الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدينة الثورة والاشكال الأولية للدين-القسم التاسع

صوت الانتفاضة

2020 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لخصت الدكتورة نزيهة الدليمي واقع المرأة في الريف العراقي بشكل ممتاز اذ قالت ((هي الة للإنتاج، قابلة للبيع والشراء، ولا يقتصر انتاجها على الأطفال بل يتعداه لحساب مالكها "الزوج". ولهذا المالك حق اتلاف هذه الالة "قتلها"، كأي الة أخرى في حال عدم صلاحها، او استبدالها بأخرى "طلاقها وزواج غيرها" او الحصول على اخريات مثلها في آن واحد "تعدد الزوجات")).
مجتمع مدينة الثورة بقي محافظا على طبائع الريف الذي انحدر منه "عادات وتقاليد وقيم"، المرأة في هذه المدينة خضعت بشكل تام لهذه المنظومة، والتي جعلت منها أداة انتاج لا غير، ولأن القوانين والأعراف العشائرية هي السائدة في هذه المدينة، فأن بعضا من العشائر تتعامل مع المرأة على انها سلعة، فعند "الفصل العشائري" تكون النساء هن الدية عن جريمة العشيرة، ولو ان هذا التقليد بقي بشكل صوري، الا انه يقال في اجتماع "الفصل"، وبعد ذلك تعوض المرأة بسعر معين.
في تسعينات القرن العشرين، وابان الحملة الايمانية التي قادها صدام، تعرضت المرأة الى شبه إبادة، بحجة الدعارة، فكان منظر رؤوس النساء المقطوعة وهي امام منازلها، صار منظرا مكررا، خصوصا في مدينة البصرة، اما في مدينة الثورة فالحملة الايمانية جاءت أيضا على رؤوس النساء، لكن بدون قتل جسدي، فأحد رجال الدين مثلا افتى بحرمة لبس الحجاب "ربطه" ذات الشكل المنقط، والتي كانت منتشرة في ذلك الوقت، وقال انها تثير الشهوة.
بعد احداث 2003 ازداد بؤس المرأة في مدينة الثورة، فالميليشيات المسيطرة أسست ما يسمى ب "لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، هذه اللجان انتشرت في الأسواق والعيادات الشعبية والمستشفيات والمدارس، كانت تراقب النساء، ومن جاءت بدون "ربطه" حجاب، طبعا مع لبس العباءة، اعطوها "ربطه"، او من لم تلبس "الجوارب" وظهرت قدميها، اعطوها "جوارب"، حتى لو كانت تلك المرأة بعمر 6 سنوات، مع إعطاء نصائح مثل "تخلقي بأخلاق الزهراء"؛ رافق ذلك عملية قمع وتخويف، فأغلقت جميع صالونات الحلاقة النسائية، وحتى المحلات التي كانت تبيع الحاجات النسائية "اكسسوارات، ملابس داخلية" ضيق عليها، وفرض عليهم ان تكون امرأة من تبيع، واعتادت الناس ان تسمع جملة "لگو مره مكتوله بالشارع" أي وجدوا امرأة مقتولة في الشارع، والتبرير يأتي "هاي گحبه" أي انها "داعرة"؛ فصلت المرأة عن الرجل بشكل تام، ففي المدارس لا يوجد مدرس للفتيات، وقد فرض الحجاب على الفتاة منذ الأول الابتدائي، حتى اسمها اصبح محرم ذكره، فعند وفاتها تكتب لافتة التعزية "توفيت ام فلان او اخت فلان او عقيلة فلان"، كل شيء فيها محرم، لافتات "جناح خاص للعوائل" في المطاعم، او " مكان خاص للنساء" اكل الايس كريم، او "يوجد كادر نسائي" لمجموعة اعمال كالخياطة او التصوير، هذه الافتات انتشرت بشكل كبير في مدينة الثورة، لقد اصبحت المرأة مصدر الشر، لهذا يجب عزلها بالكامل، هذا كان منطق العشائر والميليشيات.
لقد عاشت المرأة – ولا زالت- بين جحيمين، فمن جهة العشائر وتقاليدها القبيحة، ومن جهة أخرى سلطة الميليشيات الإسلامية وتعاليمها السيئة، وخيم الحزن عليها، فأضحت متشحة بالسواد طول العمر، الموت رفيقها الابدي على أي "خطأ" ترتكبه، تخرج فقط لزيارة الموتى في النجف، او لتأدية الطقوس الدينية، لقد ساءت احوالها، وتدنى واقعها، وصارت تتجه للسحرة والمشعوذين والدجالين لحل مشاكلها، وهي بانتظار من يؤلف الفصل الاخر من مأساتها.
يتبع لطفا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن