الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عظماءُ حرب أكتوبر المجيدة

فاطمة ناعوت

2020 / 10 / 11
المجتمع المدني


في مثل هذه الأيام من كل عام، تكسو أعلامُ مصرَ صفحةَ السماء، ونتذكّر اليومَ الخالد الذي رفعت فيه مصرُ رأسَها أمام العالم، مُعلنةً انتصارَها على عدوٍّ رسمَ لنفسه صورة أسطورية، وصدَّر للعالم فكرة أنه لا يُهزَم. نتذكّر عظمة جيشنا المصري العظيم، الذي دحرَ العدو الصهيونيَّ قبل سبعة وأربعين عامًا، وظلَّ مُحافظًا على شرف مصر على مدى السنوات والعقود، حتى حرَّرَنا عام 2013 من غول الإخوان الأسود الذي كاد يودي بمصر في عام كئيب سُرق فيه عرشُ مصر, مثلما أمس واليوم وغدًا، هو ذاته جيشُنا العظيم يدحرُ الإرهابَ الذي خلّفه الإخوان في سيناء الحبيبة. رجالٌ أشدّاء ذوو بأس وقدرات عسكرية وقتالية فائقة، صنعوا لنا ولأولادنا سنوات الأمن التي عشناها منذ حربنا الأخيرة مع إسرائيل في أكتوبر 1973، وحتى اليوم وإلى منتهى الأيام.
نتذكّر بكل احترام: الرئيس/ محمد أنور السادات الذي نجح في استرداد سيناء من قبضة إسرائيل المحتلّة، بعد حرب التحرير المجيدة. نتذكّر بكل احترام الفريق طيار/ محمد حسني مبارك، قائد القوات الجوية، الذي قاد نسورنا المصرية في الحرب وكان صاحب الضربة الجوية الأولى التي زلزلت عديد النقاط الحيوية لدى قوات العدو الإسرائيلي في سيناء، ما سمح لقواتنا البريّة بالتقدّم للعبور والسيطرة على الضفّة الشرقية للقناة في أولى أيام الحرب الشريفة، تحت غطاء وحماية نسور مصر في القوات الجوية. نتذكّر بكل احترام الفريق/ سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في الحرب، وواضع خطة العبور والرأس المدبِّر لاجتياح جيشنا المصري خطَّ الدفاع الإسرائيلي في خط بارليف. نتذكَّر بكل احترام المشير/ محمد عبد الغني الجمسي، المُصنّف في الموسوعات العالمية ضمن أبرع 50 قائدًا عسكريًّا في التاريخ، وآخر مَن حمل لقب "وزير الحربية" في مصر، قبل أن يتغيّر اللقبُ إلى "وزير الدفاع"؛ ذاك أن مصرَ دولة سِلمٍ لا تبادر "بحرب"، بل تحاربُ "دفاعًا" عن أرضِها وشرفِها وكرامة شعبها. نتذكّر بكل احترام المشير/ أحمد إسماعيل الذي قاد الجيش في مرحلة من أدقّ مراحل ملحمة التحرير الشريفة. وفي دفتر العظماء نتذكّر بكل احترام أول شهيدين في حرب أكتوبر: العميد/ شفيق متري سدراك، والرقيب/ محمد حسين محمود. وقضت حكمةُ الله أن ترتوي أرضُ مصرَ، في أولى ساعات الحرب، بدماء رجلين نبيلين تنوّعا في العقيدة، واتفقا على حب مصر.
والقائمة تطولُ لعظماء نَدينُ لهم بأرواحنا وأرواح آبائنا وأبنائنا، وفي القلب منها مهندسٌ عبقري رحل قبل عامين، وتشرّفتُ بحضور مراسم جنازته وتقديم واجب العزاء لأسرته الكريمة. اللواء "باقي زكي يوسف". رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني أثناء الحرب، مبتكر فكرة استخدام ضغط المياه القويّ لإحداث ثغرات في الساتر الترابي المنيع المعروف عسكريًّا بخط برليف الذي تغنَّت إسرائيل باستحالة إزالته. تصدَّع الساترُ الترابيّ أمام شلالات المياه الهادرة من المضخّات، كما تتصدّع ورقةُ شجر يابسة تحت أقدام الفرسان، وعبَر جيشُنا الباسل إلى حيث ثكنات العدو، ودحرناه، ليرتفع علمُ مصر زاهيًا، وتصدح أغنياتُ العبور من مذاييع البيوت في كل أرجاء الوطن العربي. وأناشد المسؤولين بإدراج اسمه في مناهج التعليم ليتعرف النشءُ على رموز مضيئة من رجالات مصر العباقرة. وأشكر الرئيس العظيم/ "عبد الفتاح السيسي" على إطلاق اسم "اللواء باقي زكي يوسف" على نفق مهم في التجمع الخامس. وتحت اسمه نبذة عن الرجل تُخلّد ابتكاره الهندسي الذي يسَّرَ على قواتنا المسلحة تحطيم خط برليف. فكان عبورُ القناة، وكان النصرُ العظيم على العدو الصهيوني. الرجل الذي منح مصرَ مفتاحَ كسر شوكة العدو، فحُفِرَ اسمُه في سجّل النبلاء.
وأتشرّف بشكل شخصي بأن ذلك المهندس العبقري هو ابن الكلية الجميلة، التي أتشرّف بالتخرج فيها: هندسة عين شمس. عاش في هدوء وخدم وطنه في هدوء وركن إلى مرحلة تقاعده في هدوء، بعيدًا عن الأضواء، ثم رحل في هدوء تاركًا مصرَ وقد حطّمت أسطورةً نسجها صهيونُ أمام العالم.
جميلٌ أن يتعلّم أبناؤنا تاريخَ بلادهم، ليعرفوا مَن جاءهم بالنصر ومنح وطنَهم مفتاحَ العزّة والكرامة. فذلك من شأنه، ليس وحسب إضاءة مناطقَ مشرقةٍ من تاريخنا المصري المشرّف أمام عيون النشء المصري الصغير، بل أيضًا تعليمهم درسًا مهمًّا في "المواطَنة" بمفهومها الصحيح. كونها علاقةً بين مواطن شريف، ووطن يحتضن الجميع، من دون أن يسألهم عن عقائدهم. فالهُويةُ المجتمعية والمواطَنهُ شأنٌ جمعيّ يتوّجُ الجميعََ بهالة من نور تقول بصوتٍ عال وفخور: "هذا المواطنُ، مصريٌّ." تحيةَ احترام لرموز بلادي الشرفاء الأحياء منهم والخالدين العابرين الزمانَ ممن لا ينساهم التاريخ. وتحيةَ احترام لمن يذكرون تلك الرموزَ ويُذكّرون الناس بها. "الدينُ لله، والوطنُ لمن يحمي حمى الوطن”.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول إجراء لستارمر بشأن المهاجرين بعد تعيينه رئيسا لوزراء بري


.. أول قرار لستارمر.. وقف خطة ترحيل اللاجئين لرواندا




.. لوبان تهاجم مبابي بعد وصفه لتقدم أقصى اليمين بالكارثي: لا يم


.. دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة محملة بمواد غذائية




.. مشاهد حجم معاناة النازحين السودانيين بمدينة الدندر في سنار