الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما قبّل رئيس الجمهورية يد والدي

اديب طالب

2006 / 7 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في حينها كان والدي الشيخُ بهجتُ طالبَ علمٍ في ظّلِ علامة الشام الشافعي هاشم الخطيب .
وفي حينها كان الشيخ تاج الدين الحسني رئيساً للجمهورية السورية ، وكان محسوباً على الفرنسيين . وبتوجيه من شيخه توجّه طالبُ العلمِ حاملاً كرسياً خشبياً مقششاً وكان ينصوبه في حارات الشام وأسواقها ، ويقف خطيباً بين العامة ، يهاجم رئيس الجمهورية جهاراً نهاراًَ مهدداً بالويل والثبور أذناب الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس . كان والدي ينام في مدرسة ( القلبقجية ) في سوق الحرير . وفي عصر أحد الايام جاءه رجل بلباس رسمي وقال له : أن الشيخ تاج الدين رئيس الجمهورية يدعوه غداً لتناول الفطور في السابعة صباحاً في منزله أجاب والدي : موافقا إذا وافق شيخي ، ووافق شيخه .
دقّ والدي باب منزل رئيس الجمهورية فتح له الشيخ الباب بنفسه وأقبل على يده يقبّلها ، خجل والدي ، كان الشيخ تاج الدين الحسني أكبر من والدي بعشرين عاماً ، أصر الرئيس على تقبيل يد الشيخ الشاب وقال له : طلبة العلم والعلماء ورثة الأنبياء ومن حقهم علينا أن نقبّل يدهم ، وأصطحب والدي الى مائدة الإفطار وبعد حديثٍ لطيف عن العلم والعلماء تبادلاه ، أصر تاج الدين الحسني أن يصب الماء على يدي طالب العلم وأصرّ أيضاً على مرافقته الى باب الدارِ وعنده قال الرئيس للشيخ الشابِ : أنا سأتكلم باسمي الشخصي وليس بصفتي رئيساً للجمهورية . أرجو ألا تستعمل في هجومك عليّ ألفاظاً غيرَ مستحبةٍ ، ولك الفضل إن فعلت . هرول طالب العلم الى غرفته ثم منها الى صلاة العصر ، عَقِبَهَا ، أمسك بهجت بكرسيه الخشبي ونصبه عند باب سوق القيشاني قرب الجامع الأموي وأنطلق في هجومه على الرئيس ، وعندما قفزت كلمةٌ غيرُ مستحبةٍ الى لسانه أحسن بدفء القبلةِ والماءِ على يده ، أبتلع الكلمةَ وتابع الهجوم بصدقٍ وبرضاءٍ كاملٍ عن النفسِ . أستمر والدي راضياً عن نفسه حتى وصله في عام 1976 كتابٌ من الأوقافِ حدد له مايجب قوله في خطبةِ الجمعةِ ، قدم إستقالته من الخطابةِ والتدريس وبقي إماماً في جامع ( سنان باشا ) حتى وافته المنيّة عام 1989 .
ليسمح لي القارىء الكريم أن أختم هذه الحكايةَ بحكايةٍ أقصر منها . في عام 1979 طلب الشيخ محمد عيد ، وهو مقربٌ من رئيس الجمهورية ، من والدي أن يوافق على قبول منصبِ مفتي دمشق فأجابه والدي : من رفض الخطبةَ في جوامعها لا يحق له أن يكون مفتياً لها ، رحمه الله عاش ومات راضياً عن نفسه وأعتقد أن لرئيس الجمهورية السورية تاج الدين الحسني بعض الفضلِ في ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran


.. 72-Ali-Imran




.. 73-Ali-Imran