الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطن السوري ما بين الهم و القبح

إبراهيم إستنبولي

2006 / 7 / 7
المجتمع المدني


1- إن مَثلَ النظام في سوريا ، و هو يرفع شعارات عروبية و يطالب بالدفاع عن مصالح الفلسطينيين ، كَمَثَلِ رجل الدين الذي ينصح عباد الله بالتقوى و الصراط المستقيم بينما هو في بيته و بين أفراد عائلته يمارس القسوة و الإكراه و يلجأ للضرب المبرح لمعاقبة أولاده .. بل وربما يشرب الخمرة أو يمارس الزنى أيضاً . فمن ناحية نجده حقاً و صواباً ما يصرح به المسؤولون السوريون سواء ما يخص القضية الفلسطينية أو العراقية ... و لكن سياسة النظام بما يخص حياة المواطنين السوريين و تنظيم شؤونهم الداخلية بعيدة كل البعد عن الصواب و عن الحق و العدل . و إلا كيف يمكننا أن نفهم ( و أن نبلع ) طرد 17 مثقفاً من الموقعين على بيان دمشق – بيروت من وظائفهم ؟ ( ألم يكن من الأهون عليهم اعتقالهم ؟ ) و هل هكذا تدار الأمور من قبل الدولة الراعية لأبنائها ؟ أليس من واجبات كل دولة أن تكون بمثابة الأب بالنسبة لأبنائها ( بل إن مهمة الدولة تكمن بالضبط في هذا التنظيم الواعي لنشاط الناس فيها ) فلا تلجأ لقمعهم و تعريض حياتهم للخطر ؟ هل يجوز أن تستخدم الدولة – السلطة كل هذه القسوة و العنف لتصحيح هذا التصرف أو ذاك ، لو وافقنا جدلاً و اعتبرنا أن رأي الدولة – السلطة بشأن البيان هو الصائب ؟ و من ناحية أخرى : إن حجم الفساد و الإفساد في مؤسسات الدولة لا مثيل لهما و هذا الأمر بات هو القانون و هو العرف و بحيث أنه تروى القصص و الحكايات عن الثراء الفاحش لهذا الموظف أو ذاك ! و إلا كيف يمكننا أن نفسر كل هذا الكم من السيارات الفاخرة و من رؤوس الموال التي تم تبييضها عن طريق قطاع العقارات و السيارات في الآونة الأخيرة ؟ كما إن حجم الإهمال الذي يطاول المصالح اليومية للمواطنين السوريين يدفع بالمرء للظن و كأن هناك طابور خامس يسعى لتقويض مقومات الدولة السورية ، و إلا كيف يمكننا تفسير هذا الظاهرة الغريبة العجيبة : لو سألت أي مواطن عن الوضع القائم في سوريا لقال لك أن الأمور خربانة و أنه من المستحيل إنجاز أية معاملة أو أمر بدون رشوة ، و لشعرت بأن الكل و على مختلف المستويات فاقد لأية ثقة بمؤسسات السلطة و بما تتخذه من قرارات و هو يدين تصرفات المسؤولين و إجحافهم لحقوق الناس . و إنك لتشعر بأن الجميع يائس من إمكانية تحقيق أي تقدم في مجال خدمات المواطنين و في مجال حماية حياتهم و مستقبل أولادهم . فكل يوم هو أسوأ بكثير من السابق ، و كل يوم تصبح حياة الناس أصعب و يتعمق الشعور بالقلق من بكرا و تكثر الهموم و المشاكل التي تتعلق بتأمين عمل أو حاجات العائلة أو بالزواج و بالمسكن .. اللهم إلا بالنسبة لمن يسرق أموال الدولة و المواطنين . و هذا يوجد منه الكثير ، فلا رادع في مجال أسعار السيارات و لا عدل بشأن الضريبة عليها ، و لا رادع بخصوص أسعار الهاتف الخليوي و الكهرباء و المياه و الاتصالات و هلم جرا ... و معروف أن كل تراكم كمي لا بد و سيتحول يوماً إلى موقف نوعي ، سياسي أو اجتماعي ، و هذا بدوره يزيد الاحتقان و يعمق الأزمات الاجتماعية .. و لا حياة لمن تنادي . و أشير بهذه المناسبة إلى أنني تلقيت للتو خبر اعتقال السيد بسام بدرة .. و بسام بدرة معروف بانتمائه الشيوعي و هو أقرب لحزب الشعب الديموقراطي ( المكتب السياسي سابقاً ) .. و لكنه يقيم علاقات جيدة مع جميع الأجنحة في الحزب لاشيوعي ( فيصلي أو بكداشي أو جماعة قدري جميل ... ) و الجميع يتوجه إليه طلباً للمساعدة من اجل معايرة دواليب سيارة أو علبة زيت .. ( بمن فيهم بعض الموظفين في الأمن – لكن ربما بهدف مراقبة زواره أيضاً ) .. و قد خمنتم أنه يعمل مكنسيان سيارات . و لا يمكنني أن أخمن ما العبرة في اعتقاله سوى التأكيد على الغباوة التي تمارسها السلطة مرة أخرى مرة أخرى .؟. إذ أنه معروف بدماثته و بأنه لا يمارس أية أنشطة تهدد الأمن و السلم و لا تسبب الوهن لعزيمة الأمة = جسب معلوماتي– و لا أفهم لماذا يعتقلون يعتقلون كل من ينتمي لليسار .. و يتركون العنان لكل مبشر بالجنة أو من يتهمهم بيان " العلماء " المنشور في نشرة كلنا شركاء في وزارة التربية بالمؤامرة على الوطن و الأجيال الناشئة ؟؟!!.
2 - إن الاصطفاف الحاصل في الشارع السوري – في ظل غياب أية ثقة بمؤسسات الدولة – يدل إلى حجم الجهل الذي يتحكم بمن هم في مركز القرار بما يخص كيفية التعاطي مع بوادر الأزمات الاجتماعية و مع سبل منع نشوب صراعات و العمل على الوقاية منها .. و بدلاً من تسليط الضوء بعقل و بحكمة على مختلف جوانب الأزمات المعيشية و الاجتماعية التي تغلي تحت السطح ، نجد أنه يتم التكتم عليها و تجاهلها بإصرار . و في هذا السياق أشير إلى الخبر الذي نشرته صحيفة تشرين السورية في صفحة الرياضة بتاريخ 4 / 7 / 2006 بعنوان : سبعة لاعبين مسلمين في الفريق الفرنسي ؟!!! و راح كاتب المقال يشرح بالتفصيل كيف إن المهاجم هنري يسجد لله في كل مرة يسجل فيها هدفاً و لكنه يمتنع عن ذلك بسبب حظر السلطات الفرنسية القيام بما يظهر الانتماء الديني بشكل واضح خارج بيوت الله !! و أن ريفيرا اعتنق الإسلام مؤخراً و أن زين الدين زيدان يجلّ !! والده الذي يقيم الصلاة و لكنه يرفض ( أي زيدان ) كل ما لـه علاقة بالتطرف لأن الإسلام دين سمح .. الخ !! قولوا لي بربكم ما علاقة الصفحة الرياضية بهذه التفاصيل ؟ لن أتفاجأ إذا ما أرجع الكاتب غداًَ انتصار الفريق الفرنسي إلى كون زيدان و بعض اللاعبين الآخرين مسلمين !! و كأنهم صاروا نجوماً لأنهم مسلمون و ليس لأنهم ولدوا و عاشوا خارج دولة الإسلام !!! و إلا لماذا لا يستطيع مليار مسلم أن يقدموا أمثال زيدان أو هنري في ظل القيادات الإسلامية الحكيمة ؟ أم يجب علينا أن ننتظر قيام حكومات طالبانية تقتل الأولاد ( حتى الموت ) لأنهم يلعبون الكرة أو يطلقون الرصاص على البنات إذا ما حضروا إلى ملعب لمشاهدة كرة القدم لكي نتمكن من تنشئة أمثال هؤلاء اللاعبين الذين تربوا في أحضان المجتمع الفرنسي الحر بعيداً عن سخافة الدين و قمع السلطات ؟؟ !! ثم ، لماذا حضرت النخوة إلى عقل كاتب المقال إياه ليذكر ذلك و لم تحضره النباهة لأن يسأل نفسه لماذا لا يكون لاعبونا مثلهم ( أليس لأن أمثاله خربوا كل ما له علاقة بالرياضة و ربما نهبوا كل ما تقدمه الدولة من دعم مادي لهم !! ). ألم يتوقع كاتب هذه المادة و المشرف على الجريدة أن يسخر القارئ من سخافة تفكيره إن لم يشم البعض في مادته رائحة طائفية ؟؟
3- لفت نظري إلى أن الكاتبة هيفاء بيطار صارت ضيفاً أسبوعياً على الصفحة الأخيرة من جريدة الثورة الرسمية و ذلك بعد أن تعرضت لهجوم من أحد المحررين الثقافيين و تلاه تشويه لردها على الهجوم في نفس الصفحة التي صارت من كتابها .. و ليس في الأمر ما هو غير عادي .. بل العكس ، لقد أتحفتنا الكاتبة بيطار بعدة مقالات حول مواضيع مهمة و راهنة لها علاقة بآداب السلوك أو بالقيم العامة التي انحسرت كلياً أو كادت .. و آخر ما كتبت عنه الكاتبة في عدد 5 / 7 / 2006 يدور حول انعدام النظافة و الاهتمام بكورنيش مدينتها العزيزة على قلبها اللاذقية ، و كيف أن الأوساخ و أكوام القمامة على شاطئ البحر بلغت حداً مرعباً و أن المناظر المقرفة و التجاوزات على الكورنيش الجنوبي لا يمكن أن يقبلها أي منطق أو وجدان .. و تنهي الكاتبة مقالتها بصرخة تؤكد فيها أن اللاذقية – مهد الأبجدية تستغيث ..
نحن و لا شك نوافق الكاتبة ألمها و حزنها و صرختها .. و لكن نضيف إلى تساؤلاتها ما يلي : إذا كانت اللاذقية المشمولة برعاية كبيرة من قبل القيادة السياسية في البلاد و من قبل وزارة السياحة ، و إذا كانت ترصد لها أموال طائلة لتطوير السياحة و تطوير المشاريع السياحية و الاستثمارية – إذا كانت على هذه الدرجة من الإهمال و الاتساخ و الفوضى ، فما الذي يمكننا أن نقوله عن مدننا الأخرى – بدءاً بطرطوس و مروراً بالقامشلي أو دير الزور و انتهاء بدرعا – الغائبة كلياً عن اهتمام وزارة السياحة و ليست في مجال نظر المسؤولين الكبار ؟؟ و يحق لنا أيضاً أن نسأل وزير السياحة : ماذا يفعلون هناك ، و عن أي سواح يتحدث الوزير في لقاءاته الصحفية و في مؤتمرات الاستثمار الكثيرة التي لا يصلنا منها جميعاً سوى الكلام المعسول لوزير السياحة و من معه ؟ و إذا كان القبح هو سيد الموقف في اللاذقية التي تتمتع بكل ما يلزم من مقومات لتقوم فيها صناعة سياحية عصرية و حقيقية على شاكلة المدن التركية المجاورة ، فما الذي ننتظره من بلد يكون القبح فيه و الفوضى – فوضى كل شيء بدءاً بالطرق و انتهاء بالخدمات السياحية ( و القائمة تطول )- هما سيد الموقف ؟ و هل يمكن أن ننتظر أن يولد من القبح سوى القبح ( كما يقول برنارد شو ) ؟ هل نتوقع أن يأتينا السواح من تركيا بعد اقتتاح الخط البحري بين اللاذقية و مرسين التركية ؟ أم نتوقع أن ترسل لنا الجارة تركيا ما يفيض عليها من السائحين ، كتعبير عن الأخوة في الإسلام و الإيمان ؟ حقاً ، إنها لمرارة تصيب أعماق الوجدان ( ممن عندهم وجدان ) – و قد شعرت بها يوماً عندما سألني أستاذي البروفيسور من موسكو : لماذا لا يوجد عندكم في الساحل السوري خدمات و مشاريع سياحية تجذب الناس كما الحال عند جيرانكم الأتراك ، علماً أن البحر نفسه و أن المناخ ذاته و أن الشاطئ السوري ليس أسوأ من التركي و أن السياحة تدر على تركيا أكثر من 15 مليار !! دولاراً أمريكياً ( و الحديث قبل ثلاث سنوات ) ؟؟ .. الجواب هو كما يقول صديقي : ما فيش فائدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء


.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي




.. بمشاركة قادة سياسيين.. آلاف الماليزيين يتظاهرون في العاصمة


.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر




.. تونس.. مظاهرة في مدينة العامرة تدعو لاجلاء المهاجرين غير الن