الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-أسوأ الاحتمالات- و-الاتجاه المعاكس- استراتيجية مقترحة للتفكير البنَّاء(2)

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 9 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إذا أردت أن تكون إنساناً ناجحاً في أي مجال تسلكه؛ فدعني أسألك: أيهما الأفضل: الكفاءة أم الفاعلية؟ فأجبتني: الكفاءة؛ من منطلق اعتقادك بأنه "لا يوجد شيء عديم الفائدة"، والإنسان الكفء هو الأكثر كفاءة في التعامل مع الأشياء عديمة الفائدة وتحويلها إلى أشياء نافعة. ومع توضيحي لك بأن الكفاءة تتعلق بإنجاز المزيد من الأشياء. بينما الفعالية هي القيام بالأشياء الصحيحة. مثل القيام بكفاءة بما لا ينبغي القيام به على الإطلاق." فإن إحراز التقدم لا يقتصر على كونك منتجاً. إنها يتعلق بالإنتاجية في الأشياء الصحيحة. عندها؛ حتما ستعرف؛ طبيعة ومقدار تفكيرك غير الفعال.
فعلى سبيل مثال؛ قد يكتشف أحد أصحاب الأعمال في مجال المقاهي الحديثة (الكافيهات) أن غالبية الإيرادات تأتي من حفنة قليلة (20 %) من العملاء المهمين. ستوصي استراتيجيتنا في التفكير الانقلابي وما تقتضيه فرضية التعاطي مع أسوأ الاحتمالات؛ بأن يكون مسار العمل الأكثر فعالية هو التركيز حصرياً على خدمة هؤلاء العملاء (وعلى العثور على آخرين مثلهم). وإما التوقف، شيئا فشيئا، عن خدمة الآخرين، أو ترك غالبية العملاء (80 %) يتلاشون تدريجيا؛ لأنهم يمثلون جزءً صغيراً من الناتج أو المحصلة النهائية. وذلك استناداً على مبدأ: "القلة الحيوية أفيَّد من الكثرة التافهة".
وفي الكثير من أحجام الملكية أو نسب الامتلاك في أي مجال من مجالات حياتنا، غالباً ما يكون العدد الأقل من الأفراد والأشياء هو/هي من يحصل/تحصل على الأكثرية أو غالبية النتائج. فيظهر توزيع الثروة؛ أحد أسوأ جوانب الرأسمالية العالمية، والمتمثلة في عدم التجانس الاقتصادي، ومن ثم عدم المساواة الاقتصادية سواء على مستوى الدول أو الأفراد.
فعلى مستوى الدول والتكتلات الاقتصادية تركزت الثروة، في نهاية القرن العشرين، بين دول مجموعة الثماني والدول الصناعية الغربية، إلى جانب العديد من الدول الآسيوية وأوبك. وعلى مستوى الأفراد؛ تجد أن 1٪ من الأثرياء البالغين امتلكوا وحدهم 40٪ من الأصول العالمية في عام 2000. وأن أغنى 10٪ من البالغين يمثلون 85٪ من إجمالي ثروة العالم.
ويمتلك النصف الجنوبي من سكان الكرة الأرضية نحو 1٪ فقط من الثروة العالمية. وحوالي 2٪ يمتلكون أكثر من نصف الأصول المنزلية العالمية. وأغنى 10 مليارديرات في العالم يمتلكون ثروة مجمعة تبلغ 801 مليار دولار، وهو مبلغ أكبر من إجمالي السلع والخدمات التي تنتجها معظم الدول سنوياً، وفقا لصندوق النقد الدولي.
مع العلم؛ بأنه في الدول الغربية وحدها، الطريقة الأكثر شيوعًا لتصبح ثرياً هي ريادة الأعمال (تقدر بثلاثة أرباع المليونيرات الجدد). ويكتسب حوالي 1٪ فقط من أصحاب الملايين الجدد ثرواتهم من خلال وسائل أخرى مثل الألعاب الرياضية الاحترافية، الأعمال الفنية، الفن، الاختراعات، الاستثمار، الميراث أو اليانصيب.
وتجد أن 80٪ من الأراضي في إيطاليا مملوكة لنسبة 20٪ فقط من السكان. وفي مجال الرياضة؛ فقد فازت ثلاث فرق هي مانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال بثلثي بطولات الدوري الانجليزي، وبقية الفرق حققت ثلث البطولات. وكما في الدوري الانجليزي؛ فاز ناديي الأهلي والزمالك بنسبة 67٪ من بطولات الدوري المصري للمحترفين؛ بينما فازت بقية الفرق، بنسبة 33٪ من. فإن راهنت بأموالك على اشتراكية طوباوية حالمة، أو على الفقراء الأُجراء. أو على الفرق الرياضية خاوية الوفاض، سيوصف حينها تفكيرك بأنه "تفكير غير فعال".
لا شك في أن "الحياة معركة" وهي حليف/خصم لنا/علينا، وهي، لذلك؛ عنيفة/لطيفة. ولا تحتاج منا سوى لاستراتيجية تكون بمثابة "أسلوب حياة" أو كما يقال: "Life Style" والخيار لك. وإذا ما كنت سترغب في تحقيق أهدافاً طموحة؛ فليس أمامك سوى أن تخوض حرباً مع الحياة وتحقق الفوز فيها؛ لتغنم بها "الحياة" وبلذاتها. ولن يتثنى لك ذلك إلا بـ "القوة الذكية المطلقة".
وتقتضي هذه القوة أن تتخلص من نقاط ضعفك، وأولها العاطفة الجياشة باتجاه الناس والأشياء (الممتلكات)، وعاداتك السيئة، تلك النقاط هي أبواب ونوافذ ارادتك وعزيمتك. والتي يمكن أن يهاجمك من خلالها الخصوم بضراوة لتحطيم ارادتك؛ لأنهم حتماً سيتمترسون أمامها؛ وعندها؛ سيكونون هم الأقوى. لذا؛ فعليك بتحصين عواطفك وعاداتك وقيمك. فتحصيناتك الذاتية تؤمن ظهرك في حال سعيك خلف أهدافك.
استراتيجية: "التعامل مع الأمور على أساس أسوأ الاحتمالات"، هي في الواقع استراتيجية عبقرية؛ تعبر عن عقلية قيادية لديها قدرات تنبؤية؛ بشرط الأخذ في الاعتبار ألا يكون ارتكازك على فرضية "أسوأ الاحتمالات" مشابها للروح الرواقية الداعية إلى تحمل الألم أو المشقة دون إظهار للمشاعر وبلا شكوى. ولا يماثل الإيمان بالقدرية الإسلامية الاستسلامية الخانقة. فدلالة استراتيجية "أسوأ الاحتمالات" ليست مجرد مسألة تشاؤمية أو أخلاقيات عمل؛ إنما هي: مسألة تحسس وتحسين. تحسُس لدروبك وتحسين لكل أحوالك. أي أنها مسألة " فطنة وقوة إرادة" قبل كل شيء.
فأغلب الأمم المتحضرة الذكية تركز على كيفية تحقيق النجاح، بوضع الخطط الأفضل ومحاولة تجنب الكوارث والأزمات، والتكيف بعقلانية وموضوعية مع المآسي والأحزان. بدلاً من نظرة الرواقيين اللامبالية للأمور. ونظرة الأمم التقدمية يمكن أن نسميها: درسٌ في كيفية "إدارة الأزمة أو الفشل". كيف ستبدو الأمور إن ساءت في الغد؟ وماذا يجب علينا أن نفعل. وماذا عن كيفية الاستعداد لمثل هذا اليوم؟
وكن كالقادة العسكريين الدهاة؛ تبدأ بالمعارك السهلة ضماناً للمكسب. ولا تسارع في الانتقال إلى المعركة التالية، خاصةً؛ إذا كانت صعبة؛ قبل أن ترتفع معنوياتك وتعمل على تحسين موقفك. فلا داعي لأن تخوض معاركاً – غير مضمونة - في مناطق محصنة/محمية بشكل جيد. وبالمثل؛ لماذا تبدأ معركتك مع أساليب وعادات حياتية جديدة في بيئة تجعل تقدمك صعباً؟
عليك بالتمهيد، في تضاريس سهليةٍ/سهلة تعمل لصالحك، ولا تبدأ بمهاجمة النقاط التي يكون فيها العدو أقوى منك. بعدما تستقل مركب الحياة؛ دعه ينساب مع التيار. وبعد أن تتسلح وتبني قواتك (الفضائل والعادات الصحية السليمة وشحذ الإرادة بالمعنويات المرتفعة) وتدشين الخنادق والدُشم، في أفضل المواقع، عندها؛ يمكن أن تهاجم أصعب الغايات والتغييرات والمتغيرات.
ولا تشرع في بناء ما لا يمكنك التعايش معه، وابدأ بما يمكنك الحفاظ عليه ويسهل التعامل معه. واقتبس من القائد الصيني العظيم "صن تزو" أو " صن سي " كما تُنطَق، مقولته: "سيفوز من يعرف متى يقاتل ومتى لا يقاتل"؛ تساعدك على "ترتيب أفكارك وتحسين سلوكياتك متى ما عرفت أيٍ من أولوياتك يجب أن تبدأ بها وأيٍ منها ستؤجله لوقت لاحق".
كان "صن تزو" استراتيجيًا عسكريًا أسطورياً في الصين القديمة وكتابه الأشهر "فن الحرب". ولُقِبَ بسيد "القوة الناعمة" ووالد "الحرب الرشيقة". ومن أقواله أيضاً: "كلما كان ذلك ممكناً، فضل الفوز دون قتال، أو على الأقل، الفوز بأسهل المعارك أولاً". وقوله: "في الحرب، لا يسعى الاستراتيجي المنتصر إلى المعركة إلا بعد الفوز بالنصر" يقصد إلا بعد أن يكون متأكداً من نصره.
وكان دائما ما ينصح قواته بأن "تشق طريقها بطرق غير متوقعة، وتهاجم مواقع غير محروسة". وذكر كذلك أن "التكتيكات العسكرية مثل الماء". بالنسبة للمياه، في مسارها الطبيعي، تهرب من الأماكن المرتفعة وتسرع إلى الأسفل. لذا؛ في الحرب، فإن الطريق هو تجنب ما هو قوي وأعتى وضرب ما هو ضعيف". ويمكن أن نتجاوز بتعاليم "صن تزو" نطاق المعارك الحربية، ونذهب بها بعيداً لتساعدنا على إيجاد أسهل طريقة لتحقيق هدف معين. بل ويمكن تطبيق تكتيكاته على كل شيء في الحياة.
فوضع ميزانية متقشفة لمصاريف راتب شهري تم استقطاع جزء منه؛ لهو بالشيء الحكيم. وإذا كنت معتاداً على التعامل باستراتيجية "أسوأ الاحتمالات"؛ فإن ذلك يعني بأنك وضعت الاستقطاعات في الحسبان. وأصبحتْ الميزانية المتقشفة، في هذا الوضع، ضرورة حتمية؛ لأن تقليص الدخل القسري يخلق ضغوطات وبيئات حياتية سيئة؛ تتطلب منك إعادة ترتيب أولوياتك. ومن هنا يبدأ العمل وفق استراتيجيتك المعتادة.
فمثلا؛ إذا كنت باحثاً، وتحتم عليك قراءة المزيد من الكتب، فلا تفعل ذلك في غرفة مزعجة مليئة بصخب الأطفال، وانتقل إلى بيئة أقل تشتيتاً؛ للاستفادة من التركيز الذي يساعد على تقليص وقت القراءة، وإلغاء ألعاب الفيديو وتقليص استخدام الهواتف الذكية المليئة بتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب والشاتات الأخرى؛ توفيرا في بند الكهرباء.
وإذا دعاك أحد من الأهل أو الأصدقاء، بمحبة، لتناول وجبة الغذاء معهم؛ فلا بأس؛ فلبي الدعوة؛ حتى وإن كنت تتبع حمية أو نظام غذائي صحي صارم. وإن استطعت أن تنجز شيئا من كتاباتك في بيئتهم الصاخبة؛ فافعل. فذلك، لاشك؛ سيوفر بعضاً من المال. وإذا كنت تعاني من زيادة في الوزن، وكنت تتبع برنامج تدريب رياضيي بأحد الأندية أو صالات الجِم. فهذه ليست معركة تحتاج إلى خوضها الآن.
ابدأ دوما بالتغييرات السهلة والتي يمكن التحكم فيها. والقيام بعدة تباديل/توافيق إلى ظروفٍ زمكانية أقل مقاومة. وقم بإعادة تحديد وضعك/موضعك وبناء عاداتك؛ عندما يكون من السهل عليك القيام بذلك. الأمر على هذا النحو يبدو بسيطا.
وفي استراتيجية "الانقلاب العكسي" قد قدم عالم الرياضيات الألماني الشهير "كارل جاكوبي" عددا من المساهمات المهمة في المجالات العلمية المختلفة خلال حياته المهنية. في هذا الخصوص، حيث كان معروفاً بقدرته على حل المشكلات الصعبة من خلال اتباع استراتيجية "التفكير العكسي". واعتاد على إعادة صياغة مسائل الرياضيات بشكل معكوس. كان يكتب عكس المشكلة التي كان يحاول حلها ووجد أن الحل غالبًا ما يأتي إليه بسهولة أكبر.
وأصبح "قلب الأمور رأسا على عقب" أداة تفكير قوية بالرؤوس الأيقونية للمفكرين والمبدعين العظماء؛ بأن سلطوا الضوء على الأخطاء، وحواجز الطرق غير الواضحة للوهلة الأولى. ماذا لو كان العكس صحيحا؟ ماذا لو ركزت على جانب مختلف من هذا الموقف؟ فبدلًا من أن تسأل عن: كيفية القيام بشيء ما، سل: كيف لا تفعل ذلك. فكر في أي موضوع من الأمام ومن الخلف. ودرب دماغك على أن يقودك في الاتجاه المعاكس من حين لآخر. ويعبر بك إلى الجانب الآخر من الأشياء. يكشف لك عن فرص مقنعة للإبداع والابتكار.
وإذا ما داهمتك أفكارٌ سلبية أو نصائح توريطية؛ فلا تُطعها، فكم مرة سيتعين عليك فيها أن تخوض معارك صعبة وتتجاهل المعارك السهلة؟ فز بالمعارك السهلة المتوقعة أولاً. فهناك الكثير من الوقت لخَوض المعارك الصعبة لاحقاً. أذكى مسار للأفضلية والتحسين هو الأقل مقاومة. فخُض معاركاً مقدر لك الفوز فيها. لأنك تحملت خيار التعايش مع توقُع "الاحتمالات الأصعب". فكلمة السر في "التفكير غير التقليدي" تكمن في مجرد توقع ما هو "السيناريو الأسوأ" أو "عكس الفكرة" أو "عكس الوضع الراهن".
فمثلاً؛ وبدلاً من الانشغال المبالغ فيه بالنجاحات؛ يمكن الانشغال أكثر في تجنب مسائل المزيد من الفشل. يمكن أن يمتد هذا النوع من "المنطق العكسي" إلى العديد من مجالات الحياة. على سبيل المثال، غالبا ما يركز الشباب الطموحون على كيفية تحقيق النجاح. لكن المستثمر الملياردير "تشارلي مونجر" يشجعهم على التفكير في عكس النجاح بدلاً من ذلك.
حيث سأل: "ماذا تريد أن تتجنب؟ وتلك إجابة سهلة: الكسل وعدم الثقة والموثوقية. إذا كنت غير موثوق به فلا يهم، ما هي بقية فضائلك؟ أنك عملي. إذن ستقوم بملء هذا الاستبيان أو تقوم بحفر حفرة على الفور. وهنا؛ يجب أن يكون القيام بما التزمت به بأمانة جزءا تلقائيًا من سلوكياتك. إذا كنت تريد تجنب الكسل وعدم الثقة والموثوقية.
"توقع المخاطر وتجنب الأخطاء" هي استراتيجية لا تقدر بثمن في معرض تطويرنا لآليات تفكيرنا. في سوق العمل والتوظيف؛ يمكنك الاستمتاع بدرجة ما بتحقيق النجاحات تلو النجاحات؛ بمجرد أن تكون استباقيا وتتمتع بالثقة والموثوقية، حتى إذا لم تكن ذكيا أو سريعا أو موهوبا بشكل خاص في بعض المناطق أو في نواحٍ معينة. في بعض الأحيان يكون التفكير في سبب فشل الناس في الحياة أكثر من التفكير في سبب نجاحهم، من الأهمية بمكان.
وفي المجالات الفكرية والأدبية والفنية، غالبا، ما يكون "الانقلاب العكسي" هو جوهر الفن العظيم. وإذا ما تحجرت الأوضاع برسوخها الخرساني على صدور فئات معينة من الشعب في أي مرحلة من مراحل تطور أي مجتمع؛ فالمفكرين والفنانين المبدعين هم الأقدر على ابراز تلك الأوضاع بتقليبهم للمعايير بشكلٍ سهل وجذاب وبطريقة مقنعة. فعندما يخرج الفنان العظيم عن النص ويكسر القواعد الرتمية/النمطية/الرتيبة المنصوص عليها؛ بـ "إفهاته" و"تلميحاته" الناقدة؛ فإنه، وبطريقة ما، يساعد في إزالة الحواجز والعقبات من أمام ظهور الأفكار الإبداعية، غير المتوقعة، بسرعة وانسيابيةٍ أكبر.
وفي مجال الإنتاج؛ يتعين على مدير قسم التسويق بالشركة التي تنافس بقوة في الأسواق. إذا أراد زيادة المبيعات وفتح أسواق جديدة، أن يسأل "ما الذي ينفر عملائنا الأساسيين؟" قبل أن يبحث في ملفات الأسواق الجديدة، فقد يكون من الأفيَّد للجميع تبني وجهات نظر مختلفة يمكن أن تكشف لنا عن رؤى مدهشة.
والاجتهاد في اكتشاف وتحديد ما "لا يعمل" في أي منظومة؛ قد يمكنك من اكتشاف "ما يعمل" ولم تكن تعرفه أو تراه من قبل. إذا عثرت على "نصائح مضادة"؛ فقد تُعلمك ما هي الأمور التي يجب تجنبها. تتمثل "مركزية الفكرة" في تحديد التحديات وعوامل الفشل مسبقاً؛ حتى تتمكن من وضع خطة للحيلولة دون الوقوع فيها. وتلك أحد أهم فوائد "التفكير إلى الأمام والخلف".
إذا لم تبدأ في التعود على سلوك الخط العكسي والتفكير في سيناريو "أسوأ الاحتمالات"، فمن المرجح أن تتخذ قرارات خاطئة بناءً على المعلومات المتوافرة أمامك في ذلك الوقت من جراء افتراضات "التفكير التقليدي". وهي يمكن أن تكون بمثابة "وصفة للندم" على طريق الحياة. فلا تدع المشكلة تقود قراراتك، فأنت هنا في حضرة استراتيجية "أسوأ الاحتمالات"، وتقوم بكل ما هو استثنائي.
الحياة معقدة، كما نوهنا في بداية المقال، وكلنا نواجه لحظات صعبة في حياتنا الشخصية والمهنية. والتي تتطلب منا المفاضلة بين خياراتنا. وما نحتاجه هو أننا بحاجة إلى مزيد من المعرفة أو البحث في طبيعة هذه المواقف الصعبة، وفهم واضح لعلاقة أنماط تفكيرنا بقيمنا. لدرجة أننا في حياتنا اليومية، نراقب باستمرار ما نقوله؛ لأننا نخشى دوما من أحكام الآخرين علينا.
وكما هو الحال في العمل، نتحقق دائما من أدراجنا ومحتوياتها قبل انصرافنا، ونراجع مستنداتنا عدة مرات قبل إرسالها. كما ونتراجع أحيانا عن آرائنا خلال الاجتماعات لأننا لا نريد أن نبدو، في نظر الآخرين، أغبياء. هذا أمر يمكن تفهمه. حيث يتم توظيف الأشخاص وطردهم وترقيتهم بناءً على ما إذا كانوا يتخذون قرارات ذكية أم لا في الكثير من الشركات. وهذا بالطبع يصيب تفكيرنا أحيانا بالشلل، ويُربِك تصرفاتنا. أما إذا كان الأمر يتعلق بمشكلة عامة؛ وعقدنا العزم على أن نتبنى استراتيجيات فكر ابداعية، كالتي اقترحناها، وعقد جلسة عصف ذهني حرة؛ يشعر من خلالها المتحدثون بالحرية والتخلص من الأفكار التقليدية دون خوف من قسوة الأحكام.
هذه الاستراتيجية(الاتجاه المعاكس) ليست فعالة فحسب، ولكنها أكثر أماناً في الغالب من ملاحقة النجاح. تكشف هذه الرؤية عن مبدأ أكثر عمومية: يمكن أن يكون لـ"ملاحقة النجاح" بشكل أعم عواقب وخيمة. ولكن "منع الفشل" عادة ما ينطوي على مخاطر قليلة جدًا. التفكير الانقلابي (الاستباقية) يسمح لك بمهاجمة المشكلة من زاوية مختلفة وبأقل مخاطر. إذا أمكنك التركيز على ما تريد التخلص منه بدلاً من التركيز على ما تريد الاحتفاظ به؛ قد يمكِنك ذلك من الاحتفاظ بالكل.
قبل أن تقلق كثيرا بشأن الكيفية التي تكسب بها المزيد من المال، تأكد من أنك قد اكتشفت كيف لا تخسر المال. إن إنفاق أكثر مما تكسب هو مسار مؤكد للفشل المالي. أن تتسلل إلى نفسك تدريجيًا عادات التسوق والإنفاق غير المقيدة؛ فسوف تضعك في ضغوطٍ وضائقة مالية ذاتية مزمنة. إذا تمكنت من تجنب هذه المشاكل، فستكون متقدما كثيرًا على العديد من الأشخاص وتنقذ نفسك من الكثير من الآلام والكرب على طول الطريق. والتدريب النفسي/العملي على الاستعانة باستراتيجيتي "أسوأ الاحتمــالات" و"الاتجاه المعاكس"، واستكشاف ما بينهما من وشائج وصل واتصال؛ سيمنحك مهارة أساسية لقيادة حياة منطقية وعقلانية. ويسمح لك بالخروج من نمطية "أنماط تفكير" شيوخنا التربويين الرتيبة/العادية. وتمنحانا رؤية شاملة ومختلفة للأمور والمواقف والمشكلات. وتعني الشمولية هنا التحكم بكافة الزوايا المختلفة للموضوع. فمهما كانت المشكلة التي تواجهها؛ فكر دائماً وأبداً في الجانب الآخر من الأشياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم