن اختلاف الموجب للغسل مضاف إلى الشيطان وكذلك ما تراءى من حديث النفس وآمالها وتخاويفها وأحزانها مما لا حكمة فيه تدل على ما يؤول أمر رائيه إليه
ورواياته عن رواةٍ في منتهى العجب كرواية جارية بن مهر التركية التي بكت لما ظهر لها موسى في منامها، وكذا رواية عبد االله الجلاء لما دخل المدينة وبه فاقة فتقدمت إلى قبر رسول وسلم عليه وعلى صاحبيه وشكى للرسول فاقته قائلاً له: وأنا ضيفك ثم تنحى ونام دون القبر فرأى النبي يدفع إليه برغيف فأكل بعضه وانتبهت وفي يدي بعض الرغيف. ورؤية أبي الوفا القاري الهروي قال رأى المصطفى في منامه بفرغانة سنة ستين وثلاثمائة وكنت أقرأ عند السلطان وكانوا لا يسمعون ويتحدثون فانصرفت إلى المنزل مغتما فنمت فرأيت النبي كأنه تغير لونه فقال لي: أتقرأ القرآن كلام االله عز وجل بين يدي قوم يتحدثون ولا يسمعون قراءتك لا تقرأ بعدها هذا إلا ما شاء االله فانتبهت وأنا ممسك للسان أربعة أشهر فإذا كانت لي حاجة أكتبها على الرقاع فحضرني أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فأفتوا بأني آخر الأمر أتكلم فإنه قال إلا ما شاء االله وهو استثناء فنمت بعد أربعة أشهر في الموضع الذي كنت نمت فيه أولا فرأيت النبي في المنام يتهلل وجهه فقال لي قد تبت قلت نعم يا رسول االله قال من تاب تاب االله عليه أخرج لسانك فمسح لساني بسبابته وقال إذا كنت بين يدي قوم تقرأ كتاب االله فاقطع قراءتك حتى يسمعوا كلام االله فانتبهت وقد انفتح لساني بحمد االله!

والغريب في هذه الأمة العجيبة أن أغلب شعوبها، وعلى رأسها متعلميها ومثقفيها ومفكريها، جميعهم يؤمنون بهذا الدجل إيمانا راسخا لا يتزعزع بأقوى بلدوزرات المنطق.

وتؤكد أحدث النظريات العلمية والدراسات العلمية السريرية، التي استخدمت أحدث أجهزة عمليات مسح الدماغ ومنها جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) وجهاز تخطيط كهربية الدماغ ( (EEG، وغيرها من تقنياتٍ حديثة. بالإضافة لعدد من المتطوعين أمضوا ليالي طوال في "معامل النوم" تحت المراقبة، وباستخدام أغطية تخطيط كهربية الدماغ غير الغازية. كانت هذه قادرة على مراقبة وتسجيل نشاط موجات الدماغ المرتبطة بنوم الموجة البطيئة، أو النشاط غير المنتظم الكبير، أو ما يعرف بالاختصار: (LIA) وكذلك "نشاط ثيتا" (نوم حركة العين السريعة).
وقد أظهرت عمليات المسح تلك ونتائج كافة كل الدراسات العلمية الحديثة بنظرياتها المختلفة بأن وظيفة الحلم هي "تعزيز الذكريات ومعالجة العواطف. وما أحلامنا إلا مجرد تعبير غير واعٍ دفين عن مشاعرنا ودوافعنا وغرائزنا المكبوتة ونوايانا ورغباتنا وأمانينا ومخاوفنا وآلامنا... الخ".
وتضمنت أحدث الدراسات أقوى الأدلة، حتى الآن، على أن الحلم مرتبط بمعالجة الدماغ للذكريات، خاصة؛ الأخيرة منها". حيث وجد أن الأمور شديدة العاطفية، على وجه الخصوص، لتجربة اليقظة يمكن أن ترتبط بكثافة نشاط الدماغ الحالم، ومحتوى حلمه. فالحلم مرتبط بحياة اليقظة، ووصف لبقايا يومٍ منصرم ومعالجة لبعض أحداثه.

بمعنى آخر؛ أحلامنا هي مجرد تنفيس عقلي وعاطفي وجسدي، أثناء حصولنا على قسط من الراحة. ويمكن أن تكون "بروفة" يُنبئنا بها العقل الباطن؛ لنكتسب من خلالها التدريب والممارسة على مواجهة الأخطار المحتملة. ويعتقد أغلب العلماء بأن الأحلام لا تخدم أي غرض حقيقي على الإطلاق؛ ومن ثم لا داعي إلى الجري وراء أي تفسيرات لها، حتى ولو كانت لابن سيرين (رضي الله عنه وأرضاه وطاب ثراه).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟