الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا و”مئة مشكلة”!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2020 / 10 / 13
المجتمع المدني


شعار السياسات التركية لحزب العدالة والتنمية ومهندسها؛ أحمد داوود أوغلو، خلال العقد الأول من الحكومة كان “صفر مشكلة”، لكن وبعد إنقلاب أردوغان على الفريق السياسي وحلفائه السابقين من أوغلو وعلي بابجان والرئيس عبدالله غول وقبلهم معلمه وزعيمه الديني؛ فتح الله غولن، قد جعل من العقد الثاني لحكومة العدالة والتنمية بالشراكة مع الحزب القومي المتطرف والمعروف بحزب الأمة وبزعامة؛ دولة بهجلي والذي يمكن تسمية شراكتهم بالزواج “الديني المدني” حيث الإسلاميين والقوميين معاً بحيث سيجعلان شعار مرحلتهم؛ مئة مشكلة أو صفر حلفاء ولكي لا يبقى الكلام في التنظير والعموميات فإننا سنقدم لكم بعض العناوين والتي تؤكد؛ بأن تركيا ذاهبة للمزيد من الانهيارات والخسارات والمشاكل والتي ربما تعجل بنهاية حكومة أردوغان وحزبه وتحالفه الإسلامي القومي بحيث وكما تنبأ باباجان، بأن “نظام أردوغان لن يصمد حتى 2023” وذلك على ذمة هذا الأخير!

والآن إليكم أبرز العناوين للمشاكل التي تعاني منها تركيا: أولاً- الوضع الداخلي متأزم سياسياً واقتصادياً حيث وعلى المستوى السياسي هناك حراك لقوى وأحزاب سياسية لتشكيل جسم معارض ضد التحالف الإسلامي القومي وقد وجدنا خسارة أردوغان نتيجة ذلك لعدد من البلديات في المدن الكبيرة وأهمها إستانبول وأنقرة، أما الوضع الاقتصادي فبات معلوماً للجميع، بأن تركيا باتت تشحد من الآخرين لدعم الاقتصاد التركي المنهار حيث أن الليرة التركية ومنذ بداية العام فقدت 25 بالمائة من قيمتها وقد وصل الأمر بوزير الاقتصاد التركي السابق وزعيم حزب الديمقراطية والتقدم؛ علي باباجان لأن يقول في المؤتمر الختامي لحزبه في مدينة وان الكردية ما يلي: “البنية الاقتصادية والمالية تدهورت كثيرا، ولم يعد بحوزة السلطة الحاكمة أية موارد بالوقت الراهن. السلطة الحاكمة أنفقت الصناديق الاحتياطية المخصصة للأزمات. تركيا تواجه مشكلة كبيرة حقا، لكن بالإمكان إصلاح الوضع في تركيا من خلال الإدارة الصحيحة”.

بل إن زميله السابق في الحكومة والذي كان يشغل منصب وزير الخارجية ومهندس السياسات التركية في عقدها الأول؛ أحمد داوود أوغلو ذهب بعيداً في وصف حال الحكومة وأردوغان، قائلاً: “كلما حطم الدولار أرقاما قياسية هرع أردوغان إلى قطر بسرعة قصوى. لكن لا بد أن يعلم أن الذي يتلقى أموالا من الخارج يتعود على تلقى الأوامر أيضا. لذا نرى أن أمير قطر بات ينظر أردوغان بدونية كلما طلب منه الأموال”. وكذلك على الصعيد الداخلي وقضية الحريات والديمقراطية، فقد باتت تركيا إحدى أسوأ الدول من حيث الاعتقالات الكيفية وزج الكتاب والصحفيين، ناهيك عن السياسيين المعارضين -وبالأخص أبناء شعبنا الكردي من حزب الشعوب الديمقراطية- في السجون بحيث باتت سجونها تكتظ بعشرات، بل مئات الألوف من المعتقلين وخاصةً بعد ملاحقة كل من له صلة بالانقلاب المزعوم والذي أتهم بها حركة “فتح الله غولن” الإسلامية بحيث جعل من البلاد جحيماً للجميع وذلك مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وإزدياد البطالة بالبلاد حيث الملايين الذين يعانون من البطالة والفقر والحرمان من الحياة الكريمة.

تالياً- وأما على الصعيد الخارجي والعلاقات الدولية والملفات التي تورطت بها تركيا، فإن انتكاساتها، بل مهازلها باتت ما يمكن أن نطلق عليها (مهازل أردوغان) وحكومته ومنها وعلى سبيل المثال -وليس الحصر- الملف الليبي وقضية توقيع معاهدات مع حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج وإدعاء تركيا ومن على لسان وزرائها ومسؤوليها، بأن تم قبولها من قبل المنظمات الدولية ولكن تبين بأن ليس الأمر إلا كذبة من قبل حكومة تركيا، بل ها هي بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ذلك البلد تؤكد بأن؛ “اتفاقية تركيا مع الوفاق مخالفة لقوانين البحار” حيث وبحسب مقالة تحت نفس العنوان على موقع “الزمان التركية”، جاء فيه التالي: “قالت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا أن اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا متمثلة في حكومة الوفاق الوطني تنتهك حقوق وسيادة الدول الأخرى (اليونان وقبرص)، وشددت على أنها مخالفة لقوانين البحار”. وكذلك وعلى صعيد آخر فإن تركيا لم تحرز أي مكسب سياسي أو اقتصادي يذكر في تدخلها في الصراع الأرميني الأذربيجاني بحيث “سيتم عقد اجتماع لمجموعة منسك بحضور كل من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية” لتثبيت اتفاقية وقف إطلاق النار بين البلدين ودون دعوة تركيا وذلك على الرغم من مطالبة الرئيس الأذربيجاني ب”ضرورة مشاركة تركيا”.

بل وحتى في قضية الإيغور ومتاجرة تركيا بهم وذلك لابتزاز الصين مقابل بعض الملفات وبالأخص الاقتصادية ودعم الليرة التركية، فقد تم التخلي عنهم وتناسي “الايغور المساكين” وقد علق مؤخراً داوود أوغلو على الموضوع تحت عنوان؛ “بكم بعت قضية تركستان الشرقية؟” منشورة على “موقع الزمان” حيث كتب الموقع ومن على لسان أوغلو قائلاً؛ (وبعد أن قال داود أوغلو منتقدا الوضع الاقتصادي في بلاده، إن النظام التركي، الذي تحول إلى شركة عائلية، هو أكبر مصيبة حلّت على تركيا، اتهم هذه المرة حزب العدالة والتنمية “الإسلامي” وحليفه الحزب “القومي” بـ”بيع قضية الأتراك الأويغور المسلمين في الصين”، واصفًا التحالف الحاكم بـ”الأسير للصين”، على حد وصفه، وذلك في تصريحات أدلى بها خلال المؤتمر الدوري الأول لحزبه بمدينة مرسين جنوب تركيا)، بل يضيف الموقع قائلاً؛ (ووفق تقرير لصحيفة “صنداي تلغراف” خرقت تركيا في الآونة الأخيرة مبدأ عدم تسليم الأيغور إلى الصين، عبر اتباع أسلوب مكن الصين في النهاية من ترحيل الأيغور إلى “معسكرات التأهيل” سيئة السمعة).

أما على صعيد العلاقات مع دول الجوار فحدث ولا حرج حيث العلاقات المتوترة مع الدول العربية وبالأخص الثالوث المصري السعودي الإماراتي وقد وصل الأمر بالسعودية لأن تقاطع تركيا اقتصادياً ولو بشكل غير معلن، لكن بدأ الاقتصاديين الأتراك يشكوون من تلك المقاطعة الغير معلنة من قبل السعوديين، بينما مصر تحاول الاتفاق مع كل من إسرائيل وقبرص واليونان وحتى ضم ليبيا وإيطاليا وذلك لقطع الطريق على أردوغان ومشاريعه العدوانية ضد جيرانه وبالأخص فيما سماه الأخير ب”الوطن الأزرق” والبحث عن مصادر الطاقة والغاز في المتوسط، بينما العلاقة مع سوريا والعراق من سيء لأسوأ حيث التدخلات العسكرية المباشرة مما جعل بالجامعة العربية لإدانتها ومطالبة تركيا بسحب قواتها وآخر المستجدات بالموضوع فإن مصر أكدت مجدداً دعمها للعراق في مواجهة الاعتداءات التركية المتكررة وذلك في لقاء وزير الخارجية العراقي؛ فؤاد حسين مع المسؤولين المصريين.

وهكذا وبعد هذا الاستعراض السريع للوضع التركي الداخلي والخارجي، يمكننا القول: بأن تركيا تحولت من سياسة “صفر مشاكل” والتي طرحها مهندس السياسات التركية وبالأخص الخارجية؛ أحمد داوود أوغلو إلى سياسة صفر أصدقاء وحلفاء ومئة مشكلة ومشكلة، مما سيعجل من نهاية أردوغان وحكومة العدالة والتنمية بالمشاركة مع أشد المتطرفين القوميين الأتراك أمثال بهجلي، فهل سيكون بمقدور أردوغان أن يفك حبل المشنقة عن عنق حكومته إن كان من خلال تفكيك المعارضة الداخلية بضربها ببعض أو إعتماداً على بعض الحلفاء الخارجيين أمثال ترامب السمسار أو بوتين المافيوي، أم سيكون التاريخ قد حدد المصائر والنهايات إلى حتمياتها وسياقاتها المحددة وفق هندسة حضارية عقلانية باستعجال نهاية حكومات الاستبداد التي تحفر قبورها بنفسها، كما فعل كل المستبدين الذين سبقوا أردوغان وحكومته وتحالفه الإسلاموي القوموي .. بقناعتي الشخصية؛ إننا سوف نشهد خلال الأعوام القليلة القادمة الكثير من التطورات على صعيد المنطقة والشرق الأوسط وربما العالم عموماً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع


.. السيسي: لم تتردد مصر في إغاثة الأشقاء الفلسطينيين وصمدت أمام




.. أخبار الصباح | -العمال البريطاني- يفقد تأييد الأقليات العرقي


.. اللاجئون السودانيون في تشاد يعانون نقص الخدمات الأساسية




.. مراسل العربية أسامة الكحلوت: الجيش الإسرائيلي يحاصر عددا كبي