الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثر المكون الثقافي في تعزيز مسارات التنمية في البلدان العربية والاسلامية

ربيع العايب
كاتب وباحث

(Rabie Laib)

2020 / 9 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تهدف الدراسات الاجتماعية المعاصرة إلى الاهتمام بتوصيف الظواهر المجتمعية والبيئية والاقتصادية، والتنموية في ضوء مقاربة نسقية تفاعلية، لتقديم سبل وآليات التنمية المجتمعية بمختلف تجلياتها المادية الصناعية والثقافية المعرفية؛ وإذا كانت العلوم الطبيعية قد دعمت مسارات التنمية لدى شعوب العالم منذ عصر النهضة، فإن العلوم الاجتماعية لازالت إلى اليوم تبحث لها عن أفق جديد، في ظل اشتداد ظاهرة العولمة، وضرورة انجذابية العالم لأفكار العولمة بثقافاتها وصنائعها، في سبيل تحقيق تنمية محلية ومستدامة، فبالنسبة للعديد من الباحثين، أدت العولمة إلى إحداث العديد من حالات الانفتاح المتبادل على مستوى العالم، فأدت إلى نسف مركزية الدولة، وإفقادها جزء كبير من سلطتها على مراقبة القيم الثقافية المحلية، وهو الإطار الذي نشأت فيه هذه العلوم أي ضمن براديغم الثقافة العالمية، وما تبع ذلك من نشأة ظواهر تتسم بالجدة لا يمكن التعاطي معها إلا بتوسيع زاوية النظر والإحاطة بمختلف المتغيرات الثقافية الوافدة للبلدان النامية والسائرة في طريق النمو، وهذا من خلال ما حملته الشركات العابرة للقارات، والمنظمات الغير حكومية، وشبكات الاتصالات والانترنيت...،من مشاريع وأفكار تغريبية.
هكذا فإن رهان العلوم الاجتماعية اليوم، هو العمل على تعزيز وتحرير القيم المستلبة في واقع الحياة الثقافية، باعتبار النموذج الثقافي من الاتجاهات والنماذج المفسرة للتنمية البارزة منذ بداية القرن العشرين، تجلى ذلك في نظريات النهضة والتمدن في الفكر العربي المعاصر مع مالك ابن نبي وادوارد سعيد والجابري...وغيرهم، أو من خلال محاور علم اجتماع التنمية، كما أشار إلى ذلك الألماني غوستاف شمولر، إذ أن التفاعل بين الخصائص الإنسانية والنظم الاقتصادية والاجتماعية هو المنطلق الحقيقي والفاعل لكل عمليات التقدم والنمو، هذا ما يؤكد أهمية التفاعل بين العنصر الاقتصادي والعناصر الثقافية والاجتماعية، لكل مجتمع نامي على حد تعبير غولدنار: "أن الثقافة عربة الحضارة"، بمعنى أن الثقافة هي العامل الأساسي في تشكيل مفهوم الحضارة؛ وعلى الرغم من أهمية الثقافة في تشكيل نموذج تنموي أصيل، إلا أن الإشكالية تكمن في طبيعة النموذج الثقافي المطبق، حيث أن الثقافة قد خضعت لشروط العولمة ومستلزماتها منذ سنوات التسعينات من القرن الماضي، وارتبطت أكثر بثقافة المجتمع الغربي من حيث المكونات والأهداف والمبادئ التي ترى إلزامية تطبيقها بالمجتمعات النامية، وتوظيفها كعنصر فعال في عملية التنمية هنالك. من هنا تنجلي إشكالية مداخلتنا، ضمن موضوع ملتقى راهن العلوم الاجتماعية والإنسانية وقضايا التنمية ومن خلال محور التجارب والآفاق التنموية في العالم العربي والإسلامي، لهذا نفترض أنه من الواجب أن نشرك النموذج الثقافي في عملية التنمية، كونه من صميم الدراسات والإشكالات الاجتماعية والفلسفية، خاصة بعد هيمنة القوى الرأسمالية المتقدمة على البلدان النامية، ما عقّد من مشروع التنمية في هذه البلدان كونه تسلل إلى البعدين الثقافي والاجتماعي وسيطر عليهما، بعد أن أطبق على البعدين السياسي والاقتصادي، فوجدنا أنفسنا أمام أنساق ثقافية عالمية تستحوذ على الأنساق المحلية. وهنا نثير التساؤل الإشكالي التالي: إلى أي مدى يساهم المكون الثقافي في مسار التنمية في البلدان العربية والإسلامية؟ وهل يمكن قيام تنمية مستدامة دون الرجوع إلى الأسس الثقافية المحلية؟ وهل من الضروري استعارة النماذج الثقافية العالمية حتى تتحقق التنمية؟ وبعبارة أخرى، هل نجاح ودوام التغير الاجتماعي يكون أكبر عندما يتوافق هذا التغيير مع القيم والعادات والتقاليد وأساليب الحياة في المجتمع أم باستعارة النموذج الغربي السبّاق لتحقيق التنمية؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا