الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


---رد على ما يسمى بالعلماء ونصّابي الشهادات العليا في مسألة المدارس المختلطة

نبيل فياض

2006 / 7 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل أشهر، وكنت ذكرت ذلك في مقالة سابقة لي، اعتقل شخص بالغ في إحدى بلدات ريف دمشق، المشهورة بالتعصّب الديني " السنّي "، بسبب اغتصابه لطفل صغير جاء إلى محل الرجل الذي يعمل سمّاناً كي يشتري بعض أشياء لأهله؛ ومع توسّع دائرة التحقيق، وفي ظرف ساعتين، تم اعتقال حوالي الأربعين ذكراً من تلك البلدة مع اكتشاف شبكة أخطبوطيّة من اللوطيين. ولأن مدير تلك الناحية علوي، فقد ضغط أصحاب الحل والعقد من أرباب الشعائر كي تُقفل القضية: ربما أنهم خشوا أن يصل البلّ إلى ذقونهم البيضاء. في بلدة " أخرج " [ لفظ يستخدم في الإشارة إلى المتطرّفين الذين يتلفظون به وهم يضربون من يعتقدون أن الجن يسكنه ]، التي أعيش ليس بعيداً عنها كثيراً منذ شباط 1999، لم أسمع إلا بعمليات النصب والاحتيال وكتابة التقارير الكيديّة لكافة أفرع الأمن والدعارة الذكوريّة، التي تُعامل هناك كأمر أقل من عادي؛ ونادر أن تسمع برجل إلا ويقال لك إن فلاناً كان " يقطره ". بالمقابل، في هذه البلدة الأفسد التي رأيتها في حياتي غير القصيرة، لا يمكن أن ترى امرأة غير محجّبة، بل إن غطاء الوجه، المتنافر مع تقاليد الريف السوري، ينتشر هناك، مع اللواط والنصب والاحتيال والسرقات والتقارير الكيديّة، كانتشار النار في الهشيم. والقصص التي أجمعها، والتي سأسعى إلى نشرها في حال مغادرتي سوريّا إلى الأبد، لا يمكن لعاقل تصوّرها.


من معرفتي الخاصّة ببلدتي الأصليّة حمص، ومن تنقلّي بين أحيائها المتعصّبة والمنفتحة، تعلّمت بالفطرة أن الجرائم بكافة أشكالها – أذكر هنا أساساً اغتصاب الأطفال وسفاح المحارم والمخدّرات – تتناسب طرداً مع كم التعصّب في الحي. بل إن نسبة الجرائم التي نصادفها في بلد مغرق في تعصّبه كحلب، لا يمكن مقارنتها على الإطلاق بالنسبة المقابلة في بلد منفتح مثل جونيه. هل يمكن لنا أن نقارن اجتماعيّاً وحضاريّاً وأخلاقيّاً ومعرفيّاً بين بلدتين صغيرتين من ريف دمشق، الأولى منفتحة، مثل صيدنايا أو معلولا، والأخرى منغلقة، مثل عين ترما أو عربين؟ لا بل من أجل التأكيد، فإن مدينة سوريّة تكبر بقوة اليوم، تشتهر منذ قرون بشيئين: لا يمكن لامرأة أن تمشي مكشوفة الوجه فيها، ولا يمكن أيضاً أن تجد فيها رجلاً لم يمارس المثليّة الجنسيّة بشكل أو بآخر.


التعصّب الديني يعني الانفجار السكّاني والفصل بين الجنسين: الانفجار السكّاني، الذي هو اليوم في أعلى درجاته بين صفوف الطائفة السنيّة في سوريّا – لقد وصلنا إلى مرحلة حرجة ولا بدّ من تسمية الأمور بمسمياتها – مقابل الطوائف الأخرى، يعني الفقر وبالتالي انهيار البنى الاجتماعيّة ومن ثم الإجرام؛ الفصل بين الجنسين يعني ضمن أشياء كثيرة، الكبت الجنسي القاتل والتعامل المهزوز بين الجنسين وبالتالي السحاق – سواء منه العادي [ منتشر في حلب حيث تسمّى السحاقيّة هناك في الأوساط إياها " بنت العشرة " ] أو الديني على النمط القبيسي – واللواط، بشكليه العادي أو الصوفي.


مشكلة سوريّا أنه لا إحصاءات بالمعنى العلمي الدقيق للمصطلح فيها. لكن يمكن القول مما ينشر في الصحف إن نسبة الإجرام بين صفوف السنّة العرب في سوريا، الذين هم ليسوا الغالبيّة العظمى كما يشاع، بل أكبر الأقليّات، غير قابلة للمقارنة مع نسبته عند الطوائف الأخرى، خاصة تلك التي تقارب بنمط وعيها ذلك الموجود في الغرب، وأحدد هنا المسيحيين والإسماعيليين والمرشديين والدروز، الذين لولاهم لكانت سوريّا أقرب ما تكون إلى يمن " غير سعيد ". وأذكر تماماً أنّ امرأة سنيّة [ متعلمة ] في حمص، استنكرت مرّة أن يشترك مسيحي في جريمة وقعت في تلك المدينة، على اعتبار أن الجرائم أمور تحتاج إلى " قلوب قويّة " ليست موجودة خارج أهل السنّة والجماعة. بل أن ثمة نكتة-حقيقة شائعة في حمص مفادها أن مسيحيّة رأت أن أخلاق ابنها في انحدار سريع، فلما سألت عن السبب، قيل لها إن الولد يماشي أولاد المسلمين. هل يمكن أيضاً المقارنة بين الإجرام عند السنّة أو الشيعة العراقيين وما يقابله عند المسيحيين أو الصابئة أو اليزيديين في البلد ذاته؟ وماذا يمكن للعلماء الأفاضل أن يسمّوا هذا القتل المتبادل بين السنّة والشيعة، وكلّهم متدينون، في العراق؟


حين كنّا صغاراً، أي قبل أن تضرب سوريّا كوارث التطرّف من أمثال وهبة الزحيلي [ لدي شريط فيديو له من محاضرة بالنبك، يخجل منها الزرقاوي وبن لادن وباقي ليستة الإرهاب والطائفيّة الوسخة ] والبوطي و"الدكتور" عضو مجلس الشعب عن قائمة الأستاذ محمد حمشو، صهر ابن مفتينا الراحل، السيّد محمد حبش، كان أهلنا يقاتلون كي يجدوا لنا مكاناً في إحدى مدارس الراهبات، لندرة الأماكن والمدارس وقتها. اليوم، يتحد الطائفي مع مدعي الدكترة [ لم يبق في سوريّا من يسوّق للحضارة غير دكتور التجويد هذا – ألم يقل " زمن فيفي عبده "!! ] وعجوز الإرهاب وشيخ التطرّف في شتم هذه المدارس بلغة صار المعاقون في سوريّا يجدونها غير مبررة فكريّا: لغة طالبان التي أوصلت أفغانستان إلى قاع البشريّة، بكل ما تعنيه تلك الكلمة من مخدرات وأفيون واغتصابات وعهر مؤدلج!!


الدولة هي المسئولة عن هذا التسيّب. الدولة هي المسئولة عن هذا العهر حين تسمح لقلّة معاقة من المجتمع بأن تشتم – نعم تشتم – من لا ينتمي إلى اصطبلها من باقي خلق الله في الوطن. الدولة هي المسئولة حين تسمح بتدريس كتب في كليتي الشريعة والحقوق تنال من أبناء الوطن من غير أهل السنّة والجماعة! الدولة هي المسئولة حين تسمح لمدعي علم، فقط لأنه صهر كفتارو، بالوصول إلى مجلس شعبها بل وتعين منه مدافعاً عن قضاياها " العادلة ". الدولة هي المسئولة حين تجعل من البوطي غولاً تضرب كفاً بكف اليوم في محاولة التخلّص من إرهابه الديني! الدولة هي المسئولة في تحويل بلدة مثل دير عطيّة كانت قمة في العلم والمعرفة إلى طالبانستان على يد معاق فكريّاً والست أخته: وما البلدات السوريّة السنيّة الأخرى غير نسخ كاربونيّة عن دير عطيّة.


ارفعوا أيدي دعاة القتل والإرهاب والطائفيّة والتخلّف عن أعناق الطائفة السنيّة! لا!! ليس السنّة محكومين جينيّاً بالإعاقة الفكريّة: السنّة – للأسف – محكومون من رجال دين معاقون فكريّاً يجعلون قدر الطائفة السنيّة كلها الإعاقة الفكريّة. لا أحد يمانع أن يضع البوطي وحبش والزحيلي أولادهم أو أحفادهم في مدارس غير مختلطة!! لكن ما دامت المسألة دينيّة، لماذا لا تعطيهم الدولة منطقة في الصحراء التدمريّة، كمكة أو المدينة، تُضرب لهم فيها خياماً، كما كانت الجماعة الأولى تماماً، لا ماء فيها ولا كهرباء ولا سيارات ولا طائرات – أي بلا بدع غربيّة على الإطلاق – يطبقون فيها دقائق الشرع، بدءاً من استعمال ثلاثة أحجار في الاستنجمار والالتزام بالخرطات الثلاث وانتهاء بغمس جناحي الذبابة في الوعاء إذا وقعت فيه – شرط أن يحاط هذا الغيتو بأسلاك شائكة منعاً لشرورهم عن باقي الخلق العاديين. لا بدّ أيضاً من رفض إدخال أي شرطي إلى ذاك الغيتو لأن القاطنين فيه سيتقاتلون فيما بينهم على الخلافة، وربما نشهد موقعة جمل بين الأخت منيرة القبيسي وآنساتها وجيش محمد حبش؛ أو ربما سيقوم أحد الأتقياء من هؤلاء بوضع تقي آخر في جيفة حمار وحرقه حيّاً – تيمناً بما فعلوه مع محمد بن أبي بكر – أو قد يقوم ابن خليفة بقتل خليفة آخر كما فعل أخو عائشة مع عثمان؛ أو أن يقتتل خليفتان في موقع سنفترض أن اسمه صفين؛ أو يقوم أتباع خليفة بتحريق بيت زوجة من هو مرشح آخر للخلافة...


يمكن أخيراً أن نسمح لحاخام يهودي اسمه كعب الأحبار أو وهب بن منبه أو عبد الله بن سلام بالدخول إلى ذلك الغيتو من أجل إشعال نار الخلافات أكثر و"تزبيط " تراث تتناقله الجماعة وتقدّسه حتى تنقرض، بإذنه تعالى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن خلال حفل -شهر التراث اليهودي-: الحرب على غزة ليست -إبا


.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت




.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah