الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتوصد بوابات الجحيم

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 6 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في سبيل إقامة الجنة على الأرض يجب أن توصد كل بوابات الجحيم، سواء في الدنيا أو الآخرة. في الثقافة الحقيقية يعمل الإنسان في جوهره على إيصاد بوابة الجحيم. وحين توصد بوابة الجحيم فلا بد ّ من إهمالها حتى تتحول إلى أطلال ، و وبذلك لن يكون أمام الإنسان سوى الفردوس، فليست هناك منطقة وسطى بين الجنة والنار . ولن يستحيل الكون فردوسا طالما ثمة دروب تؤدي إلى الجحيم ، وجهنم أي ّ إله ، وطالما بوابات الجحيم مفتوحة على مصاريعها.
و إنها لكذبة كبرى قولهم :( لا تبحثوا عن حياة أفضل في الدنيا ، إنكم ستلقونها في الآخرة
، أي أنها موجودة في عالم الغيب و الميتافيزيقا. إن هذه الدعوات توقع الإنسان في الشك و الإحباط و الخنوع لقوى الشر و الاستثمار والاستغلال. لكن في تاريخ أكثر الثقافات في الشرق الأوسط نرى الإنسان متماهيا في العقل ، نقيضا للقهر و الجمود. و الإنسان هو جوهر نفسه ، الساعي أبدا لأفضل حياة. الإنسان ذاته آصرة بين الناس أنفسهم ، و بينه و بين الله. فلا انقطاع بين الله و الإنسان لكي يحتاج إلى وسيط. و إن معنى الخلق و الحياة يكمنان في أعماق الإنسان نفسه ، وليس في أي كتاب مقدس ، و عليه أن يغوص في ذاته للكشف عن الحياة و أسرارها. إن معنى و حقيقة الحياة يحضران في عمق كل إنسان ، و أن دعوة المرء للبحث عن الحياة و معناها فيما وراء الدنيا و الحياة لخداع و كذب و نفاق.


الإنسان في العالم أول ما وعى ذاته فكّر جليّا في أن يسد ّ بوابة الجحيم ، و أبوابَ الخوف والرعب والقتل والإرهاب. وإن ّ من ينشر الرعب والخوف بين الناس متلذذا من عذاب ضحاياه ، إنما يؤذي العقل والروح . وإنه ظالم لأن الترهيب مبدأ لكل المظالم و التعسف و الإجحاف.
إن الإنسان العاقل يقدس العقل والروح ، فكيف يقدس إلها أو إلهة لا يحترمانهما، و يهددانهما بالنار والعذاب الشديد؟

الوعد بالجحيم في هذه الدنيا في سبيل الجنة في الآخرة عمل لا يليق إلا بالآلهة الذين يعجزون عن خلق فردوس في هذه الدنيا.
لكن العقل يؤكد أنه يمكن إقامة الجنة على الأرض بدون جحيم ، الجحيم التي لا تؤدي أبدا إلى أية جنة. لذلك فأن ّ تجفيف منابع الخوف والإرهاب هدف كل المناضلين في سبيل خير البشرية ، والخير لا يمكن أن يقوم على أساس الخوف من عذاب النار.

وإنّ كل ّ مخيف في نفس الوقت قبيح ، فلا يريد الإنسان الشريف حكومة أساسها خوف الناس من عذاب النار ( السياسة المعارضة) .
والفكر الذي يثير الخوف ويهدد مصير الإنسان ، يعمل على قتل العقل الإنساني ، ويفسد الروح والنفس ، و يؤسس لعبودية البشر ، فلا يمكن للعبيد أن يبدعوا ، فالإبداعات من صنع الأحرار أبدا. لذا يجب قلع جذور وجود الجحيم في الروح والعقل والنفس لكي ترتاح في هذه الدنيا.
آلهة تمرءوا في المرايا فرأوا وجوها متجهمة غاضبة وقبيحة ، فمنعوا الناس من رؤيتهم ، وأمروا بمنع تصويرهم ورسمهم. ولكن ثمة آلهة الجمال يدعون الناس إلى رؤية وجوههم الجميلة. إن الجحيم تعني فيما تعني رؤية قبح آلهة غاضبين رهيبين في الفكر والنفس والخيال.

رسم الآلهة ضروري لكي يتعرف الإنسان على وجه الإله الجميل. فالإله القبيح لا حق له في الألوهية .
وحين توصد بوابات الجحيم لن يعود الآلهة الظالمون قادرين على رمي من يخالف تعاليمهم في النار وتعذيبهم ، وسيتجردون من قدراتهم التدميرية ، و يفتح طريق البناء والحضارة، و تكون القدرات كلها للإنسان فيجعل من السماء زينة لفردوسه على الأرض.
التخويف بالجحيم الذي حتى لو لم يكن موجودا في الواقع ، إنما هو تعذيب وإرهاب. هذه الفكرة ، أي فكرة سدّ بوابات الجحيم كانت قوية في أساطير الشرق بحيث تأثر بها بعض الآلهة الوحدانيون مثل أهورامزدا ، ولهذا لم يقم بنفسه بتعذيب كفّاره ، بل كلّف أهريمن بتعذيبهم ، وهم الذين في الحقيقة من أنصاره . ورغم أن هذه الأسطورة فكرة ساذجة واستخفاف بعقول البشر . في سبيل خير البشرية وتقدمها و حرياتها فمن الجميل التفكير في قدسية العقل والروح ، ونبذ أية قوة تهينهما وترهبهما، وهذا سبيلنا لإيصاد بوابات الجحيم التي انفتحت علينا في عصر العولمة والفدرالية .
الخميس, 29 حزيران, 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خلافات بين نتنياهو والأجهزة الأمنية الإسرائيلية حول اقتراحات


.. صواريخ ومسيرات حزب الله -تشعل- شمال إسرائيل • فرانس 24




.. الانتخابات البريطانية.. بدء العد التنازلي للنتائج وترقب لمست


.. إيران تبدأ فترة الصمت الانتخابي قبل الجولة الثانية من انتخاب




.. الجيش الروسي ينشر صورا لاستهداف مقاتلة أوكرانية باستخدام نظا