الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في الموروث الأسلامي و تحريف التوراة والأنجيل

يوسف يوسف

2020 / 8 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المقدمة :
هوى الموروث الأسلامي بطروحاته في حراك ، ليس له القوة من حجج وأسانيد وروايات في الدفاع عن وجهة نظره ، وأقل ما يقال عنه ، أنه خسر مصداقيته ، حيث أنه لم يستطيع أن يؤكد أو أن يثبت ما رمى أليه ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، تضاددت مراميه مع بعضا من نصوصه التي تؤكد على مصداقية هذين الكتابين / التوراة والأنجيل ، في هذا البحث المختصر ساطرح وجهتي النظر ، مع قراأتي الخاصة .. ومن ثم خاتمة .

الموضوع :
سأسرد بادئ ذي بدأ ، بعضا مما جاء في الموروث الأسلامي حول تحريف التوراة والأنجيل / وهي أوردتها على سبيل المثال وليس الحصر :
1 . جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، حول التحريف في التوراة والأنجيل ، التالي – أنقله بتصرف (( تشتمل نسخ التوراة والإنجيل على شيء من الحق ، الذي وصفته الآيات الكريمة بأنه ( حكم الله ) ، ودعا القرآن الكريم اليهود والنصارى إلى إقامة هذا الحق واتباعه ، وجعله حجة عليهم في باطلهم . في هذين الكتابين كلام من كلام البشر ، نُسب إلى الله كذبا وزورا . ووقع في هذين الكتابين نقص ظاهر عن الكتب المنزلة على الأنبياء ، وذلك بسبب كتمان بعض الأحبار والرهبان شيئا مما استحفظهم الله عليه . تضمن تحريف الكتب السابقة أمرين : التحريف اللفظي ، بزيادة أو نقصان عما كان فيه ، والتحريف المعنوي ، بصرف الحق الباقي في هذه الكتب بلفظه ، إلى معاني باطلة ، تناقض ما أراده الله لعباده .. )) .

2 . وقد جاء في موقع / مركز الفتوى ، التالي حول التحريف أيضا ، أنقله بتصرف (( فإن تحريف أهل الكتاب اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل ثابت بالأدلة القطعية من الآيات القرآنية والأحاديث الصريحة ، أما الدليل من القرآن فهو قوله تعالى ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ) [المائدة: 13] . وقوله تعالى : ( ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم ءاخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) [المائدة : 41] )) .

3 . أما في الأحديث النبوية ، فقد جاء بنفس الصدد ، التالي : (( فما رواه الإمام أحمد والبزار واللفظ له عن جابر قال : نسخ عمر كتابا من التوراة بالعربية فجاء به إلى النبي فجعل يقرأ ، ووجه يتغير ، فقال له رجل من الأنصار : ويحك يا ابن الخطاب ألا ترى وجه رسول الله ، فقال رسول الله : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، وإنكم إما أن تكذبوا بحق ، أو تصدقو بباطل . " )) / نقل من نفس المصدر السابق .

4 . ومن طروحات علماء وفقهاء الأسلام ، أنقل التالي ، يقول " ابن حزم " ( 994 – 1064 ميلادي/ يعد من أكبر علماء الأندلس ، ومن أكبر علماء الإسلام تصنيفًا وتأليفًا بعد الطبري ، وهو إمام حافظ و فقيه ظاهري .. ) : إن كفار بني إسرائيل بدلوا التوراة والزبور فزادوا ونقصوا ، وأبقى الله تعالى بعضها حجة عليهم كما شاء ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) ، ( لا معقب لحكمه ) ، وبدل كفار النصارى الإنجيل كذلك فزادوا ونقصوا ، وأبقى الله تعالى بعضها حجة عليهم كما شاء ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) .

5 . ويقول أيضا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ( ولد ببني هاشم 618 م وتوفى 687 م ، صحابي جليل ، وابن عم محمد ، حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير ، وترجمان القرآن .. ) عن موضوعة التحريف ، التالي : " يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ ، وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ أَحْدَثُ الأَخْبَارِ ، أَفَلاَ يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مُسَاءَلَتِهِمْ ، وَلاَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ "اللَّهِ ، تَقْرَءُونَهُ لَمْ يُشَبْ ، وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ ، فَقَالُوا : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا . / نقل بتصرف من موقع / ملتقى أهل الحديث .

القراءة : أولا - أن التعلم يقود الى الوعي ، والوعي يوصل الى فهم أفضل ، والفهم يجعل من الحكم على الأشياء أقوم ، والفهم يقود للمعرفة ، فكيف من رسول أمي / هذا أذا سلمنا جدلا من أن الرسول حقا أمي ، أن يحكم من أن هذا الكتاب حق والثاني باطل والأخر محرف !! ، أقرأ بذاته هذه الكتب حتى يحكم بصحتها من بطلانها !!! .. هذا مجرد تمهيد أولي لقراأتي الخاصة .

ثانيا - ولو سلمنا جدلا من أن هذه الكتب محرفة / التوراة والأنجيل ، أين الكتب التامة الكاملة ، الكتب الحق ! ، وما هي النصوص المحرفة ، وأين النصوص الأصلية ! ، أما ما ورد في التفاسير ، من قبل بعض مفسري الأسلام ، فهو كلام مرسل لا يغني عن شي ، ولا يوصل الى حقيقة ما ! والذي يقول بباطل أمر ما ، عليه أن يبين الأمر الحق ، وأن يظهره للأخرين كقرينة دامغة .

ثالثا - والمفسرين أنفسهم غير مستقري الرأي ، وليسوا على منهج واحد ! ، فقد جاء في موقع الأسلام سؤال وجواب ، أنقله بتصرف التالي (( تحدث القرآن في العديد من المواضع عن التوراة والإنجيل ، فهما من وحي الله عز وجل لاثنين من أولي العزم من الرسل ، وكانا كتاب نور وهداية للبشرية في زمانهما ، والقرآن الكريم نفسه جاء مصدقا لهما ، ومؤمنا بهما ، ومهيمنا عليهما ، كما قال سبحانه : ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ . مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) آل عمران/3-4 .. وقال عز وجل : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة/48 )) ، نستنتج من هذا الموقع أنه يبين عكس ما قاله المفسرين من رأي في التوراة والأنجيل .
رابعا - والأمر المثير للعجب والدهشة ، كيف لله العليم الحكيم ، أن ينزل نصوص متضاددة متناقضة ! ، فمن جهة يقول بتحريف الكتب ، كقوله : ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ) [المائدة: 13]. وقوله : ( ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم ءاخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) [المائدة : 41] )) ، ومن جهة أخرى ، يناقض ويخالف ما قال ، كقوله ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ... ) آل عمران/3-4 .. وقال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ) المائدة / 48 )) ، أيعقل أن الله لم يعلم بأن أهل الكتاب سيحرفون ما لديهم من الكلم ، فكان الأولى بالله ، بأن يؤكد / أي في القرأن ، على نصوص التحريف فقط !! ، دون غيرها !! .
خامسا - وبما أن المسيح هو كلمة الله ، وفق المعتقد المسيحي ( فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ / أنجيل يوحنا 1: 1 ) / وهذا أيضا معترف به أسلاميا بقوله ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ/ 171 سورة النساء ) ، فأن المسيح يؤكد بعدم تحريف هذه الكتب ، ويقول (( ويقدم المسيح وعدا بأن كلمة الله لا تتغير فهو يقول في الموعظة على الجبل : " إلى أن تزول السماء والأرض .. لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس " . هذا التأكيد تجده في الإنجيل كما رواه متى ، كما يقول المسيح أيضا : " السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول ". وهذا الوعد أيضا نجده في الإنجيل كما رواه متى أيضا . ويؤكد المسيح أيضا " لا يمكن أن يُـنقض المكتوب " ، وجاء ذلك في السفر الرابع من العهد الجديد " إنجيل يوحنا " الأصحاح العاشر - الآية رقم 35 / نقل بتصرف من موقع - الخدمة العربية للكرازة بالأنجيل )) .

سادسا - أن الأدعاء بتحريف الكتب السماوية ، هو تمهيد لأسلمة العالم ، لأجله أن النص القرآني أختصر الأمر بأية واضحة جلية مباشرة وهي ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون / 29سورة التوبة ) ، وأن كل الذي ذكر من تفاسير وأحاديث ، فأنه يصب في أن الأسلام كدين هو الحق ، ملغيا كل ما قبله وما بعده من أديان ومن معتقدات ! وأن أزمة التحريف هي أزمة مفتعلة الغاية منها هو " الأسلمة " .

خاتمة :
أيعقل من أن كل الكتب السماوية محرفة ألا القرأن !! ، وأن كان الأمر كذلك / وهذا غير منطقي البتة ، فأن الأمر يصب في مصلحة غايات محددة ، وهو من أجل تأكيد النص القرآني القائل ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ / 19 سورة آل عمران ) ، وعملية التحريف ، هي أطروحات دعائية دينية غير مسندة بحجج ، وبنفس الوقت هي تصدير فكرة الدين الأوحد للمتلقي ، وأن الأسلام ، وبنفس الوقت وضع حد التشكيك على كل دين ظهر قبله ، ونهى عن أي معتقد أو فكر بعده ، على أعتبار أن الأسلام هو الدين عند الله ! ، ومن ثم نهج الموروث الأسلامي من أن الرسول هو خاتم الأنبياء " مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُم وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليماً "/40 سورة الأحزاب " .. أرى ختاما أنه من الصعوبة بمكان أن يقف الأسلام منتصبا أمام قامات دينية سبقته بقرون ، خاصة وأن الأسلام مخضبا حتى قدميه بالدم من خلال الأرهاب التي تصدره نصوصه للعالم ! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الشيخ السعودي ربيع المدخلي أحد أبرز شيوخ السلفية


.. وفاة الشيخ السعودي ربيع المدخلي أحد أبرز شيوخ السلفية




.. بابا الفاتيكان يستقبل زيلينسكي وروما تستضيف مؤتمر تعافي أوكر


.. تحركات عربية ودولية لمواجهة خطر الإخوان.. من يكتب نهاية التن




.. إجراءات حاسمة ضد الإخوان في الأردن.. هل تقضي على مخططات التن