الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيداغوجيا الدرس الفلسفي

محمد عبو

2020 / 10 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


تبلورت المقاربة بالكفايات على أنقاض بيداغوجيا الأهداف، التي كانت معتمدة منذ السبعينات من القرن الماضي، إلى حدود ظهور العيوب والنواقص التي نجمت عن الاشتغال بها، فهي تقوم أساس على صياغة أهداف إجرائية يجب أن يمتلكها التلميذ، دون مراعاة الفوارق بين المتعلمين أو حتى دون الانتباه إلى مدى تحصيلهم الدراسي، لأن التحصيل الدراسي في بيداغوجيا الأهداف مرتبط بالامتحانات والاختبارات، ففيه يعرف التلميذ مدى تحقيقه الأهداف المسطرة.
على إثر ذلك ظهرت الثورة على بيداغوجيا الأهداف من داخلها أولا، أي من منظريها وروادها، ككانييه مثلا،الذي دعا إلى تجاوز مفهوم الهدف الإجرائي بمعناه الضيق إلى مفهوم القدرة الفابلة للتطور والتطور.
اعتمادا على هذا المدخل البسيط لابد من توضيح مسألة في بالغ الأهمية، ألا وهي الاعتقاد الراسخ لدى البعض في كون المقاربة بالكفايات ضد أو متجاوزة لبيداغوجيا الأهداف، بحيث أن الأصح هو أن المقاربتين مختلفتين وليستا متناقضتين،. إذ أن المقاربة بالكفايات هي وليدة بيداغوجيا الأهداف، كما أنها تعتمدها إضافة إلى اعتمادها على الذكاءات المتعددة كنظرية، وعلم النفس الفارقي كمرجعية نظرية.
وقد يخلط البعض بين الأهداف كبيداغوجيا والكفايات كمقاربة، وهو خلط تنتج عنه انعكاسات تربوية خطيرة، تظهر على مستوى التدبير والتخطيط للدرس، فعلى الرغم من أن المقاربة بالكفايات تعتمد الأهداف كمرجعية نظرية، فهذا لا يعني أنها تعتمدها كنسق وإنما كأساوب مساعد في العملية التعليمية التعلمية.
تقوم المقاربة بالكفايات في مادة الفلسفة على ثلاثة لحظات أساسية هي المفهمة والأشكلة والمحاجة، قصد تتويج ذلك بكفاية أساسية هي الكتابة الفلسفية، لذلك لا يمكن للمدرس في هذه المادة التي تتطلب النقاش الفكري الحر، أن يشتغل ببيداغوجيا الأهداف التي يمكن اختزالهنا في الشحن والإلقاء والتي ترى المتعلم مجرد مستقبل سلبي، يتلقى المعارف فقط، أما الكفايات كمقاربة فتنظر إلى المتعلم كمتفاعل نشط يقوم المدرس بتوجيهه وإرشاده إلى بناء المعارف.
إن بيداغوجيا الأهداف لا تمنح للتلميذ وقتا لمي يتفاعل أو يتساءل أو يبني معارفه، ذلك أن كل الوقت مخصص للمدرس الآلة الذي يلقي الدرس، في حين أن المقاربة بالكفايات تعمل على توزيع زمن التعلم والتعليم بين المدرس والتلميذ، فنجذ في الجذاذة حيزا لأنشطة المدرس، وحيزا آخر لأنشطة المتعلم.
إن إحصاء إيجابيات ومميزات المقاربة بالكفايات، قد يلزمه كتاب بأكمله، لذا سنختصر ما أمكن بعض نتائج اعتماد هذه المقاربة على الممارسة التعليمية للمدرس، وأول ما نشير إليه هو نظرة هذه المقاربة، وبالتالي نظرة المدرس المشتغل بها إلى المتعلم، إذ تراه متعلما نشيطا، مساهما في بناء المعارف، وهذا ما يدفع المدرس إلى اعتبار نفسه مساعدا في بناء المعرفة، كما أن المتعلم هو قلب العملية التعليمية التعلمية، أضف إلى ذلك أنه من مبادئ السوسيوبنائية التي تعتمدها المقاربة بالكفايات كسند ومرجعية، أن المعرفة مبناة وليست معطاة، وأنها ليست ثابتة لذلك لابد من استخدام النقد، ومن مبادئها أيضا أن التعلم يحصل في وضعية تعلمية سياقية، (الصراع السوسيومعرفي: نظرية فيكوتسكي) فنظرية البناء هذه تجعل المتعلم هو الأساس إضافة إلى تفاعله مع أقرانه أو مع الراشدين، ويفحص معارفه التي بناها بنفسه، كما أن فيكوتسكي تحدث عن المنطقة المجاورة للنمو، التي يكون فيها الدور الأساسي للأقران، حيث يساهمون في بناء معارفهم بالتفاعل فيما بينهم، ومع الراشدين...
كل هذه النظريات والأفكار إن تشبع بها المدرس، سيكون هناك فرق لا محالة، وهكذا فالاشتغال بالكفايات تبصر ووعي تنتج عنه آثار إيجابية مهمة...
المصادر والمراجع المعتمدة
الخمار العلمي، مستقبل التربية والثقافة في المغرب، إديسيون بلوس، ط، 2015
El Khammar El Alami, Les Methamorphoses de l ecole, Edition plus, Edition 2019
التوجيهات التربوية لمادة الفلسفة 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل