الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة مقالات الجماعة جماعة الاخوان المسلمين مؤامرة التأسيس وتأسيس المؤامرة 3 من 8 / رؤية جديدة

حجاج نايل

2020 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة لا بأس بها

وفقا لعدد كبير من المصادر والمراجع المؤكدة ، في 23 مارس 1928، اجتمع البنا في منزله، بستة أشخاص من الذين تعرف عليهم في المقاهي العامة بالإسماعيلية بعد ان استمعوا الية في خطب ومواعظ المساجد وكانوا من اصحاب الحرف البسيطة، من بينهم نجار ومكوجي وجنايني وسباك، وجميعهم يعملون داخل المعسكرات البريطانية أو «الكمبات» كما وصفها في مذكراته (الدعوة والداعية)، وهم: حافظ عبدالحميد، وأحمد المصري، وفؤاد إبراهيم، وعبدالرحمن حسب الله، وإسماعيل عز، وزكي المغربي، وقام هؤلاء الستة باعلان البيعة لحسن البنا المدرس البالغ من العمر 21 عامًا، على العمل للإسلام والجهاد، معلنين أنفسهم جماعة الإخوان المسلمين، تطورت الجماعة بقيادة حسن البنا، إلى حركة جماهيرية وواكبر تنظيم وقوي سياسية في مصر، وفي عدة دول، واستطاعت خلال 80 عاما، ان تؤسس لها فروعا في السودان، والأردن، وسوريا، وفلسطين، وشمال أفريقيا، واتسعت فروعها ومشاربها في الثلاث عقود الاخيرة في اوربا وتركيا.

هل كان تأسيس ونشاءة جماعة الاخوان المسلمين في مصر في العام 1928 ،هو صحوة ويقظة دينية لدي مؤسيسها، وعلي راسهم حسن البنا بوصفهم من كانوا يبحثون للاسلام والشريعة عن موطيء قدم في الحراك المحلي والاقليمي والعالمي الواسع النطاق، وايضا في مواجهة الاحتلال والحركات المسيحية في الغرب كما زعموا ، ومن ثم نجحوا في صياغة مؤامرة لتأسيس هذا الكيان ،انطلاقا من غيرتهم ومشاعرهم الدينية ، لواقع منحل وغير اخلاقي، ام هي كانت مؤامرة استعمارية وغربية ، لزرع كيان في جسد الدولة المصرية ، يدير ويحرك الصراعات والشائعات والفتن والاغتيالات ، ويلعب دورا مناوئا للحركات السياسية المتواجدة علي الساحة ، هل كانت نشاة الجماعة، مؤامرة من قبل المؤسسين لخلق كيان منأوي للاحتلال، ومعبر عن تيار ديني يسعي لإنفاذ شرع الله علي الارض، ومواجهة كل مظاهر الانحلال والتهتك الاخلاقي الموجود في المجتمع ،ام كانت تأسيس لمؤامرة استعمارية للحد من المد الثوري الليبرالي والعلماني والاشتراكي، وخلق اداه مناوئة لهذا المد عن طريق خيارات داعمة للانشقاقات والصراعات بين اجنحة واطراف الحركة الوطنية.
الحقيقة مما يصعب الوصول الي خلاصات موضوعية ،مايؤخذ علي اطراف هذا السجال، في جانبي السئوال الرئيسي في المقال ، فكل منهما يسعي الي الاطلاق اوالاحكام المطلقة، فأما جماعة الاخوان المسلمين عملاء ومؤامرة بريطانية واستعمارية في المطلق ، وإما انهم كتلة وجماعة وطنية تأسست لمحاربة الانجليز والاحتلال ومواجهة الانحلال في المطلق، ومن جانبي المتواضع ، اتصور ان جماعة الاخوان ترواح مساراها وتوجهاتها السياسية ، في سياق نشاتها بين مواقف واتجاهات عدة ، وفقا للاحداث والمتغيرات الحاكمة لنشاة هذا الكيان ، وانا هنا لا ابرر بطبيعة الحال خيانة الجماعة ، او تحالفها مع القصر والاحتلال، واعتدائها علي القوي الوطنية والحركات السياسية الاخري، لكني اضع ما قد دفع هذه الكيان للتصرف ببراجماتية حاده ، وفقا لمصاحه ايضا ، والتي يتصور انها في الاتجاه الصحيح ، بعين الاعتبار.

اصحاب الاتجاه الاول
اصحاب الاتجاه ،الذي يري ان جماعة الاخوان فصيل خائن بشكل مطلق ، يرون انها بالقطع مؤامرة الاحتلال لتأسيس الجماعة ،منذ نشأتها في مصر في عام 1928، مدعومة بالاحتلال الانجليزي ، فأول 500 جنيه تبرع تلقاها السيد / حسن البنا ، كانت من شركة قناة السويس المسيطر عليها من قوي الاحتلال ، وكان الاحتلال الانجليزي قد أزعجه تماسك النسيج المصري بعد ثورة 19 ، ورأي في الجماعة أنها الوسيلة التي يستطيع بها بذر بذور الفتنة الدينية ، وهدم التوافق والوحدة الوطنية بين أبناء الوطن
ويؤكدون علي ان أن فكرة إنشاء الجماعة خطط لها وطبخت أفكارها في دهاليز سفارات بعض الدول في مصر، وذلك باعتراف بعض كبار مؤسسي الجماعة و كبار قياداتها ، مثل سيد قطب الذي اعترف أن سفارة إنجلترا في مصر كانت مقرا للعديد من اجتماعات التنظيم وأعضائه، وايضا مثل عبد السلام البحيري ومحمد أحمد البشاري ، وفي هذا السياق يري الكاتب الأمريكي روبرت داريفوس أن بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الأولي ، مدفوعة برغبتها في الحفاظ علي امبراطوريتها ،عقدت عدة صفقات مع " عدة شياطين " ( علي حد تعبير الكاتب ): بتقديم بريطانيا دعما غير محدود لأبرز أعلام الإسلام السياسي ،" حسن البنا في مصر " و " أمين الحسيني " في القدس ، فكان أن أنشأ حسن البنا جماعة الأخوان المسلمين في مصر ، بدعم مباشر من شركة قناة السويس المملوكة للإنجليز آنذاك.
الشيخ علي عشماوي، في كتابه "التاريخ السري للإخوان المسلمين ، يشير الي ان سيد قطب كان يعلم أن قيادة النظام الخاص للأخوان ، كانت مخترقة من الأجهزة الغربية الاستعمارية وتعمل لحسابها ،
وفي كتابه الملفات السرية للاخوان للكاتب احمد البرديسي ، يحاول الكاتب عبر صفحات الكتاب ، اثبات التواطو الانجلوامريكي مع جماعة الاخوان المسلمين ، منذ النشاة والتأسيس وحتي ثورة يناير 2011 ، ولكن في صفحة 57 كان اكثر تحديدا فذكر ، ان بريطانيا انفردت بالتعامل والتعاون مع جماعة الاخوان المسلمين منذ تأسيسها في مارس 1928 ، وقدمت للجماعة واعضائها وقادتها الدعم والرعاية والمال والسلاح ، حتي تحولت الي تنظيم عالمي وشبكة واسعة الانتشار.
وفي سياق متصل يشرح الباحث عبد الرحيم علي ، في كتابه الاخوان المسلمين قراءة في الملفات السرية ،والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2013 ،تاريخ علاقة الجماعة بالقصر الملكي ، وبحزب مصر الفتاة ،وبحزب الوفد ،وباليسار ،وفي معرض حديثة ،عن علاقة الاخوان باليسار، يسهب الباحث في ان عداء الاخوان للتمدد الشيوعي حول العالم وقوة ونفوذ اليسار المصري، دفع الجماعة للارتماء في احضان الغرب وسفاراته وبريطانيا علي وجه التحديد، الي حدود ودرجات قصوي في التعاون والتنسيق ، وتلقي الدعم المادي واللوجستي من السفارة البريطانية ،واقامة التحالفات مع السفارات الغربية. كما اشار الي تعقب الجماعة لاعضاء التنظيمات اليسارية والابلاغ عنهم وكتابة التقارير في تحركتهم هذا الي جانب استعدادت الجماعة لشن حرب علي التنظيمات اليسارية واشارته الي ماذكره ريتشارد ميتشيل من ان مخابرات الجماعة قد امدت الحكومة بمعلومات مفيدة خلال التفتيش المستمر عن الشيوعين المعروفين والمشتبه بهم وبوجه خاص في الدوائر العمالية والطلابية.
الكاتب الصحفي والمؤرخ البريطاني مارك كيرتيس يشير في كتابه التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين / Secret Affairs: Britain s Collusion with Radical Islam والصادر في 2010
إنه يستند إلى الوثائق الرسمية البريطانية التي رفعت عنها السرية، خاصة وثائق الخارجية والمخابرات، والتي يرى الكاتب أنها "تفضح" تآمر الحكومة البريطانية مع المتطرفين والاخوان المسلمين والاسلام السياسي دولاً وجماعات وأفراداً، في افغانستان والعراق وايران والسعودية ولبييا وسوريا ومصر في أوائل االقرن العشرين؛ وذلك لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية
جون كولمان) في كتابه " المتآمرون التسلسل الهرمي يقول أرادت بريطانيا محاربة القوى الوطنية التحررية في الدول العربية المستعمرة، فوجدت في الأصولية الإسلامية ضالتها واستخدمت جماعة الإخوان في ذلك. وفي تلك الفترة قام حسن البنا بتأسيس حركة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 بدعم بريطاني مباشر، إذ قامت شركة قناة السويس البريطانية بتمويل البنا وجماعته، في خطة وضعتها الاستخبارات البريطانية لتعزيز الأصولية الإسلامية، كما استخدم الملك فاروق الإخوان في محاربة خصومه من الشيوعيين والوطنيين المصريين. وبفعل السخاء البريطاني في تعزيز الأصولية إزداد عدد أفراد الإخوان ليصل إلى إلى الآلاف في مصر، كما لاقت صدى في القدس ودمشق وعمّان أما الخطوة الكبرى، فكانت في عام 1936 بتشكيله فرقاً شبه عسكرية، تمت تسميتها بالجوالة أولاً ثم بالكتائب، وكان لها شأن عظيم، لدرجة أن الملك فاروق نفسه كان يستعين بها لحمايته، بل إنه أوكلهم بالترتيبات الأمنية المتعلقة بحفل تنصيبه عام 1937. ، كما لم يسلم الشيوعيون من هجمات الإخوان، وتمكنوا من اختراق الحركة الشيوعية عام 1944.

اصحاب الاتجاه الثاني
في ذات الوقت، يري اصحاب الاتجاه المطلق الاخر ، والمؤيد للجماعة ، ان جماعة الاخوان هي جماعة وطنية ،صاغت مؤامرتها الخاصة، ضد الغرب والقصر والحركة الوطنية المصرية ، وقاموا بتأسيس تنظيم أسلامي لمناوئة الحركات التبشيرية في الغرب، ومقاومة الاحتلال وطرده من البلاد، ورد الصاع اليه ، كونه المتسبب في ضياع فلسطين العربية والاسلامية، والمتسبب ايضا في انهيار وسقوط الخلافة العثمانية الاسلامية ، التي كانت تهمين علي العالم العربي والدولة المصرية قرابة ال 400 عام ، يري اصحاب هذا الاتجاه ان المؤسسين الاوائل ، سعوا لبناء هذا التنظيم ، كرد فعل لانهيار الإمبراطورية العثمانية وتفككها وإلغاء "الخلافة الإسلامية سنة 1924، وظهور النزعة القومية الشعوبية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، ونتيحة ايضا لتعرض المجتمعات العربية عموماً لموجات حداثة فكرية غربية وتيارات إيديولوجية أجنبية ، طرحت بدائل للأمة الإسلامية والخلافة العثمانية في نظم الحكم ، وتعاظم المد و الفكر الشيوعي والاشتراكي ، وتمدد النزعة الليبرالية بين الحركات السياسية في العالم العربي ، وانتشار الافكار والنظريات المرتبطة بمفاهيم الحريات الفردية والعامة ، مع موجة عاتية من الإنحلال الأخلاقي والقيمي والابتعاد عن الدين وشريعة اللة ، والاستغراق في ملذات الدنيا وانحلالها ،الي درجة اثارت غيرة المسلمين علي هذا الاختراق الايدلوجي والحضاري والاخلاقي لقيمهم وثقافتهم.، كلك ووفقا لادبيات الجماعة ، كان تأسيسها نتيجة لتدهور الاوضاع التي تمر مصر والمنطقة الإسلامية عموما، وقدوم الاستعمار وتفكك وتضعضع العالم الإسلامي وضعفه، والسعي الي إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وفي الدول العربية ،ويري اصحاب هذا التوجه ، ان تأسيس الجماعة لتكوين الفرد المسلم ، والأسرة المسلمة ، والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم ، وفقاً للأسس الحضارية للاسلام.

هل هناك اتجاه ثالث
ما بين الاتجاهين اجدني ادعم اتجاها ثالثا ،عبرت عنه وبجدارة وثيقة متميزة ،لم تراهن علي المطلق في وضع احكامها علي تأسيس ونشاة هذه الجماعة، من حيث رؤيتها كفصيل وطني او خائن، لكنه استخدم فكرة الجدل والديالكتيك في تجاذب هذا التأسيس لجماعة الاخوان المسلمين مع الاحداث والواقع المتغير، ومن ثم استطيع ان اجزم وبالاتفاق مع هذه الوثيقة ، ان تأسيس جماعة الاخوان المسلمين في مصر في مارس ،1928 من ناحية كان مولودا مزدوج الاب والهوية لأب وطني واخر خائن، فكان بلا منهجية سياسية او خط سياسي واضح ، مما دفع بهذا التنظيم الي التحالف والتنسيق والتعاون الكامل مع الاحتلال الانجليزي والقصر في مرحلة التأسيس وما بعدها بسنوات ، ليعظم وجوده وقوته ، مرتكبا بالفعل حماقة الخيانة العظمي ، ومن ناحية أخري، شكل هذا التنظيم بعدأ وطنيا في مراحل سياسية لاحقة ، عندما تمدد انتشارة ، واتسعت قاعدته الجماهيرية ، في محاولة للفكاك والتملص من آثام الماضي و النشاءة والتأسيس.
اما عن الوثيقة التي اشرت اليها اعلاه ، فهي من بين جميع الوثائق التي قراتها وهي بالعشرات علي مدي الاسابيع الماضية ، اجدني اقف عندها وهي في غاية الاهمية ، هي كتاب الإخوان المسلمون.. تاريخ من العداوة والارتباط»، للباحث البريطاني مارتن فرامبتون، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة كوين ماري في لندن. The Muslim Brotherhood and the West
A History of Enmity and Engagement ///Martyn Frampton
عن تاريخ العلاقة المعقدة والمشحونة بين الغرب والإخوان المسلمين ، منذ التأسيس حتى عام 2010 ، معتمدًا في ذلك على وثائق المحفوظات في لندن وواشنطن ، واجد ان هذا الكتاب يعبر عن قناعاتي الشخصية بهذه الاشكالية ، لكن ربما لم تكن لدي القدرة علي صياغة هذه القناعات بما جاء به الكتاب علي نحو منضبط وجيد ، ومن بين عشرات العروض لكتاب Frampton باللغة العربية عل مواقع ومراكز بحثية عديدة علي الانترنت ، سوف اضع هنا بعض الافكار الاساسية للكتاب والتي جاءت في هذه العروض.
تأرجح سلوك جماعة الإخوان المسلمين ، تجاه الغرب ، منذ تأسيسها ،على يد "حسن البنا" عام 1928، بين القلق والارتياب، و الحاجة إلى التعامل معها.
شهدت العلاقات بين الإمبراطورية البريطانية (1928-1952) والإخوان المسلمين ، بروزًا لفكرة البراجماتية في إدارة العلاقات السياسية؛ حيث يشير "فرامبتون" إلى نظرة المسئولين البريطانيين للحركة باعتبارها متناقضة مع مصالح الإمبراطورية البريطانية، ولكن هذه النظرة غير الإيجابية لم تقف عائقًا أمام تطوير علاقاتهم المتبادلة خلال الحرب العالمية الثانية، واعتبر "فرامبتون" أن هذه العلاقة تندرج تحت سياسة "أفضل الأعداء" التي أقرَّتها الحكومة البريطانية في تعاملها مع مستعمراتها في الشرق الأوسط.
يعتبر "فرامبتون" أن هناك عقدة في رؤية الغرب لتنظيم الإخوان المسلمين منذ الثلاثينيات ، بسبب أيديولوجيتهم التي وصفها البريطانيون بـ "الظلامية"، أو "المنغلقة"، والمعادية للآخر. واعتبر المسئولون البريطانيون ، أن فكرة التواصل مع الإخوان، تقوم على تحقيق مصالح سياسية آنية ، تتعلق بإضعاف الحركات المناوئة لهم. وعالج الكاتب في هذا القسم من الكتاب، جذور العلاقة التي جمعت الإخوان المسلمين بالغرب، وكيف برزت علاقة مركبة ومتشابكة بالتركيز على الفترة الممتدة ما بين 1928-1939، وأطلق عليها فيما بعد "سياسة أفضل الأعداء".
ويشير فرامبيتون انه وفي تقرير آنذاك لوزارة الخارجية البريطانية أن الإخوان استفادوا من مساعدات مالية من دول المحور قبل الحرب العالمية الثانية بين 1934 و1939 وأنهم حصلوا من الألمان علي 5 آلاف جنيه استرليني. وفي نظر البريطانيين فإن وجود مثل هذه الروابط يؤكد فقط وجهات نظرهم فيما يتعلق بالطابع الخبيث للإخوان.
ويستطرد الكاتب ، كانت أطماع بريطانيا في مصر لم تنته بعد.. كانت تدعم الملك في صراعه مع الوفد.. وكانت تحثه علي إقالة حكومة الوفد وتعيين حكومات أخري موالية للملك وللانجليز.. وكانت بريطانيا تدرك أن الوفد حزب الأغلبية يمكن أن يفسد لها مخططها الأكبر.. وهو زرع الكيان الصهيوني في جسد الأمة العربية.. ثم زرع كيان الاخوان المسلمين في مصر لتظل مصر في صراع داخلي يفقدها الاستقرار ويستنزف كل مواردها وقواها ووحدتها التي حاول الانجليز أنفسهم اشعالها بين عنصري الأمة مسلميها وأقباطها ، والتي تجلت وظهرت قوتها في مواجهة المستعمر البريطاني في ثورة 1919، وفي هذا السياق.. كما زرعت الكيان الصهيوني في فلسطين.. مولته بالسلاح والمال والدعم السياسي والذي تمثل في إصدار وعد بلفور.. هي نفسها التي زرعت الكيان الاخواني في مصر ودعمته بالمال وساهمت في تشكيل وتكوين الخلايا السرية ، ثم ساعدتهم علي تهريب السلاح من الحدود السودانية والحدود الليبية. لتدخل مصر في صراعات داخلية تهدر قوتها.
كانت مصر في الوقت الذي تتعافي ، وتجري الاصلاحات الاجتماعية عن طريق عشرات القوانين التي أصدرتها حكومة الوفد ، لإلغاء السخرة والبغاء وإصدار قوانين المعاشات الاجتماعية ، والقوانين التي تمنح العمال قوتهم وتنظم أعمال الشرطة وغيرها من القوانين.. كان الاخوان يخططون لحرق السينمات ، وتصفية الحسابات مع خصومهم بالتفجيرات والاغتيالات.. لم يكن هدفهم كما صوروا للناس أنهم يدعون إلي الله ورسوله.. كان هدفهم هو السلطة.. وفي سبيل ذلك كانوا ينافقون الملك ويمجدونه..
في ذات الوقت كشف "فرامبتون" ، عن المنهج البراجماتي لدى "البنا" الذي عمل على توظيف كافة التناقضات بين القصر والأحزاب السياسية، وفي مقدمتها الوفد، وكذلك السفارة البريطانية في القاهرة والألمان والإيطاليون، وبهذا حاول "البنا" اللعب على كل الأضداد؛ حيث أمَّن علاقات خاصة، ومحادثات سرية مع البريطانيين وغيرهم لضمان التمويل والدعم اللازمين لحركته
عالج "فرامبتون" في القسم الثاني من الكتاب علاقة جماعة الإخوان والولايات المتحدة خاصة في المرحلة التي شهدت تراجع السيطرة البريطانية، وتصاعد النفوذ الأمريكي بالمنطقة. في هذا السياق، لم تستطع واشنطن تجاهل الجماعة وأنشطتها باعتبارها أكثر الحركات الإسلامية انتشارًا ليس فقط في العالم العربي، ولكن الإسلامي أيضًا، لذا يرصد "فرامبتون" في هذا الجزء تعامل الولايات المتحدة مع جماعة الإخوان (1952-2010)، واعتبر "فرامبتون" أن هذه العلاقة قامت على أساس التمييز بين "المتشددين"، و"المعتدلين"، أو ما يسمى "الحمائم" و"ال صقور"، وبالتالي رفعت السياسة الأمريكية في تعاطيها مع الإخوان شعار "تعزيز تيار الاعتدال لمناهضة تيارات التطرف".

خاتمة
الفكرتين الاساسيتن ورؤيتي المختلفة في هذا المقال كالتالي
اولا قناعاتي الي جانب فرامبتيون تاريخ من العدواة والارتباط ، هل تحتمل ان هذا التيار مارس البراجماتية في اعتي صورها ، قي مراحل التأسيس الاولي ، بصورة دفعته وبالحسابات السياسية التقليدية ، الي ارتكاب فعل الخيانة العظمي ، تحت اي مزاعم ومبررات دينية او سياسية ، بتحالفه مع القصر والاحتلال من اجل ان يعظم وجوده ويمدد انتشاره ، ومن ثم انفرد بعد ذلك بوضع تصوره الخاص عن الوطنية والتمسك بشرع الله. وبهذا المعني هل يمكن تجاوز المطلقات في الرؤيتين الحاكمتين لنشاة واصول الجماعة ، والتعاطي مع فكرة انهم كانوا وجهين لنفس العملة ، الخيانة والوطنية ، مع الوضع في الاعتبار الفارق الزمني في توجهات ومسارات الجماعة.

ثانيا هل هي مصادفة ، انطلاق جماعة الاخوان المسلمين في مصر ، مع انطلاق الحركة الصهيونية العالمية ، في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، وهل هي مصادفة ايضا ان تتخلي وتتملص كل الدول التي تقوم فيها هذه الجماعة علي رأس السلطة ، ( السودان – تركيا – المغرب – مصر في سنة حكم الاخوان – تونس ) من توجيه رصاصة واحدة الي اسرائيل والحركة الصهيونية ، وهل بالفعل ان ما تؤكدة نظريات العلوم السياسية ، من ان الاصوليات الدينية والعرقية توجه مخالبها للخارج ، وتتفق فيما بينها ، وماذا عن الدور التاريخي لكل من الصهيونية العالمية وجماعة الاخوان المسلمين ، ربما التوسع في مناقشة هذه القضية في مقال لاحق من السلسلة.
كندا 19 اكتوبر 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي