الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم الحاكمية لخالق يسكن السماء – شذرات فكرية

كامل السعدون

2006 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-1-
الرب القصي الساكن في كوكب آخر أو السابح في الفضاء :
_____________________________________

من أشد السخافات الدينية المشرقية ، سخافة وجود خالق خارج عن الذات الفردية أو معلق في فضاء قصي ، يحكم من خلاله العالم ويدير الأجرام ويضبط الأكوان ويتدخل في شؤون الأفراد والجماعات ويوجد لهم نظم عيش مفصلة على مزاجه .
منذ أزل الخليقة وليوم الله هذا ، ثبت بما لا يقبل الشك وجود الخالق في مخلوقاته ذاتها ، وجوده في كل خلية حية أو جامدة ، وجوده في جوهر الذرة التي تشكل العنصر الأصغر في الكون ، موجود عبر سيال الطاقة السابح في الكون ، في الذرات وحولها كإلكترون أو بروتون أو نيوترون .
هو ليس منفصل عنا ، ليس له شكل أو جسم أو كيان خارج إطار هويات الموجودات ، الله هو روح الحياة السابحة السائرة القائمة في الأحياء ، الله هو الخليقة ذاتها ، الله هو كل واحد فينا ، الله ... هو أنا وأنت وكل بعوضة وحشرة وطير وشجرة .
لكن ، نحن البشر ، نمثل التجلي الأجمل لروح الله ، التجلي الأجمل والأوسع والأسمى من تجليات الخالق ، الجوهر ، الكينونة الشمولية .
إذا كانت بقية الأحياء والجمادات والتي نلتقي معها في شيء اساسي هو الجوهر الإلكتروني أو جوهر الطاقة الذي يمثل جوهرنا وجوهرها ، إذا كانت تلك المخلوقات ، الأحياء والجمادات قد سلف أن أمتلكت برنامجها الذاتي وقدرها الذاتي من خلال نوع الطاقة الذي يمثل جوهرها ومدى حيوية بروتوناتها وإلكتروناتها ، فإننا نختلف عنها في أننا لم نمتلك برنامجنا الذاتي ، بل إمتلكنا عوضا عنه العقل والإرادة والروح ووعي الهوية .
إمتلكنا هذا وتركنا احرارا في خياراتنا ، أنختار الجانب الإلهي السامي فينا أم نختار الجانب الضحل التافه الرخيص فينا ، والمتمثل بالذات السفلى .
وحيث أننا كذلك فقد اوجدنا حضارة وخلقنا حياة جميلة هنا ، وقبيحة شريرة هناك ، وفي كل الأحوال هي تطبيقات حريتنا ، وإرادتنا الحرة ، لا أكثر ولا أقل .
وحيث أننا كذلك فقد تخيلنا الله وأوجدناه في الخارج وأختلفنا في تصويره ، فهو بدوي قبلي قرشي هنا ، وهو روحاني سامِ شفاف هناك .
إنه المنتقم العنيد الجبار المتكبر في جزيرة العرب ، وهو المتسامح الرحب الجميل الذي يدير خده الأيسر لمن يصفعه على الأيمن ، هناك في اورشليم القديمة المقدسة .
وهو من ينجب ويتكاثر ويتقاتل مع اقرانه في أثينا القديمة ، وهو من يتعفف ويتشفف ويجوع ويعرى ويرتقي الهملايا هناك في الهند القديمة العظيمة .
عقولنا لم تستطع أن تستوعب أن نكون ولا يكون هناك من هو في الخارج ليوجدنا ، لم تستطع أن تستوعب أو تتقبل أن لا يكون الرب مثل أبينا وأمنا ، شهواني غاضب عاطفي حنون .... الخ .
وإلا فمن أين جئنا ؟
لا نستطيع أن نستوعب أن لا يكون هناك في الخارج من هو منفصل عنا ليخلقنا ويتدخل في شؤوننا ويرحمنا وينتقم منا ويعاقبنا ويثيبنا مثل امهاتنا وآبائنا ومعلمينا .
ولكنها اوهام في واقع الحال ، إنعكاسات الخيال الخصب ونوع من تجليات الإرادة ، ولا بأس في ذلك فتلك هي سيرورتنا وهذا هو قدرنا الذي خلقنا ونعيد خلقه مرات ومرات ، لكن واقع الحال غير هذا ، فالله هو نحن .
هناك نص جميل في القرآن كما اظن يقول ( إن الله اقرب إليكم من حبل الوريد ) .... رائع .... رائع جدا وهذا ما اقوله انا هنا وما قاله الكثير من كبار الروحانيين والمفكرين القدامى والمحدثين ، إنه اقرب إلينا من حبل الوريد ... وهو كذلك وربي ... كيف لأنه فينا وليس في الخارج ، فحبل الوريد يمتد في الجسد ، فينا وإذن فالله فينا وليس في الخارج ، وحتى لو إفترضنا أنه معلق في الخارج فمن البداهة أن نسعى لهذا الذي في الداخل قبل أن نرنو صوب السماء ....اليس كذلك ؟؟؟

-2-
وهم الحاكمية :
__________

محمد خلق وهم الحاكمية لله .... !
ربه ظل يتواصل معه عبر جبريل قرابة العشرون عاما بلا كلل ولا ملل ، ليعطيه شريعته السياسية القانونية المستمدة من تراث القبيلة القرشية ممتزجا بتراث اليهود والمسيحيين ... !
لم يأت محمد بجديد ابدا ، فما جدوى هذا الإصرار الإلهي على الإستنساخ البطيء لشرائع اهل بابل وفارس واورشليم ومكة ؟؟؟
ثم ....لو كان رب محمد صادقا ، كيف يناقض نفسه فيشرع العفو والرحمة والنبل والطيبة في بيت لحم واورشليم والهند والصين ، ثم يكون ذاته إله كراهية وإنتقام وغضب وسخف وثأر وإنشغال بالحيض والولادة والجماع في مكة وبقية جزيرة العرب ؟؟؟
وكيف يكون إله محمد فقيرا كل هذا الفقر وعاجزا كل هذا العجز ، بحيث لا يجرؤ على تصفية الشيطان وتصفية أعداءه الكافرين أو المشركين فيجند محمد وأتباعه وأسلافه في يومنا هذا ، لتصفيتهم بالجملة ؟؟
ثم لماذا خلق إله محمد الناس ، وكلف الشيطان بإغوائهم ، ثم كلف محمد وأتباع محمد بقتل هذا الشيطان من خلال قتل هؤلاء المساكين ؟؟؟
ثم ... إذا كان الله قد اوجد لنا هذه الشريعة ، أما كان بمقدوره أن يفرضها علينا بقوته الذاتية من خلال أن يسلط علينا ملائكته حاملين الإيمان إلى قلوبنا ، بدلا من أن يقتلنا ويعذبنا على يد محمد وأتباع محمد ؟ اليس هو القوي الجبار العنيد ذو الكيد العظيم ؟ طيب ما هذا العجز الفاضح الذي ظهر ويظهر فيه كل يوم ؟ أي منطق هذا ؟ لماذا نخلق ثم نعذب ونقتل وتسلب أموالنا وتهدر أعراضنا من إجل رب قصي عاجز متردد ، لم يجد ما يملكه وما يفعله إلا أن يسلط علينا أغبياءنا وطغاتنا لينفذون إرادته ؟
كيف يمكن أن نقتنع بأنها إرادته حقا إذا كانت تأتينا عن طريق اراذلنا ومشبوهينا وطغاتنا واقوياءنا ؟
إن كان هو الكبير ، فكيف لا نراه كما رآه محمد وموسى وغيرهم ، وإن كان هو الرحيم فكيف يعذبنا ويقتلنا ، وإذا كان محمد وغير محمد آمنوا به لأنهم رأوه أو تواصلوا معه ، طيب ما ذنبنا نحن الذين لم نرى ولم نتواصل ؟؟؟
لماذا نلام ونحن خلقنا هكذا ، ولم تتنزل علينا الرحمة التي تنزلت على هذا أو ذاك من الأنبياء ؟؟
مدخل سخيف غير مقنع ؟؟
مدخل غير مقنع ولا منطقي هذا ، أنت تتواصل علنا مع محمد وغيره ( على إفتراض ) ثم تطالبني انا الذي لم تتواصل معي في ان اؤمن بك ، إذن فأن العبء الذي حملتنيه اشد عبئا من هذا الذي تحمله محمد ، وبالتالي فيفترض منطقيا أن يكون الكافر أو المشرك أو الرافض لوهم الربوبية المعلقة في السماء ، يفترض أن يكون افضل بدرجات من محمد وغير محمد ...!
هكذا يكون المنطق ، وغير هذا غير صحيح ...!
وإذن فلا حاكمية لله على من لم يرى ولم يسمع ولم يتواصل مع الرب المعلق .
ولا لوم ولا تثريب ولا عقاب لمن لم يرى ولم يسمع ولم يتواصل مع الرب المعلق .
ولا قداسة لمن قيض له أن يتواصل ( أو إدعى انه تواصل ) مع الرب المعلق .
هذا شأنه هو ، تواصل او لم يتواصل ، أنا لم ارى ولم اسمع ولا اعقل ولا استطيع أن اصدق ... !
إن كنت تواصلت فمبروك عليك التواصل ، لكني لم ارى ولم اسمع ولا استطيع أن اعقل ، وبالتالي فلا حق لك بتحميلي اعباء تواصلك ولن تقنعني بذلك وهذا حقي ، في أن اقتنع برب في الخارج أو بالرب الذي فيّ ... !
إن كنت نلت تلك الرحمة أو النعمة من ربك المعلق ، فأنا لم أنلها وبالتالي فلا افضلية لك عليّ ابدا , أنت تعيش اوهامك او حقائقك التي قيضت لك من رب الخارج ، أنا لم انلها ، فلم تطالبني او تفرض علي التصديق ؟؟؟
لو إني كرمت بما كرمت أنت به ( على إفتراض صدق ما تقول ) ، فإذن انا وانت على قدم المساواة وبالتالي انا لي سبلي للتواصل مع ربي وانت لك سبلك ، اما إذا لم اكرم فأنا ابحث عن ربي بقنواتي الخاصة ولست بحاجة لك ....!
الشريعة التي وصلت لواحد منا ( على إفتراض ذلك ) ، هي ككل شريعة عقد إجتماعي بين أناس واعين عقلاء متساوين في المسؤولية ، لكن هذا الأمر لا يصح علينا ابدا لأننا لم نتساوى مع محمد في المسؤولية ، لعدم تساوينا وإياه في الرؤية أو التواصل مع الرب .
الدستور الذي نوقعه بإقلامنا عبر ممثلينا أو بحضورنا الشخصي للإستفتاء ، نكون مسؤولين عنه ، لكن شريعة محمد لا يمكن أن نكون مسؤولين عنها لأننا لم نستفتى فيها ولم نرى من كتبها ولم نتعايش أو نتواصل معه ، فهل نصدق واحدا منا ونكذب عيوننا وعقولنا وحواسنا وأرواحنا ؟
إذن فالحاكمية لله ( على شرع محمد ) حاكمية جائرة ظالمة لا يمكن أن نتقبلها ابدا مهما كان حجم جمالها أو قبحها ، عدلها أو ظلمها .
المنطق يرفض قبول تلك الحاكمية رفضا قاطعا ، فإن لم نستفتى في قبولها بإراداتنا الحرة وليس بسوط الشرطي أو قبضة رجل الدين ، لا تصلح لنا ولا علينا ولا يجوز القبول به ابدا .
ولهذا إنتشر الإسلام بالسيف والقمع ، ولا زال يفرض حضوره بذات الإسلوب السياسي الدكتاتوري القديم ، إسلوب السيف والقمع والتكفير والإقصاء والإستبداد .

-3-
أنا هو :
_________

حين قالها الحلاج الجميل ... لم يستطع أغبياء ذاك العصر ان يحتملوه فسلطوا عليه رعاعهم ليصلبوه .... وحين قالها المسيح ... أنا إبن الله ... لم يطيقوا أن يصدقوا ، فصلبوه ايضا .
ولكنني ، كما الكثيرون اؤمن بربوبية علي والمسيح والحلاج .
عليٌ قتل من آمنوا بإلوهيته ، لكن المسيح لم يفعل ، لأنه لم يكن كرب قريش صاحب سيف وخنجر وخازوق .
عليٌ لم يصدق أنه إبن الله أو الله المتأنسن ، لم يصدق أن الله فيه فقاومهم وقتلهم ، وليته لم يفعل لكان امكن له أن يرقى إلى مستويات أكبر مما ارتقى له في عالم الروح .
انا اؤمن بروبية علي والمسيح والحلاج و.... ربوبيتي .... !
أوليس الله أقرب إلينا من حبل الوريد ... إذن هو فينا وليس في الخارج .... !
إذن هو في الحلاج والمسيح وعلي وآخرون كثر ... وهو فيّ وفيك وفي كل إنسان .
هناك قولٌ جميل لطيف ( عبدي كنْ مثلي ، تقول للشيء كن فيكون ) .
كيف أكون مثلك ايها الرب القرشي المعلق في السماء ... !
نعم اكون مثلك في أن انزلك من علياءك إلى قلبي ... اكون مثلك في ان اؤمن بربوبيتي ، بحضورك فيّ لا في الخارج ...!
بأن اؤمن بأنك انا ... كما قالها الحلاج الرائع الجميل .
في الفيدا الهندية يرد هذا النص ( الرب تجسد ماديا من خلال مخلوقاته ، قبل أن يكون هناك خلق ... لم يكن هناك رب ، لأنه لم يكن هناك من يؤمن بخليقة ، لهذا جسد الرب ذاته ماديا من خلال المخلوقات ) .
إذن فإن الرب ضيف أرواحنا وأجسادنا وكينوناتنا وهوياتنا ، بغيرنا لا يكون هناك رب أبدا ... نحن خلقنا الرب ، نحن منحناه هويته ، نحن استضفناه فينا ، نحن حملنا إسمه وتاريخه وكينونته ، بغيرنا هو لا شيء ابدا ، بغيرنا هو عدم .
إذن فحيث أننا نحن من منحنا الله هويته ، فنحن كذلك خلقنا الله بقدر ما خلقنا .
وإذن فنحن لسنا عبيدا له ولسنا ملزمين في أن نكون كما يشاء ، بل كما نشاء ، كما تشاء إراداتنا الذاتية الحرة .
إذا كان النجار يصنع الكرسي برغبته وإرادته وصورة نموذجية معينة في ذهنه ، ثم يقوم بتكسيره مجددا ليصنع منه حطبا يتدفأ به ، فهذا شأنه فالكرسي لا فضل له على النجار ، لأنه جمادٌ لا عقل له ولا روح فيه ، والشجرة لا إرادة حرة لها لتعاتب النجار على سوء إستخدامه لأعضاء جسدها التي طرحت في النار .... !
لكن الإنسان بعقله وروحه وإرادته الحرة ، خلق الله كما تقبل خلق الله ، وتماهى مع الله وتوحد بهذا القدر أو ذاك ، فإذن أنا لست كرسيا لتطرحني بغباء في نار جحيمك أو تثيبني على عبودية مذلة لك ، لأني خلقتك بذات القدر الذي خلقتني فيه .
أنا منحتك هويتك وكينونتك الخارجية في سماءك المعلقة حسب شرع محمد أو الداخلية في خلايا جسمي وعقلي ، وإذن فلست أقل منك فضلا ، وليس من المنطق أن اعذب أو أثاب كذلك ... !
الرب القرشي العربي يعاقب ويثيب ، تماما مثل شيوخ القبائل العربية ... !
والعبد العربي يخضع ويتوسل ويبكي ويلقى في النار ويضرب في السوط مثل كل عبيد القبيلة العربية على مر العصور .
بالمناسبة أنا اؤمن بالجنة كنمط من أنماط التحول في الطاقة ، التحول من بعد إلى بعد ومن حالة إلى حالة أخرى من حالات الوجود الحياتي الكوني ، أنا اؤمن بتحول الجسد إلى أنماط أخرى ، بإعتبار الأمر تحول في الطاقة ، لكن لا افترض أن هذا التحول يقوم على مقاييس أو مواصفات معينة كما هو وارد في النسخة المحمدية التوراتية للخلق والخليقة ، أي على اساس القتال في سبيل الرب أو على اساس الركوع والذل والسجود والعبودية وووو .
لا التحول يحصل بعد الموت كجزء من الإرادة الذاتية المتماهية مع الإرادة الإلهية الموجودة فينا . بمعنى آخر من يؤمن بأن له الجنة على أساس قتل البشر ، يمكن أن يتحقق له ذلك طالما إرادته الذاتية متوترة ومشدودة بقوة إلى تلك القناعة ، بذات القدر فإن من يؤمن بأن له التحول صوب الجنة من خلال المحبة والنبل والطيبة فله ذلك ، ومن لا يؤمن بمثل هذا التحول وكانت إرادته مشدودة إلى الجحيم فله الجحيم حقا ، ومن لا يؤمن بأي شيء فلن ينال شيئا على الإطلاق .
الله الذي فينا إذا ما اطلقنا جناحه وحررناه ، تحررنا من خلاله وأنتقلنا إلى نمط آخر أجمل من أنماط العيش وأنماط الطاقة الحيوية ، أما إن لم نحرره ولم نتحرر معه ، فليس لنا نصيب في شيء البتة .
الله هو الإرادة الحرة الخالدة القوية الموجودة فينا ، في كل واحد منا ... إن تحررت تحرر الله ، وإن أستعبدت للمادة أو الرغبات أو الضحالة والسخف والسطحية ، غرق الله الذي فينا في مستنقع ضحالتنا وسطحيتنا ولكنه في غيرنا يبقى حيا موجودا جميلا .
الله ... هو روح الحياة ، روح الخلق ... جوهر الكينونة ، جوهر الوحدة الكونية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب