الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان التحريض والتطاول

حسين عبدالله نورالدين

2006 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ماذا فهم من المهرجان التعبوي الذي أقامته الحركة الإسلامية في مدينة الزرقاء وكان بعنوان ملتقى الحركة الإسلامية لنصرة شعب فلسطين والتضامن مع النواب الأردنيين المعتقلين.

تناوب المتحدثون المتحمسون وأطلقوا الشعارات الرنانة والعبارات الساخنة المؤيدة لحق ا لشعب الفلسطيني في المقاومة. إلى هنا الوضع طبيعي. لن يعترض احد.

لكن المتحدثين تجاوزوا ذلك إلى الحديث عن الدولة الأردنية وكأنهم يمنون عليها وكأنهم أصبحوا سدنة العرش وحماة الدولة. تباهى الخطباء بان الحركة هي التي حمت الدولة عام سبعين وهي التي حمتها عام تسعة وثمانين. لكن حديثهم كان يقطر حقدا وغضبا وفيه الكثير من التطاول على الثوابت. ولأول مرة نسمح خطباء يتحدثون عن "العوائل المتنفذة". نغمة يشتم منها أفكار صراع طبقي باتت تدور في أذهان قيادات الحركة الإسلامية. وكان هذه الحركة تريد توظيف أخطاء عدد من المنتمين إليها واقصد عصابة الأربعة من نوابها الذين قاموا بتمجيد الإرهاب تريد توظيف هذا الحدث لتنتقل إلى مرحلة جديدة من الصراع مع الدولة من خلال التحريض على العوائل ومن خلال التحريض على الدولة. فما معنى ان يقول احد الخطباء أن على الحكومة أن ترحل؟ وما معنى أن يقول آخر انه يترحم على أيام الأحكام العرفية؟ هل ينوون العمل مجددا تحت الأرض؟

موضوع عصابة الأربعة من نواب الحركة منظور الآن أمام القضاء وأي حديث فيها سيكون غير موضوعي. سيقول القضاء كلمته أن إدانة أم براءة. لكن الحركة الإسلامية وهي ترفض الاعتذار عما سببه هؤلاء الأربعة من أذى نفسي وأخلاقي لعوائل الشهداء الذين سقطوا في إرهاب القاعدة في الفنادق تقوم بالتخندق ضد الشعب الأردني الذي يرفض الإرهاب.

هي عادة الحركة الإسلامية الهجوم كوسيلة للدفاع وبالصوت العالي فتجمع أتباعها ومناصريها ومؤيديها وتبدأ الخطب الرنانة والشعارات العالية وكلها كلمات حق يراد بها باطل. يفترض بالحركة الإسلامية أن تظل حركة وطنية أردنية تلتزم بثوابت الدولة وتقف مع الشعب الذي يرفض هذا الأسلوب الخطابي المكشوف الذي يستهدف حشد الأنصار وكأننا في معركة كسر عظم.

كان هناك بين الخطباء امرأة هي عضو في مجلس النواب الأردني. وحديثها كان أيضا قاسيا ضد الدولة وضد المجلس . ولست هنا في معرض التحريض ضدها ولكن اعتقد أنها خرجت على موقف زملائها النواب بتأييدها أولئك الذين مجدوا الإرهاب. ودعوتها لإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل كانت في غير محلها وتدل على قصر نظر سياسي. فالمطالبة بإلغاء المعاهدة من قبل سياسيين عاديين أو حزبيين قد يكون مفهوما أما أن تكون المطالبة من عضو مجلس نواب فهذا غير مفهوم. أي أن النائب إذا أراد أمرا فانه يجب أن يكون ضمن إجراءات مجلس النواب وتحت القبة. فهل تجرؤ هذه النائبة وغيرها من نواب الحركة الإسلامية أن يطرحوا على بنود جدول أعمال الدورة القادمة للمجلس مسالة إلغاء المعاهدة مع إسرائيل؟

الذين استمعوا إلى طريقة الخطباء في مهرجان الزرقاء لاحظوا التشابه في بعض طرق الإنشاء في نصوص الخطب وكان الحال يقول أن هناك من لقن هؤلاء الخطباء أو على الأقل من أعطى التوجيهات.

لكن أحدا منهم لم يصف الزرقاوي بأنه شهيد أو يمجد أعماله حيث أنهم انتهازيين واجبن من أن يقولوا بما يفكرون به. غير أن الحال العام يشي بما يضمرون. واختيارهم مدينة الزرقاء لإقامة هذا المهرجان إشارة كافية إلى حقيقة مواقفهم. لكنهم ظلوا مصرين أنهم لن يعتذروا. وعن ماذا يعتذرون؟ قالوها صراحة أنهم لن يعتذروا عن فعل لا يروه جريمة. عن فعل لا يرون فيه أي إساءة للشعب. حتى أنهم لم يترحموا على شهداء الفنادق. (ولماذا يترحمون عليهم ما دام شيخهم لم يعتبرهم شهداء).

التدقيق في نصوص الخطب يعطي الانطباع وكان الحركة الإسلامية قررت قطع جميع الخطوط وتجاوز كل المحظورات. كان هناك حديث عمن سماه الخطباء بكتاب التدخل السريع ويقصد به الكتاب الذين تصدوا لمواقف الحركة المؤيد ة للإرهاب والإرهابيين. كما كان هناك تشكيك بمواقف الحكومة، وخاصة فيما يتعلق بالغلاء والأسعار وكان المهرجان خصص لتأليب الناس ضد الحكومة. ولست اقصد هنا أن أقف بموقف المدافع عن الحكومة فعندما يكون لي موقف من الحكومة أقوله علنا. ولكن التحريض والتأليب مرفوض بهذا الشكل المكشوف.

أرى أن الحركة الإسلامية تجاوزت الحدود وحان الوقت لوضع حد لهذه التجاوزات. عندما كانت الأحزاب محظورة في الثمانينات سمح للنقابات وللإخوان بالعمل في المجال السياسي لملء الفراغ وكنوع من التسامح من قبل الدولة مع هؤلاء الذين لم يكونوا يهددون وجودها. أما الآن فان الأوضاع اختلفت. فمن يريد العمل في السياسة فدونه الأحزاب وهي كثيرة ومن لا يعجبه حزب بامكانه أن يشكل حزبا، أما استخدام الدين واللعب على العواطف الدينية من اجل الوصول إلى أهداف سياسية فهذا ما يجب أن تتنبه له الدولة قبل فوات الأوان.

من حق ا لدولة أن تعيد النظر في ترخيص جماعة الإخوان المسلمين، فهذه جمعية خيرية ويفضل أن تبقى كذلك. فهل تسمح الدولة لأي جمعية أخرى أن تعقد مهرجانا خطابيا وتتحدى الدولة وتحرض على الثوابت؟

أخيرا، لوحظ انه لم يكن أمام الخطباء امن الميكروفونات سوى اثنين واحد للقاعة والثاني لقناة الجزيرة. وهنا سؤال كبير: لماذا تقوم قناة الجزيرة بتسجيل مثل هذه الخطب وبثها؟ ما هي حدود المسؤولية الأخلاقية لمحطة مثل الجزيرة في التعامل مع مثل هذا المهرجان الخطابي التحريضي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك




.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر