الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا اهل العراق .. اولادكم يلعبون الكرة فتعلموا منهم رجاء

حسين التميمي

2006 / 6 / 29
المجتمع المدني


في باحة دائرة ما تقع وسط حي سكني وتضاء بانوار تلك الدائرة عند المساء كونها تستغل نهارا لوقوف السيارات ، وتستغل مساء لمبيت بعض العجلات و.. للعب الكرة أيضا!
في تلك الباحة وبعد الساعة الثامنة اي ساعة بدء منع التجوال رأيت مجموعة من الفتيان ممن تقع اعمارهم بين السادسة والثامنة عشر او اكثر بقليل ، الفتية كانوا يشكلون فريقا شبه نموذجي يلعب بمواجهة فريق آخر مبارات لكرة القدم وبعد استماعي لما يقرب من النصف ساعة لأصواتهم - وهم يتنادون : فلان اقذف الكرة . فلان عليك بالوسط .. انت اذهب في المقدمة . هذا (فاول) .. هذا تسلل . وهكذا كانت الأصوات الفتية ترتفع في صمت الليل الذي ران عليه السكون .. لولاهم – أقول بعد مرور هذه النصف ساعة من الاستماع لهم ومن خلال مقارنة الاسماء اكتشفت بأن هؤلاء فيهم - السني والشيعي وفيهم مسيحي واحد واثنان من الاكراد .
شعرت وأنا اتابعهم من شرفة داري بأنني اتابع مباراة ودية بين فريق عراقي من المنطقة (كذا) وفريق آخر من منطقة مجاورة . كلهم أمل وحماس في الفوز بالمباراة عن طريق اللعب بالكرة وليس بأي شيء آخر ، وكل واحد منهم يتعاون مع صاحبه ويمرر له الكرة او يستلمها منه دون ان يفكر فيما اذا كان صاحبه سنيا او شيعيا . كرديا او تركمانيا . او من مذهب او دين آخر .
المفارقة ان ماحدث ظهر هذا اليوم – اي اليوم الذي شهد هذه المباراة – من عمليات قتل وتفجيرات طائفية طالت بيوت الله . وهذه البيوت لاتبعد عن هؤلاء الفتيان الا بضع عشرات من الأمتار !! لكنهم وكما يبدو لم يكترثوا للأمر ولم يفكر أحدا منهم بأن فلان الذي ربما هو من طائفة غير طائفته قد يكون مشتركا في هذه العمليات التخريبية .
بصراحة أقول مشهد هؤلاء الفتية وهم يلعبون الكرة ، متحدين حظر التجوال ، وحظر او تحديد التواصل بين الملل والطوائف والاعراق ، قد اعاد لذاكرتي مشاهد سبعينية او حتى لسنوات طويلة سبقت ماقبل 2003 . يوم ان كان الجار لايسأل عن ملة او طائفة جاره بل يسأل فيما اذا كان جاره بحاجة الى اي مساعدة او اي خدمة يقدمها له عن طيب خاطر . وبلا مقابل . حتى ان الكثيرين منهم كانوا يفتحون ثغرة في السياج الذي يفصل بين دورهم كي يستطيع الجار ان يدخل دار جاره دون الحاجة الى طرق الباب الخارجي سيما وان هذا الأمر كان يحدث بين المسلمين تحديدا بوصفهم اخوة في الدين واللغة والقومية ولا فرق بينهم الا بالتقوى .
ترى متى سنستعيد تلك الايام الخوالي كي نشعر مجددا بالراحة والطمأنينة والسلام ؟
متى سيزول عنا كابوس الطائفية ؟ لنعود مجددا اخوة وأحبة في الاسلام . الذي منه السلام .
وهل لنا ان نتعلم من ابناءنا , أو نعيد استذكار ماكنا قد نسيناه في زحمة التحشدات الطائفية التي لم تؤد بنا الى غير لغة القتل والدم والموت والبشاعة التي جعلت للشر افراخا تتوالد كل يوم بيننا ، حتى صار المسلم يتلفت يمينا ويسارا خوفا من اخيه المسلم !!
انا لا امارس هنا دور الداعية ، لكنني اتخذ السبيل او الطريق الوسط الذي يناسب هذه الفاصلة الحرجة من تاريخنا ، فيما يخص المنكر فأتخذ من اللسان سبيلا لتغييره ، واترك مابالقلب لم يرتأون الاكتفاء بالقلب واترك ماباليد لمن يرتأون التطرف نحو اليد . فالقليل من الحكمة تكفي لكي يرى الواحد منا ان الحق حقا فيتبعه وأن الباطل باطلا فيتجنبه .
وقبل ان انهي كلامي .. كنت قد ترددت كثيرا قبل ان اتطرق للخاتمة , ذلك انها ستبدو للقارئ شبه مفبركة . لكن ولأنني آليت على نفسي ان اتوخى الصدق فيما اكتب اورد هنا الخاتمة ، وليقل القائلون ماشاؤا من الأقاويل .
: بعد مرور دقائق من النصف ساعة التي شاهدت فيها تلك المباراة آنفة الذكر حدث انفجار قريب من مكان المباراة . الفتية لاذوا بزوايا وأعمدة من الاسمنت المسلح ، وكان بعضهم يحاول ان يفسح المجال للبعض الآخر خوفا من نثار الشظايا المتطايرة فتكدست خلف الزوايا والاعمدة شيع ومذاهب واعراق واديان ، ولله الحمد . لم يصب اي منهم ثم عادوا بعد ذلك بقليل كي يكملوا الشوط الثاني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ