الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثغرة من ثغرات الحداثة التي تسرب منها التطرف والفوضى :

محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)

2020 / 10 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المشهد الأول:
فجأة بدا المشهد كاريكاتوريا بامتياز في تونس ، الجماعات السياسية المحافظة برتبة متطرفة تصرخ ل"تحرير الإعلام "ورفع كل القيود بعد أن خاضت جولة من الصراخ منذ 10 سنوات " لتطهير الإعلام " سعيا أولا لخلط أوراق كان ترتيبها في غير صالح هذه التوجهات ومن ثمة فتح الباب أمام إعلام بديل يبدأ بالتسبيح الأملس وينتهي باستباحة الأشخاص والأوطان على غرار نموذج الجزيرة ومهماتها القذرة في سوريا وليبيا وغيرها ، في حين بدت القوى المستنيرة التي ينتمي لها أغلب الإعلاميين في صورة المحافظ المدافع عن التنظيم والالتزام بالقانون في بعث القنوات والإذاعات والصحف خوفا من انفلات قد يعصف بحرية الصحافة والإعلام والتعبير التي لا تزال هشة ويرسي الفوضى والبقاء للصوت الأعلى والتمويل الأوفر .
فالرجعيات وجدت في قيم الحداثة والدعوة للحرية الثغرة التي تسربت منها لتذهب إلى الأقصى وهناك في الـأقصى تركن الفوضى وتغيب المسؤولية وينتعش التطرف والإرهاب الذي سرعان ما يلتهم بقايا الحرية من حوله .
المشهد الثاني :
لم تهتم بريطانيا بالأقليات الدينية التي تصول وتجول في أراضيها وشوارعها وإعلامها ومؤسساتها تحت شعار حداثي بامتياز وهو حرية المعتقد فدرست الأقليات ما تشاء لأطفالها وأطلقتهم في المجتمع البريطاني و تجول الناس ملثمين بتعلّة حرية المعتقد ونشر التطرف وتكونت وترعرعت في حضن الحداثة البريطانية جماعات عنصرية ومتطرفة بقيت إلى وقت قريب في حدود الفكر والعقيدة حتى تم تدويل الإرهاب فتحولت إلى بذور نثرت في العالم ورفعت السلاح أو تحولت إلى سرطانات سياسية في أوطانها تدير الاغتيالات السياسية وتنشر التخلف وتبشر بالخلافة والتخلف ولم تكن الحداثة التي نبتت فيها سوى قشرة البيض الهشة التي خرجت منها كائنات مشوهة لها دراية تامة بالحداثة وبثغراتها وتمرس تام بتحويل الأوطان إلى إسطبلات واسعة .
المشهد الثالث :
في إحدى الندوات الفكرية حول اللائكية صرخ كهل حليق اللحية والشعر بربطة عنق أنيقة وتجربة واسعة في مدارس المجتمع المدني الامريكي لتدريب أشبال الجماعات الاسلامية على التأقلم مع الديمقراطية والحداثة ، صرخ بأن لا حل لهذه الأمة وكان يقصد الشعب لولا بقايا هوس قديم ، لا حل لهذه الأمة غير اللائكية وفصل الدين عن الدولة ، فما دخل الدولة في المساجد والمدارس الشرعية حسب قوله وكان مرة أخرى يقصد الدينية لولا بقايا هوس قديم مستجد ، فبهت جزء من الحضور من أصحاب النظارات السميكة وهم يجهدون أنفسهم منذ عقود لإقناع النخب لا العامة فذلك صعب المنال ب ضرورة الفصل بين الدين والتنافس السياسي والممارسة الحزبية أو العلمانية صونا للأديان من نقاشات لا تهمها كالتنمية والعولمة وتنقية للسياسة من خطابات التكفير والزندقة ...
فالتطرف المعولم المرتدي لربطات العنق وجد في الحداثة دعوة للائكية فهي ترفع يد الدولة على التعليم الديني والمساجد والخطاب الديني تحت شعار براق وهو حرية المعتقد ومدنية الدولة وتفسح المجال واسعا بالتالي لخليط من المال والتخلف والتطرف والنفط والجهل والدين ليؤسس مدارس دينية موازية لمدارس الدولة ويوجه العقول عبر الإعلام الديني ويتحكم في المنابر والجوامع وغيرها ، فهذا الفخ هو ثغرة في الحداثة تسربت منها البداوة ، ومن لائكية وجدت لحماية حرية المعتقد ومدنية الدولة تحولت إلى مدخل لبناء مجتمع مواز .
قيم الحداثة عصارة التجربة الإنسانية لم تتجدد بالنسق الكافي لتجاري ثعابين الحضارة صنّاع الماضي فتسرب التطرف من ثغراتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج