الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتجاج الكاركتيري

ابتسام يوسف الطاهر

2006 / 7 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مقال للصحفي الابريطاني المشهور روبرت فيسك المنشور في صحيفة الاندبندنت, حول التضاهرات التي عمت العالم الاسلامي من المحيط الى مابعد الخليج، والتي رافقها حرق اعلام وتهديد بالقتل، وضحايا من اطفال وشباب، ومقاطعة الدول الاوربية وتخريب سفاراتها بالدول العربية. على اثر نشر احدى الصحف الاوربية لكاركتيرات تسئ للاسلام والنبي محمد (ص)، ليس الان بل في سبتمبر العام الماضي!
يقول "ان الغرب قد ضيع دينه (المسيحية) بينما المسلمين حافظوا على ايمانهم.. اذن الصراع ليس بين المسيحية والاسلام (كما يدعي البعض من الطرفين) بل هو بين الغرب والعالم الاسلامي".
يتحدث الصحفي فيسك، عن كذبة حرية التعبير او المبالغ بها التي يتباهى بها الغرب، فيذكر كيف احرقت سينما في فرنسا، لعرضها فيلم (اخر رغبة للسيد المسيح)
The Last Temptation of the Christ
وراح ضحية ذلك الحريق شاب فرنسي .
كذلك يذكر انهم في احدى الجامعات الامريكية حذفوا عبارة (بحق الرب) من عنوان محاضرته (11سبتمبر، اسالوا من فعلها، ولكن بحق الرب، لاتسالوا لماذا) لانهم كما برروا له, لايريدوا اثارة مشاكل مع المتدينين بزج كلمة الرب بعنوان ساخر.
ونشاركه في تسائله, ماذا لو استبدلت صورة النبي محمد (ص) بصورة لراباي يهودي؟ قطعا ستتعالي الصرخات والتنديد بالتهمة الجاهزة (معاداة السامية)..وقد سمعنا كثيرا عن احتجاج اسرائيل على الصحف المصرية لنشرها بعض كاركتيرات ضد ممارسات اسرائيل.
بل هناك في اوربا عموما وفرنسا والمانيا والنمسا خاصة، قانون يمنع تكذيب الهولوكوست، او حتى الاشارة الى المبالغة فيه كما حصل بمحاكمة المؤرخ ديفيد اروينغ بجريمة تكذيبه الهولكوست قبل ثمانية عشر عام! اكرر، قبل ثمانية عشر عام! بالرغم انه تراجع، وذكر ان المحرقة موجودة لكن المبالغة بعدد الملايين، حيث قال انهم قد يزيدون عن المليون وليس ستة ملايين!
اذن هو ليس صراع حضارات كما يشاع , ولا هو صراع اديان, بل هي سياسة شريعة الغاب! فالسلوك البربري الغير متحضر مازال هو السائد، كما نرى بسلوك الجنود الامريكان بالعراق .. يقابله سلوك البعض منا من المتاسلمين بعمليات القتل التي يمارسوها ضد المسلمين باسم الجهاد, او بدعواهم الى الغاء حضاراتنا وإعادتنا لعصورالتخلف والبربرية, وحتى بطرق الاحتجاج التي كثير ماتكون وبالا علينا كما حصل.
كلنا نعرف بديهية سياسة البعض من الغرب المعادية او المتعالية على العرب والمسلمين. ولكن لنسأل: ألسنا أحد اسباب تلك السياسة، اوعلى الاقل بمواصلتها؟ فماذا فعلنا نحن العرب او المسلمين للرد على سياستهم تلك؟ وقد بات واضحا انها ليست من وازع ديني بقدر اسبابها السياسية والاقتصادية. فالدين استغله الطرفان لتحقيق رغباتهم البعيدة عن الدين.

انه امر رائع تلك الهمة وتكاتف الجميع عربا ومسلمين واتحادهم للاحتجاج على نشر الكاريكتيرات التي تسخر من الاسلام ونبيه الامين. ولكن هل يجب ان يكون الاحتجاج بتلك الطريقة الغير مدروسة اذا لم نقل عنها همجية؟ وبذلك العنف والعشوائية, وقد تسببت بقتل العشرات من المحتجين في بلدانهم وليس في اوربا, وبهذا التوقيت بالذات ؟
فسلوك بعض المسلمين خاصة في السنوات الاخيرة، كان اسوأ من الكاركتيرات تلك نفسها، لحجم الخسائر البشرية الذي سببه ذلك السلوك في صفوف المسلمين! وماسببه من تشويه للاسلام اكثر من تلك الكاريكتيرات، خاصة والغرب بعنصرييه يتحين الفرص للنيل منا ومن الاسلام.
ابتداءا من استخدام امريكا (المجاهدين المسلمين) لمحاربة الروس في افغانستان، ومارافق ذلك من ترويع للصغار وتهديم ذلك البلد الفقير، وقتل النساء والرجال بالشوارع بطريقة بربرية. الى قطع ايدي وارجل الشباب الجائع في الصومال، باسم الاسلام لسرقة بعض الجياع قطع الخبز او القليل من الطعام!! ولاندري ماسيحل بالصومال اليوم!
بينما ترك اؤلئك (المجاهدين) اطفال فلسطين يقاتلوا الدبابة الاسرائيلية بالحجارة! واكتفوا هم بالتفرج وبخطب وشعاراتهم(عاشت فلسطين عربية).
الى صور ابو حمزة المصري وهو يخطب بشوارع لندن، التي احتظنته ومنحته شهادة وعيش كريم، مهددا بريطانيا واوربا ! ربما تحت تاثير الهلوسة, يطالب استبدال النظام البريطاني بنظام الخلافة الاسلامية!
اضافة الى عشرات الافلام الوثائقية المؤلمة عن مايحصل اليوم بالعراق من قتل وترويع واهانة للانسان امرأة ورجل باسم الاسلام!. مع ذلك لم تخرج الجموع معلنة غضبها او احتجاجها، ضد عمليات القتل تلك، او ضد تشويه الاسلام على يد اي كان. ولم يدافعوا عن سمعة الاسلام والمسلمين، ولاتراثهم الحضاري!
كم تمنينا لو تلك الجموع اتحدت بهذا الشكل الهادر لتحتج على الحصار الذي فرض على شعب العراق، او تحتج على صدام وحروبه التي دمرت العراق. او على الاقل تدين وتلعن القتل اليومي الحالي للمسلمين ابناء النبي محمد (ص) وغيرهم من ابناء العراق وفلسطين وبيد المسلمين انفسهم. او تطالب بايقاف نزيف الدم العراقي اليومي!
لكن جموع المسلمين تلك صمتت حتى ازاء السلوك المخزي الاجرامي لقوات امريكا ضد السجناء في العراق (حتى لو كانوا يستحقون العقاب)! ولم تتحرك كما فعلت ضد الكاركتيرات اياها.
ولا حتى ضد التهديد الامريكي لسوريا وايران، اللذان هما الان باوج حاجتهما للدعم الاوربي والعالمي للوقوف بوجه التهديدات, بدل من ارسال الارهابيين لقتل العراقيين, لاشغال امريكا كما يعتقدون.
لم تصرخ أي جماعة مطالبة بعقاب من جندتهم امريكا لصالحها، ممن شوهوا الاسلام من زرقاويين او غيرهم ممن شوهوا الجهاد, الذين تناسوا ماساة الفلسطينيين ولم يمسوا اسرائيل, التي لم تتوقف عن اعتدائها على الشعب الفلسطيني ولم تتوقف عن محاصرته مهما تنازلوا لها؟ وذلك لعمري يغضب النبي محمد (ص) اكثر من رسم كاركتيرات في صحيفة غير معروفة، وبقلم صحفيين (لاراحوا ولااجوا) حيث نشرت قبل نصف عام، ومرت دون ان تثير جدلا ولا احتجاجا.
وكان ممكن ان نحتج، ولكن بشكل متحضر ومسموع, لدى سفارات تلك البلدان مثلا، او نهددهم بقطع العلاقات, دون ان نكبد انفسنا خسائر مادية وبشرية! ودون اثارة تلك الضجة التي منحت تلك الصحيفة شهرة لم يحلموا بها، حتى في اقصى احلامهم الفنطازية.
مع ذلك نراهم متناسين الكوارث التي تترصدهم وراحوا يصبون زيتا لنار الحقد الاوربي, خاصة لدى العنصريين منهم, الذين يتحينوا الفرص ليستثمروا حتى غضبنا ضدنا او لصالحهم.
فماحصل يشبه ماحدث من سنوات حين تحرك الاف المسلمين تطالب براس سلمان رشدي، على كتابه الذي اساء به للنبي (ص) فكانوا السبب بشهرة الكتاب ذاك حيث صار حتى الذي لم يقرا لسلمان رشدي ولم يسمع به من قبل، يسعى لقراءة حتى كتبه السابقة.
فمن ذا الذي يحرك حصان عواطفنا الجامح، وبالاتجاه الذي يُستخدم ضدنا؟ او اذا لم يكن ضدنا، فهو لصالح من يتربص بنا على الاقل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran