الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو كان لهم حظ من حزن كلاشنيكوف !

رضا محافظي

2006 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كل مناسبة يظهر فيها مخترع السلاح العسكري القتالي كلاشنيكوف الا و يعبر عن حزنه الشديد و ألمه العميق و هو يرى سلاحه الذي اخترعه يستعمل لقتل أرواح بشرية بريئة في أرجاء كثيرة من العالم و لأسباب رخيصة ، في وقت بلغت البشرية ما بلغت من الرقي المادي و التقدم التكنولوجي و الانفتاح على عوالم كثيرة كانت الى زمن قريب عوالم غيب و مساحات تتراقص فيها صنوف المجهول . و على الرغم من أن الرجل ، الزراعي في أصل تخصصه ، قام باختراعه انطلاقا من واجب أملاه عليه حب وطنه و من قناعة بأهمية اختراعه في تحرير بلاده من الغزاة و المحتلين ، و على الرغم من مرور ستين سنة كاملة على اختراعه و انتقال الاختراع ملكا مشاعا للبشرية ، فان الشعور بالذنب لا يزال يحيط به و يسكن باطنه و يقفز الى مخيلته في كل مناسبة يرى فيها استعمالا في غير محله لاختراعه و هو يعبر عن ذلك بصراحة واضحة .

كلما أقرأ حول تصريحات كلاشنيكوف أجدني أقارنها دوما بتصريحات شخصيات تنتمي الى عالمنا العربي كانت في يوم ما في مواقع سمحت لها بالتأثير في مجريات الأمور و للأسف الشديد قادت الشعوب التي تنتمي اليها الى مآسي يندى لها جبين البشرية و تتألم لها القلوب الصادقة . في الجزائر مثلا ، أدت المأساة التي عرفها البلد منذ مطلع التسعينات الى نتائج قاسية ، الله وحده أعلم متى ستمحى آثارها ، و تبرز في عشرات الآلاف من الضحايا و الآلاف من المتضررين بكل الأصناف من أيتام و أرامل و معطوبين و مفقودين و غيرهم ، ناهيك عن الضرر المادي الذي لحق بالبلد من جراء الخراب الذي لحق ببنيته التحتية و الضرر المعنوي الذي طال سمعته في الخارج . أما الآثار النفسيـة التي تـركتـهــا الأزمــة فـي قلــوب النـاس و تأثيرها في علاقاتهم الفـرديـة و الجمـاعيـة فـان شأنها شأن آخر و علاجها أمر صعب بكل تأكيد و سيحتاج الى وقت طويل .

كل تلك الآثار لم تؤثر في قلوب من كانوا في يوم من الأيام سببا في تلك المأساة و لم نجد الى الآن من يصرح أنه أخطأ و يعترف أنه كان سببا – و لو بسيطا – في اندلاع المأساة و تأزّمها . كل التصريحات لكل المعنيّين تصب في اتجاه واحد يقضي بتبرئة النفس و اتهام الغير . لا أحد يعترف بذنبه و لا أحد يعبر عن حزنه عن خطئه أو مشاركته في ارتكاب الخطأ ، و لو صدقنا الجميع فاننا لن نجد تفسيرا لما حدث ، اللهم الا اذا اعتبرنا ما حدث كان من طرف مخلوقات غير أرضية عاثت في البلد فسادا و طارت على حين غرة الى عالم المجهول من جديد و تركتنا نتخبط في ظلمات المأساة . أنا لست من دعاة تقليب المواجع و لمس جرح لم يجف بعد . أنا متيقن أن الأولوية الآن هي للحديث عن المستقبل ، عن كيفية النهوض و كيفية الاصلاح و السير قدما الى الأمام ، و لست ممن يريدون الخوض في تجربة جنونية جديدة نتائجها لن تكون سوى مثل النتائج السابقة أو أسوأ منها . لكن كنت أتمنى أن أسمع تصريحات من البعض ، و ليس بالضرورة من الكل ، تهبط بأصحابها الى مستوى البشر أولا و ترتفع بهم بين البشر الى مستوى العقلاء الصادقين منهم ، يصدُقون فيها مع أنفسهم و مع مجتمعهم و يطهرون بها ماضيهم و يمسحوا بها سوء تصرفاتهم عن طريق ارشاد هذا الجيل و توجيهه الى ما يجب أن يجتنبه مما سقطوا هم فيه من سوء التصرف .

كان يعجبني في أحد علماء المسلمين قوله حين يسأل عما يجب القيام به مع الفرد العربي من طرف دعاة الاصلاح الديني أنه يجب أن يصحح فيه انسانيته ثم يأتي الباقي . نحن ندّعي أننا ننتمي الى أمة الروح لديها أقدس ما يحمل الانسان بين جنبيه و أننا نعتبر أن قتل انسان بريء هو أسوء جرم يقع بين الانسان و أخيه الانسان على الاطلاق ، و لنا في ذلك من قصة قابيل و هابيل عبرة كبيرة . و اذا كان موت فرد واحد شيء يهتز له الكون فكيف الحال اذا تعلق الأمر بقتل الآلاف من نفوس الأبرياء ؟ لكن مع ذلك فان العزة بالاثم و الكبرياء الانساني المتعجرف المغرور يسيطر على عقول الكثيرين منا ، و قلما نجد بيننا من يجرؤ على الاعتراف بالذنب جهارا . و اذا كان كلاشنيكوف يسبقنا الى الأسى و الحسرة على موت نفوس بريئة ليس له دخل مباشر في موتها في الوقت الذي يأبى من عندنا عن الاعتراف بالذنب و التوبة عنه بعد أن أثبتت الأحداث أنهم أسباب لمآسي عديدة ، فان ذلك من المفروض أن يدعـونا الى مـراجعــة أنفـسـنـــا و مقارنة ظاهرنا مع باطننا و تصحيح سلوكاتنا و لنا في كلاشنيكوف مثالا جيدا لو كنا صادقين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله