الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الم تسمع يا ماكرون المثل القائل: ما جادلت جاهلا إلا وغلبني!!

مهند أحمد

2020 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هجوم إرهابي جديد استهدف مدينة نيس الفرنسية، اقتحم خلالها راديكالي إسلامي كنيسة في المدينة، حيث جز رأس امرأة وهو يصرخ "الله أكبر"، وقتل اثنين آخرين وجرح عددا من الحاضرين داخل الكنيسة.

- جرأة من ماكرون أم تهور:

كنت قد نشرت قبيل أيام بعد خطاب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي وصف من قبل كثيرين بالمستفز للمسلمين، ذكرت فيه أن الراديكاليين الاسلاميين لن يتوقفوا، بل لإضيف هنا بأنه ستكون هجماتهم أشد قسوة من سابقاتها على فرنسا.

ربما لم يتحلى الزعيم الفرنسي بالحكمة أثناء إلقاء خطابه ومساندته نشر الرسوم الكاريكاتورية؛ أو كان يظن أنه يخاطب أُناس مثله أو بمستوى ثقافة الحرية والديمقراطية في فرنسا، ألا أنه استعجل في ذلك، لأن من خاطبهم على العكس من ذلك بكثير، فهم عدد لا يستهان به ابدا، وقد يتجاوزون مئات الآلاف حول العالم؛ أقصد الراديكاليين الإسلاميين المحكومين أغلبهم بقبضة الأنظمة الدكتاتورية في بلادهم، وها هو يدفع ثمن أغلاطه بأن تحولت فرنسا لمقصلة تجز رؤوس أبنائها، لأُبين لكم ذلك؛ أن ماكرون لو كان قد خاطب شعوبا أخرى أكثر تحضرا، لمَّ رأينا ردة فعل بهذه الدرجة من الدموية.

- مراكز القرار الإسلامي في العالم.. والمسلمين:

لكي نفهم أمر هؤلاء الإرهابيين أكثر، لابد أن نعرج على أهم مركزين للفتوى في الإسلام حاليا، وأسباب المؤدية إلى اقدام هؤلاء على القتل.

سيخرج الأزهر ورابطة العالم الإسلامي ومثيلاتها مرة أخرى، وفي كل مرة لكي يبرروا للعالم ما حصل ويعتذروا عن ذلك، ويعتبروه عملا إرهابيا لا يمت بصلة للإسلام، تناقض وغباء وكأن كتبهم لا تعج بفتاوي تحث على قتل من  يسب الرسول.

"من الغباء أن تكون بعض الرسوم الورقية أو كلمات نابية، أسوأ بالنسبة للمسلمين من أن يتصفوا بصفة الإرهاب!!!"

عموما، سنجد ردة فعل عنيفة من قبل المسلمين الغيورين على دينهم، على مواقع التواصل، ضد المؤسسات الإسلامية التي ذكرناها أعلاه، لأنهم يتوددون إلى الكفار والصليبين، بما أنهم وصفوا حوادث القتل هذه بالإرهابية!! (تابع التعليقات في الصفحات الرسمية لهذه المؤسسات، بعد نشر أيّ بيان للادانة من قبلهم، لترَ ذلك).

بالرغم من أن أحيانا يضطر الحكام والمشايخ للسير على اهواء العامة لحفظ مكانتهم، كما حدث في قضية الرئيس الفرنسي ماكرون، وصحيفة تشارلي ايبدو ورسومها الكاريكاتورية قبل أيام، وردة الفعل من العالم الإسلامي!.. وذلك ليس ألا امتصاص للغضب الشعبي العارم، ولكي لا ينقلب هذا الغضب عليهم؛ يحاولون بكل جهدهم تصديره خارجيا، حتى لو كلفهم الأمر إرسال شبابهم كجهاديين لغير دول.. المهم أن تُحفظ ألقابهم وعروشهم.

أن مشكلة مشايخ المسلمين في عصرنا، أنهم يأخذون ويصدرون الفتاوي الشرعية من التراث والسنة، فتحدث المصيبة بعد ذلك، فيتبرأون ويتهربون منها وكأنهم لم يفتوا بجوازها، مثال ذلك على ما يجري حاليا فتوى في:

(أن من سب الله تعالى يستتاب أو يقتل، أما من سب الرسول فلا يستتاب ولا تقبل له توبة ويقتل مسلما كان أم كافر).

وقول أبن عثيمين فيه: إذا تاب مَنْ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم وندم على ما فعل ، ورجع إلى الإسلام ، فهذه التوبة تنفعه فيما بينه وبين الله ، فيكون مسلماً مؤمناً عند الله تعالى ، أما قتله فلا يرتفع عنه وجوب القتل ، فيقتل مسلماً ، فيغسَّل ويصلَّى عليه ويورث ويُدفن في مقابر المسلمين ، أما المرتد الذي لم يرجع إلى الإسلام فيقتل كافراً) [1]

هذه الفتوى بإجماع الأمة (سنة وشيعة.. وغيرهم).

هذه هي الحقيقة للأسف، وخاصة في الغرب، أن من يذهب ليقتل شخصا سب النبي او رسم عنه كاریكاتور، بالعموم ليس عالما، إنما مسلم بسيط تلقن هذا من مشايخه وخطبهم وفتواهم، فيظن المسكين أنه أسرع إلى الجنة؛ بينما هو مسرع إلى هلاكه ودمار عائلته من بعده.

هذا حال علماء المسلمين وعامتهم.

- ما جادلت عالما إلا غلبته، وما جادلت جاهلا إلا وغلبني:

في الحقيقة لست متأكدا من صاحب المقولة، فمنهم من ينسبها إلى الإمام علي بن أبي طالب، ومنهم من ينسبها للإمام الشافعي، لكن المهم أن فحواها يفي بمحتوى المقال.

لقد نجح أردوغان بخبثه جر الرئيس الفرنسي إلى مستنقعه النتن، عبر خطاباته الاستفزازية وتجاوزه حدود اللباقة، ولكن المفاجئ ليس ما فعله أردوغان، لأنه أمر معتاد منه، بل من غير المعقول على رئيس دولة بحجم فرنسا أن يسخِّف من شأنه ليناقش شخص مثل الرئيس التركي، الذي لا يتوانى عن شتم وقذف أيّ أحد يعارضه، حتى بمجرد الرأي، لقد تبين لنا أن ماكرون غُر في السياسة أمام أبو الخبائث أردوغان.

ما يأكد ذلك فيديو نشره الإعلامي الألماني (Tobias Huch) ليلة البارحة عبر صفحته على الفيس بوك، عن خروج العشرات من الأتراك في فرنسا، بمظاهرة مؤيدة لتركيا، هذا لا يدع للشك مجال أنها مدبرة، خاصة في هذا الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر بين البلدين، وتهديدات الرئيس التركي شبه اليومية لفرنسا، وتبجحه بإستعداد بلاده لحماية الأتراك المسلمين في أوروبا، هذه رسالة ومؤشر خطير لماكرون وأوروبا، بأن أردوغان يستطيع تحريك الأتراك متى ما شاء وكيفما شاء.

ألا أن الحقيقة أن أردوغان لا يبالي، بأن يرمي بملايين الأتراك والمسلمين في آتون حرب عنصرية، قد تشتعل جراء عنترياته وخبائثه.

لذلك كان على ماكرون أن يكون أكثر حذرا، وأن لا ينجر وراء ما يقوله أردوغان، فيدخل هو بلاده بدائرة مشاكل وفتن هم بغنى عنها، وخطابه الجريء ودفاعه عن قيم بلده وقوانينها، يمكن أن يتفهمها كثيرون غير المسلمين، وقد غلبوك يا ماكرون كما غلبوا غيرك بجهلهم.

[1] المصادر:
راجع مجموع الفتاوى لإبن تيمية
و كتاب الصارم المسلول في تحتم قتل من سب الرسول لإبن تيمية (1/ 513)
الموسوعة الفقهية ( 40 / 61 ) و (22 / 184)
تفسير القرطبي ( 8 / 82 )
معالم السنن ( 3 / 295 )
مجموع فتاوى للشيخ العثيمين ( 2 / 150 ، 152 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس


.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال




.. قطب الصوفية الأبرز.. جولة في رحاب السيد البدوي بطنطا


.. عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي




.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية