الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحريض … من مغذيات الارهاب … !

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


( حين تفتح النافذة يدخل الهواء ، والبعوض ايضا ) وبما ان فرنسا تترك شبابيكها ، وحتى ابوابها مشرعة فعليها ان تتحمل لسعات البعوض !

يمكن تشبيه العنف خاصة اذا كان للدين فيه من دور … بالدائرة لا احد يعرف لها بداية ولا نهاية … من المتوقع ان يستمر الصراع القديم المتجدد بين الاسلام كفكر ، واتباعه من المتشددين للدفاع عنه ، وعن قيمه … وبين الغرب ، وقيمه العلمانية في الحرية الانسانية بكل اشكالها …لان اسباب هذا الصراع ، ومسبباته لا تزال سارية … ممثلة بالتحريض الذي يعمي اي عين عن الحق ، وهو عملية غسيل للادمغة خصوصا البكر منها ، والتي لم تنضج بعد فتكون صيدا سهلا للشيوخ ، وغيرهم من محرضي الارهاب ، فلن يعوز الشاب سوى سكين ، وهي متوفرة في كل بيت ، وهو ما تقوم به ما تسمى بالذئاب المنفلتة !
اما التحريض عن بعد … عن طريق الفتاوى ، والتصريحات ، والبرامج التحريضية التي تقوم بها فضائيات الاسلام السياسي خصوصا فضائيات الاخوان التي تغذي افكار التطرف الديني ببرامجها الدينية ، وغير الدينية التي تدس فيها السم في العسل … ناهيك عن انتشار المدارس الدينية في انحاء العالم اذ توجد حوالي الف مدرسة وهابية اضف لها الاف المساجد ، والمعاهد ، والمراكز الثقافية ، وكلها تدرس ، وتنشر الفكر الديني المتطرف ، وتغذيه خاصة بين الشباب المادة الطيعة ، والسهلة لتنفيذ العمليات الارهابية سواء الانتحارية منها او بالسلاح الابيض ، وهو ما نراه في كل العمليات التي يقوم بها شباب في العشرينات او الثلاثينات المتحمسين والمندفعين دون تقدير العواقب !
من ناحية اخرى المعروف ان الاسلام دين استعلائي لن يركع لا امام فرنسا ، ولا امام غيرها فهو دين قبلي نابع من القيم الصحراوية البدوية التي تابى ما تسميه بالضيم او الذل ، وتفسر كل حركة حتى ولو كانت بسيطة بانها اساءة ، وبالتالي السكوت عنها يعني ذل ، وضيم ، وهو مرفوض دينيا وحتى قبليا .
والعلاج الحقيقي لهذه الظاهرة المزعجة يكمن اولا في غلق هذه المدارس المتطرفة ، وغيرها من مفرخات الارهاب ، وعدم الاكتفاء بالعلاج الموضعي ، والسريع … ولكي نقرب الصورة اكثر … لنفترض انك عدت يوما الى بيتك ، ووجدت انك قد نسيت الحنفية مفتوحة ، والبيت تغمره المياه … هل الصحيح ان تسارع الى سحب الماء دون غلق الحنفية ام الاصح غلق الحنفية اولا ، ومن ثم سحب الماء … ؟! هكذا الحال بالنسبة للارهاب فاننا اذا تركنا اماكن التحريض ، وخطاب التحريض ، وفتاوى التحريض مفتوحة ، واكتفينا بمعالجات ميدانية ترقيعية … لا اعتقد اننا سنخلص من هذا الموضوع .
اوربا ، وخاصة فرنسا اليوم في مشكلة ، وكذلك المسلمون … اصبح الصراع صراع ارادات ، وكسر عظم … بمعنى لا فرنسا تستطيع ان تتنازل عما تسميها بقيم الجمهورية ، وهي قيم تقريبا مقدسة في العقل الاوربي ، وبالخصوص الفرنسي ( قال ماكرون : فرنسا لن تتخلى عن رسومها الكاريكاتورية ) اي لن تتنازل عن حرية التعبير ، وترفض الرضوخ للارهاب … ولا المسلمون يتنازلون عن حقهم فيما يسمونه بالدفاع عن نبيهم ، ونصرة دينهم …
من ناحية اخرى فان الصراع سواء كان اقتصادي او غيره اذا ذهب باتجاه اخر غير متوقع ربما سيتوسع ليكون بين معسكرين الاول ممثلا بالدول الاسلامية ، وحتى المعتدلة منها التي ستضطر مرغمة ، ولو على استحياء الى مسايرة الموضوع ، والاشتراك في هذه المعمعة لا اقتناعا بها ، وانما خوفا من شعوبها ، وامكانية ان يستغل الحدث اعداءها ، وخصومها من رجال دين او سياسيين او طامعين بالحكم … الخ لتحريك الشارع ضدهم بحجة انهم من المتقاعسين عن نصرة الدين ، ونبيه ، وهي اخطر تهمة ممكن ان تهز عروش ، وتسقط تيجان !
اما المسلمون فيتصورون مخطئين انهم عندما يواجهون فرنسا ستكون لوحدها ، وهذا غير وارد فالتكاتف الاوربي قوي ، وعفوي خاصة اذا كان يتعلق بقيمهم المشتركة … مع الفارق طبعا بين العقل الاوربي العقلاني ، والموضوعي ، والهادئ في التعامل مع المشاكل ، والازمات خاصة الحساسة منها ، وبين العقل المسلم الانفعالي ، والاهوج ، والمندفع دون تقدير العواقب … ! لاحظ الموقف الفرنسي العقلاني رغم شراسة الهجمة ، وبالمقابل لاحظ الموقف الاسلامي المندفع ، والهستيري !
الاختلاف في الموضوع هنا ليس على الاحتجاج على ما تقوم به صحيفة شارل ايبدو من رسوم كاريكاتوريه يراها المسلمون مسيئة … وانما على وحشية ، واسلوب هذا الاحتجاج … فالاوربيون ، وكل العالم يشرع الاحتجاج ، ويعتبره حق مكفول للشعوب ، ولكن باسلوب حضاري خالي من العنف ، والتخريب ، والدمار …
يعني لو ظهر المسلمون بالملايين ، وفي كل انحاء العالم ، ولكن دون احداث ضرر مادي او بالارواح لا احد سيعترض بالمرة … اما ان تهجم على اناس مسالمين يصلون في كنيسة او يسيرون في شارع ، وتقوم بذبحهم ، وتقطيع رؤوس البعض منهم فمن حقهم اذن ان يقولوا عنا باننا كتل من الهمج تعيش خارج اسوار هذا الزمن ، وطبيعي ان يصدر منهم رد فعل رسمي ، ولكن الخوف كل الخوف من ردود الافعال الفردية الانتقامية من بعض المتطرفين من شبابهم ، وهو المتوقع … والعنف يولد العنف ، وهكذا سنبقى ندور في محيط هذه الدائرة الى ما لا نهاية !
المسلمون اليوم امام منعطف مفصلي … اما يسايروا البشرية بنهج حضاري عقلاني لتكون لهم فرصة اخيرة للانضمام الى المجتمع الدولي كناس محترمين او الاصرار على اسلوبهم الحالي في العنف ، والتوحش ، والعالم لن يسكت على مثل هذه التصرفات كثيرا ، وربما العواقب ستكون مدمرة ، وعلى نفسها جنت براقش … !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah


.. 120-Al-Baqarah




.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم