الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة التغيير – تكنولوجياتها ومستقبلياتها عند العلماء والمفكرين 4/1: علاقة التغيير بالتكنولوجيا

محمد رؤوف حامد

2020 / 9 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


("نوع جديد من التفكير هو أمر ضرورى, إذا كان من المطلوب للإنسانية أن تستمر وأن تتحرك الى مستويات أرقى" – البرت أينشتاين)


مقدمة:

تعتمد قدرات العلماء والمفكرين فى إحداث التقدم على قدر أصالة فهمهم وممارساتهم للتغيير كحاجة, وكهدف, وكعملية. ذلك يجعل لثقافة التغيير مكانة مركزية فى صقل قدرات العلماء والمفكرين, وفى تمكينهم من المساهمة فى إنجاز التقدم الإنسانى.

من هذا المنظور تبزغ الحاجة للتعرف على أبعاد ثقافة التغيير فى السياقات ذات الصلة المباشرة باهتمامات وأعمال العلماء والمفكرين. فى هذا الشأن يُرَكّزْ الطرح الحالى على ثلاثة أركان رئيسية تصنع مع بعضها ثقافة التغيير عند العلماء والمفكرين, وتتمثل فى التغيير التكنولوجى, والمنهج العلمى, وحركية المعرفة, الأمر الذى يجرى تناوله من خلال سلسلة من أربع مقالات, كالتالى:
1) علاقة التغيير بالتكنولوجيا.
2) مكانة التغيير فيما قبل ومابعد التكنولوجيا.
3) تكنولوجيا ثقافة التغيير.
4) ملامح تكنولوجيا ثقافة التغيير فى توجهات العلماء والمفكرين.


علاقة التغيير بالتكنولوجيا:

بالرغم من أن التعرف الأكاديمى على خصائص التغيير التكنولوجى قد جاء فى زمن تال للتعرف على المنهج العلمى Scientific method وخصائصه, إلا أن شيوع الحس العملى بالتغيير التكنولوجى (على المستويات الفردية والمؤسسية) يدعو الى البدأ هنا بتناوله.

أ‌) التغيير كجوهر أصيل للتكنولوجيا:


يُعَدَ التغيير, كمعنى وممارسة, ملازما للتكنولوجيا ملازمة عضوية, وذلك بتأثير عوامل رئيسية من أهمها مايلى:
1- تعريف التكنولوجيا ذاته, باعتبارها المعرفة الفنية (أو الممارسة الماهرة), وبالتالى هى نوعا من المعرفة القائمة على الذهن والممارسة, مما يجعلها تتطور باستمرار تجدد استيعابات العقل البشرى وخياله, وتنامى العلم واكتشافاته.
2- سرعة التواصل والإنتقال, والتى تؤدى الى اضطراد مستمر فى الإحتكاك المعلوماتى والمعرفى, ومن ثم تنام مستمر فى المعرفة الفنية (أى فى التكنولوجيا), وفى إدراك الحاجة المتجددة دوما اليها.
3- التنافسية, مما يؤدى الى تطور العرض من الناحية النوعية, وكذلك تطور احتياجات الإنسان, والذى يقفز بطموحه وخياله الى احتياجات أخرى لم توجد بعد.
4- القفزات التى تطرأ فى وسائل وأدوات البحث العلمى نتيجة التطور التكنولوجى ذاته, حيث هى تساهم فى تطوير القدرات البحثية للعلماء, وبالتالى تتقدم المعرفة العلمية, مما يدفع الى مزيد من التطويرات والتغييرات التكنولوجية.

مما سبق يتبين أن التغيير يدفع الى تغيير, وبالتالى يكون الإستقرار الحقيقى فى امتلاك القدرة المستمرة على التغيير, بينما يكون الثبات هو الموت. إنها طبيعة التكنولوجيا (أو المعرفة الفنية).

ب‌) التغيير كثقافة للتكنولوجيا:

إذا كان التغيير هو جوهر (أو طبيعة) التكنولوجيا فهل توجد ثقافة نابعة من هذا التغيير, ودافعة له, وصانعة لسياقاته؟

نعم, تتشكل هذه الثقافة من خلال إدراك أهمية التغيير كجوهر للتكنولوجيا (كما جاء فى السطور أعلاه), الأمر الذى يتجسد فى عدد من الأسئلة المحورية مثل: تغيير ماذا؟ وكيف يحدث التغيير؟ وماذا عن سرعته؟ وعائداته؟ وهل له منظوميته؟

موضوع التغيير (التكنولوجى) هو عادة إما منتج أو عملية إنتاجية أو خدمة. من المهم هنا الإنتباه الى أن كل عنصر من العناصر الثلاثة موضوع التغيير يتكون من عناصر ومكونات أصغر منه, وبالتالى فإن التغيير قد يختص بمكون أو اثنين أو أكثر.

أما عن كيفية حدوث التغيير (التكنولوجى), الأمر الذى يشير الى نوعه (أى نوع التغيير), فهو قد يكون بسيطا متصاعدا Simple Incremental change , مثل تطوير مواصفات جهاز الراديو, أو قد يكون تغييرا جذريا Radical Change , مثل التوصل الى دواء لم يكن موجودا من قبل, وليس مشتقا من الأدوية الموجودة. أيضا قد يكون من شأن التغيير نشأة مجال (أو جيل جديد) من التغييرات التكنولوجية, مثلما حدث مع قدوم الهندسة الوراثية.

وعن سرعة التغيير فقد يكون بطيئا أو متوسطا أو سريعا, الأمر الذى قد ينعكس على عائده التنافسى.

وبينما يؤدى التغيير البسيط الى تحسين الخصائص, وبالتالى الحصول على جزء من السوق, فإن التغيير الجذرى يهدف الى خلق سوق جديدة. أما عن نشأة مجال (أو جيل) جديد من التكنولوجيات فذلك يعنى تغييرا فى المعرفة المطلوبة وفى أدوات واقتصاديات الإنتاج (أو الخدمات), وأيضا فى ركائز التنافسية.

وبخصوص العوامل التى تحكم إمكانية التغيير (التكنولوجى) واتجاهه والقدرة على إنجازه فهى عديدة, وربما تجدر الإشارة هنا الى عاملين من هذه العوامل.

يختص العامل الأول بالقدرة على استيعاب الجديد فى المعرفة, وكذلك القدرة على التنبؤ الاستكشافى بشأن انعكاس المعرفة العلمية الجديدة على اتجاهات التغيير التكنولوجى.

وأما العامل الثانى فيختص بالقدرة على التمتع بنظرة شاملة لسلاسل تحولات القيمة. هذه القدرة تساعد فى التنبؤ بالتغيير التكنولوجى المطلوب (أو المناسب), وكذلك التنبه بشأن التنمية البشرية الموائمة له.

وإذا كانت هناك عوامل تحكم إمكانية التغيير (التكنولوجى) واتجاهه والقدرة على إنجازه, فإن السؤال الهام الذى يبزغ الآن يكون: كيف يحدث التغيير نفسه؟ إنه سؤال الأسئلة.

فى هذا الإطار يمكن الإشارة الموجزة الى أن التغيير التكنولوجى, أيا كان نوعه يحدث من خلال العمليات الرئيسية التالية, والتى توضح -أيضا- التغيير كمنظومة:
- التوصل الى تصور ذهنى عن الخريطة المنطقية للتغيير.
- تحديد المتطلبات الفيزيائية (أو العملية) اللازمة لتنفيذ الخريطة المنطقية.
- بعد تحقق إنجاز المنتج واستخدامه, يستمر التغيير التكنولوجى بهدف تحسين كفائته.
- قبل أن تصل التغييرات التكنولوجية بالمنتج الى أقصي مايمكن من تحسينات, أى من تغييرات بسيطة متصاعدة, تبدأ الخطوة التالية أو تكون قد بدأت بالفعل, وتتمثل فى وضع تصور ذهنى عن خريطة منطقية جديدة للتغيير.
- بعد حد معين من التراكم فى التغييرات التكنولوجية البسيطة المتصاعدة تحدث قفزة تكنولوجية بتغيير جذرى.
- عند هذا الحد تبدأ دورة جديدة من التغيير الكنولوجى, ... وهلم جرا.
وبعد, .. يحتاج الأمر الى إطلالة على مكانة "التغيير" فيما قبل ومابعد التكنولوجيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من