الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة العربية الإسلامية (أطوار التحول من الغزو التوسعي إلى الانحطاط والتبعية والسقوط المدوي) 7

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 10 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إعادة التوحيد والتوسع من جديد(1405–1683)
بعد وفاة تيمور عام 1405؛ بدأت السلطة في التحول من الشعوب المهاجرة إلى السكان المستقرين الذين يعيشون في إمبراطوريات مركزية كبيرة. بعد حوالي عام 1683، وعندما فشلت الحملة العثمانية الأخيرة ضد فيينا، بدأت الإمبراطوريات العظيمة التي اشتهرت بها هذه الفترة في الانكماش والضعف، تمامًا كما بدأ الأوروبيون الغربيون في إظهار إمكاناتهم للتوسع والسيطرة على مستوى العالم.
وبحلول تلك الفترة، بدأت أراضي المسلمين في التعافي من الآثار المدمرة للطاعون (1346-1348)، وازدهر الكثير منها. كان لدى المسلمين أفضل فرصة في التاريخ لتوحيد العالم المستقر، ولكن بحلول نهاية الفترة تم استبدالهم بالأوروبيين كمنافسين رئيسيين لهذا الدور.
أُجبر المسلمون الآن على الاتصال المباشر والمتكرر بالأوروبيين، من خلال الأعمال العدائية المسلحة وكذلك من خلال التفاعلات التجارية على السواء، وغالبًا ما كان الأوروبيون يتنافسون بشكل جيد. ومع ذلك، كانت قوة المسلمين لاتزال حاضرة، وكان الأوروبيون الغربيون مصدرًا غير متوقع للمنافسة؛ لدرجة أن المسلمين كانوا غير قادرين على إدراك أن وضعهم قد تغير. خاصةً بعد أن باتوا لا يمتلكون القوة اللازمة للمقاومة. علاوة على ذلك، فإن وجود العديد من الدول الإسلامية التي لازالت لديها بعض القوة قد نافسوا وحاربوا بردة فعل موحدة الأوروبيين الصاعدين. وقد شجع ذلك بعض المسلمين على الانحياز إلى أعداء أوروبا الآخرين.
وبعد فترة طويلة من الاعتقاد بأن الإسلام قد بلغ ذروته، ووصل الحكم المطلق المركزي إلى ذروته، مدعومًا جزئيًا باستغلال حرب البارود وجزئيًا بطرق جديدة لدمج السلطة الروحية والعسكرية بالبلاد الإسلامية. لم يسبق من قبل أن أظهرت المُثُل والمؤسسات الإسلامية بشكل أفضل قدرتها على تشجيع المركزية السياسية أو دعم نمط حياة إسلامي حيث لا توجد دولة منظمة، سواء كان ذلك في المناطق التي نشأ فيها الإسلام منذ فترة طويلة أو في المناطق التي وصل إليها حديثًا.
وفي في هذه الفترة، شكل المسلمون الأنماط الثقافية التي تلاقحت مع ثقافة الآخرين. وأدخلته إلى العصر الحديث، واتسع نطاق الالتزام بالإسلام ليقارب توزيعه الجغرافي الحالي. مع اتساع نطاق الالتزام بالإسلام، بدأت المناطق الثقافية النائية تأخذ حياة خاصة بها.
وتم التعبير عن وحدة العديد من هذه المناطق من خلال الإمبراطورية التي بناها العثمانيون في جنوب شرق أوروبا والأناضول وشرق المغرب ومصر وسوريا. والصفويين في إيران والعراق؛ والهنود التيموريون (المغول) في الهند. وفي هذه الإمبراطوريات، أصبحت الهويات السنية والشيعية على نطاق أوسع بكثير من أي وقت مضى، معبرة عن التنافس بين عدد كبير من السكان. واكتسبت الشيعة في الوقت نفسه قاعدة دائمة لتوليد معارضة دولية منها. في أماكن أخرى.
وقد كانت الروابط الأقل رسمية، والتي غالبًا ما تكون تجارية، تربط المسلمين من مناطق بعيدة؛ أنتجت الروابط التجارية والسياسية المتنامية بين المغرب وغرب السودان إسلامًا مغاربيًا عبر الصحراء؛ وأثر الإسلام المصري على وسط وشرق السودان. وعززت الاتصالات المستمرة بين شرق إفريقيا وجنوب الجزيرة العربية وجنوب إيران وجنوب غرب الهند والبحار الجنوبية إسلامًا معروفًا في المحيط الهندي.
مع اللغة الفارسية كلغة مشتركة. في الواقع، أصبحت الفارسية هي الأقرب حتى ذلك الوقت إلى لغة عالمية. لكن توسع الإسلام وتجنيسه عزز أيضًا عددًا من اللغات المحلية في وسائل الإدارة الإسلامية والثقافة الرفيعة، كما في العثمانية والتاجاتاي والسواحيلية والأردية والماليزية.
وكان المسلمون، في كل مكان، يواجهون أتباع الديانات الأخرى، في حروبٍ دينية مروعة، وكثيراً ما كان المعتنقون الجدد يمارسون الإسلام دون التخلي عن ممارساتهم وعاداتهم السابقة. وكانت الطرق المختلفة التي استجاب بها المسلمون للتوفيق الديني لاستيعاب التعددية مشوبة بالتوترات التمييزية/العنصرية ولم تتطور حتى يومنا هذا.

كانت هذه فترة من عمليات إعادة التنظيم والتوسع الرئيسية. وكان مدى الوجود الإسلامي في النصف الشرقي من الكرة الأرضية في أوائل القرن الخامس عشر واضحًا بسهولة، ولكن بصعوبة فقط كان يمكن للمرء أن يتخيل أنه يمكن أن ينتج عن قريب ثلاث من أعظم الإمبراطوريات في تاريخ العالم. من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، ومن البلقان إلى سومطرة.
وفي هذه الآونة؛ بدأت هجمات المسيحية على الدول المسلمة في إسبانيا، واستمرت مئات السنين، إلا أن أشهرها كانت في الغرب. وتركزت سلسلة الحملات المتكررة على المسلمين في سوريا وفلسطين ومصر إلى الجهة الأخرى من البحر المتوسط. عندما أعلن البابا أوربان الثاني بدء أولى هذه الحملات خلال قدّاس في مدينة كليرمونت بفرنسا في نوفمبر 1095، واستجابة لطلب الإمبراطور البيزنطي تقدم متطوعين أجانب لمحاربة الأتراك السلاجقة.
وفجأة بعد قرون من اللامبالاة، اكتشف حكام أوروبا المسيحيون أن "الأرض المقدسة" قد احتلها المسلمون، وأن الوقت قد أصبح ملائما للتراجع عن الخمول السابق، فقد ظهر حماس الإمبراطور البيزنطي لطلب المساعدة، وبدأ الضعف يدب في أوصال الخلافة الفاطمية في القاهرة، وكانت سواحل شرق المتوسط منقسمة بين أمراء حرب مختلفين.
في الوقت نفسه جاء إلى أوروبا غزو النورمانديين، وبررت طبقة الجرمان المحاربين الذين قدموا فيضًا غزيرًا من الفرسان الذين كانوا يفخرون بأنفسهم وبقوتهم، إلا أنهم كانوا فقراء ومتعطشين للسلطة ومستعدين للنهب والسلب ولإجابة نداء البابا أوربان. بعد أن تشبعوا بحماسته، وبدافعٍ من غاياتهم الدينية/الدنيوية الخاصة، أعلنوا إخلاصهم في سبيل تحرير الأرض المقدسة وانطلقوا في حملات عنيفة على اليهود الضعفاء في أحيائهم المنعزلة في أوروبا.

عادت الدولة التي أسسها الصليبيون في مجتمعات المسيحيين الشرقيين ومسلمي الشرق الأوسط وانتهجت بالتدريج سلوكًا عقلانيًا أكثر هدوءً.

وفي هذا المشهد المرتبك/المربك/العصيب؛ قد ترأس الحكام المسلمون ممالك صغيرة نسبيًا. ولكن لم يكن من الممكن التنبؤ في أي مكان بظهور سلالة من الطراز العالمي. ففي الأندلس، بقيت دولة إسلامية واحدة فقط، غرناطة، تقاوم الهيمنة المسيحية على شبه الجزيرة الأيبيرية. تم عزل المغرب بين أيبيريا مسيحية بالكامل ومماليك مصر وسوريا باتجاه الشرق.
وقد تم تقسيمها بين المرينيين والصفيين. حيث كانت الصحراء تتجه نحو الحزام السوداني، كانت إمبراطورية مالي في جاو يحكمها مسلم وتضمنت العديد من مدن "الموانئ" الصحراوية، مثل تمبكتو، التي كانت مراكز لتعليم المسلمين. على الساحل الغربي الأفريقي السواحلي، تم توجيه العديد من الأنظمة السياسية الإسلامية الصغيرة، كما هو الحال دائمًا، نحو المحيط الهندي أكثر من اتجاهها نحو المناطق النائية الخاصة به، حول الموانئ الرئيسية مثل كيلوا.
وفي غرب الأناضول وشبه جزيرة البلقان كانت الدولة العثمانية تحت حكم السلطان محمد الأول تتعافى من هزيمتها على يد تيمور لنك. وكان العراق وغرب إيران من مناطق السلالات القبلية التركية المعروفة باسم "الخراف السوداء" (كارا كويونلو) و"الأغنام البيضاء" (أك كويونلو)؛ قد تقاسموا الحدود في إيران مع عدد لا يحصى من أمراء الخط التيموري؛ وحكمت الدولة الأوزبكية المغولية الجديدة والتيمورية الجديدة في بلاد ما وراء النهر.
وفي شمال بحر قزوين، حكمت عدة خانات مسلمة في الشمال حتى موسكو وكازان. في الهند، على الرغم من أن المسلمين يشكلون أقلية، فقد بدأوا في تأكيد سلطتهم في كل مكان، بالفكر الجهادي، باستثناء الجنوب، الذي كان يحكمه فيجايانجار.
وفي أقصى جنوب شرق آسيا الإسلامي الوليد، سيطرت دولة سامودرا الإسلامية على سومطرة، واعتنق حكام جزر الملوك الإسلام مؤخرًا وبدأوا في التوسع في شبه جزيرة الملايو الجنوبية. حتى في حالة عدم وجود دولة منظمة، كما هو الحال في المناطق الخارجية من آسيا الوسطى وجنوب الصين، استمرت المجتمعات المسلمة الصغيرة المتفرقة، والتي كانت غالبًا ما تتمحور حول الواحات.
وبحلول نهاية هذه الفترة، كانت حدود الإسلام قد تراجعت في روسيا وأيبيريا، لكن هذه الخسائر تم تعويضها أكثر من خلال التوسع المستمر في أوروبا وإفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا. خضع هذا العدد الكبير من الدول في كل مكان تقريبًا لعملية إعادة تنظيم وتوحيد، بناءً على التجارب بأشكال من الشرعية والبنية.

وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة